عبدالله الجميلي
Well-Known Member
- إنضم
- 30 يونيو 2017
- المشاركات
- 1,597
- مستوى التفاعل
- 582
- النقاط
- 113
رياح الغضب
قصة قصيرة
في مدينة كبيرة تضج بالحياة، كانت "ليلى" فتاة شابة في بداية العشرينيات، تمتلك جمالًا آسِرًا وذكاءً حادًا، لكنها كانت تحمل في داخلها نيرانًا تشتعل لأبسط الأسباب. تزوجت من "فارس"، رجل أربعيني ناجح في عمله، معروف بطيبته ورزانته. كان فارس مثالًا للرجل الذي تتمناه كل امرأة: كريم، حنون، وصبور إلى حدٍ مذهل.
كان حبه لليلى واضحًا كوضوح الشمس، لكن شيئًا في أعماقها لم يكن متوازنًا. في كل مرة يحدث بينهما خلاف بسيط، تتحول ليلى إلى بركان هائج. تصرخ، تشتمه، وتتفوه بكلمات قاسية لا تعرف الرحمة. وفي ذروة غضبها، كانت تكسر الأشياء حولها بلا وعي، وتغلق الأبواب بعنف.
أما فارس، فكان يواجه عواصفها بهدوء غير عادي. لم يرفع صوته يومًا، ولم يرد الإساءة بالإساءة. كان ينظر إليها بعينين مليئتين بالحب، ثم يترك المكان بهدوء، وكأن كل ما فعلته لم يمسه أبدًا.
ذات ليلة شتوية، وبعد أن تصاعدت الأمور بينهما بسبب خلاف تافه، خرج فارس من المنزل تحت زخات المطر دون أن يقول كلمة واحدة. جلست ليلى وحدها في الغرفة، تسترجع كلماتها وصرخاتها، لكنها لم تشعر بالذنب. كانت تعتقد أن صمته ضعف، وأنه يستحق ما تقوله.
لكن هذه المرة، غيّر فارس قواعد اللعبة. لم يعد بعد ساعات كعادته، بل أمضى الليل كله خارج المنزل. استيقظت ليلى صباحًا وهي تشعر بقلق غريب، وبدأت تسأل نفسها أين قد يكون. حاولت الاتصال به، لكنه لم يجب. شعرت لأول مرة بشيء يشبه الخوف من فقدانه.
عند الظهيرة، عاد فارس. كان هادئًا كعادته، لكنه بدا مختلفًا. جلس أمامها وقال بصوت هادئ ولكنه حازم:
"ليلى، أنا أحبك من أعماق قلبي، لكن الحب وحده لا يكفي إذا لم يكن هناك احترام. لا يمكن أن أبقى صامتًا إلى الأبد. إذا استمر هذا، ستفقدينني يومًا ما."
كانت كلماته كسكين قطع قلبها. لأول مرة، شعرت أن الأمور قد تكون على وشك الانهيار. لم تكن تتخيل يومًا أن فارس، بصبره الذي لا ينتهي، قد يقرر تركها.
بدأت ليلى تعيد النظر في تصرفاتها. لم يكن الأمر سهلاً، لكنها قررت مواجهة المشكلة. زارت طبيبًا نفسيًا لتفهم أسباب غضبها الذي يشتعل بسرعة، وبدأت تتعلم كيف تتحكم بمشاعرها.
مرت الأيام، وبدأت علاقتها بفارس تتحسن. في إحدى الأمسيات، وبينما كانا يجلسان معًا في الشرفة، قالت له وهي تمسك بيده:
"فارس، أريدك أن تعرف أن صبرك لم يكن ضعفًا، بل كان أكبر قوة عرفتها في حياتي. شكرًا لأنك لم تستسلم لي حتى عندما كنتُ أنا أستسلم لنفسي."
ابتسم فارس وردّ عليها:
"ليلى، الحب الحقيقي هو أن تُحارب من أجل من تحب، حتى لو كنت تحارب عواصفه الداخلية."
وهكذا، تحولت رياح الغضب في حياة ليلى إلى نسائم هادئة. تعلمت كيف تتعامل مع نفسها ومع فارس، وأدركت أن الحب ليس فقط في الصبر، بل في الرغبة الحقيقية للتغيير من أجل من نحب.
