سما العراق
Well-Known Member
- إنضم
- 28 يونيو 2020
- المشاركات
- 13,633
- مستوى التفاعل
- 52
- النقاط
- 48
تفسير آيات مختارة من سورتي الكهف والإنسان
قال تعالى في سورة الكهف: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا*أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف/ 30-31).
وقال في سورة الإنسان: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (ظ¢ظ،)إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) (الإنسان/ 21-22).
لسائل أن يسأل: لِمَ ذُكِرَ أساور الذهب في الكهف وأساور الفضة في سورة الإنسان؟
والجواب أن عمل المذكورين في سورة الكهف أعلى من عمل المذكورين في سورة الإنسان فكان الجزاء أعلى، ذلك أنّه قال عن المذكورين في سورة الإنسان: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان/ 7-8).
وقال في سورة الكهف: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا) (الكهف/ 30).
فذكر أنهم عملوا الصالحات، والعمل الصالح عمل من الوفاء بالنذر وإطعام الطعام لهذه الأصناف خاصة: المسكين واليتيم والأسير، ثمّ إنّ النذر مكروه شرعاً غير أنّ الوفاء به واجب.
ثمّ ذكر إحسان العمل في الكهف فقال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الكهف/ 7). وإحسان العمل أعلى من مجرد العمل الصالح فلما كان عمل المذكورين في الكهف أعلى كان الجزاء أعلى من نواح عدة:
1- ذكر التحلية من أساور الذهب في الكهف.
والتحلية بأساور الفضة في الإنسان.
فكان الجزاء في الكهف أعلى من ناحيتين:
أ- من ناحية الجنس فالذهب أعلى من الفضة.
ب- والكثرة فقد قال في الكهف (يَحَلَّونَ فِيها مِن أساوِرَ) فذكر (من) مع التحلية ولم يذكر (من) في الإنسان وإنما قال (وَحُلُّوا أساوِرَ).
وذكرُ (من) أعلى في الجزاء، فهي تدل على كثرة الأساور، فقولك (كُل من هذا التفاح) أدل على كثرة التفاح من قولك (كُل هذا التفاح) وقولك (إلبس من هذه الملابس) أدل على كثرة الملابس من قولك: (إلبس هذه الملابس).
ثمّ إنّه حيث ذكر أساور الذهب جاء بـ(من) مع التحلية فيقول: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا...) (الحج/ 23)، بخلاف أساور الفضة.
ويدلك على ذلك أيضاً قوله تعالى في سورة الدخان: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ) (الدخان/ 51-53).
فلما ذكر المتقين وهم أعلى من مجرد المؤمنين المذكورين في الكهف قال: (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ) فجاء بـ(من) ولم يقل (يلبسون سندساً) ولا (ثياباً) كما قال في الكهف، فدل على أن ذكر (من) أعلى.
ثمّ إنّه لم يقل في سورة الدخان (يلبسوا ثياباً من سندس) كما قال في الكهف وإنما قال: (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ) فأطلق اللباس ولم يقيده بالثياب فكان أعم. فدل على علوّ الجزاء بالإطلاق وبذكر (من) للدلالة على الكثرة.
2- قال في الإنسان: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ) وعاليهم من العلو.
وقال في الكهف: (وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ) فذكر أنهم يلبسون ذلك وقد لا يكون ذلك عليهم بل إن عاليهم قد يكون أعلى من السندس.
3- امتدح الثواب في الكهف فقال: (نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا).
وقال في سورة الإنسان: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) (الإنسان/ 22).
فذكر أن هذا جزاؤهم الذي يستحقونه ولم يقل فيه ما قال في الكهف من الثناء.
4- ذكر الاتكاء على الأرائك في الكهف: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ).
ولم يذكر مثل ذلك في سورة الإنسان.
5- ذكر في الكهف أنهم تجري من تحتهم الأنهار.
ولم يذكر مثل ذلك في سورة الإنسان.
