ناطق العبيدي
Well-Known Member
- إنضم
- 16 نوفمبر 2013
- المشاركات
- 5,189
- مستوى التفاعل
- 1,631
- النقاط
- 113
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أمثال القرأن الكريم: قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]
المقطع الأول من هذه الآية أن البشر كما تعلمون لهم تقسيمات لا تعد ولا تحصى، ولكن البشر عند الله قسمان لا ثالث لهما؛ مؤمن وكافر، مستقيم ومنحرف، مقبل ومدبر، محسن ومسيء، سماها بعض الفلسفة الأثنينية، في الحياة خير وشر، وحق وباطل، وخلق وسوء خلق، في حياتنا دائماً شيئان متناقضان.
لذلك أنت كائن متحرك، ما الذي يحركك؟ حاجات أودعها الله فيك، أنت بحاجة إلى الطعام والشراب إذاً تتحرك، بحاجة إلى الشق الآخر، إلى زوجة، والزوجة إلى زوج، إذاً يتحرك ليتزوج، بحاجة إلى تأكيد الذات يسعى ليتفوق، لأن عنده حاجات ثلاثة، حاجة إلى الطعام والشراب، حاجة إلى الطرف الآخر، حاجة إلى تأكيد الذات، هو كائن متحرك، هنا المشكلة، هذه الحركة إما أن تأتي وفق منهج الله، فأنت مؤمن، وأنت الناجح والفالح، وأنت من أهل الجنة، وإذا جاءت هذه الحركة بخلاف منهج الله فهذا هو الكافر، والمشرك، والفاسق، والمنحرف، والهالك في الدنيا والآخرة، القضية فيها حالتان متناقضتان، مؤمن وغير مؤمن، سعيد وشقي، موفق وغير موفق، متصل ومنقطع، أخلاقي ولا أخلاقي، صاحب مبدأ وصاحب مصلحة، هذه الأثنينية.
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله ونوعه :
الكافر إذا تحرك حركته استيقظ صباحاً، انطلق إلى عمله، حركته قد يتوهمها أنه يحقق إنجازاً كبيراً لكن خالق الأكوان يقول لنا: حركته تشبه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والعملية معقدة جداً في شرحها العلمي، إنسان يمشي في وقت حار جداً في الصحراء، ليس فيها قطرة ماء انعكاس الأضواء على الأرض قد يشكل ما يوهم أنه ماء، فدائماً غير المؤمن الكافر يظن أنه يقدم إنجازاً كبيراً، هذا الإنجاز لا وزن له يوم القيامة، والدليل:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾
[ سورة الفرقان الآية : 23 ]
ليس له وزن أحياناً، يكون العمل سيئاً، عمل فيه إفساد، فيه إضلال، فيه استغلال، فيه تعذيب لصنف من البشر، فيه حرمان لقسم من البشر، وأحياناً العمل ظاهره جيد لكن وراءه نوايا سيئة، أي إحباط العمل بإحدى حالتين؛ إما أن يكون العمل في الأصل ساقطاً، عمل محبط، أو أن يكون عملاً حسناً في ظاهره لكن ينطوي على نوايا لا ترضي الله عز وجل، فأنت حجمك عند الله بحجم عملك، ونوع عملك، قال تعالى:
﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾
[ سورة الأنعام: 132 ]
كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله :
أيها الأخوة الكرام، الأمر بالضبط، طريق سمّه إن شئت الطريق إلى الله، غير المستقيم في هذا الطريق عقبات كؤود تحول بينه وبين متابعة السير على هذا الطريق، كل معصية عقبة كؤود، أنت راكب سيارة، أمامك طريق، عرضه أربعة أمتار، فيه صخرة عرضها أربعة أمتار، ارتفاعها أربعة أمتار، هل تستطيع أن تمشي؟ هذه عقبة كؤود، ما هي الاستقامة؟ هي أن تزيح هذه العقبات من هذا الطريق إلى الله، كان هناك كذب تركت الكذب، كان هناك علاقة لا ترضي الله مع النساء تركتها، كان هناك كسب مال حرام تركته، فكل معصية هي عقبة كؤود في السير إلى الله، لذلك أيها الأخوة لو إنسان توقف وصلى، وقرأ الفاتحة، وقرأ سورة، وركع، وسجد، إذا كان عنده مخالفات كبيرة، عنده مال حرام، عنده حرام من نوع آخر، هذه تمنعه أن يتصل بالله، يستطيع أن يصلي أما أن يتصل بالله فلا يستطيع، لذلك كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله.
