ابو مناف البصري
المالكي
بعض الآيات الموهمة بنسيان الأنبياء عليهم السلام
---------
وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١).
سار النبي موسى عليه السلام مع رفيقه يوشع في طريقهما متوجهين إلى محل اللقاء مع العبد الصالح حضرة الخضر عليه السلام ليتلقى موسى العلوم الالهية على يد هذا المعلم الرباني وكان بحران يلتقيان في هذا المكان وهو المحل الذي قد سقط فيه متاعهما (الحوت) في البحر ولما بلغا ملتقى البحرين هذا فقد نسيا حوتهما الذي لم يلبث أن يسلك طريقه في البحر وتوارى عن الأنظار فلما جاوزا هذا المكان قاله موسى عليه السلام لرفيفه يوشع ائتنا بغدائنا فقد أصابنا في هذا السفر إرهاق كبير: ( فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢)) فقال يوشع عندما لجأنا إلى الصخرة فإنني نسيت أن اخبرك عن عودة الحياة إلى الحوت أو عن سقوطه في البحر ولم يونسني هذا الأمر أحد إلا الشيطان فسلك سبيله في البحر بشكل عجيب قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَی الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) ) ففي هذه الآيات أيضا ينسب النسيان إلى النبي موسى عليه السلام وصاحبه.
الجواب مع إن النسيان في الآية 61 من سورة الكهف قد نسب إلى موسى عليه السلام ورفيقه يوشع ( نسيا حوتهما ) لكنه يستشف من الآيات التالية بكل وضوح أن الإسناد الحقيقي للنسيان هؤلاء صاحب موسى عليه السلام ومن هذا المنطلق يقول : ( فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ...) بمعنى إنني نسيت أن اخبرك عن عودة الحياة إلى الحوت أو عن سقوطه في ماء البحر فإن يوشع كان قد رأى أصل سقوط الحوت في البحر وقد كان هو المسؤول عن إطلاع موسى عليه السلام على الأمر فلو أن مسؤولية التذكير كانت مشتركة بين موسى وصاحبه لأسند النسيان في هذه الآية إلى الاثنين إلى أن إسناد النسيان ونفوذ الشيطان إلى صاحب موسى عليه السلام ليس فيه محذور لانه أولا : (على فرض نبوته) فإنه لم يكن من الأنبياء أولي العزم ثانيا : مثل هذه التصرفات المتعلقة بالأمور العرفية المحضة والتي لا تصل إلى حد الوسواس في الحكم الشرعي أو موضوعه هي ما يقبل الإسناد إلى بعض الأنبياء كما قد جاء في حق النبي أيوب عليه السلام أن الشيطان قد تصرف ببدنه وأصحابه بالاذى جسديا وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ ) فكما أن البرودة والحرارة والسم والسيف لها أثر في أبدان الأنبياء و أن العديد منهم قد استشهدوا عن هذا الطريق فان ظرر الشيطان أيضا يؤثر في أجسادهم وأن تدخل الشيطان في صاحب موسى عليه السلام يمكن أن يكون أيضا من هذا القبيل من التصرفات واما ما أقيم الدليل العقلي والنقلي على استحالته فهو تأثير وسوسة الشيطان على المعصوم عليه السلام بما يتعلق بالإخلال في عملية ابلاغهم للرسالة وهدايتهم للأمة بالكيفية التي تسقط فعلهم وقولهم عن الحجية.
تفسير تسنيم ج٦
---------
وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١).
سار النبي موسى عليه السلام مع رفيقه يوشع في طريقهما متوجهين إلى محل اللقاء مع العبد الصالح حضرة الخضر عليه السلام ليتلقى موسى العلوم الالهية على يد هذا المعلم الرباني وكان بحران يلتقيان في هذا المكان وهو المحل الذي قد سقط فيه متاعهما (الحوت) في البحر ولما بلغا ملتقى البحرين هذا فقد نسيا حوتهما الذي لم يلبث أن يسلك طريقه في البحر وتوارى عن الأنظار فلما جاوزا هذا المكان قاله موسى عليه السلام لرفيفه يوشع ائتنا بغدائنا فقد أصابنا في هذا السفر إرهاق كبير: ( فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢)) فقال يوشع عندما لجأنا إلى الصخرة فإنني نسيت أن اخبرك عن عودة الحياة إلى الحوت أو عن سقوطه في البحر ولم يونسني هذا الأمر أحد إلا الشيطان فسلك سبيله في البحر بشكل عجيب قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَی الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) ) ففي هذه الآيات أيضا ينسب النسيان إلى النبي موسى عليه السلام وصاحبه.
الجواب مع إن النسيان في الآية 61 من سورة الكهف قد نسب إلى موسى عليه السلام ورفيقه يوشع ( نسيا حوتهما ) لكنه يستشف من الآيات التالية بكل وضوح أن الإسناد الحقيقي للنسيان هؤلاء صاحب موسى عليه السلام ومن هذا المنطلق يقول : ( فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ...) بمعنى إنني نسيت أن اخبرك عن عودة الحياة إلى الحوت أو عن سقوطه في ماء البحر فإن يوشع كان قد رأى أصل سقوط الحوت في البحر وقد كان هو المسؤول عن إطلاع موسى عليه السلام على الأمر فلو أن مسؤولية التذكير كانت مشتركة بين موسى وصاحبه لأسند النسيان في هذه الآية إلى الاثنين إلى أن إسناد النسيان ونفوذ الشيطان إلى صاحب موسى عليه السلام ليس فيه محذور لانه أولا : (على فرض نبوته) فإنه لم يكن من الأنبياء أولي العزم ثانيا : مثل هذه التصرفات المتعلقة بالأمور العرفية المحضة والتي لا تصل إلى حد الوسواس في الحكم الشرعي أو موضوعه هي ما يقبل الإسناد إلى بعض الأنبياء كما قد جاء في حق النبي أيوب عليه السلام أن الشيطان قد تصرف ببدنه وأصحابه بالاذى جسديا وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ ) فكما أن البرودة والحرارة والسم والسيف لها أثر في أبدان الأنبياء و أن العديد منهم قد استشهدوا عن هذا الطريق فان ظرر الشيطان أيضا يؤثر في أجسادهم وأن تدخل الشيطان في صاحب موسى عليه السلام يمكن أن يكون أيضا من هذا القبيل من التصرفات واما ما أقيم الدليل العقلي والنقلي على استحالته فهو تأثير وسوسة الشيطان على المعصوم عليه السلام بما يتعلق بالإخلال في عملية ابلاغهم للرسالة وهدايتهم للأمة بالكيفية التي تسقط فعلهم وقولهم عن الحجية.
تفسير تسنيم ج٦