الطائر الحر
Well-Known Member
تجربة جديدة تجيب.. هل تحدد الجاذبية مصير قطة شرودنغر؟
وجود قطة شرودنغر في حالة من الحياة والموت معا قبل رصدها (كريستيان شيرم– ويكيبيديا)
هل تخيلت يوما أن قطتك التي تركتها بالمنزل قد تكون حية وميتة في آن واحد؟ تخيل إروين شرودنغر -أحد أكبر مؤسسي الفيزياء الكمية- هذا الأمر في تجربة فكرية شهيرة عرفت باسم مفارقة قطة شرودنغر (Schrödinger’s cat paradox).
قطة شرودنغر حية وميتة
في هذه التجربة الذهنية، تخيل شرودنغر أن قطة وضعت في صندوق معدني وبجانبه أحد النظائر المشعة وقارورة من السم ومطرقة معلقة في عداد غايغر الذي يكشف عن حدوث الإشعاع.
فعندما تتحلل المادة المشعة يتغير مؤشر عداد غايغر، ومن ثم يحرك المطرقة التي تكسر قارورة السم الذي يقتل القطة في النهاية.
بيد أن التحلل الإشعاعي هو عملية عشوائية لا يستطيع أحد التنبؤ بحدوثها من عدمه. هنا تتدخل ميكانيكا الكم لشرح احتمال حدوث هذا التحلل، مفترضة أن ذرات المادة المشعة تتحلل (مما يعني وفاة القطة) ولا تتحلل (وبالتالي فإن القطة ما زالت حية) في الوقت ذاته. وهي الحالة التي تعرف بـ"التراكب" (Superposition)، أي وجود كلتا الحالتين معا.
مكونات مفارقة قطة شرودنغر التخيلية الشهيرة (داتفيلد-ويكيبيديا) إلى أن يتم فتح الصندوق ورصد القطة، يرى شرودنغر أن القطة حية وميتة في آن واحد. ذلك لأن الحالة التي عليها القطة تتوقف على تحلل المادة المشعة من عدمه. ففي حالة من عدم اليقين كتلك التي قبل الرصد، عليك أن تفترض أن القطة تتصرف وفق كل الحالات المحتمل أن تكون عليها -من حياة وموت- على حد سواء.
وعند الرصد، تنهار على الفور حالة التراكب (وجود كلتا الحالتين معا) التي عليها القطة لتبقى حالة واحدة إما الحياة وإما الموت.
تتكون حالات التراكب تلك من عدد من الدوال الموجية التي تصف كل الحالات المختلفة التي تكون عليها الجسيمات الصغيرة. فعند الرصد تنهار جميع هذه الدوال فيما يعرف باسم "انهيار الدالة الموجية"، ومن ثم تظهر لنا نتيجة محددة.
وحالة التراكب تعتبر سمة أساسية للفيزياء الحديثة، وهي فكرة موجودة بالفعل في الإلكترونات والتي تشغل حالات ومواقع متعددة في آن واحد حتى نقوم بقياسها. ويكفي القول إن فرعا كاملا من التكنولوجيا الحديثة -الحوسبة الكمومية- يقوم على هذا المفهوم.
تعتمد الحوسبة الكمومية على مبدأ حالة التراكب الكمي (بيكسابي) انهيار بفعل الجاذبية
لا يوجد تفسير مادي واضح لكيفية انهيار حالة التراكب تلك، والتي تحدث عند الرصد، إلا أن بعض الفرضيات قد وضعت لتفسير أسباب ذلك الانهيار، ومنها فرضية الجاذبية.
تعود أصول فرضية الجاذبية إلى الفيزيائيين كاروليهازي فريجيس في الستينيات ولاخوس ديوسي في الثمانينيات، إذ تَعتَبِر الفرضية أن مجال الجاذبية لأي جسم يتعدى حدود نظرية الكم.
وتقاوم الجاذبية البقاء مع حالات التراكب تلك، فعندما يشغل أي جسيم حالتين أو مكانين معا، فإن مجال الجاذبية يحاول فعل الشيء ذاته. إلا أن مجال الجاذبية لا يمكنه أن يبقى كذلك لمدة طويلة ومن ثم ينهار آخذا الجسيم معه. إذ تختار الجاذبية نسخة واحدة منخفضة الطاقة لتلك الجسيمات لتثبتها في مكان ما.
دفع ذلك روجر بنروز -عالم الرياضيات الشهير بجامعة أكسفورد- إلى تبنِّي هذه الفرضية في أواخر الثمانينيات، لأنها تنفي كون عملية الرصد نفسها هي ما يتسبب في انهيار حالة التراكب.
ومن خلال عملهم المنفصل، اقترح ديوسي وبنروز نموذجا (Diósi–Penrose Model) يفسر انهيار حالات التراكب بفعل الجاذبية. لكن اختبار هذه الفرضية لم يكن ممكنا من قبل، كما صرح ديوسي لمجلة ساينس (Science).
بلورة الجرمانيوم ولّدت عددا أقل من الإشعاعات مما افترضه نموذج بنروز (جوري-ويكيميديا) نموذج حديث لقطة شرودنغر
في دراسة حديثة نشرتها دورية نيتشر فيزيكس (Nature Physics) يوم 7 سبتمبر/أيلول الحالي، حاول ديوسي وفريقه التأكد من أن الجاذبية هي السبب في انهيار حالة التراكب الكمي.
صمم العلماء نموذجا مشابها لقطة شرودنغر بوضع بلورة من الجرمانيوم بحجم فنجان قهوة داخل صندوق من الرصاص ودفنت تحت سطح الأرض في مختبر غران ساسو الوطني الإيطالي (Gran Sasso National Laboratory) بعيدا عن أي مصدر للإشعاع.
لو كان نموذج بنروز صحيحا، فإن هذه البلورة ستولد عشرات الآلاف من الومضات الإشعاعية على مدى عدة أشهر، وذلك لأن جسيماتها المتراكبة ستستقر في حالات مقاسة بعد حدوث الانهيار بفعل الجاذبية.
غير أن ديوسي وفريقه رصدوا 576 إشعاعا فقط على مدى شهرين، وهو العدد نفسه المتوقع لأي تحلل إشعاعي طبيعي. وهو ما تؤكده كاتالينا كوركيانو -المشاركة في الدراسة- قائلة "لم نر أي تأثير للانهيار بفعل الجاذبية في تجربة الجرمانيوم". وهو ما يعني أن الجاذبية لا تعمل على فصل الجسيمات عن حالة تراكبها الكمومي.
وجود قطة شرودنغر في حالة من الحياة والموت معا قبل رصدها (كريستيان شيرم– ويكيبيديا)
هل تخيلت يوما أن قطتك التي تركتها بالمنزل قد تكون حية وميتة في آن واحد؟ تخيل إروين شرودنغر -أحد أكبر مؤسسي الفيزياء الكمية- هذا الأمر في تجربة فكرية شهيرة عرفت باسم مفارقة قطة شرودنغر (Schrödinger’s cat paradox).
قطة شرودنغر حية وميتة
في هذه التجربة الذهنية، تخيل شرودنغر أن قطة وضعت في صندوق معدني وبجانبه أحد النظائر المشعة وقارورة من السم ومطرقة معلقة في عداد غايغر الذي يكشف عن حدوث الإشعاع.
فعندما تتحلل المادة المشعة يتغير مؤشر عداد غايغر، ومن ثم يحرك المطرقة التي تكسر قارورة السم الذي يقتل القطة في النهاية.
بيد أن التحلل الإشعاعي هو عملية عشوائية لا يستطيع أحد التنبؤ بحدوثها من عدمه. هنا تتدخل ميكانيكا الكم لشرح احتمال حدوث هذا التحلل، مفترضة أن ذرات المادة المشعة تتحلل (مما يعني وفاة القطة) ولا تتحلل (وبالتالي فإن القطة ما زالت حية) في الوقت ذاته. وهي الحالة التي تعرف بـ"التراكب" (Superposition)، أي وجود كلتا الحالتين معا.
مكونات مفارقة قطة شرودنغر التخيلية الشهيرة (داتفيلد-ويكيبيديا) إلى أن يتم فتح الصندوق ورصد القطة، يرى شرودنغر أن القطة حية وميتة في آن واحد. ذلك لأن الحالة التي عليها القطة تتوقف على تحلل المادة المشعة من عدمه. ففي حالة من عدم اليقين كتلك التي قبل الرصد، عليك أن تفترض أن القطة تتصرف وفق كل الحالات المحتمل أن تكون عليها -من حياة وموت- على حد سواء.
