حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ
لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
ﺗﻔﺴﯿر ﺳورة اﻟﻜهف - اﻵﯾﺔ: 93
ﺍﻟﺴﺩ: ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎﺠﺯ ﺒﻴﻥ ﺸﻴﺌﻴﻥ، ﻭﺍﻟﺤﺎﺠﺯ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥﺃﻤﺭﺍ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎ، ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ
ﻁﺒﻴﻌﻴﺎﻤﺤﺴﻭﺴﺎ ﻜﺎﻟﺠﺒﺎل، ﻓﺎﻟﻤﺭﺍﺩ
ﺒﺎﻟﺴﺩﻴﻥ ﻫﻨﺎ ﺠﺒﻼﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﺠﻭﺓ، ﻭﻤﺎﺩﺍﻡ ﻗﺩ ﻗﺎل:
(ﺒﻴﻥﺍﻟﺴﺩﻴﻥ) ﻓﺎﻟﺒﻴﻥ ﻫﻨﺎ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﻓﺠﻭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﺩﻴﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺩﻭ.
{ﻭﺠﺩ ﻤﻥ ﺩﻭﻨﻬﻤﺎ .. }
ﺃﻱ: ﺘﺤﺘﻬﻤﺎ.
{ﻗﻭﻤﺎ ﻻ ﻴﻜﺎﺩﻭﻥ ﻴﻔﻘﻬﻭﻥ ﻗﻭﻻ "}
ﺃﻱ: ﻻ ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻻ ﻴﻔﻘﻬﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭل؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺫﻱﻴﻘﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻡ ﻴﻘﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﺘﻜﻠﻡ،
ﻭﻫﺅﻻﺀﻻ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﻜﻼﻤﺎ، ﻭﻻ ﻴﻔﻬﻤﻭﻥ ﻤﺎ ﻴﻘﺎل ﻟﻬﻡ، ﻭﻤﻌﻨﻰ:
{ﻻ ﻴﻜﺎﺩﻭﻥ .. }
ﻻ ﻴﻘﺭﺒﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻤﻭﺍ، ﻓﻼ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻨﻬﻡ ﺍﻟﻔﻬﻡ، ﺒل ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻬﻡ، ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻻ
ﺃﻤل ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻤﻬﻡ. ﻟﻜﻥ، ﻴﻜﻑ ﻨﻔﻰ ﻋﻨﻬﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﺜﻡ ﻗﺎل ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ:
{ﻗﺎﻟﻭﺍ ﻴﺎ ﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﻨﻴﻥ .. }
ﻓﺄﺜﺒﺕ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻘﻭل؟
ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﺨﺎﻁﺒﻬﻡ ﺒﻠﻐﺔ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ، ﻭﺍﺤﺘﺎل ﻋﻠﻰ ﺃﻥﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺎﺘﻬﻡ ﻜﻼﻤﺎ ﻴﻔﻬﻤﻪ ﻭﻴﻨﻔﺫ
ﻟﻬﻡ ﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ، ﻭﻻﺸﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﺤﺘﺎﺠﺕ ﻤﻨﻪﺠﻬﺩﺍ ﻭﺼﺒﺭﺍ, ﺤﺘﻰ ﻴﻔﻬﻤﻬﻡ
ﻭﻴﻔﻬﻡ ﻤﻨﻬﻡ، ﻭﺇﻻ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺴﻌﻪ ﺃﻥ ﻴﻨﺼﺭﻑ ﻋﻨﻬﻡﺒﺤﺠﺔ
ﺃﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﺘﻜﻠﻤﻭﻥ ﻭﻻ ﻴﺘﻔﺎﻫﻤﻭﻥ. ﻓﻬﻭ ﻤﺜﺎل ﻟﻠﺭﺠل ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺹ ﻋﻠﻰ ﻋﻤل ﺍﻟﺨﻴﺭ،
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺄﻟﻭ ﺠﻬﺩﺍ ﻓﻲ ﻨﻔﻊ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﻭﻫﺩﺍﻴﺘﻬﻡ.
ﻭﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻵﻥ ﻟﻐﺔ ﻤﺸﻬﻭﺭﺓ ﻭﻤﻌﺭﻭﻓﺔ، ﻭﻟﻬﺎﻗﻭﺍﻋﺩ ﻭﺩﺍﺭﺴﻭﻥ ﻴﺘﻔﺎﻫﻤﻭﻥ
ﺒﻬﺎ، ﻜﻤﺎ ﻨﺘﻔﺎﻫﻡ ﻨﺤﻥ ﺍﻵﻥ ﻤﻊ ﺍﻷﺨﺭﺱ.
ﺗﻔﺴﯿﺮﺳﻮرة اﻟﻜﮭﻒ - اﻵﯾﺔ: 94
ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﺒﺎﻟﻘﻭل ﻫﻨﺎ: ﺩﻻﻟﺔ ﻤﻌﺒﺭﺓ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻘﻭل، ﻓﻼﺒﺩ ﺃﻨﻬﻡ ﺘﻌﺎﺭﻓﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ
ﻜﺎﻹﺸﺎﺭﺓ ﻤﺜﻼ ﻴﺘﻔﺎﻫﻤﻭﻥ ﺒﻪ.
ﻭﻴﺄﺠﻭﺝ ﻭﻤﺄﺠﻭﺝ ﻗﻭﻡ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﺴﺩﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺒﻠﻴﻥ، ﻴﻨﻔﺫﻭﻥﺇﻟﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺠﻭﺓ،
ﻓﻴﺅﺫﻭﻨﻬﻡ ﻭﻴﻌﺘﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻡ؛ ﻟﺫﻟﻙ
ﻋﺭﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻭﺍ ﻟﻪ (ﺨﺭﺠﺎً) ﺃﻱ: ﺃﺠﺭﺍً ﻭﺨﺭﺍﺠﺎً ﻴﺩﻓﻌﻭﻨﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﺴﺩ
ﻟﻬﻡﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺠﻭﺓ، ﻓﻼ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﺃﻋﺩﺍﺅﻫﻡ
