Al_Ramadi Angel
:: ضيف شرف ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2012
- المشاركات
- 900
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
- الإقامة
- العراق / الرمادي
- الموقع الالكتروني
- www.sunnti.com
جوانب من سيرة الإمام مالك - رحمه الله -
الشيخ : عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
نشأ الإمام مالك في بيت علم ودين، فكان أبوه من رواة الحديث، وكان جده لأبيه من كبار التابعين، كما أن جد أبيه صحابي جليل، وكانت أمه من خيار الأمهات، ولذا اجتهدت في حثه على تحصيل العلم الشرعي، ووصيته بالتعبد والسمت الحسن.
يقول مالك ((قلت لأمي أذهب فأكتب العلم؟ فقالت: تعال فالبس ثياب العلم، فألبستني ثيابا مشمرة وعمَّمتني، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن، وقال مالك: كانت أمي تُعممني وتقول لي اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه)).
لقد قدّمت هذه الأمّ المباركة والتي نجهل اسمها وسيرتها إماماً كبيراً من أئمة الإسلام، حيث يأتي إليه الرجال في المدينة النبوية، وانتفع أهل الإسلام بعلمه وأدبه ومؤلفاته في القديم والحديث، لقد كان الإمام مالك حسنة من حسناتها، فما أعظم بركة هذه الأم على أمة الإسلام، فالدال على الخير كفاعله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
كان لهذه النشأة الصالحة أكبر الأثر في اهتمام الإمام مالك بتربية الأولاد من البنين والبنات. ولاغرو في هذا الاهتمام، فقد شاهد الإمام مالك عناية السلف الصالح بأولادهم والسعي إلى استصلاحهم من خلال الارتباط بالقدوات ومحبتهم،
فكان مالك - رحمه الله - يقول: كان السلف يعلمون أولادهم حبّ الشيخين كما يعلمونهم السورة من القرآن.
إنَّ الاعتناء بالقدوات من المعالم التربوية الغائبة في حياتنا الحاضرة، ولذا كانت أجيالنا ذكورًا وإناثاً- تتعلق بالتافهين والهابطين من أهل اللعب والطرب والرقص.
فلو أبرزت سير الرعيل الأول في البرامج التعليمية والإعلامية ما كان لتلك الأجيال أن تعشق أرباب الكرة والعزف والمجون ويؤكد الإمام مالك على أهمية تربية الأولاد وتأديبهم فيقول: - ((ينبغي للرجل أن يؤدب أهله وولده، ومن يجب عليه فرضه، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فأدّب أهلك أو من وليت أمره على أدبك وخلقك حتى يتأدبوا على الذي أنت عليه ليكونوا عوناً لك على طاعة الله))
ولم يقتصر الإمام مالك على هذا التنظير، بل اتبعه وكعادة السلف الصالح- بالعمل والتطبيق فكان ابنه يحي يحفظ "الموطأ"، كما كان لمالك ابنة تحفظ الموطأ-أيضاً- وكانت تقف خلف الباب، فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيردّ عليه.
ومع ذلك كله فقد ابتلى الإمام مالك بابن اشتغل باللهو و العبث، فكان مالك يعزي نفسه بهذه الجملة الرائعة فيقول: ((الأدب أدب الله لا أدب الأباء والأمهات، والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات)).
وقد أحسن القرطبي لما ساق هذا الأثر عند تفسيره لقوله تعالى ( وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) فقال: ((في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم إن كانوا صالحين)) .
ومن الجوانب الاجتماعية في هذه السيرة العطرة أن مالكاً - رحمه الله - ذو حشمة وتجمل، ودار فاخرة، وكان يلبس الثياب الجياد، ويتطيب بطيب جيد، ويقول: ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا ويرى أثر نعمته عليه و خاصة أهل العلم .
وأما عن سيرة الإمام مالك في منزله فقد كان صاحب عبادة دائمة، وكان أحسن الناس خلقاً مع أهل بيته، قيل لأخت مالك بن أنس: ماكان شغل مالك بن أنس في بيته؟ قالت: المصحف والتلاوة .
وكان الإمام مالك أحسن الناس خلقاً، ويقول: في ذلك مرضاة لربك، ومثراة في مالك، ومنسأة في أجلك ، وقد بلغني ذلك عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
رحم الله مالكاً فقد كان إماماً محققاً في العلم، وعابداً مخبتاً كما كان إمامً مربياً والله المستعان