الطائر الحر
Well-Known Member
الدورات الموسمية لهرموناتنا نوع من التكيف يساعدنا على التأقلم مع بيئتنا المحيطة
للهرمونات ساعة موسمية تتغير باختلاف الفصول (بيكساباي)
تتحكم الساعة البيولوجية في إيقاعات الجسم اليومية، وتنظم عددا من العمليات الفسيولوجية؛ كالتحكم في دورة اليقظة والنوم وتدفق الهرمونات، ولكن هل نمتلك ساعة أخرى موسمية داخل أجسامنا تؤثر بشكل ما على هرموناتنا وتتغير بتغير فصول العام؟
دورات موسمية
أشارت دراسة حديثة -ستنشر في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS) في 16 فبراير/شباط الحالي- أن للهرمونات إيقاعا موسميا أيضا؛ إذ اكتشف العلماء في معهد وايزمان للعلوم (Weizmann Institute of Science) أن بعض الهرمونات تبلغ ذروتها في الشتاء والربيع، وبعضها الآخر في الصيف.
وبالتالي فإن هذه الدراسة -التي اختبرت عددا من الهرمونات في ملايين من تحاليل الدم- توفر نظرة موسعة على الديناميكية التي يتغير بها إنتاج الهرمونات، بما في ذلك الهرمونات سريعة الزوال التي لم تُعرف بكونها موسمية من قبل مثل الكورتيزول (هرمون الإجهاد الذي تفرزه الغدد الكظرية).
وكان الفريق قام بتحليل مستويات الهرمونات في 46 مليونا من نتائج اختبارات الدم المؤرخة وفقا لكل شهر في السنة، وذلك على مدار 15 عاما، من 2002 إلى 2017، وشملت هذه الاختبارات رجالا ونساء ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما.
وقام العلماء بعدئذ بحساب متوسط نتائج كل هرمون، ومن ثم تتبع 11 هرمونا، بما في ذلك الكورتيزول، وهرمون الغدة الدرقية، وهرمونات التكاثر، والهرمونات الجنسية، وهرمون النمو الذي يُنتَج في الكبد.
مستويات الهرمونات المقاسة اختلفت في اختبارات الدم صيفا وشتاء (بيكساباي)
اختلافات جنسية
أظهرت جميع الهرمونات مستويات أعلى وأخرى أقل على مدار العام؛ إذ وصلت نسبة هذه التباينات الموسمية إلى 5%، إلا أن المفاجأة كانت تكمن في الطريقة التي بلغت بها بعض الهرمونات ذروتها.
فعلى سبيل المثال، يعد هرمونا التستوستيرون والإستراديول من الهرمونات الأكثر انتشارا عند الرجال والنساء على التوالي، إلا أن ذروة إفرازهما جاءت معاكسة لبعضها البعض.
إذ بلغ هرمون التستوستيرون عند الرجال ذروته في يناير/كانون الثاني وكذلك في أغسطس/آب، ولكن بنسبة أقل قليلا، وتبعه في النمط نفسه هرمون الإستراديول عند النساء. في حين بلغ هرمونا التستوستيرون لدى النساء والإستراديول عند الرجال ذروتهما بالقرب من أبريل/نيسان وانخفضا في الصيف.
ووفقا للبيان الصحفي الذي أصدره معهد وايزمان للعلوم، فإن ألون بار -قائد الدراسة المشارك- يرى أن هذه التباينات الموسمية في نسب الهرمونات هي ما "قد يرجح إنجاب المزيد من المواليد في مواسم معينة".
الغدة النخامية تنظم العديد من وظائف الجسم والغدد الأخرى (ويكيبيديا–باتريك جي لينش)
دائرة رجعية
وتعد الغدة النخامية الموجودة أسفل الدماغ سيدة الغدد؛ إذ تنظم هذه الغدة العديد من وظائف الجسم وردود فعله، وذلك بإرسال رسائلها الهرمونية إلى الغدد الصماء والأعضاء الأخرى مثل الغدد الكظرية والأعضاء التناسلية.
