الطائر الحر
Well-Known Member
اللجوء إلى الطاقات النظيفة لتشغيل محطات تحلية مياه البحر سيكون البديل الأنجع لأنه أقل تكلفة (غيتي)
أفاد تقرير جديد حول إشكالية الماء في الوطن العربي بأن تحلية مياه البحر تبدو بديلا جيدا لمواجهة أزمة المياه التي ستزداد حدة خلال السنوات القادمة، بشرط الاعتماد على الطاقة الشمسية النظيفة التي بدأت كلفتها تنخفض، فضلا عن أنها صديقة للبيئة.
وتواجه حكومات الدول العربية تحديا كبيرا من أجل توفير المياه لسكانها الذين يشكلون 6.3% من مجموع سكان العالم لكنهم لا يصلون إلا إلى 1% من المياه المتوفرة على سطح كوكبنا.
ويحظى المواطن العربي بما مقداره 500 متر مكعب من الماء سنويا، في حين يصل المعدل العالمي المطلوب -حسب الأمم المتحدة- إلى ألف متر مكعب، وهو بالتالي فارق كبير جدا، مما اضطر العديد من الدول العربية إلى الاستعانة بالتحلية أو الضخ من المياه الجوفية لمعالجة الوضع.
تحلية المياه في العالم العربي
وبحسب التقرير، الذي أصدرته منظمة "كونراد أديناور شتيفتونغ" (Shtiftung Konrad Adenauer) يوم 12 يناير/كانون الثاني الجاري تحت عنوان "التحلية بديلا لاحتواء أزمة ندرة ومواجهة التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، فإن تقنية تحلية مياه البحر لجأت إليها بعض الدول العربية خلال 40 سنة المنصرمة كخيار حتمي لمواجهة ندرة المياه.
لكن هذا الخيار لم يعرف توسعا كبيرا إلا في بعض الدول القادرة على تغطية الكلفة العالية لتسيير هذه المنشآت مثل قطر والكويت، اللتين أصبحتا توفران مياه الشرب والمياه الموجهة للصناعة بنسبة 100%، وأيضا السعودية والإمارات وعمان (60%).
والملاحظ، حسب التقرير، أن دول الخليج العربي قطعت مشوارا كبيرا في هذا المجال، وهي تتقدم فيه جيدا لأن لها القدرة على استعمال التكنولوجيات الحديثة التي ترتكز على الطاقات النظيفة.
وخارج منطقة الخليج، تسعى العديد من الدول العربية إلى توطين هذه التقنية ولو بخطى بطيئة، ففي قطاع غزة على سبيل المثال، يتزود 14% من السكان الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة من مياه التحلية بفضل مشروع كبير من تمويل الاتحاد الأوروبي.
وفي الجزائر، تراهن وزارة المياه كثيرا على هذا الخيار، وقد أصبحت منشآت تحلية مياه البحر تغطي حوالي 17% من احتياجات السكان للماء، وهي القدرات التي ما زالت مرشحة للزيادة خلال السنوات القادمة بفضل المشاريع التي هي في طور الإنجاز. لكن الإشكالية التي كانت تواجه الكثير من الدول العربية هي كلفة التحلية التي تساوي حوالي 3 أضعاف كلفة ضخ وتصفية المياه الجوفية.
لجأت بعض الدول العربية لتحلية المياه بوصفه خيارا حتميا لمواجهة ندرة عصب الحياة (غيتي)
الطاقة الشمسية وتكوين الكوادر
ويعتقد معدو هذا التقرير -الذي أشرف عليه مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لبحوث تحلية المياه الدكتور جواد الخراز- أن اللجوء إلى الطاقات النظيفة لتشغيل محطات تحلية مياه البحر سيكون البديل الأنجع لأنه أقل تكلفة وأضراره على البيئة خفيفة.
وقال الخراز في تصريح عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت "ندعو الدول العربية إلى التوجه إلى الطاقات البديلة في إقامة محطات تحلية مياه البحر مقابل التركيز على تكوين الإطر العربية في هذا الاختصاص وتأهيلها، لأننا نتوقع زيادة في عدد محطات تحلية مياه البحر، والمطلوب من الحكومات العربية هو مواكبة هذا التوجه".
كما أثار مشكلة التبعية التكنولوجية في هذا المجال، حيث دعا إلى ضرورة توطين التكنولوجيا، وقال "نحن بحاجة إلى توطين التكنولوجيا في المجال، إذ لا يعقل أنه بعد 50 أو 60 عاما مرت عن انطلاق مشاريع التحلية ما زلنا نستورد كل شيء، وهذا غير مقبول".
ومن أجل دعم التعاون العربي في هذا المجال، دعا الخراز إلى إنشاء مرصد عربي للتحلية يكون دوره التنسيق في تبادل المعلومات والخبرات، لأن كل دولة لها تراكم من الخبرات وتشاركها مع باقي البلدان العربية، كما "يمكن لهذا المرصد أن يضطلع بمهام التدريب وتأهيل الكوادر".