ابو مناف البصري
المالكي
[تفسير۞فَمَا بَكَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلسَّمَاءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِین۞]
إنَّ عَـدَم*بُـكاء*السماء والأرض ربَّما كان كِنايةً عن حقارتهم ، وعدم وجود ولِـيّ ولا نصير لهم لِـيَحْـزَن عليهم ويَـبْكيـهِم ، ومِنَ المُـتَعارَف بَـيْـنَ العَرب أنهم إذا أرادوا تِـبْـيانَ أهَمِـيَّة مكانة*المَـيّت ، يقولون :*بَـكَت*عَـلَـيْهِ السّماءُ والأرض ، وأظلمتْ الشمسُ والقمرُ لِـفَـقْدِهِ .
واحتمل أيضاً أن المراد*بكاء*أهل السماوات والأرض ، لأنهم يبكون المؤمنين المُـقَـرَّبين عند الله ، لا الجَـبَـابِـرة والطواغيت وأمثاله.
وقال البعض : إنَّ*بُـكاءَ*السماءِ والأرض*بُـكاءٌ*حقيقيّ ، حيث تظهر احمراراً خاصاً غير احمرار الغروب والطلوع ، كما نقرأ في رواية : " لما*قتل*الحسين بن علي*بن*أبي طالب (عليه السلام)*بَـكَتِ*السماءُ عليه ، وبكاؤها حُـمرةُ أطرافِـها " .
وفي رواية أخرى عن*الإمام الصادق (عليه السلام) : "*بَـكَـتِ*السماء على*يحيى بن زكريا*وعلى*الحسين بن علي (عليهما السلام)*أربعين صباحاً ، ولم تَـبْـكِ إلا عليهما " قلتُ :
وما بكاؤها ؟ قال : " كانت تَـطـلـعُ حمراء ، وتَـغِـيبُ حمراء " .
غير أننا نقرأ في حديث روي عن*النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ما مِنْ مؤمن إلا ولَـهُ بابٌ يَـصْـعَـدُ مِـنْـهُ عَـمَـلُـهُ ، وبابٌ يَنزِل مِـنْـهُ رزقُـهُ ، فإذا*ماتَ*بَـكَـيَـا عَـلَـيْه " .
ولا مُـنَـافَـاة بَـيْنَ هذه الروايات ، حيثُ كان لشهادة*الحسين (عليه السلام)*ويحيى بن زكريا (عليه السلام) صفة العموم في كل السماء ، ولما ورد في الروايات الأخيرة صفة الخصوص .
على أيّ حال ، فلا تضاد بين هذه التفاسير ، ويمكن جمعها في معنى الآية .
نعم لم تَـبْـكِ السماءُ لِموتِ هؤلاء الضالين*الظالمين ، ولم تحزن عليهم الأرض ، فقد كانوا موجودات خبيثة ، وكأنما لم تكن لهم أدنى علاقة بعالم الوجود ودنيا البشرية ، فلما طُرِدَ هؤلاء الأجانب من العالم لم يَـحُسّ أحد بِخلُـوّ مكانهم مِنْـهُم ، ولم يشعر أحد بِـفَـقْدِهم ، لا على وجه الأرض ، ولا في أطراف السماء ، ولا في أعماق قلوب البشر ، ولذلك لم تذرف عين أحد دمعة لِمَـوتِـهِم .
وننهي الكلام في هذه الآيات بِـذِكْرِ روايةٍ عن*أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فقد ورد في رواية أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) لما مَـرَّ على المَدائن ، ورأى آثار كِسرى مُـشرِفةً على السقوط والانهيار ،
أنشد أحد أصحابِه الذين كانوا مَـعَـهُ :
جَـرَتِ الرياحُ على رُسُومِـهِمْ
فَـكأنَّـهُمْ كانوا على مِيعادِ !
فقال*أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : " أفلا قلتَ
۞ كَـمۡ تَـرَكُـوا مِن جَـنَّـاتࣲ وَعُـیُون ۞ وَزُرُوعࣲ وَمَـقَـامࣲ كَـرِیم ۞ وَنَـعۡـمَـةࣲ كَـانُوا فِـیهَـا فَـاكِـهِـین ۞.....فَـمَـا بَـكَـتۡ عَلَـیۡـهِـمُ ٱلسَّـمَـاءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَـا كَـانُـوا مُـنْـظَـرِین ۞ "
[سُورَةُ الدُّخَان/25 - 26 - 27 - 29]
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
[ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل .
ج 16. ص 91 ـ 92 .
تأليف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ]
إنَّ عَـدَم*بُـكاء*السماء والأرض ربَّما كان كِنايةً عن حقارتهم ، وعدم وجود ولِـيّ ولا نصير لهم لِـيَحْـزَن عليهم ويَـبْكيـهِم ، ومِنَ المُـتَعارَف بَـيْـنَ العَرب أنهم إذا أرادوا تِـبْـيانَ أهَمِـيَّة مكانة*المَـيّت ، يقولون :*بَـكَت*عَـلَـيْهِ السّماءُ والأرض ، وأظلمتْ الشمسُ والقمرُ لِـفَـقْدِهِ .
واحتمل أيضاً أن المراد*بكاء*أهل السماوات والأرض ، لأنهم يبكون المؤمنين المُـقَـرَّبين عند الله ، لا الجَـبَـابِـرة والطواغيت وأمثاله.
وقال البعض : إنَّ*بُـكاءَ*السماءِ والأرض*بُـكاءٌ*حقيقيّ ، حيث تظهر احمراراً خاصاً غير احمرار الغروب والطلوع ، كما نقرأ في رواية : " لما*قتل*الحسين بن علي*بن*أبي طالب (عليه السلام)*بَـكَتِ*السماءُ عليه ، وبكاؤها حُـمرةُ أطرافِـها " .
وفي رواية أخرى عن*الإمام الصادق (عليه السلام) : "*بَـكَـتِ*السماء على*يحيى بن زكريا*وعلى*الحسين بن علي (عليهما السلام)*أربعين صباحاً ، ولم تَـبْـكِ إلا عليهما " قلتُ :
وما بكاؤها ؟ قال : " كانت تَـطـلـعُ حمراء ، وتَـغِـيبُ حمراء " .
غير أننا نقرأ في حديث روي عن*النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ما مِنْ مؤمن إلا ولَـهُ بابٌ يَـصْـعَـدُ مِـنْـهُ عَـمَـلُـهُ ، وبابٌ يَنزِل مِـنْـهُ رزقُـهُ ، فإذا*ماتَ*بَـكَـيَـا عَـلَـيْه " .
ولا مُـنَـافَـاة بَـيْنَ هذه الروايات ، حيثُ كان لشهادة*الحسين (عليه السلام)*ويحيى بن زكريا (عليه السلام) صفة العموم في كل السماء ، ولما ورد في الروايات الأخيرة صفة الخصوص .
على أيّ حال ، فلا تضاد بين هذه التفاسير ، ويمكن جمعها في معنى الآية .
نعم لم تَـبْـكِ السماءُ لِموتِ هؤلاء الضالين*الظالمين ، ولم تحزن عليهم الأرض ، فقد كانوا موجودات خبيثة ، وكأنما لم تكن لهم أدنى علاقة بعالم الوجود ودنيا البشرية ، فلما طُرِدَ هؤلاء الأجانب من العالم لم يَـحُسّ أحد بِخلُـوّ مكانهم مِنْـهُم ، ولم يشعر أحد بِـفَـقْدِهم ، لا على وجه الأرض ، ولا في أطراف السماء ، ولا في أعماق قلوب البشر ، ولذلك لم تذرف عين أحد دمعة لِمَـوتِـهِم .
وننهي الكلام في هذه الآيات بِـذِكْرِ روايةٍ عن*أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فقد ورد في رواية أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) لما مَـرَّ على المَدائن ، ورأى آثار كِسرى مُـشرِفةً على السقوط والانهيار ،
أنشد أحد أصحابِه الذين كانوا مَـعَـهُ :
جَـرَتِ الرياحُ على رُسُومِـهِمْ
فَـكأنَّـهُمْ كانوا على مِيعادِ !
فقال*أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : " أفلا قلتَ
۞ كَـمۡ تَـرَكُـوا مِن جَـنَّـاتࣲ وَعُـیُون ۞ وَزُرُوعࣲ وَمَـقَـامࣲ كَـرِیم ۞ وَنَـعۡـمَـةࣲ كَـانُوا فِـیهَـا فَـاكِـهِـین ۞.....فَـمَـا بَـكَـتۡ عَلَـیۡـهِـمُ ٱلسَّـمَـاءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَـا كَـانُـوا مُـنْـظَـرِین ۞ "
[سُورَةُ الدُّخَان/25 - 26 - 27 - 29]
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
[ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل .
ج 16. ص 91 ـ 92 .
تأليف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ]