الكاظمي نجح في الإطاحة بالعديد من رؤوس الفساد على نحو لم يجرؤ أي رئيس حكومة سابق على فعله.
الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت عدة أشهر عقب استقالة عبد المهدي (مواقع التواصل)
الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت عدة أشهر عقب استقالة عبد المهدي (مواقع التواصل)
أحمد الدباغ-الجزيرة نت
10/5/2021-آخر تحديث: 10/5/2021-05:28 PM (مكة المكرمة)
أكملت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عامها الأول، الذي شهدت خلاله البلاد كثيرا من المنعطفات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن الأزمة الصحية المتمثلة في جائحة كورونا.
وكانت حكومة الكاظمي قد نالت ثقة البرلمان العراقي في 5 مايو/أيار 2020، بعد أكثر من 5 أشهر على استقالة سلفه عادل عبد المهدي إثر المظاهرات الشعبية الكبيرة التي اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، وسقط خلالها آلاف القتلى والجرحى.
اقرأ أيضا
الكاظمي يتحدى ضغوط الموالين لإيران ويتقارب مع واشنطن وحلفائها
خياران لا ثالث لهما أمام الكاظمي.. ما حقيقة إجراء تغييرات سرية في مفوضية الانتخابات بالعراق؟ ولمصلحة من؟
ميدل إيست آي: بعد تفجير بغداد.. الكاظمي ينتزع السيطرة على خلية الصقور الاستخبارية للتقوّي على خصومه
العبودي يرى أن حكومة الكاظمي كان أمامها 3 ملفات تتمثل في: التهيئة للانتخابات والملفين الاقتصادي والصحي (الجزيرة)
الملف السياسي
كثيرة هي الملفات السياسية التي واجهها الكاظمي خلال 12 شهرا من عمر حكومته، بحسب ما يقول نعيم العبودي النائب عن تحالف الفتح والمتحدث باسم كتلة "صادقون" النيابية (عصائب أهل الحق)، معتبرا أن الحكومة الحالية جاءت لحل أزمة طارئة على البلاد، وكان أمامها 3 ملفات تتمثل في: التهيئة للانتخابات المبكرة والملفين الاقتصادي والصحي.
ويتابع العبودي في حديثه للجزيرة نت، أن الانتخابات تعد أهم الملفات، أما الأخرى فوصفها بـ"الشائكة" التي تحتوي على الكثير من التراكمات المعقدة، مبينا أن على الحكومة فرض القانون وتهيئة الأجواء الآمنة لإجراء الانتخابات القادمة.
من جهته، يرى الخبير في الشأن السياسي والأمني سرمد البياتي أن الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت أشهرا عقب استقالة عبد المهدي، مبينا أنه ليس من المعقول أو الحكمة أن يتحمل الكاظمي مسيرة 17 عاما مما وصفه بـ"الإخفاقات"، خاصة أن الكاظمي تعهد في برنامجه الحكومي بإيصال البلاد للانتخابات المبكرة، وهو ما تسير البلاد تجاهه فعليا رغم بعض المعوقات.
أما مهند الجنابي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جيهان، فيرى أن حكومة الكاظمي لم تفلح في تعزيز ثقة العراقيين بالدولة وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن خطاب القوى السياسية التقليدية كان يمثل اشتراطا على الحكومة للقيام بدور وحيد يتمثل في إجراء الانتخابات.
ويعلق الجنابي للجزيرة نت بأن حكومة الكاظمي رضخت لإملاءات الكتل السياسية رغم أنها حكومة دستورية تتمتع بكامل الصلاحيات، وكان يمكنها أن تقوم بالكثير في خضم الإمكانات المادية والأمنية والسياسية المتوفرة لها، بحسب تعبيره.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، يتحدث الجنابي عن أن حكومة الكاظمي نجحت بصورة لافتة في ملف العلاقات الخارجية واستضافة العديد من الحوارات بين السعودية وإيران في العاصمة بغداد، إضافة إلى تطور علاقات العراق مع العديد من الدول العربية والخليجية بشكل غير معهود منذ عام 2003.
