ناطق العبيدي
Well-Known Member
- إنضم
- 16 نوفمبر 2013
- المشاركات
- 5,184
- مستوى التفاعل
- 1,631
- النقاط
- 113
سورة الإنسان وتنظيم الحياة (الجزء الاول)
فهذه تأملات في (سورة الإنسان) طلب مني أخي المفسر الأديب د.عبدالرحمن الشهري
أن أضعها بين أيديكم ، فما لمثلي مع مثله إلا الإجابة :
قال الإمام البخاري في صحيحه : باب تفسير سورة (الإنسان الدهر)
وهي مشهورة بهذين الاسمين في كثير من كتب الحديث والتفسير
فهي ـ والله أعلم ـ سورة الإنسان والزمن (الدهر) ،
هي ترسم لنا منهجاً منظِماً لحياتنا وتذكرنا به (صبيحة كل جمعة)
فإذا أردت أن تخطط لحياتك لتحقق أعلى المكتسبات في أقل الأزمنة ، فاعرف عن نفسك أربعة :
1- امكاناتها ، قدراتها ، نقاط القوة والضعف فيها .
2- ثم حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية .
3- وسائلك الواجبة والمكملة ، وضرورة تنوعها .
4- التحديات والعوائق ، وكيف تتغلب عليها ؟
على هذه الركائز الأربع فيما يظهر لي تلتف آيات هذه السورة العظيمة
أما أولها : فقد بدأت به "الدهر" وخَتمت ،
فهي حين استهلت تبين للإنسان كيف يختط "السبيل"
بدأت بتعداد جوانب "الضعف" و "القوة" لديه ،
فقبل أن تخطو في حياتك لأي أمر ذي بال ،
كان علمياً أو دعوياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً ،
قبل أن تقول : "نعم" أو "لا" ؛ أجب على هذا السؤال :
من أنت ؟ ما قُدراتك ؟ أين تكمن "قوتك" وأين يختبئ "ضعفك" ؟
لابد لك من معرفة تامة بنفسك ،
تأمل الضعف في :
1- (لم يكن شيئاً) هو عدمٌ أوجدته (نا) العظمة في (إنا خلقنا) .
2- (من نطفة) (أمشاج) خليط من ماء الزوجين مع الدم .
3- (نبتليه) هناك ابتلاء وبلوى تنتظره لم يُخير في وقوعها ولا في زمانها ومكانها وحالها .
أما القوة ففي :
(سميعاً بصيرا) ، (هديناه السبيل) وضحنا له الطريق ورزقناه ما يستعين به على سلوكه .
بقي هل يستثمر جوانب قوته وينكسر لخالقه اعترافاً بضعفه ، أم يعمى فيتكبر ؟
(إما شاكرا وإما كفورا)
وخُتمت السورة بنفس المعنى ،
تأكيد اجتماع الضعف والقوة في الإنسان ، لكنّ قوته طارئةٌ موهوبةٌ ،
للعبد مشيئة (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)
لكنها تابعة لا مستقلة (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)
الركيزة الثانية : حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية
تأمل كيف انتقلت السورة من بيان أدوات القدرة
(فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ)
إلى الغاية التي سيبلغها :
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا)
واستمر هذا في السورة ،
حتى استوفت هذه الركيزة أكثر من نصف آياتها (16) آية من بين (31) :
(فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)
وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)
وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15)
قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)
وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)
عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)
وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا)
لا بد من وضوح الغاية التي ترومها تماماً كالشمس كاشِحَة فكل ما قبلها يُبنى عليها
فمن أين تبدأ ؟ وأي الوسائل لك أنجع ؟ وما الأساليب التي بك أرفق ؟
وما مراحل "السبيل" ؟ وما هو لازم كل مرحلة ؟ وما العوائق المحتملة ؟
وغيرها كثير ،،
كل ذلك لن تستطيع جوابه حتى تعقد العزائم على غاية تركض وتمشي وتزحف إليها ،
وبين الناس من تفاوت الهمم في تحديد الغايات ما لا ينقضي العجب منه
فنفوس سمت فتعلقت بالعرش وأخرى غُمست في أُتون الحُش
فمن جعل غايته داراً كأسها (كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا) فسيصل إليها بأسباب ووسائل ،
ومن جعل مرامه (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) فهيهات لن يصل إليها بمجرد تلك الوسائل .
ولذا تبقى النهاية (الغاية) دوماً هي الأهم
فالبداية هي في تحديد النهاية ، وبعد هذا تأتي تبعاً كل تفاصيل حياة "الإنسان"
من كتابة الشيخ عصام العويد فى ملتقى اهل التفسير
فهذه تأملات في (سورة الإنسان) طلب مني أخي المفسر الأديب د.عبدالرحمن الشهري
أن أضعها بين أيديكم ، فما لمثلي مع مثله إلا الإجابة :
قال الإمام البخاري في صحيحه : باب تفسير سورة (الإنسان الدهر)
وهي مشهورة بهذين الاسمين في كثير من كتب الحديث والتفسير
فهي ـ والله أعلم ـ سورة الإنسان والزمن (الدهر) ،
هي ترسم لنا منهجاً منظِماً لحياتنا وتذكرنا به (صبيحة كل جمعة)
فإذا أردت أن تخطط لحياتك لتحقق أعلى المكتسبات في أقل الأزمنة ، فاعرف عن نفسك أربعة :
1- امكاناتها ، قدراتها ، نقاط القوة والضعف فيها .
2- ثم حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية .
3- وسائلك الواجبة والمكملة ، وضرورة تنوعها .
4- التحديات والعوائق ، وكيف تتغلب عليها ؟
على هذه الركائز الأربع فيما يظهر لي تلتف آيات هذه السورة العظيمة
أما أولها : فقد بدأت به "الدهر" وخَتمت ،
فهي حين استهلت تبين للإنسان كيف يختط "السبيل"
بدأت بتعداد جوانب "الضعف" و "القوة" لديه ،
فقبل أن تخطو في حياتك لأي أمر ذي بال ،
كان علمياً أو دعوياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً ،
قبل أن تقول : "نعم" أو "لا" ؛ أجب على هذا السؤال :
من أنت ؟ ما قُدراتك ؟ أين تكمن "قوتك" وأين يختبئ "ضعفك" ؟
لابد لك من معرفة تامة بنفسك ،
تأمل الضعف في :
1- (لم يكن شيئاً) هو عدمٌ أوجدته (نا) العظمة في (إنا خلقنا) .
2- (من نطفة) (أمشاج) خليط من ماء الزوجين مع الدم .
3- (نبتليه) هناك ابتلاء وبلوى تنتظره لم يُخير في وقوعها ولا في زمانها ومكانها وحالها .
أما القوة ففي :
(سميعاً بصيرا) ، (هديناه السبيل) وضحنا له الطريق ورزقناه ما يستعين به على سلوكه .
بقي هل يستثمر جوانب قوته وينكسر لخالقه اعترافاً بضعفه ، أم يعمى فيتكبر ؟
(إما شاكرا وإما كفورا)
وخُتمت السورة بنفس المعنى ،
تأكيد اجتماع الضعف والقوة في الإنسان ، لكنّ قوته طارئةٌ موهوبةٌ ،
للعبد مشيئة (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)
لكنها تابعة لا مستقلة (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)
الركيزة الثانية : حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية
تأمل كيف انتقلت السورة من بيان أدوات القدرة
(فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ)
إلى الغاية التي سيبلغها :
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا)
واستمر هذا في السورة ،
حتى استوفت هذه الركيزة أكثر من نصف آياتها (16) آية من بين (31) :
(فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)
وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)
وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15)
قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)
وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)
عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)
وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا)
لا بد من وضوح الغاية التي ترومها تماماً كالشمس كاشِحَة فكل ما قبلها يُبنى عليها
فمن أين تبدأ ؟ وأي الوسائل لك أنجع ؟ وما الأساليب التي بك أرفق ؟
وما مراحل "السبيل" ؟ وما هو لازم كل مرحلة ؟ وما العوائق المحتملة ؟
وغيرها كثير ،،
كل ذلك لن تستطيع جوابه حتى تعقد العزائم على غاية تركض وتمشي وتزحف إليها ،
وبين الناس من تفاوت الهمم في تحديد الغايات ما لا ينقضي العجب منه
فنفوس سمت فتعلقت بالعرش وأخرى غُمست في أُتون الحُش
فمن جعل غايته داراً كأسها (كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا) فسيصل إليها بأسباب ووسائل ،
ومن جعل مرامه (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) فهيهات لن يصل إليها بمجرد تلك الوسائل .
ولذا تبقى النهاية (الغاية) دوماً هي الأهم
فالبداية هي في تحديد النهاية ، وبعد هذا تأتي تبعاً كل تفاصيل حياة "الإنسان"
من كتابة الشيخ عصام العويد فى ملتقى اهل التفسير