العمل الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله عز وجل :
الآن تصور إنساناً أزال كل هذه العقبات، ماله حلال، بيته إسلامي، زوجته محجبة، مثلاً دخله صحيح، عمله متقن، أي استقام والاستقامة بشكل أو بآخر سلبية، أي أثناء بيعه وشرائه ما كذب، ما: حرف ناف، ما غش ، ما احتال، هذه الاستقامة تحقق له السلامة فقط، لكن صدقوا ولا أبالغ وأنا أعني ما أقول، السلامة وحدها ليست مسعدة لأنها امتناع، ما كذبت ما عندك مشكلة، ما غشيت ما عندك مشكلة، ما أكلت مالاً حراماً ما عندك مشكلة، ما طلقت زوجتك طلاقاً تعسفياً ما عندك مشكلة، أنت مستقيم لكن السلامة شيء والسعادة شيء آخر، السلامة أساسها الامتناع عن أي معصية، أما السعادة أساسها التقرب إلى الله بالعمل الصالح، لذلك نحن نستخدم دائماً في الحديث عن العمل كلمتين، الاستقامة والعمل الصالح، الاستقامة الامتناع عن كل معصية أي أنت أزلت جميع العقبات بالطريق إلى الله صار الطريق فارغاً من أي عقبة وسالكاً، العمل الصالح هو الحركة على هذا الطريق:
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
[ سورة فاطر: 10]
وبالنهاية لك عمل إجمالي، هذا العمل إما أنه في مرضاة الله أو في سخط الله، عملك الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله، والعمل السيئ أحد أكبر الأسباب في الابتعاد عن الله:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
[ سورة النور: 39 ]
يقول لك: عملنا أوبرا نحن لا يوجد عندنا أوبرا، هناك أعمال تسمى حضارية ممكن لكن كوزن في الآخرة لا وزن لها، هناك أعمال لا تعد ولا تحصى يمكن أن تسمى في مقياس العصر عملاً حضارياً، أما في ميزان الآخرة فلا وزن لها إطلاقاً، العالم كله اعتنق ديناً جديداً هو دين الكرة، أنت تعمق ما الذي حدث؟ البطولة الأولى هل حلّ مشكلة الفقر؟ هل وحد الأمة؟ .
لو حللت الكرة تحليلاً عميقاً العالم كله في الخمس قارات يقوم ولا يقعد، يختل توازنه على إدخال الكرة بمكان، هناك صورة لزعيم أوربي كبير جداً عندما دخلت الكرة توقف وقام من مقعده وأصبح كأنه طفل، معقول!! هناك أعمال بمقياس القيامة ليس لها وزن إطلاقاً، في الدنيا بطولات، وكؤوس، وجوائز، فالبطولة أن تقيس العمل بميزان الآخرة.
