ابو مناف البصري
المالكي
*جواهر عَلَويَّةٌ*
رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: *"تَوَقُّعُ الفَرَجِ إِحْدى الرّاحَتَينِ"*
*لا* تمضي حياة الإنسان على منوال واحد من الدعة والراحة والسعادة والرخاء، أو من العناء والتعب والنصب والحزن والهَمِّ والغَمِّ والضيق في العيش، فلقد شاء الله لحياة الإنسان أن تتوارد عليها الأحزان والأفراح، والضيق والسعة، والتعب والراحة، لأن الأمور تعرف بأضدادها فلا يتذوق الإنسان طعم الراحة إلا إذا ذاق عناء التعب، ولا يتذوق طعم السعادة إلا إذا ذاق طعم الحزن، ولا يعرف الإنسان قيمة السَّعَة إلا إذا مَرَّ بالضيق قال تعال: *"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿5﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"﴿6/ الانشراح﴾*. فالعُسر يصاحبه اليسر، بل إن في باطن كل عُسر يُسر. وهذه حقيقة وجودية تؤكد على أن كل الحالات الصعبة في الحياة لا دوام لها، لأنها ليست أصيلة في الوجود، بل هي حالات طارئة عارِضة.
*إن* فهم هذه الحقيقة يدعو الإنسان إلى ألا يتعقّد من كل المشاكل التي تحدث له، ومن كل العسر الذي يحيط به، وألا يستسلم لها أو يتيه ويحتار، أو يسقط وييأس، أو يقنط ويفقد الأمل، بل أن يدرس سنة اللَّه في الكون، فيما أودعه في حركة الحياة والمجتمعات من قوانين وسُنَنٍ، ليرى أن من سُنَنِ الله فيها أن العسر يعقبه اليُسر، وأن مع التعب راحة، وأن بعد الضيق سَعَة، وبعد المرض عافية، وأن الفرج آت لا محالة، وإن التعب ستعقبه الراحة، وإن الحزن ستليه السعادة وإن طال الزمان.
*وعندما* يأتي الفرج ينال الإنسان راحته ويتذوق حلاوتها، فيحمد الله على هذه النعمة التي حلت بداره واستوطنت قلبه. وأشاعت الغبطة في نفسه، فينسى ما كان به من تعب وشقاء وحزن وعناء، وضيق وبلاء، وبأساء وضراء.
*وهناك* راحة أخرى يمكن أن يتلَّمسها المَرءُ وهو يكابد المصاعب والنوازل، ويعاني من الضيق والحرج، وهي تنتج عن توقع الفرج وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله: *"تَوَقُّعُ الفَرَجِ إِحْدى الرّاحَتَينِ"*
ومراد الإمام (ع) أن نفس توقع الفرج يمنح الإنسان راحة وطمأنينة، ويساعده على تجاوز العقبات والمُعَوِّقات، بل يعين الإنسان على ابتكار الحلول الناجعة لمشاكله، لأن من لا يتوقع الفرج سيستسلم لواقعه فيضل أسير مشاكله، فيقنط وييأس، ولا قدرة ليائس على التفكير والإبداع وابتكار الحلول.
*أما* عندما يعلم الإنسان أن العسر لن يدوم، وأن الضيق لن يمكث طويلاً، وأن الحزن لن يستمر، فسيدفعه ذلك إلى الانتفاض على واقعه، وقطع الأغلال التي تغله عن الحركة، ليفكر ويعمل، وينطلق إلى مستقبله ترعاه عناية الله وتمده بالتوفيق والتسديد.
*وعليه* فكلما كنت في محنة عليك أن تتوقع الفرج، وكلما مررت بضيق عليك أن تتوقع الفرج، وكلما عظمت المصاعب فعليك أن تتوقع الفرج، وكلما عصفت بك عواصف الأحزان فعليك أن تتوقع الفرج، وكلما رأيت عسراً فعليك أن تعلم أن اليسر سيليه ويحلّ محله.
✍ *السيد بلال وهبي*
فجر يوم الجمعة الواقع في: 30/6/2023 الساعة (03:39)
رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: *"تَوَقُّعُ الفَرَجِ إِحْدى الرّاحَتَينِ"*
*لا* تمضي حياة الإنسان على منوال واحد من الدعة والراحة والسعادة والرخاء، أو من العناء والتعب والنصب والحزن والهَمِّ والغَمِّ والضيق في العيش، فلقد شاء الله لحياة الإنسان أن تتوارد عليها الأحزان والأفراح، والضيق والسعة، والتعب والراحة، لأن الأمور تعرف بأضدادها فلا يتذوق الإنسان طعم الراحة إلا إذا ذاق عناء التعب، ولا يتذوق طعم السعادة إلا إذا ذاق طعم الحزن، ولا يعرف الإنسان قيمة السَّعَة إلا إذا مَرَّ بالضيق قال تعال: *"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿5﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"﴿6/ الانشراح﴾*. فالعُسر يصاحبه اليسر، بل إن في باطن كل عُسر يُسر. وهذه حقيقة وجودية تؤكد على أن كل الحالات الصعبة في الحياة لا دوام لها، لأنها ليست أصيلة في الوجود، بل هي حالات طارئة عارِضة.
*إن* فهم هذه الحقيقة يدعو الإنسان إلى ألا يتعقّد من كل المشاكل التي تحدث له، ومن كل العسر الذي يحيط به، وألا يستسلم لها أو يتيه ويحتار، أو يسقط وييأس، أو يقنط ويفقد الأمل، بل أن يدرس سنة اللَّه في الكون، فيما أودعه في حركة الحياة والمجتمعات من قوانين وسُنَنٍ، ليرى أن من سُنَنِ الله فيها أن العسر يعقبه اليُسر، وأن مع التعب راحة، وأن بعد الضيق سَعَة، وبعد المرض عافية، وأن الفرج آت لا محالة، وإن التعب ستعقبه الراحة، وإن الحزن ستليه السعادة وإن طال الزمان.
*وعندما* يأتي الفرج ينال الإنسان راحته ويتذوق حلاوتها، فيحمد الله على هذه النعمة التي حلت بداره واستوطنت قلبه. وأشاعت الغبطة في نفسه، فينسى ما كان به من تعب وشقاء وحزن وعناء، وضيق وبلاء، وبأساء وضراء.
*وهناك* راحة أخرى يمكن أن يتلَّمسها المَرءُ وهو يكابد المصاعب والنوازل، ويعاني من الضيق والحرج، وهي تنتج عن توقع الفرج وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله: *"تَوَقُّعُ الفَرَجِ إِحْدى الرّاحَتَينِ"*
ومراد الإمام (ع) أن نفس توقع الفرج يمنح الإنسان راحة وطمأنينة، ويساعده على تجاوز العقبات والمُعَوِّقات، بل يعين الإنسان على ابتكار الحلول الناجعة لمشاكله، لأن من لا يتوقع الفرج سيستسلم لواقعه فيضل أسير مشاكله، فيقنط وييأس، ولا قدرة ليائس على التفكير والإبداع وابتكار الحلول.
*أما* عندما يعلم الإنسان أن العسر لن يدوم، وأن الضيق لن يمكث طويلاً، وأن الحزن لن يستمر، فسيدفعه ذلك إلى الانتفاض على واقعه، وقطع الأغلال التي تغله عن الحركة، ليفكر ويعمل، وينطلق إلى مستقبله ترعاه عناية الله وتمده بالتوفيق والتسديد.
*وعليه* فكلما كنت في محنة عليك أن تتوقع الفرج، وكلما مررت بضيق عليك أن تتوقع الفرج، وكلما عظمت المصاعب فعليك أن تتوقع الفرج، وكلما عصفت بك عواصف الأحزان فعليك أن تتوقع الفرج، وكلما رأيت عسراً فعليك أن تعلم أن اليسر سيليه ويحلّ محله.
✍ *السيد بلال وهبي*
فجر يوم الجمعة الواقع في: 30/6/2023 الساعة (03:39)