سُـوْࢪ مـن وࢪد
ناعمـة ڪأنها غيـمة ☁
- إنضم
- 20 أكتوبر 2017
- المشاركات
- 149,783
- مستوى التفاعل
- 15,021
- النقاط
- 113
القرآن الكريم أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن على سيدنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-، وهو كتاب الإسلام الذي سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والمعجزة الكبرى التي تحدى بها الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فالقرآن هو كتاب الهداية مصداقًا لقوله تعالى: {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[١]، فالمؤمنون يتقربون إلى الله بتلاوته، ويفهمونه حق الفهم فيقوم سلوكهم وينظم حياتهم، ومن يتمسك به فقد فاز فوزًا عظيمًا، ومن يطلب ذلك من غير القرآن فقد ضل، كما تحدى الله سبحانه وتعالى الخلق بالإتيان بمثل أصغر سورة فيه، إذ قال الله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[٢]، والمسلمون في شتى بقاع الأرض يتادولون القرآن ويحفظونه بألسنتهم وصدورهم؛ لما لذلك من ثواب عظيم عند الله؛ فالحرف منه بعشر حسنات، إذ أودع الله فيه جميع الأمور وما ترك منها شيئًا، ففيه الأحكام التي تنظم علاقات الناس، وضرب الأمثال التي تعد مواعظًا وحكمًا، فلا يمكن أن يتساءل المرء عن شيء يدركه في هذه الحياة إلا وجد إجابته في القرآن الكريم، فهو منهاج ونظام حياة متكامل وكلام الله الذي وعدنا بحفظه عز وجل، وأخيرًا لا بد من سعي المؤمنين لقراءة القرآن لنيل الأجر والثواب من جهة، والالتزام بالأوامر واجتناب النواهي الواردة في آياته من جهة ثانية، وسيكون حديثنا في الفقرات اللاحقة عن هجر القرآن وما يتعلق به من أحكام بإذن الله[٣]. هجر القرآن في السنة النبوية الشريفة ورد في الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: [إنَّ الذي ليس في جوفِه شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الْخَرِبِ][٤]، وفي الحديث شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- من لا يحفظ شيئًا من القرآن الكريم بالبيت الخرِب؛ أي البيت الذي لا يصلح للسكن ولا يسكنه أحد، وتبقى فيه الحيوانات السائبة كالغربان والبوم، ويستخدمه الناس لقضاء حوائجهم، وفي نفس السياق؛ فإن القلب الذي لا يعمره القرآن أيضًا كالبيت الخرب الذي لا تنزله الملائكة، ولا ينال رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فتسكنه الشياطين لتتغوط فيه وتتبول، وقد ورد في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: [يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ: اقرَأْ [وارْقَ] ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها][٥]، فالحديث يدل على فضل حفظ القرآن وأن حافظه ينال منزلة من أعظم المنازل والدرجات عند الله؛ إذ فسر العلماء معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "آخر آية تقرؤها" أنها آخر آية تحفظها من القرآن الكريم حتى يفاضل الله بين من يحفظ وبين من لا يحفظ، إذ يقول الله تعالى: { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ }[٦][٧]. مظاهر هجر القرآن الكريم إن الأوجه الظاهرة لهجر القرآن الكريم عديدة، نذكرها كما يلي[٨]: هجر الاستماع والإصغاء للقرآن الكريم: إذ يتعمد الكفار عدم سماعه كي لا يتأثروا ويؤمنوا بالله؛ إذ قال الله تعالى: {اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ*ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَبِّهِم مُحدَثٍ إِلَّا استَمَعوهُ وَهُم يَلعَبونَ}[٩]، أما المؤمنون فقد أمرهم الله بعبادة الاستماع والإنصات للقرآن الكريم في قوله: { وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ}[١٠]. هجر تلاوته: حث القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على تلاوة القرآن في العديد من المواضع والأحاديث الشريفة، إذ قال الله تعالى: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}[١١]، وقال أيضًا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[١٢]، كما ورد في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: [مَن نامَ عن حِزْبِهِ، أوْ عن شيءٍ منه، فَقَرَأَهُ فِيما بيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ، وصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ له كَأنَّما قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ][١٣]. هجر تعلمه والدعوة إليه: فهي المهمة الأولى لنبي الله -سبحانه وتعالى- مصداقًا لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[١٤]، وقال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: [إنَّ خيرَكم من عَلِمَ القرآنَ أو تَعَلَّمَهُ][١٥]. هجر تدبره وفهمه: أي فهم ألفاظه والتفكر فيها وفي دلالاتها ومضمونها، إذ قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[١٦]. هجر حفظه: إذ يعد حفظه سمة تمتاز بها الأمة الإسلامية؛ يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[١٧]. هجر العمل بما جاء فيه: إذ وصف الرسول -عليه الصلاة والسلام- من لا ينقاد لأوامر الله وما جاء به القرآن بأنه أكثر الناس شرًّا؛ إذ قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: [ألا أُخبِرُكم بخَيرِ النَّاسِ وشَرِّ النَّاسِ، إنَّ من خَيرِ النَّاسِ رجُلًا عمِل في سَبيلِ اللهِ على ظَهرِ فَرَسِه -أو على ظَهرِ بَعيرِه، أو على قدَمَيْه- حتى يأْتِيَه الموتُ، وإنَّ من شَرِّ النَّاسِ رجُلًا فاجرًا جريئًا، يقرَأُ كتابَ اللهِ ولا يَرْعَوي إلى شيءٍ منه][١٨]. أسباب هجر القرآن الكريم توجد العديد من الأسباب التي أدت لهجر القرآن الكريم وتدبر معانيه، وكلها أسباب داخلية تحدث في المجتمعات الإسلامية، والبعض الآخر منها خارجي، ومن هذه الأسباب ما يلي[١٩]: الهجر الناتج عن الجهل؛ إذ إن الكثير من المسلمين يجهلون اللغة العربية التي نزل فيها القرآن الكريم، وبالتالي يجدون صعوبة بالغة في تدبر معانيه. الثقافة المتأثرة بالفكر الدخيل على العالم الإسلامي؛ مما شغل الكثير إلا من رحمه الله عن قراءة القرآن وتفسيره. التراخي في الاهتمام باللغة العربية أو دراسة القرآن أو السنة النبوية الشريفة في العديد من المجتمعات الإسلامية في المراحل الدراسية الأساسية. انعدام نهج واضح لتبني دراسة منهج الله من قبل الدعاة في العالم الإسلامي. الإيمان الضعيف الموجود في الكثير من أبناء الأمة الإسلامية؛ مما يضعف من تصورهم لعظمة كتاب الله وما فيه من أحكام