وعند الرصد، تنهار على الفور حالة التراكب (وجود كلتا الحالتين معا) التي عليها القطة لتبقى حالة واحدة إما الحياة وإما الموت.
تتكون حالات التراكب تلك من عدد من الدوال الموجية التي تصف كل الحالات المختلفة التي تكون عليها الجسيمات الصغيرة. فعند الرصد تنهار جميع هذه الدوال فيما يعرف باسم "انهيار الدالة الموجية"، ومن ثم تظهر لنا نتيجة محددة.
وحالة التراكب تعتبر سمة أساسية للفيزياء الحديثة، وهي فكرة موجودة بالفعل في الإلكترونات والتي تشغل حالات ومواقع متعددة في آن واحد حتى نقوم بقياسها. ويكفي القول إن فرعا كاملا من التكنولوجيا الحديثة -الحوسبة الكمومية- يقوم على هذا المفهوم.
تعتمد الحوسبة الكمومية على مبدأ حالة التراكب الكمي (بيكسابي) انهيار بفعل الجاذبية
لا يوجد تفسير مادي واضح لكيفية انهيار حالة التراكب تلك، والتي تحدث عند الرصد، إلا أن بعض الفرضيات قد وضعت لتفسير أسباب ذلك الانهيار، ومنها فرضية الجاذبية.
تعود أصول فرضية الجاذبية إلى الفيزيائيين كاروليهازي فريجيس في الستينيات ولاخوس ديوسي في الثمانينيات، إذ تَعتَبِر الفرضية أن مجال الجاذبية لأي جسم يتعدى حدود نظرية الكم.
وتقاوم الجاذبية البقاء مع حالات التراكب تلك، فعندما يشغل أي جسيم حالتين أو مكانين معا، فإن مجال الجاذبية يحاول فعل الشيء ذاته. إلا أن مجال الجاذبية لا يمكنه أن يبقى كذلك لمدة طويلة ومن ثم ينهار آخذا الجسيم معه. إذ تختار الجاذبية نسخة واحدة منخفضة الطاقة لتلك الجسيمات لتثبتها في مكان ما.
دفع ذلك روجر بنروز -عالم الرياضيات الشهير بجامعة أكسفورد- إلى تبنِّي هذه الفرضية في أواخر الثمانينيات، لأنها تنفي كون عملية الرصد نفسها هي ما يتسبب في انهيار حالة التراكب.
ومن خلال عملهم المنفصل، اقترح ديوسي وبنروز نموذجا (Diósi–Penrose Model) يفسر انهيار حالات التراكب بفعل الجاذبية. لكن اختبار هذه الفرضية لم يكن ممكنا من قبل، كما صرح ديوسي لمجلة ساينس (Science).
بلورة الجرمانيوم ولّدت عددا أقل من الإشعاعات مما افترضه نموذج بنروز (جوري-ويكيميديا) نموذج حديث لقطة شرودنغر
في دراسة حديثة نشرتها دورية نيتشر فيزيكس (Nature Physics) يوم 7 سبتمبر/أيلول الحالي، حاول ديوسي وفريقه التأكد من أن الجاذبية هي السبب في انهيار حالة التراكب الكمي.
صمم العلماء نموذجا مشابها لقطة شرودنغر بوضع بلورة من الجرمانيوم بحجم فنجان قهوة داخل صندوق من الرصاص ودفنت تحت سطح الأرض في مختبر غران ساسو الوطني الإيطالي (Gran Sasso National Laboratory) بعيدا عن أي مصدر للإشعاع.
لو كان نموذج بنروز صحيحا، فإن هذه البلورة ستولد عشرات الآلاف من الومضات الإشعاعية على مدى عدة أشهر، وذلك لأن جسيماتها المتراكبة ستستقر في حالات مقاسة بعد حدوث الانهيار بفعل الجاذبية.
غير أن ديوسي وفريقه رصدوا 576 إشعاعا فقط على مدى شهرين، وهو العدد نفسه المتوقع لأي تحلل إشعاعي طبيعي. وهو ما تؤكده كاتالينا كوركيانو -المشاركة في الدراسة- قائلة "لم نر أي تأثير للانهيار بفعل الجاذبية في تجربة الجرمانيوم". وهو ما يعني أن الجاذبية لا تعمل على فصل الجسيمات عن حالة تراكبها الكمومي.