الطائر الحر
Well-Known Member
الباحثون استخدموا نتائج الرصد التي قام بها القمر الصناعي "ICESat-2" (جامعة واشنطن)
قام فريق من العلماء -بقيادة جامعة واشنطن- بإجراء قياسات دقيقة لكيفية تغير الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا؛ مما مكنهم من وضع أكثر الخرائط دقة لتغير الغطاء الجليدي على مدى 16 عاما الماضية.
ووجد الباحثون في دراسة جديدة نشرت في 30 أبريل/نيسان الماضي في مجلة "ساينس"؛ أن صافي خسارة الجليد من القارة القطبية الجنوبية وتراجع الغطاء الجليدي المتقلص في غرينلاند؛ أديا إلى ارتفاع مستوى سطح المحيطات بمقدار 14 مليمترا منذ عام 2003.
وأرجع مؤلفو الدراسة ارتفاع مستوى سطح البحر في القارة القطبية الجنوبية إلى فقدان ألواح الجليد العائمة التي تذوب في المحيط الدافئ، وتساعد عادة في منع تدفق الجليد القاري.
بيانات مفصلة ودقيقة
استخدم الباحثون نتائج الرصد التي قام بها القمر الصناعي (ICESat-2)، الذي تم إطلاقه في المدار في خريف 2018، وبدأ أخذ قياسات الارتفاع العالمية بشكل مفصل، بما في ذلك فوق المناطق المتجمدة.
وقارنوا البيانات الجديدة مع القياسات التي أخذها قمر ICESat الأصلي بين عامي 2003 و2009، وتوصل الباحثون -في ضوء ذلك- إلى وضع صورة شاملة لتعقيدات تغير الغطاء الجليدي، وتغيراته المستقبلية في غرينلاند وأنتاركتيكا.
وتقوم الدراسات السابقة لفقدان الجليد أو اكتسابه غالبا بتحليل البيانات من الأقمار الصناعية المتعددة والمهمات المحمولة جوا.
لكن الدراسة الجديدة اعتمدت على نوع واحد من القياسات وهو الارتفاع، كما تم قياسه بواسطة أداة تسجيل ارتدادات نبضات الليزر عن سطح الجليد، مما يوفر صورة أكثر تفصيلا ودقة لتغير الغطاء الجليدي حتى الآن، كما يقول الباحثون.
وقام الباحثون بتحليل البيانات باستخدام برمجيات حاسوبية تأخذ بعين الاعتبار كثافة الثلج وعوامل أخرى، ثم تقوم بحساب كتلة الجليد المفقودة أو المكتسبة.
ويقول أليكس غاردنر -المؤلف المشارك من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في باسادينا، كاليفورنيا- "يكشف التحليل الجديد عن استجابة الصفائح الجليدية للتغيرات في المناخ بتفاصيل غير مسبوقة، كما يكشف عن أدلة حول كيفية تفاعل الصفائح الجليدية".
شاهد: تفاصيل إنجاز الدراسة حول ذوبان الجليد في غرينلاند والقطب الجنوبي:
الحرارة ومياه المحيط
ووجدت الدراسة أن الصفيحة الجليدية في غرينلاند فقدت ما معدله مئتا جيجا طن من الجليد سنويا، بينما فقدت الصفيحة الجليدية في أنتاركتيكا 118 جيجا طن من الجليد في المتوسط. علما أنه يكفي جيجا طن واحد من الجليد لملء أربعمئة ألف مسبح أولمبي.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة بنجامين سميث -عالم الجليديات في جامعة واشنطن- "إن ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ذوبان صفائح الجليد جاء ثلثاه من غرينلاند، والثلث الأخير من القارة القطبية الجنوبية".
ووجد الباحثون أن هناك قدرا كبيرا من ترقق الأنهار الجليدية الساحلية في غرينلاند، حيث تفقد بعض الأنهار الجليدية ما بين أربعة وستة أمتار من الارتفاع سنويا بفعل الحرارة الصيفية التي تذيب الجليد من سطح الأنهار والأغطية الجليدية، ومياه المحيط الدافئة التي تؤدي إلى تآكل الجليد في بعض الأماكن.
أما في القارة القطبية الجنوبية، فقد أظهرت البيانات أن الغطاء الجليدي يزداد سمكا في أجزاء من القارة الداخلية نتيجة زيادة تساقط الثلوج، لكن فقدان الجليد من أطراف القارة، خاصة في غرب أنتاركتيكا وشبه الجزيرة القطبية الجنوبية، يفوق بكثير ما تكسبه في الداخل.
ويقول سميث "في غرب القارة القطبية الجنوبية نرى الكثير من الأنهار الجليدية تتقلص بسرعة كبيرة. هناك ألواح جليدية رقيقة في نهاية مجرى تلك الأنهار الجليدية، تطفو على الماء مما يسمح بتدفق المزيد من الجليد إلى المحيط، حيث يؤدي الماء الدافئ إلى تآكل الجليد".
وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن الجليد الذي يذوب من هذه الألواح لا يرفع مستويات البحر، لأنه عائم بالفعل؛ تماما مثل مكعب الثلج الذي يذوب في كوب من الماء فلا يزيد مستواه. لكنها توفر الاستقرار للأنهار الجليدية والأغطية الجليدية خلفها.
ووجد الباحثون أن الألواح الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية -حيث توجد العديد من الأنهار الجليدية الأسرع حركة في القارة- تفقد كتلتها، فتراجع بذلك سمك الجليد في بعض المناطق بمتوسط يتراوح بين خمسة وثلاثة أمتار من الجليد سنويا.
وتوقع الباحثون أن يسهم ذوبان الجليد في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بشكل متزايد مستقبلا في ارتفاع مستوى البحار والمحيطات خلال المئة سنة القادمة.