ولذا فمن الطبيعي أن يُفرَز الهرمون المُؤثِّر أولا ومن ثم يقوم بتحفيز الغدد الأخرى التي تقع في مهب تأثيره لكي تفرز الهرمونات المستجيبة التي تؤثر على الجسم مباشرة. إلا أن الفريق وجد أن الهرمونات المستجيبة بلغت ذروتها في فصلي الشتاء والربيع، في حين وصلت الهرمونات المُؤثِّرة ذروتها الإفرازية في وقت لاحق لذلك خلال فصل الصيف.
ومن ثم، فإن هذا التأخير بين نوعين من الهرمونات التي ترتبط ببعضها ارتباطا مباشرا يعد أمرا محيرا، لا سيّما أنه يخالف المدى المعروف والمسموح به في دوائر عمل الهرمونات، والذي يمتد لساعات فقط وليس لشهور.
وقد طور الفريق نموذجا رياضيا لشرح السبب وراء هذا التباين الزمني بين الهرمونات المؤثرة والمستجيبة، ويوضح ألون بار هذا الأمر قائلا إن "هرمونات الغدة النخامية وكذلك الهرمونات المستجيبة لا تؤثر على التمثيل الغذائي ووظائف الجسم فحسب، بل إنها تؤثر أيضا في نمو الأعضاء التي تفرز هذه الهرمونات".
وبالتالي، فإن هرمونات الغدة النخامية تُحفّز الغدد الكظرية على إنتاج الكورتيزول، كما أنها تتسبب في نمو هذه الغدة. بدوره فإن الكورتيزول المُفرز يقلص الغدة النخامية، مما يقلل من تأثيرها التحفيزي للغدة الكظرية في نهاية المطاف.
الكورتيزول المُفرَز من الغدة الكظرية يقلص الغدة النخامية (ويكيبيديا–إيه إيه أو سي، معهد السرطان الوطني الأميركي)
ونظرا لأن تلك الدائرة الرجعية تتم بشكل تدريجي على مدار أسابيع وشهور، فإنها تخلق فترة زمنية من التأخير بين ذروات مجموعتي الهرمونات المذكورتين آنفا.
ويختم ألون بار قائلا إنه "من الطبيعي أن نرى لهرموناتنا دورات موسمية شبيهة بما في الحيوانات التي تعيش في البيئات المعتدلة. إننا نعتقد أن هذه الآلية كانت نوعا من التكيف لمساعدتنا على التأقلم مع التغيرات الموسمية في بيئتنا المحيطة".
للهرمونات ساعة موسمية تتغير باختلاف الفصول (بيكساباي)
تتحكم الساعة البيولوجية في إيقاعات الجسم اليومية، وتنظم عددا من العمليات الفسيولوجية؛ كالتحكم في دورة اليقظة والنوم وتدفق الهرمونات، ولكن هل نمتلك ساعة أخرى موسمية داخل أجسامنا تؤثر بشكل ما على هرموناتنا وتتغير بتغير فصول العام؟
دورات موسمية
أشارت دراسة حديثة -ستنشر في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS) في 16 فبراير/شباط الحالي- أن للهرمونات إيقاعا موسميا أيضا؛ إذ اكتشف العلماء في معهد وايزمان للعلوم (Weizmann Institute of Science) أن بعض الهرمونات تبلغ ذروتها في الشتاء والربيع، وبعضها الآخر في الصيف.
وبالتالي فإن هذه الدراسة -التي اختبرت عددا من الهرمونات في ملايين من تحاليل الدم- توفر نظرة موسعة على الديناميكية التي يتغير بها إنتاج الهرمونات، بما في ذلك الهرمونات سريعة الزوال التي لم تُعرف بكونها موسمية من قبل مثل الكورتيزول (هرمون الإجهاد الذي تفرزه الغدد الكظرية).
وكان الفريق قام بتحليل مستويات الهرمونات في 46 مليونا من نتائج اختبارات الدم المؤرخة وفقا لكل شهر في السنة، وذلك على مدار 15 عاما، من 2002 إلى 2017، وشملت هذه الاختبارات رجالا ونساء ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما.
وقام العلماء بعدئذ بحساب متوسط نتائج كل هرمون، ومن ثم تتبع 11 هرمونا، بما في ذلك الكورتيزول، وهرمون الغدة الدرقية، وهرمونات التكاثر، والهرمونات الجنسية، وهرمون النمو الذي يُنتَج في الكبد.