ويتفق هذا الطرح مع رأي البياتي الذي يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن العراق شهد خلال الأشهر الماضية صناعة سياسة خارجية رصينة، تتناسب مع المصالح الوطنية ومعالجة الأزمات والتحديات التي تشهدها البلاد، خاصة ما يتعلق باتفاقيات العراق مع دول الخليج ومصر والأردن والعلاقات الدولية.
وفي مقال تحليلي نشره معهد السلام الأميركي بمناسبة مرور عام على حكومة الكاظمي، أشار فيه كل من الكاتبين سرهنك حمه سعيد وإيلي أبو عون إلى أن الكاظمي وعد بتلبية العديد من مطالب المحتجين، إلا أنه لم يحقق الكثير من النتائج الملموسة رغم بذله جهودا جديرة بالثناء، بحسب المعهد.
لكن كاتبي المقال أشارا صراحة إلى أنه بالنظر إلى طبيعة المطالب الشعبية، فإن من غير الواقعي توقع تلبية أي حكومة لها في غضون عام أو عامين فقط، ولا سيما أن التراكمات التي تواجهها الحكومة العراقية لا حصر لها.
البياتي يرى أن الكاظمي نجح في الحد من نفوذ تنظيم الدولة لكنه لم يفلح في الحد من السلاح المنفلت (الجزيرة)
الملف الأمني
عشرات الهجمات شهدها العراق منذ تولي الكاظمي منصبه عام 2020، حيث استهدفت أرتال الدعم اللوجستي والقواعد العسكرية التي تستضيف قوات التحالف الدولي، فضلا عن الخروق الأمنية المتكررة لتنظيم الدولة الإسلامية وتحدي الفصائل المسلحة سلطة الدولة.
وفي هذا الصدد، يقول البياتي -المقرب من دوائر صنع القرار- إن الملف الأمني ينقسم إلى شقين اثنين، إذ نجح الكاظمي في الحد من نفوذ تنظيم الدولة واستطاعت القوات العراقية القضاء على العديد من القيادات رغم بعض الخروق والتعرضات الأمنية التي تشهدها البلاد حاليا، والتي لا تعني بالضرورة أن التنظيم عاد لسابق قوته، حيث إن أساليبه في الهجمات تتلخص بالتنفيذ والانسحاب دون المواجهة.
وفيما يتعلق بالشق الأمني الآخر والمتعلق بالفصائل المسلحة، يرى البياتي أن حكومة الكاظمي لم تفلح في الحد من السلاح المنفلت أو الفصائل والجهات التي تطلق صواريخ الكاتيوشا على القواعد العسكرية العراقية، مبررا للكاظمي ذلك في أن الأخير لا يريد جرّ البلاد إلى حرب داخلية وبحر من الدماء، بحسب تعبيره.
ويعتقد أن الكاظمي تعامل مع الملف الأمني بصورة وصفها بـ"البراغماتية العقلانية" التي تتماهى مع الواقع، مبينا أن التقصير الذي يؤخذ على حكومة الكاظمي أيضا عدم كشفها عن قتلة المتظاهرين.
وفي هذا الشأن، وبالعودة الى النائب نعيم العبودي للحديث عن وعود الكاظمي بكشف قتلة المتظاهرين، بيّن العبودي في إجابة دبلوماسية قصيرة أن "الحكومة العراقية هي المسؤولة عن هذا الملف، وأن عمل مجلس النواب رقابي فقط".
أما الجنابي، فيرى من جانبه أن التعامل مع الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة قد لا يكون قابلا للتنفيذ في المدى المنظور ولحكومتين قادمتين، عازيا ذلك لشدة تعقيدات هذا الملف وتداخلاته الإقليمية الدولية.