تطابق مقاييس المؤمن في تقييم الأشياء مع مقاييس القرآن الكريم :
بالمناسبة المؤمن مقاييسه في تقييم الأشياء متطابقة مع مقياس القرآن الكريم، من هذه المقاييس:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب: 71 ]
بصراحة مقاييس أهل الدنيا، اشترى أرضاً تضاعف سعرها مئتي ضعف، صار فوق الريح بتعبير آخر بيته في الجنة ـ قبَرَ الفقر ـ مقياس مادي فقط، أو إنسان استطاع أن يكون وكيلاً لشركة وكالة حصرية، وعليها طلب شديد، وهو وكيل حصري، والبيع بشكل مخيف، والأرباح تتراكم، تجد مقياسه إما نجاحه بعمل تجاري أو صناعي، أنا أسميه نجاحاً، لكن النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً، انتبه الفلاح هو النجاح في الآخرة:
﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 157 ]
النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً فالفلاح هو النجاح في الآخرة :
النجاح قد تنجح في الدنيا والنجاح في الدنيا لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، أي إذا نجحت مع الله في معرفته، وفي طاعته، وفي الإقبال عليه، ونجحت في بيتك، أب ناجح، زوج ناجح، إن كنت أنثى؛ أم ناجحة، زوجة ناجحة، نجحت مع الله في معرفته، وطاعته، وعبادته، ونجحت مع أهلك وأولادك، ونجحت في عملك، ونجحت في صحتك، مجموع هذه البنود الأربع، تسميك ناجحاً هذا النجاح شمولي، لذلك البطولة بالفلاح، نجاح في الدنيا والآخرة:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]
مثل المال في بداية الحياة شيء نفيس جداً، في منتصف الحياة شيء ولكن ليس كل شيء، وهو على فراش الموت ليس شيئاً، الشيء الحقيقي طاعتك لله، من هو الفالح؟
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[ سورة آل عمران: 185 ]
(( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه))
[ ورد في الأثر ]
نجاح الإنسان مع الله أصل كل نجاح :
أيها الأخوة الكرام، بطولتنا جميعاً في أن ننجح مع الله، وهو أصل كل نجاح، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في بيتك كزوج، وكأب، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في عملك، عندك مبادئ وقيم، وفي الأعمّ الأغلب إذا نجحت مع الله نجحت في صحتك، قواعد الشرع تحدد لك طريقة الطعام والشراب، والنوم والحركة في الحياة، فلذلك النجاح محقق، والإخفاق متعب جداً، ومؤلم، والنجاح أساسه طاعة الله.
مرة ثانية: نجاحك مع الله أصل كل نجاح، يأتي بعده نجاحك في بيتك، نجاحك في عملك، نجاحك في صحتك، وفي لقاء آخر نتابع هذه الآية .
والحمد لله رب العالمين
جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل
محمد النابلسي
والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين
أمثال القرأن الكريم: قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]
المقطع الأول من هذه الآية أن البشر كما تعلمون لهم تقسيمات لا تعد ولا تحصى، ولكن البشر عند الله قسمان لا ثالث لهما؛ مؤمن وكافر، مستقيم ومنحرف، مقبل ومدبر، محسن ومسيء، سماها بعض الفلسفة الأثنينية، في الحياة خير وشر، وحق وباطل، وخلق وسوء خلق، في حياتنا دائماً شيئان متناقضان.
لذلك أنت كائن متحرك، ما الذي يحركك؟ حاجات أودعها الله فيك، أنت بحاجة إلى الطعام والشراب إذاً تتحرك، بحاجة إلى الشق الآخر، إلى زوجة، والزوجة إلى زوج، إذاً يتحرك ليتزوج، بحاجة إلى تأكيد الذات يسعى ليتفوق، لأن عنده حاجات ثلاثة، حاجة إلى الطعام والشراب، حاجة إلى الطرف الآخر، حاجة إلى تأكيد الذات، هو كائن متحرك، هنا المشكلة، هذه الحركة إما أن تأتي وفق منهج الله، فأنت مؤمن، وأنت الناجح والفالح، وأنت من أهل الجنة، وإذا جاءت هذه الحركة بخلاف منهج الله فهذا هو الكافر، والمشرك، والفاسق، والمنحرف، والهالك في الدنيا والآخرة، القضية فيها حالتان متناقضتان، مؤمن وغير مؤمن، سعيد وشقي، موفق وغير موفق، متصل ومنقطع، أخلاقي ولا أخلاقي، صاحب مبدأ وصاحب مصلحة، هذه الأثنينية.
