ابراهيم امين مؤمن
Well-Known Member
- إنضم
- 2 نوفمبر 2020
- المشاركات
- 63
- مستوى التفاعل
- 24
- النقاط
- 18
حبكة رواية محظورة
خرج حاكم المجرات من مخدعه متكدّر المزاج كالعادة؛ لكنه هذه الساعة بات أشدّ كدراً، فقرر الإفصاح اليوم؛ اليوم فقط،عما كان يضمره منذ الأزل.
وسبب كدره وفراغ قلبه أولئك الذين يطيعونه فى مجرّاته؛ فهم على فئتين: فئة أسماها «السحابيّون» وطاعاتهم له لم تكن عن إرادة منهم؛ بل عن فِطرة فطرهم عليها منذ خلقهم.والفئة الأخرى أطلق عليها اسم «الرّعديّون» وهم كثرة كاثرة، وهؤلاء لم يكونوا أحسن حالاً من الأولى بل أسوا بكثير لأنهم يطيعونه خشية بأسه وقوته، لكنهم للأسف يتصفون بالكِبر والخُيلاء.
والحاكم يعلم جيدًا أنه لولا قدرته على رعاياه لشنّ «الرّعديّون» حروبًا شعواء على «السحابيّون» حتى ينتهوا منهم ثم يعلنون عن دولتهم الوحيدة. فقرر حاكم المجرات أنْ يهلكهم على كبريائهم الذي نهاهم عنه في ناموسه الأكبر؛ فضمَّ إليهما فئة أُطلق عليها اسم «الأرضيّون» بعد أن صبغهم بصفات تُظهر أسماءه وصفاته؛ حيث إنّ قلوبهم قادرة عن إظهار ذلك.كما أن لهذه الصبغة غرض آخر وهو تمكنها من استفزاز مشاعر «الرّعديّون» ؛ ف «الرعديون» قواهم خارقة، بينا «الأرضيون»فضعاف البنية.
واستكمالاً لمشيئته سيظلّ كلُّ منَ «السحابيّون» و «الرّعديّون» على حالهما؛ أى فطرة الطاعة للأولى والإبقاء على صلفهم المنكر في الثانية.
ومن أجل تنفيذ المخطط قرر إرسال «السحابيّون» إليهم دون علم «الرعديون».
وهو أمر طبيعىّ من حاكم المجرات؛ لأن «الرعديون» قلوبهم ملآنة بالكبر والحقد وذلك معزوٌّ إلى قدرتهم الخارقة على التحكم في مقدرات المخلوقات والموجودات.
قال لهم: «أريد «الأرضيون» يدخلون فى مملكتنا الفضائية الزائلة يومًا لأزيل عن نفسي همًا كتمته فى قلبي منذ الأزل.»
قال كبير «السحابيّون»: «سيدى الحاكم، إنهم قوم فوضويّون؛ سفاكون للدماء، حاقدون، رغم أنهم لا شيء، هم هواء، حتى أفتك أسلحتهم التي يتباهون بها لقدرتها اللامتناهية على التدمير بالنسبة لنا ليست أكثر من الدخان الساري في الهواء.»
قال الحاكم:«هم ضِعاف، لكن بعضهم سيطيعوني من خلال إرادة خالصة تنبثق من قلوبهم، أريدهم هنا فى المملكة، سأسيّدهم عليكم وعلى «الرعديون» إذا قبلوا عرضي.»
قالوا: «سمعًا وطاعة.»
ولقد شعر «الرعديون» بشيء مريبٍ إزاء اللقاء الذى جمع بينه وبين «السحابيّون».
وعندما وجدوا «الأرضيون» فى المملكة؛ تأكدوا مِنْ صدق شعورهم، فظلوا في ترقب شديد عما سيسفر عنه لقاء.
وجيء ب «الأرضيون» فى ساحة المُلك، فطرح الحاكم عليهم العرض، فخيرهم بين أمرين: الأول أن يحيوا في المملكة أسيادًا منعمين على الفئتين الأخريين في مقابل طاعته، على أن من يعصي منهم سوف يحرقه، والثاني أن يؤثروا السلامة ولا يأتون المملكة، عندئذٍ يتركهم لحالهم، لا وعد لهم ولا وعيد عليهم.
فتداولوا فيما بينهم، ثُم قالوا : «ما أهون طلبك وأكثر نفعك؛ ملوك على «السّحابيّون» و «الرّعديّون» في مقابل كلمة «سمعًنا وأطعنا»،وأغلال وجحيم في مقابل «سمعنا وعصينا».»
وللأسف جهلوا لما تعجّلوا ولم يدركوا شر أنفسهم؛ فقد قرروا قبول العرض وعاهدوه على الطاعة، وبذلك بات جهلهم أكبر من جهل ظلم وطغيان «الرّعديّون».
وفور قبولهم العرض قال للفئتين الأخريين: «منَ الأن فصاعدًا «الأرضيون» أسيادكم، هم صفوتي، ولقد فضلتهم عليكم، فامتثِلوا لهم طائعين.»
فقال كبير «الرّعديّون» وكان أشدّهم طاعةً بسبب حبّه للبقاء:«ألا تعلم أيّها الحاكم أنّ «الأرضيون» لا شيء؟ أنا أستطيع أن أبيدهم وأقضى عليهم قبل أنْ تقوم من مقامك هذا.»
قال الحاكم:«كنتَ تستطيع، كنتَ، لكن اليوم قد جعلتُ بينك وبينهم حاجزًا، وحصّنتهم من غطرستك وكبريائك..و الآن أطعنِى ولا تعصني، كُنْ أنت وباقى عشيرتك منَ «الرّعديّون» طائعين لهم، عيشوا لهم خدمًا كما امتثل «السّحابيّون» لأمرى.»
قال كبير «الرّعديّون» ثانيةً: «أنا سيدهم ولستُ عبدهم، وسأنتقم منكَ على إستحقاركَ لنا، ولذلك لن أجعلهم يطيعونك، سأصرفهم عن ذلك ما دمتَ سيّدتهم علينا.»
ردّ الحاكم: «وأنا قبلتُ التحدى؛ وسأبقيك حيًا حتى أري ماذا سيواجه «الأرضيون»إغوائك.»
عاش الأرضيّون فى المملكة لا يجوعون أبداً، ولا يشقون، ونجحوا نجاحًا كبيرًا فى طاعته عن حبٍّ؛ وفى انتظار وعده بالرّضوان مدى الحياة فى المملكة.
وذات يوم تسلّل كبير «الرّعديّون» إلى كُبراء «الأرضيون» منهم؛ فزيّن لهم عِصيانه قائلاً: «هذا الحاكم سينكص على عقبيه بعد أنْ يتملّص من وعوده؛ إذن على ماذا تكبتون شهواتكم؟! لماذا تحيوْن عبيدًا له وكنتم أسيادًا على أراضيكم؟!انسلخوا وعيشوا أحرارًا كما كنتم، اسفكوا دماء الضعفاء منكم، وتمتعوا بفروج نسائكم وأدبار رجالكم، وتبادلوا المتع معًا، هيّا، هيّا.»
فأطاعوه ونكصوا عهدهم مع الحاكم؛ فقفزوا على الصغائر منهم والضعفاء فسفكوا دماءهم وسلبوا أموالهم واغتصبوا منهم النساء والرجال.
فغضب عليهم الحاكم وحزن، بينما كبير «الرّعديّون» وقومه يتراقصون فرحًا.فعاقبهم جميعًا فأمرهم بالهبوط إلى حيث كان «الأرضيون»يسكنون، وحدد لهم مدة -كانت مئة يومٍّ فضائىّ – وسلط بعضهم على بعض.
ثم نظر إلى «السّحابيّون» وقال لأحدهم: «أنت، أنت راقب أعمالهم واستقصي خبرهم وتتبع أثرهم ودون في لوح كل صغيرة وكبيرة عنهم حتى أجازيهم عنها.» ثم نظر إلى آخر وقال «عليكم بأخذ أرواحهم عندما أأذنُ لكَ.»
وقال لثالث: «وأنتَ، أنتَ عليك بإحضار «الأرضيّون» كلّهم جميعًا لأحسابهم على أعمالهم بعد تمام المهمة.»
ثُم أمرهم جميعًا بإحضار السلاسل والأغلال لمن أدبر وعصى ثم قال: «أمّا من وفّى وأطاع فسأجعلهم يحيوْن فى المملكة، وانتظِروا جميعًا وأنا معكم منَ المنتظرين.»
ومرّ المئة يوم فضائىّ وحانتْ لحظة النهاية، ولمّا هَمّ بسلسلة وتقييد جلّ «الرّعديّون» تقريبًا وأكثر «الأرضيّون» اعترضوا قائلين:
«لِم تعذبنا وتكبلنا؟ ألمْ تكنْ أنت مَنْ أوجدتنا وكلفتنا؟»
فقال: «طمعكم وجشعكم وجهلكم هُم مَنْ ألقوا بكم فى العذاب عُميانًا، كان يجب عليكم ألّا تقبلوا، ولكنّكم جهلتم وظننتم أنّ بكم قوة على طاعتي.أنتم الأرضيّون مارستم جلّ طرائق الطمع والجهل؛ فتوحشتم وطغيتم قبل أن أعرض عليكم، وتركتكم وحالكم تأكلون بعضكم بعضًا وتشربون دماءكم بعضكم بعضًا، ولكن بعد أن قبلتم عرضي لمْ أدعكم وحالكم، ولقد نسيتموني واليوم أنساكم» ثم سيرهم عُميانا يتخبطون فى أغلالهم.
بقلمي:ابراهيم أمين مؤمن
وسبب كدره وفراغ قلبه أولئك الذين يطيعونه فى مجرّاته؛ فهم على فئتين: فئة أسماها «السحابيّون» وطاعاتهم له لم تكن عن إرادة منهم؛ بل عن فِطرة فطرهم عليها منذ خلقهم.والفئة الأخرى أطلق عليها اسم «الرّعديّون» وهم كثرة كاثرة، وهؤلاء لم يكونوا أحسن حالاً من الأولى بل أسوا بكثير لأنهم يطيعونه خشية بأسه وقوته، لكنهم للأسف يتصفون بالكِبر والخُيلاء.
والحاكم يعلم جيدًا أنه لولا قدرته على رعاياه لشنّ «الرّعديّون» حروبًا شعواء على «السحابيّون» حتى ينتهوا منهم ثم يعلنون عن دولتهم الوحيدة. فقرر حاكم المجرات أنْ يهلكهم على كبريائهم الذي نهاهم عنه في ناموسه الأكبر؛ فضمَّ إليهما فئة أُطلق عليها اسم «الأرضيّون» بعد أن صبغهم بصفات تُظهر أسماءه وصفاته؛ حيث إنّ قلوبهم قادرة عن إظهار ذلك.كما أن لهذه الصبغة غرض آخر وهو تمكنها من استفزاز مشاعر «الرّعديّون» ؛ ف «الرعديون» قواهم خارقة، بينا «الأرضيون»فضعاف البنية.
واستكمالاً لمشيئته سيظلّ كلُّ منَ «السحابيّون» و «الرّعديّون» على حالهما؛ أى فطرة الطاعة للأولى والإبقاء على صلفهم المنكر في الثانية.
ومن أجل تنفيذ المخطط قرر إرسال «السحابيّون» إليهم دون علم «الرعديون».
وهو أمر طبيعىّ من حاكم المجرات؛ لأن «الرعديون» قلوبهم ملآنة بالكبر والحقد وذلك معزوٌّ إلى قدرتهم الخارقة على التحكم في مقدرات المخلوقات والموجودات.
قال لهم: «أريد «الأرضيون» يدخلون فى مملكتنا الفضائية الزائلة يومًا لأزيل عن نفسي همًا كتمته فى قلبي منذ الأزل.»
قال كبير «السحابيّون»: «سيدى الحاكم، إنهم قوم فوضويّون؛ سفاكون للدماء، حاقدون، رغم أنهم لا شيء، هم هواء، حتى أفتك أسلحتهم التي يتباهون بها لقدرتها اللامتناهية على التدمير بالنسبة لنا ليست أكثر من الدخان الساري في الهواء.»
قال الحاكم:«هم ضِعاف، لكن بعضهم سيطيعوني من خلال إرادة خالصة تنبثق من قلوبهم، أريدهم هنا فى المملكة، سأسيّدهم عليكم وعلى «الرعديون» إذا قبلوا عرضي.»
قالوا: «سمعًا وطاعة.»
ولقد شعر «الرعديون» بشيء مريبٍ إزاء اللقاء الذى جمع بينه وبين «السحابيّون».
وعندما وجدوا «الأرضيون» فى المملكة؛ تأكدوا مِنْ صدق شعورهم، فظلوا في ترقب شديد عما سيسفر عنه لقاء.
وجيء ب «الأرضيون» فى ساحة المُلك، فطرح الحاكم عليهم العرض، فخيرهم بين أمرين: الأول أن يحيوا في المملكة أسيادًا منعمين على الفئتين الأخريين في مقابل طاعته، على أن من يعصي منهم سوف يحرقه، والثاني أن يؤثروا السلامة ولا يأتون المملكة، عندئذٍ يتركهم لحالهم، لا وعد لهم ولا وعيد عليهم.
فتداولوا فيما بينهم، ثُم قالوا : «ما أهون طلبك وأكثر نفعك؛ ملوك على «السّحابيّون» و «الرّعديّون» في مقابل كلمة «سمعًنا وأطعنا»،وأغلال وجحيم في مقابل «سمعنا وعصينا».»
وللأسف جهلوا لما تعجّلوا ولم يدركوا شر أنفسهم؛ فقد قرروا قبول العرض وعاهدوه على الطاعة، وبذلك بات جهلهم أكبر من جهل ظلم وطغيان «الرّعديّون».
وفور قبولهم العرض قال للفئتين الأخريين: «منَ الأن فصاعدًا «الأرضيون» أسيادكم، هم صفوتي، ولقد فضلتهم عليكم، فامتثِلوا لهم طائعين.»
فقال كبير «الرّعديّون» وكان أشدّهم طاعةً بسبب حبّه للبقاء:«ألا تعلم أيّها الحاكم أنّ «الأرضيون» لا شيء؟ أنا أستطيع أن أبيدهم وأقضى عليهم قبل أنْ تقوم من مقامك هذا.»
قال الحاكم:«كنتَ تستطيع، كنتَ، لكن اليوم قد جعلتُ بينك وبينهم حاجزًا، وحصّنتهم من غطرستك وكبريائك..و الآن أطعنِى ولا تعصني، كُنْ أنت وباقى عشيرتك منَ «الرّعديّون» طائعين لهم، عيشوا لهم خدمًا كما امتثل «السّحابيّون» لأمرى.»
قال كبير «الرّعديّون» ثانيةً: «أنا سيدهم ولستُ عبدهم، وسأنتقم منكَ على إستحقاركَ لنا، ولذلك لن أجعلهم يطيعونك، سأصرفهم عن ذلك ما دمتَ سيّدتهم علينا.»
ردّ الحاكم: «وأنا قبلتُ التحدى؛ وسأبقيك حيًا حتى أري ماذا سيواجه «الأرضيون»إغوائك.»
عاش الأرضيّون فى المملكة لا يجوعون أبداً، ولا يشقون، ونجحوا نجاحًا كبيرًا فى طاعته عن حبٍّ؛ وفى انتظار وعده بالرّضوان مدى الحياة فى المملكة.
وذات يوم تسلّل كبير «الرّعديّون» إلى كُبراء «الأرضيون» منهم؛ فزيّن لهم عِصيانه قائلاً: «هذا الحاكم سينكص على عقبيه بعد أنْ يتملّص من وعوده؛ إذن على ماذا تكبتون شهواتكم؟! لماذا تحيوْن عبيدًا له وكنتم أسيادًا على أراضيكم؟!انسلخوا وعيشوا أحرارًا كما كنتم، اسفكوا دماء الضعفاء منكم، وتمتعوا بفروج نسائكم وأدبار رجالكم، وتبادلوا المتع معًا، هيّا، هيّا.»
فأطاعوه ونكصوا عهدهم مع الحاكم؛ فقفزوا على الصغائر منهم والضعفاء فسفكوا دماءهم وسلبوا أموالهم واغتصبوا منهم النساء والرجال.
فغضب عليهم الحاكم وحزن، بينما كبير «الرّعديّون» وقومه يتراقصون فرحًا.فعاقبهم جميعًا فأمرهم بالهبوط إلى حيث كان «الأرضيون»يسكنون، وحدد لهم مدة -كانت مئة يومٍّ فضائىّ – وسلط بعضهم على بعض.
ثم نظر إلى «السّحابيّون» وقال لأحدهم: «أنت، أنت راقب أعمالهم واستقصي خبرهم وتتبع أثرهم ودون في لوح كل صغيرة وكبيرة عنهم حتى أجازيهم عنها.» ثم نظر إلى آخر وقال «عليكم بأخذ أرواحهم عندما أأذنُ لكَ.»
وقال لثالث: «وأنتَ، أنتَ عليك بإحضار «الأرضيّون» كلّهم جميعًا لأحسابهم على أعمالهم بعد تمام المهمة.»
ثُم أمرهم جميعًا بإحضار السلاسل والأغلال لمن أدبر وعصى ثم قال: «أمّا من وفّى وأطاع فسأجعلهم يحيوْن فى المملكة، وانتظِروا جميعًا وأنا معكم منَ المنتظرين.»
ومرّ المئة يوم فضائىّ وحانتْ لحظة النهاية، ولمّا هَمّ بسلسلة وتقييد جلّ «الرّعديّون» تقريبًا وأكثر «الأرضيّون» اعترضوا قائلين:
«لِم تعذبنا وتكبلنا؟ ألمْ تكنْ أنت مَنْ أوجدتنا وكلفتنا؟»
فقال: «طمعكم وجشعكم وجهلكم هُم مَنْ ألقوا بكم فى العذاب عُميانًا، كان يجب عليكم ألّا تقبلوا، ولكنّكم جهلتم وظننتم أنّ بكم قوة على طاعتي.أنتم الأرضيّون مارستم جلّ طرائق الطمع والجهل؛ فتوحشتم وطغيتم قبل أن أعرض عليكم، وتركتكم وحالكم تأكلون بعضكم بعضًا وتشربون دماءكم بعضكم بعضًا، ولكن بعد أن قبلتم عرضي لمْ أدعكم وحالكم، ولقد نسيتموني واليوم أنساكم» ثم سيرهم عُميانا يتخبطون فى أغلالهم.
بقلمي:ابراهيم أمين مؤمن