وعن محاولات جر الحكومة إلى مواجهة مع الفصائل، يعلق الجنابي بأن التنفس العميق الذي تبنته الحكومة أوصل رسالة ضمنية للفصائل، مفادها بأن الدولة هي التي تختار توقيت المواجهة، مبينا أن التطور اللافت في سياسة الحكومة الأمنية تمثل بإطلاق تهمة الإرهاب على مطلقي صواريخ الكاتيوشا، بعد أن كانت تسميهم بالخارجين على القانون.
أما معهد السلام الأميركي فيرى -في المقال الذي نشر على موقعه- أن "الكاظمي أو خليفته لن يتمكنا من كبح جماح إيران في العراق، إلا إذا مارس المجتمع الدولي -بما في ذلك الولايات المتحدة- ضغوطا شديدة حتى توافق طهران على إعادة النظر في طبيعة وحجم أنشطتها الإقليمية".
عارف اعتبر أن حكومة الكاظمي استمرت في صرف رواتب الموظفين لكنها أخفقت في تعظيم الإيرادات غير النفطية (الجزيرة)
الملف الاقتصادي
تقلبات اقتصادية كثيرة شهدها العراق، إذ بدأت حكومة الكاظمي عهدها بتدهور أسعار النفط مع صعوبات كبيرة في تسديد أجور الموظفين، لتضاف هذه الأزمات لمشكلة عدم امتلاك العراق موازنة عامة العام الماضي.
وفي هذا الصدد، يقول مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي إن حكومة الكاظمي استلمت مهامها في أعقد مراحل العراق السياسية والاقتصادية وحتى الصحية، مبينا أنه بسبب الإغلاق العالمي واتفاقية أوبك بلس التي تضم 23 دولة مصدرة للنفط، منها 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، تراجعت أسعار النفط وتراجعت صادرات العراق.
وبالتالي كان العراق يواجه أزمة مالية تتمثل في حجم النفقات العامة التي تبلغ 6 مليارات دولار، في الوقت الذي كان فيه حجم العائدات لا يتجاوز 2.5 مليار، إلا أن حكومة الكاظمي استطاعت تدارك الوضع واستمرت في صرف رواتب الموظفين العراقيين الذين تقارب أعدادهم 4 ملايين موظف، إضافة إلى 3 ملايين متقاعد، بحسب صالح.
ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن الموازنة التي نجحت الحكومة والبرلمان في تمريرها هذا العام تعد الأفضل منذ سنوات، خاصة أنها تأتي مع تراكم المشكلات المالية في البلاد، فضلا عن تقليص حجم العجز المالي إلى قرابة 20 مليار دولار.
أما عن الإخفاقات، فيرى صالح أن حكومة الكاظمي لم تنجح بصورة كاملة في تعظيم الإيرادات غير النفطية، خاصة ما يتعلق بالجمارك والضرائب، عازيا ذلك للمشكلات السياسية وقصر عمر الحكومة الحالية والتدخلات الكبيرة في عملها.
أما العبودي، فيرى من جانبه أن حكومة الكاظمي لم تتبن أي خطوة بالاتجاه الصحيح فيما يتعلق بإصلاحات اقتصادية حقيقية، مبينا أن رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي نهاية العام الماضي أدى لضرر جسيم بالمواطن العراقي، بعد الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
العابد: فترة الكاظمي تميزت سياسيا بعدم إثارة حكومته لأي أحقاد طائفية (الجزيرة)
من جانبه، يرى الباحث السياسي غانم العابد -في حديثه للجزيرة نت- أن فترة الكاظمي تميزت سياسيا بعدم إثارة حكومته أي أحقاد طائفية، على اعتباره من خارج ما وصفه بالإسلام السياسي.
أما اقتصاديا، فيرى أن من أهم إنجازاته: تشكيله لجنة عليا لمكافحة الفساد، حيث استطاعت هذه اللجنة الإطاحة بالعديد من رؤوس الفساد على نحو لم يجرؤ أي رئيس حكومة سابق على فعله، كما أن الورقة البيضاء التي طرحتها الحكومة كانت إيجابية في المعنى، لكنها بطبيعة الحال تحتاج لإرادة سياسية راسخة وسنوات من العمل المستمر، بحسب العابد.
المصدر : الجزيرة
حول هذه القصة
الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت عدة أشهر عقب استقالة عبد المهدي (مواقع التواصل)
الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت عدة أشهر عقب استقالة عبد المهدي (مواقع التواصل)
أحمد الدباغ-الجزيرة نت
10/5/2021-آخر تحديث: 10/5/2021-05:28 PM (مكة المكرمة)
أكملت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عامها الأول، الذي شهدت خلاله البلاد كثيرا من المنعطفات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن الأزمة الصحية المتمثلة في جائحة كورونا.
وكانت حكومة الكاظمي قد نالت ثقة البرلمان العراقي في 5 مايو/أيار 2020، بعد أكثر من 5 أشهر على استقالة سلفه عادل عبد المهدي إثر المظاهرات الشعبية الكبيرة التي اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، وسقط خلالها آلاف القتلى والجرحى.
اقرأ أيضا
الكاظمي يتحدى ضغوط الموالين لإيران ويتقارب مع واشنطن وحلفائها
خياران لا ثالث لهما أمام الكاظمي.. ما حقيقة إجراء تغييرات سرية في مفوضية الانتخابات بالعراق؟ ولمصلحة من؟
ميدل إيست آي: بعد تفجير بغداد.. الكاظمي ينتزع السيطرة على خلية الصقور الاستخبارية للتقوّي على خصومه
العبودي يرى أن حكومة الكاظمي كان أمامها 3 ملفات تتمثل في: التهيئة للانتخابات والملفين الاقتصادي والصحي (الجزيرة)
الملف السياسي
كثيرة هي الملفات السياسية التي واجهها الكاظمي خلال 12 شهرا من عمر حكومته، بحسب ما يقول نعيم العبودي النائب عن تحالف الفتح والمتحدث باسم كتلة "صادقون" النيابية (عصائب أهل الحق)، معتبرا أن الحكومة الحالية جاءت لحل أزمة طارئة على البلاد، وكان أمامها 3 ملفات تتمثل في: التهيئة للانتخابات المبكرة والملفين الاقتصادي والصحي.
ويتابع العبودي في حديثه للجزيرة نت، أن الانتخابات تعد أهم الملفات، أما الأخرى فوصفها بـ"الشائكة" التي تحتوي على الكثير من التراكمات المعقدة، مبينا أن على الحكومة فرض القانون وتهيئة الأجواء الآمنة لإجراء الانتخابات القادمة.
من جهته، يرى الخبير في الشأن السياسي والأمني سرمد البياتي أن الكاظمي استلم مهامه بعد صعوبات بالغة استمرت أشهرا عقب استقالة عبد المهدي، مبينا أنه ليس من المعقول أو الحكمة أن يتحمل الكاظمي مسيرة 17 عاما مما وصفه بـ"الإخفاقات"، خاصة أن الكاظمي تعهد في برنامجه الحكومي بإيصال البلاد للانتخابات المبكرة، وهو ما تسير البلاد تجاهه فعليا رغم بعض المعوقات.
أما مهند الجنابي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جيهان، فيرى أن حكومة الكاظمي لم تفلح في تعزيز ثقة العراقيين بالدولة وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن خطاب القوى السياسية التقليدية كان يمثل اشتراطا على الحكومة للقيام بدور وحيد يتمثل في إجراء الانتخابات.
ويعلق الجنابي للجزيرة نت بأن حكومة الكاظمي رضخت لإملاءات الكتل السياسية رغم أنها حكومة دستورية تتمتع بكامل الصلاحيات، وكان يمكنها أن تقوم بالكثير في خضم الإمكانات المادية والأمنية والسياسية المتوفرة لها، بحسب تعبيره.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، يتحدث الجنابي عن أن حكومة الكاظمي نجحت بصورة لافتة في ملف العلاقات الخارجية واستضافة العديد من الحوارات بين السعودية وإيران في العاصمة بغداد، إضافة إلى تطور علاقات العراق مع العديد من الدول العربية والخليجية بشكل غير معهود منذ عام 2003.