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله ونوعه :
الكافر إذا تحرك حركته استيقظ صباحاً، انطلق إلى عمله، حركته قد يتوهمها أنه يحقق إنجازاً كبيراً لكن خالق الأكوان يقول لنا: حركته تشبه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والعملية معقدة جداً في شرحها العلمي، إنسان يمشي في وقت حار جداً في الصحراء، ليس فيها قطرة ماء انعكاس الأضواء على الأرض قد يشكل ما يوهم أنه ماء، فدائماً غير المؤمن الكافر يظن أنه يقدم إنجازاً كبيراً، هذا الإنجاز لا وزن له يوم القيامة، والدليل:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾
[ سورة الفرقان الآية : 23 ]
ليس له وزن أحياناً، يكون العمل سيئاً، عمل فيه إفساد، فيه إضلال، فيه استغلال، فيه تعذيب لصنف من البشر، فيه حرمان لقسم من البشر، وأحياناً العمل ظاهره جيد لكن وراءه نوايا سيئة، أي إحباط العمل بإحدى حالتين؛ إما أن يكون العمل في الأصل ساقطاً، عمل محبط، أو أن يكون عملاً حسناً في ظاهره لكن ينطوي على نوايا لا ترضي الله عز وجل، فأنت حجمك عند الله بحجم عملك، ونوع عملك، قال تعالى:
﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾
[ سورة الأنعام: 132 ]
كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله :
أيها الأخوة الكرام، الأمر بالضبط، طريق سمّه إن شئت الطريق إلى الله، غير المستقيم في هذا الطريق عقبات كؤود تحول بينه وبين متابعة السير على هذا الطريق، كل معصية عقبة كؤود، أنت راكب سيارة، أمامك طريق، عرضه أربعة أمتار، فيه صخرة عرضها أربعة أمتار، ارتفاعها أربعة أمتار، هل تستطيع أن تمشي؟ هذه عقبة كؤود، ما هي الاستقامة؟ هي أن تزيح هذه العقبات من هذا الطريق إلى الله، كان هناك كذب تركت الكذب، كان هناك علاقة لا ترضي الله مع النساء تركتها، كان هناك كسب مال حرام تركته، فكل معصية هي عقبة كؤود في السير إلى الله، لذلك أيها الأخوة لو إنسان توقف وصلى، وقرأ الفاتحة، وقرأ سورة، وركع، وسجد، إذا كان عنده مخالفات كبيرة، عنده مال حرام، عنده حرام من نوع آخر، هذه تمنعه أن يتصل بالله، يستطيع أن يصلي أما أن يتصل بالله فلا يستطيع، لذلك كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله.
العمل الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله عز وجل :
الآن تصور إنساناً أزال كل هذه العقبات، ماله حلال، بيته إسلامي، زوجته محجبة، مثلاً دخله صحيح، عمله متقن، أي استقام والاستقامة بشكل أو بآخر سلبية، أي أثناء بيعه وشرائه ما كذب، ما: حرف ناف، ما غش ، ما احتال، هذه الاستقامة تحقق له السلامة فقط، لكن صدقوا ولا أبالغ وأنا أعني ما أقول، السلامة وحدها ليست مسعدة لأنها امتناع، ما كذبت ما عندك مشكلة، ما غشيت ما عندك مشكلة، ما أكلت مالاً حراماً ما عندك مشكلة، ما طلقت زوجتك طلاقاً تعسفياً ما عندك مشكلة، أنت مستقيم لكن السلامة شيء والسعادة شيء آخر، السلامة أساسها الامتناع عن أي معصية، أما السعادة أساسها التقرب إلى الله بالعمل الصالح، لذلك نحن نستخدم دائماً في الحديث عن العمل كلمتين، الاستقامة والعمل الصالح، الاستقامة الامتناع عن كل معصية أي أنت أزلت جميع العقبات بالطريق إلى الله صار الطريق فارغاً من أي عقبة وسالكاً، العمل الصالح هو الحركة على هذا الطريق:
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
[ سورة فاطر: 10]
وبالنهاية لك عمل إجمالي، هذا العمل إما أنه في مرضاة الله أو في سخط الله، عملك الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله، والعمل السيئ أحد أكبر الأسباب في الابتعاد عن الله:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
[ سورة النور: 39 ]
يقول لك: عملنا أوبرا نحن لا يوجد عندنا أوبرا، هناك أعمال تسمى حضارية ممكن لكن كوزن في الآخرة لا وزن لها، هناك أعمال لا تعد ولا تحصى يمكن أن تسمى في مقياس العصر عملاً حضارياً، أما في ميزان الآخرة فلا وزن لها إطلاقاً، العالم كله اعتنق ديناً جديداً هو دين الكرة، أنت تعمق ما الذي حدث؟ البطولة الأولى هل حلّ مشكلة الفقر؟ هل وحد الأمة؟ .