بقلم محمد الخضيري الجميلي
قصة قصيرة
في مدينة كبيرة تضج بالحياة، كانت "ليلى" فتاة شابة في بداية العشرينيات، تمتلك جمالًا آسِرًا وذكاءً حادًا، لكنها كانت تحمل في داخلها نيرانًا تشتعل لأبسط الأسباب. تزوجت من "فارس"، رجل أربعيني ناجح في عمله، معروف بطيبته ورزانته. كان فارس مثالًا للرجل الذي تتمناه كل امرأة: كريم، حنون، وصبور إلى حدٍ مذهل.
كان حبه لليلى واضحًا كوضوح الشمس، لكن شيئًا في أعماقها لم يكن متوازنًا. في كل مرة يحدث بينهما خلاف بسيط، تتحول ليلى إلى بركان هائج. تصرخ، تشتمه، وتتفوه بكلمات قاسية لا تعرف الرحمة. وفي ذروة غضبها، كانت تكسر الأشياء حولها بلا وعي، وتغلق الأبواب بعنف.
أما فارس، فكان يواجه عواصفها بهدوء غير عادي. لم يرفع صوته يومًا، ولم يرد الإساءة بالإساءة. كان ينظر إليها بعينين مليئتين بالحب، ثم يترك المكان بهدوء، وكأن كل ما فعلته لم يمسه أبدًا.
ذات ليلة شتوية، وبعد أن تصاعدت الأمور بينهما بسبب خلاف تافه، خرج فارس من المنزل تحت زخات المطر دون أن يقول كلمة واحدة. جلست ليلى وحدها في الغرفة، تسترجع كلماتها وصرخاتها، لكنها لم تشعر بالذنب. كانت تعتقد أن صمته ضعف، وأنه يستحق ما تقوله.
لكن هذه المرة، غيّر فارس قواعد اللعبة. لم يعد بعد ساعات كعادته، بل أمضى الليل كله خارج المنزل. استيقظت ليلى صباحًا وهي تشعر بقلق غريب، وبدأت تسأل نفسها أين قد يكون. حاولت الاتصال به، لكنه لم يجب. شعرت لأول مرة بشيء يشبه الخوف من فقدانه.
عند الظهيرة، عاد فارس. كان هادئًا كعادته، لكنه بدا مختلفًا. جلس أمامها وقال بصوت هادئ ولكنه حازم:
"ليلى، أنا أحبك من أعماق قلبي، لكن الحب وحده لا يكفي إذا لم يكن هناك احترام. لا يمكن أن أبقى صامتًا إلى الأبد. إذا استمر هذا، ستفقدينني يومًا ما."
كانت كلماته كسكين قطع قلبها. لأول مرة، شعرت أن الأمور قد تكون على وشك الانهيار. لم تكن تتخيل يومًا أن فارس، بصبره الذي لا ينتهي، قد يقرر تركها.
بدأت ليلى تعيد النظر في تصرفاتها. لم يكن الأمر سهلاً، لكنها قررت مواجهة المشكلة. زارت طبيبًا نفسيًا لتفهم أسباب غضبها الذي يشتعل بسرعة، وبدأت تتعلم كيف تتحكم بمشاعرها.
مرت الأيام، وبدأت علاقتها بفارس تتحسن. في إحدى الأمسيات، وبينما كانا يجلسان معًا في الشرفة، قالت له وهي تمسك بيده:
"فارس، أريدك أن تعرف أن صبرك لم يكن ضعفًا، بل كان أكبر قوة عرفتها في حياتي. شكرًا لأنك لم تستسلم لي حتى عندما كنتُ أنا أستسلم لنفسي."
ابتسم فارس وردّ عليها:
"ليلى، الحب الحقيقي هو أن تُحارب من أجل من تحب، حتى لو كنت تحارب عواصفه الداخلية."
وهكذا، تحولت رياح الغضب في حياة ليلى إلى نسائم هادئة. تعلمت كيف تتعامل مع نفسها ومع فارس، وأدركت أن الحب ليس فقط في الصبر، بل في الرغبة الحقيقية للتغيير من أجل من نحب.
بقلم محمد الخضيري الجميلي