فدل ذلك على علوّ الجزاء في الكهف فناسب الجزاء العمل.
المصدر: كتاب من أسرار البيان القرآني
قال تعالى في سورة الكهف: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا*أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف/ 30-31).
وقال في سورة الإنسان: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (ظ¢ظ،)إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) (الإنسان/ 21-22).
لسائل أن يسأل: لِمَ ذُكِرَ أساور الذهب في الكهف وأساور الفضة في سورة الإنسان؟
والجواب أن عمل المذكورين في سورة الكهف أعلى من عمل المذكورين في سورة الإنسان فكان الجزاء أعلى، ذلك أنّه قال عن المذكورين في سورة الإنسان: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان/ 7-8).
وقال في سورة الكهف: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا) (الكهف/ 30).
فذكر أنهم عملوا الصالحات، والعمل الصالح عمل من الوفاء بالنذر وإطعام الطعام لهذه الأصناف خاصة: المسكين واليتيم والأسير، ثمّ إنّ النذر مكروه شرعاً غير أنّ الوفاء به واجب.
ثمّ ذكر إحسان العمل في الكهف فقال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الكهف/ 7). وإحسان العمل أعلى من مجرد العمل الصالح فلما كان عمل المذكورين في الكهف أعلى كان الجزاء أعلى من نواح عدة:
1- ذكر التحلية من أساور الذهب في الكهف.
والتحلية بأساور الفضة في الإنسان.
فكان الجزاء في الكهف أعلى من ناحيتين:
أ- من ناحية الجنس فالذهب أعلى من الفضة.
ب- والكثرة فقد قال في الكهف (يَحَلَّونَ فِيها مِن أساوِرَ) فذكر (من) مع التحلية ولم يذكر (من) في الإنسان وإنما قال (وَحُلُّوا أساوِرَ).
وذكرُ (من) أعلى في الجزاء، فهي تدل على كثرة الأساور، فقولك (كُل من هذا التفاح) أدل على كثرة التفاح من قولك (كُل هذا التفاح) وقولك (إلبس من هذه الملابس) أدل على كثرة الملابس من قولك: (إلبس هذه الملابس).
ثمّ إنّه حيث ذكر أساور الذهب جاء بـ(من) مع التحلية فيقول: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا...) (الحج/ 23)، بخلاف أساور الفضة.
ويدلك على ذلك أيضاً قوله تعالى في سورة الدخان: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ) (الدخان/ 51-53).
فلما ذكر المتقين وهم أعلى من مجرد المؤمنين المذكورين في الكهف قال: (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ) فجاء بـ(من) ولم يقل (يلبسون سندساً) ولا (ثياباً) كما قال في الكهف، فدل على أن ذكر (من) أعلى.
ثمّ إنّه لم يقل في سورة الدخان (يلبسوا ثياباً من سندس) كما قال في الكهف وإنما قال: (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ) فأطلق اللباس ولم يقيده بالثياب فكان أعم. فدل على علوّ الجزاء بالإطلاق وبذكر (من) للدلالة على الكثرة.
2- قال في الإنسان: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ) وعاليهم من العلو.
وقال في الكهف: (وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ) فذكر أنهم يلبسون ذلك وقد لا يكون ذلك عليهم بل إن عاليهم قد يكون أعلى من السندس.
3- امتدح الثواب في الكهف فقال: (نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا).
وقال في سورة الإنسان: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) (الإنسان/ 22).
فذكر أن هذا جزاؤهم الذي يستحقونه ولم يقل فيه ما قال في الكهف من الثناء.
4- ذكر الاتكاء على الأرائك في الكهف: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ).
ولم يذكر مثل ذلك في سورة الإنسان.
5- ذكر في الكهف أنهم تجري من تحتهم الأنهار.
ولم يذكر مثل ذلك في سورة الإنسان.
فدل ذلك على علوّ الجزاء في الكهف فناسب الجزاء العمل.
المصدر: كتاب من أسرار البيان القرآني