لو حللت الكرة تحليلاً عميقاً العالم كله في الخمس قارات يقوم ولا يقعد، يختل توازنه على إدخال الكرة بمكان، هناك صورة لزعيم أوربي كبير جداً عندما دخلت الكرة توقف وقام من مقعده وأصبح كأنه طفل، معقول!! هناك أعمال بمقياس القيامة ليس لها وزن إطلاقاً، في الدنيا بطولات، وكؤوس، وجوائز، فالبطولة أن تقيس العمل بميزان الآخرة.
تطابق مقاييس المؤمن في تقييم الأشياء مع مقاييس القرآن الكريم :
بالمناسبة المؤمن مقاييسه في تقييم الأشياء متطابقة مع مقياس القرآن الكريم، من هذه المقاييس:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب: 71 ]
بصراحة مقاييس أهل الدنيا، اشترى أرضاً تضاعف سعرها مئتي ضعف، صار فوق الريح بتعبير آخر بيته في الجنة ـ قبَرَ الفقر ـ مقياس مادي فقط، أو إنسان استطاع أن يكون وكيلاً لشركة وكالة حصرية، وعليها طلب شديد، وهو وكيل حصري، والبيع بشكل مخيف، والأرباح تتراكم، تجد مقياسه إما نجاحه بعمل تجاري أو صناعي، أنا أسميه نجاحاً، لكن النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً، انتبه الفلاح هو النجاح في الآخرة:
﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 157 ]
النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً فالفلاح هو النجاح في الآخرة :
النجاح قد تنجح في الدنيا والنجاح في الدنيا لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، أي إذا نجحت مع الله في معرفته، وفي طاعته، وفي الإقبال عليه، ونجحت في بيتك، أب ناجح، زوج ناجح، إن كنت أنثى؛ أم ناجحة، زوجة ناجحة، نجحت مع الله في معرفته، وطاعته، وعبادته، ونجحت مع أهلك وأولادك، ونجحت في عملك، ونجحت في صحتك، مجموع هذه البنود الأربع، تسميك ناجحاً هذا النجاح شمولي، لذلك البطولة بالفلاح، نجاح في الدنيا والآخرة:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]
مثل المال في بداية الحياة شيء نفيس جداً، في منتصف الحياة شيء ولكن ليس كل شيء، وهو على فراش الموت ليس شيئاً، الشيء الحقيقي طاعتك لله، من هو الفالح؟
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[ سورة آل عمران: 185 ]
(( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه))
[ ورد في الأثر ]
نجاح الإنسان مع الله أصل كل نجاح :
أيها الأخوة الكرام، بطولتنا جميعاً في أن ننجح مع الله، وهو أصل كل نجاح، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في بيتك كزوج، وكأب، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في عملك، عندك مبادئ وقيم، وفي الأعمّ الأغلب إذا نجحت مع الله نجحت في صحتك، قواعد الشرع تحدد لك طريقة الطعام والشراب، والنوم والحركة في الحياة، فلذلك النجاح محقق، والإخفاق متعب جداً، ومؤلم، والنجاح أساسه طاعة الله.
مرة ثانية: نجاحك مع الله أصل كل نجاح، يأتي بعده نجاحك في بيتك، نجاحك في عملك، نجاحك في صحتك، وفي لقاء آخر نتابع هذه الآية .
والحمد لله رب العالمين
جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل
محمد النابلسي
والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين