سما العراق
Well-Known Member
- إنضم
- 28 يونيو 2020
- المشاركات
- 13,633
- مستوى التفاعل
- 52
- النقاط
- 48
دعوة عيسى عليه السلام إلى التوحيد
بعث الله عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل نبياً ورسولاً، وقامت رسالته على توحيد الله وإفراد الألوهية والربوبية، ودعوة بني إسرائيل إلى عبادة الله وحده، ومطالبتهم بالإيمان بأنه عبد الله ورسوله، وأنه ابن مريم، فهو رسول بشر عليه الصلاة والسلام، هذه هي خلاصة دعوة عيسى عليه السلام ورسالته، وهذه هي النصرانية الموحِّدة التي دعا إليها عيسى عليه السلام، وعلى هذا الأساس آمن به الحواريون، واتَّبعه النصارى الموحدون. وبما أن نبوّة عيسى عليه السلام جاءت متممة مكمِّلة لنبوة موسى عليه السلام، فمن البديهي أن تكون قائمة على التوحيد، فالنصرانية الحقَّة لا تقول بوجود إله آخر غير الواحد الأحد، وما يناقض ذلك إنما هو انحراف عن حقيقة دعوة المسيح عليه السلام التي بيَّنها القرآن الكريم.
إن توحيد الله عزَّ وجل كان غاية الأنبياء العظمى، كما كان الركيزة الأولى في دعوة عيسى عليه السلام، وقد نصَّ القرآن الكريم على أن عقيدة المسيح عليه السلام هي التوحيد الكامل، فلا يعبد إلا الله، فالله خالق السماء والأرض وما بينهما فلا شريك له، هذا ما أعلنه المسيح منذ اللحظة الأولى لولادته، فلم يشذَّ عيسى عليه السلام عن القاعدة العامة التي جاء بها الأنبياء ومن أجلها. فقد دعا قومه إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وكان ذلك أول ما نطق به وهو في المهد قال تعالى ï´؟قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ï´¾ (مريم: 30).
وفي هذا القول من عيسى إشارة واضحة إلى أن الذات الوحيدة التي تستحق العبادة هي ذات الله تعالى وإلا ما اعترف بعبوديته له، ولما كان البعض قد يتوهم من قول عيسى عليه السلام أن هذا الإله مخصوص له لا لأحد سواه، نفى القرآن ذلك وأخبر عمَّا جاء على لسانه قال تعالى: ï´؟ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ï´¾ (مريم: 36)، كما أكّد القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام كان دائم القول والتكرار لهذه الحقيقة بين قومه والتذكير بها فقال تعالى: ï´؟وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ï´¾ (المائدة: 72).
ولادة عيسى عليه السلام عجيبة حقاً بالقياس إلى مألوف البشر، ولكن أية غرابة فيها حين تقاس إلى خلق آدم أبي البشر؟
ويذكر الشيخ رشيد رضا عند تفسيره لهذه الآية أن المسيح عليه السلام أمرهم بالتوحيد الخالص ودعاهم إليه، وحذَّر من الوقوع في الشرك، وتوعَّدهم عليه ببيان أن الحال والشأن الثابت عند الله تعالى هو أن كل من يشرك بالله شيئاً من ملك أو بشر أو كوكب، أو شجر، أو حجر، أو غير ذلك، فإن الله يحرِّم عليه الجنة في الآخرة، فلا يكون له مأوى ولا ملجأ يأوي إليه إلا النار، ومن النظر في الآيات الكريمة السابقة المتعلقة بدعوة عيسى عليه السلام ورسالته، تتبيَّن لنا الأمور الآتية:
– أنَّه رسول الله إلى بني إسرائيل.
– دعاهم إلى عبادة الله وحذَّرهم من الشرك وبين لهم أن الجنة محرمة على المشركين.
– جاء مصدّقاً لما بين يديه من التوراة.
– آتاه الله الإنجيل، وفيه الهدى، والنور والحكمة.
– آتاه الله البينات على صدقه وأيَّده بروح القدس.
– بيَّن لبني إسرائيل بعض الذي اختلفوا فيه.
– أحلَّ لهم بعض الذي حرم عليهم.
– بشَّر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وتجدر الإشارة إلى بعض ما ورد في الآيات السابقة، ففي آية البقرة ورد قوله تعالى (وأيدناه بروح القدس) والمختار أنه جبريل عليه السلام، أيده الله به، لإظهار حجته وأمر دينه، وفي سورة آل عمران: (وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ)، فأحلها عيسى عليه السلام بأمر الله له. وفي الزخرف (وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ)، فقد كان بينهم اختلاف في أمر دينهم ودنياهم، فبين لهم أمر دينهم وأحكام التوراة.
منقووول