ويتفق هذا الطرح مع رأي البياتي الذي يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن العراق شهد خلال الأشهر الماضية صناعة سياسة خارجية رصينة، تتناسب مع المصالح الوطنية ومعالجة الأزمات والتحديات التي تشهدها البلاد، خاصة ما يتعلق باتفاقيات العراق مع دول الخليج ومصر والأردن والعلاقات الدولية.
وفي مقال تحليلي نشره معهد السلام الأميركي بمناسبة مرور عام على حكومة الكاظمي، أشار فيه كل من الكاتبين سرهنك حمه سعيد وإيلي أبو عون إلى أن الكاظمي وعد بتلبية العديد من مطالب المحتجين، إلا أنه لم يحقق الكثير من النتائج الملموسة رغم بذله جهودا جديرة بالثناء، بحسب المعهد.
لكن كاتبي المقال أشارا صراحة إلى أنه بالنظر إلى طبيعة المطالب الشعبية، فإن من غير الواقعي توقع تلبية أي حكومة لها في غضون عام أو عامين فقط، ولا سيما أن التراكمات التي تواجهها الحكومة العراقية لا حصر لها.
البياتي يرى أن الكاظمي نجح في الحد من نفوذ تنظيم الدولة لكنه لم يفلح في الحد من السلاح المنفلت (الجزيرة)
الملف الأمني
عشرات الهجمات شهدها العراق منذ تولي الكاظمي منصبه عام 2020، حيث استهدفت أرتال الدعم اللوجستي والقواعد العسكرية التي تستضيف قوات التحالف الدولي، فضلا عن الخروق الأمنية المتكررة لتنظيم الدولة الإسلامية وتحدي الفصائل المسلحة سلطة الدولة.
وفي هذا الصدد، يقول البياتي -المقرب من دوائر صنع القرار- إن الملف الأمني ينقسم إلى شقين اثنين، إذ نجح الكاظمي في الحد من نفوذ تنظيم الدولة واستطاعت القوات العراقية القضاء على العديد من القيادات رغم بعض الخروق والتعرضات الأمنية التي تشهدها البلاد حاليا، والتي لا تعني بالضرورة أن التنظيم عاد لسابق قوته، حيث إن أساليبه في الهجمات تتلخص بالتنفيذ والانسحاب دون المواجهة.
وفيما يتعلق بالشق الأمني الآخر والمتعلق بالفصائل المسلحة، يرى البياتي أن حكومة الكاظمي لم تفلح في الحد من السلاح المنفلت أو الفصائل والجهات التي تطلق صواريخ الكاتيوشا على القواعد العسكرية العراقية، مبررا للكاظمي ذلك في أن الأخير لا يريد جرّ البلاد إلى حرب داخلية وبحر من الدماء، بحسب تعبيره.
ويعتقد أن الكاظمي تعامل مع الملف الأمني بصورة وصفها بـ"البراغماتية العقلانية" التي تتماهى مع الواقع، مبينا أن التقصير الذي يؤخذ على حكومة الكاظمي أيضا عدم كشفها عن قتلة المتظاهرين.
وفي هذا الشأن، وبالعودة الى النائب نعيم العبودي للحديث عن وعود الكاظمي بكشف قتلة المتظاهرين، بيّن العبودي في إجابة دبلوماسية قصيرة أن "الحكومة العراقية هي المسؤولة عن هذا الملف، وأن عمل مجلس النواب رقابي فقط".
أما الجنابي، فيرى من جانبه أن التعامل مع الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة قد لا يكون قابلا للتنفيذ في المدى المنظور ولحكومتين قادمتين، عازيا ذلك لشدة تعقيدات هذا الملف وتداخلاته الإقليمية الدولية.
وعن محاولات جر الحكومة إلى مواجهة مع الفصائل، يعلق الجنابي بأن التنفس العميق الذي تبنته الحكومة أوصل رسالة ضمنية للفصائل، مفادها بأن الدولة هي التي تختار توقيت المواجهة، مبينا أن التطور اللافت في سياسة الحكومة الأمنية تمثل بإطلاق تهمة الإرهاب على مطلقي صواريخ الكاتيوشا، بعد أن كانت تسميهم بالخارجين على القانون.
أما معهد السلام الأميركي فيرى -في المقال الذي نشر على موقعه- أن "الكاظمي أو خليفته لن يتمكنا من كبح جماح إيران في العراق، إلا إذا مارس المجتمع الدولي -بما في ذلك الولايات المتحدة- ضغوطا شديدة حتى توافق طهران على إعادة النظر في طبيعة وحجم أنشطتها الإقليمية".
عارف اعتبر أن حكومة الكاظمي استمرت في صرف رواتب الموظفين لكنها أخفقت في تعظيم الإيرادات غير النفطية (الجزيرة)
الملف الاقتصادي
تقلبات اقتصادية كثيرة شهدها العراق، إذ بدأت حكومة الكاظمي عهدها بتدهور أسعار النفط مع صعوبات كبيرة في تسديد أجور الموظفين، لتضاف هذه الأزمات لمشكلة عدم امتلاك العراق موازنة عامة العام الماضي.
وفي هذا الصدد، يقول مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي إن حكومة الكاظمي استلمت مهامها في أعقد مراحل العراق السياسية والاقتصادية وحتى الصحية، مبينا أنه بسبب الإغلاق العالمي واتفاقية أوبك بلس التي تضم 23 دولة مصدرة للنفط، منها 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، تراجعت أسعار النفط وتراجعت صادرات العراق.
وبالتالي كان العراق يواجه أزمة مالية تتمثل في حجم النفقات العامة التي تبلغ 6 مليارات دولار، في الوقت الذي كان فيه حجم العائدات لا يتجاوز 2.5 مليار، إلا أن حكومة الكاظمي استطاعت تدارك الوضع واستمرت في صرف رواتب الموظفين العراقيين الذين تقارب أعدادهم 4 ملايين موظف، إضافة إلى 3 ملايين متقاعد، بحسب صالح.
ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن الموازنة التي نجحت الحكومة والبرلمان في تمريرها هذا العام تعد الأفضل منذ سنوات، خاصة أنها تأتي مع تراكم المشكلات المالية في البلاد، فضلا عن تقليص حجم العجز المالي إلى قرابة 20 مليار دولار.
أما عن الإخفاقات، فيرى صالح أن حكومة الكاظمي لم تنجح بصورة كاملة في تعظيم الإيرادات غير النفطية، خاصة ما يتعلق بالجمارك والضرائب، عازيا ذلك للمشكلات السياسية وقصر عمر الحكومة الحالية والتدخلات الكبيرة في عملها.
أما العبودي، فيرى من جانبه أن حكومة الكاظمي لم تتبن أي خطوة بالاتجاه الصحيح فيما يتعلق بإصلاحات اقتصادية حقيقية، مبينا أن رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي نهاية العام الماضي أدى لضرر جسيم بالمواطن العراقي، بعد الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
العابد: فترة الكاظمي تميزت سياسيا بعدم إثارة حكومته لأي أحقاد طائفية (الجزيرة)
من جانبه، يرى الباحث السياسي غانم العابد -في حديثه للجزيرة نت- أن فترة الكاظمي تميزت سياسيا بعدم إثارة حكومته أي أحقاد طائفية، على اعتباره من خارج ما وصفه بالإسلام السياسي.
أما اقتصاديا، فيرى أن من أهم إنجازاته: تشكيله لجنة عليا لمكافحة الفساد، حيث استطاعت هذه اللجنة الإطاحة بالعديد من رؤوس الفساد على نحو لم يجرؤ أي رئيس حكومة سابق على فعله، كما أن الورقة البيضاء التي طرحتها الحكومة كانت إيجابية في المعنى، لكنها بطبيعة الحال تحتاج لإرادة سياسية راسخة وسنوات من العمل المستمر، بحسب العابد.
المصدر : الجزيرة
حول هذه القصة