مستويات الهرمونات المقاسة اختلفت في اختبارات الدم صيفا وشتاء (بيكساباي)
اختلافات جنسية
أظهرت جميع الهرمونات مستويات أعلى وأخرى أقل على مدار العام؛ إذ وصلت نسبة هذه التباينات الموسمية إلى 5%، إلا أن المفاجأة كانت تكمن في الطريقة التي بلغت بها بعض الهرمونات ذروتها.
فعلى سبيل المثال، يعد هرمونا التستوستيرون والإستراديول من الهرمونات الأكثر انتشارا عند الرجال والنساء على التوالي، إلا أن ذروة إفرازهما جاءت معاكسة لبعضها البعض.
إذ بلغ هرمون التستوستيرون عند الرجال ذروته في يناير/كانون الثاني وكذلك في أغسطس/آب، ولكن بنسبة أقل قليلا، وتبعه في النمط نفسه هرمون الإستراديول عند النساء. في حين بلغ هرمونا التستوستيرون لدى النساء والإستراديول عند الرجال ذروتهما بالقرب من أبريل/نيسان وانخفضا في الصيف.
ووفقا للبيان الصحفي الذي أصدره معهد وايزمان للعلوم، فإن ألون بار -قائد الدراسة المشارك- يرى أن هذه التباينات الموسمية في نسب الهرمونات هي ما "قد يرجح إنجاب المزيد من المواليد في مواسم معينة".
الغدة النخامية تنظم العديد من وظائف الجسم والغدد الأخرى (ويكيبيديا–باتريك جي لينش)
دائرة رجعية
وتعد الغدة النخامية الموجودة أسفل الدماغ سيدة الغدد؛ إذ تنظم هذه الغدة العديد من وظائف الجسم وردود فعله، وذلك بإرسال رسائلها الهرمونية إلى الغدد الصماء والأعضاء الأخرى مثل الغدد الكظرية والأعضاء التناسلية.
ولذا فمن الطبيعي أن يُفرَز الهرمون المُؤثِّر أولا ومن ثم يقوم بتحفيز الغدد الأخرى التي تقع في مهب تأثيره لكي تفرز الهرمونات المستجيبة التي تؤثر على الجسم مباشرة. إلا أن الفريق وجد أن الهرمونات المستجيبة بلغت ذروتها في فصلي الشتاء والربيع، في حين وصلت الهرمونات المُؤثِّرة ذروتها الإفرازية في وقت لاحق لذلك خلال فصل الصيف.
ومن ثم، فإن هذا التأخير بين نوعين من الهرمونات التي ترتبط ببعضها ارتباطا مباشرا يعد أمرا محيرا، لا سيّما أنه يخالف المدى المعروف والمسموح به في دوائر عمل الهرمونات، والذي يمتد لساعات فقط وليس لشهور.
وقد طور الفريق نموذجا رياضيا لشرح السبب وراء هذا التباين الزمني بين الهرمونات المؤثرة والمستجيبة، ويوضح ألون بار هذا الأمر قائلا إن "هرمونات الغدة النخامية وكذلك الهرمونات المستجيبة لا تؤثر على التمثيل الغذائي ووظائف الجسم فحسب، بل إنها تؤثر أيضا في نمو الأعضاء التي تفرز هذه الهرمونات".
وبالتالي، فإن هرمونات الغدة النخامية تُحفّز الغدد الكظرية على إنتاج الكورتيزول، كما أنها تتسبب في نمو هذه الغدة. بدوره فإن الكورتيزول المُفرز يقلص الغدة النخامية، مما يقلل من تأثيرها التحفيزي للغدة الكظرية في نهاية المطاف.
الكورتيزول المُفرَز من الغدة الكظرية يقلص الغدة النخامية (ويكيبيديا–إيه إيه أو سي، معهد السرطان الوطني الأميركي)
ونظرا لأن تلك الدائرة الرجعية تتم بشكل تدريجي على مدار أسابيع وشهور، فإنها تخلق فترة زمنية من التأخير بين ذروات مجموعتي الهرمونات المذكورتين آنفا.
ويختم ألون بار قائلا إنه "من الطبيعي أن نرى لهرموناتنا دورات موسمية شبيهة بما في الحيوانات التي تعيش في البيئات المعتدلة. إننا نعتقد أن هذه الآلية كانت نوعا من التكيف لمساعدتنا على التأقلم مع التغيرات الموسمية في بيئتنا المحيطة".