ابن الفُرات
Well-Known Member
- إنضم
- 18 أغسطس 2020
- المشاركات
- 13,531
- مستوى التفاعل
- 363
- النقاط
- 83
- الإقامة
- العراق
- الموقع الالكتروني
- bashrr.sarhne.com
في كتابه الأحدث "الحضارة البابلية" الصادر عن دار الرافدين بالتعاون مع منشورات تكوين٬ ضمن مشروعه عن الحضارات القديمة٬ يذهب المفكر العراقي خزعل الماجدي٬ إلي أن: "الصورة المؤسفة التي قدمتها الأديان الإبراهيمية الثلاثة عن بابل خالفت الحقيقة التي كانت عليها من جميع النواحي الحضارية"
فعلى مدى زمن بعيد في الماضي، يمتد لحوالي 2000 عام وحتى قرن ونصف القرن تقريبًا من الآن، ظلت صورة بابل في التوراة هي المهيمنة على عقول الناس في الشرق والغرب، فقد كانت بابل بلاد السحر والتنجيم التي يسودها عالم شرير تعجُّ به الشياطين والعفاريت والمعوّذين والسحرة. لقد اختصرت التوراة تأريخها العريق الذي شغل ما يقرب من 1500 عام من التحضّر، بوصفه تأريخ العهر والانحطاط والجهل والكفر والجريمة والفسق.
يؤكد الماجدي: "هكذا فعل الإنجيل وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 17: 5)، حيث سيأتي المسيح الدّجّال منها (إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ ) كما يسميه بولس، و(الْوَحْشِ ) كما يدعوه يوحنا، وعندها سيكون اضطهادٌ مروعٌ للمسيحيين، وهكذا فعل القرآن حين وصفها ببلد السحر وهاروت وماروت.
بابل التي أغاظت الجميع بجمالها وحضارتها وأغاظت المهووسين بمصير ما بعد الموت، إذ كيف يمكن أن يتجسّد الفردوس على الأرض؟ وكيف يكون من نصيبٍ بشرٍ كانوا يعبدون آلهة تطردها كتبهم المقدسة من نصوصها ؟ وحين سقطت بابل بخيانةٍ داخلية وعملٍ عسكريّ خارجيّ، كانت قد مرت بمثلهما كلّ الحضارات، صرخ هؤلاء بأن الرب عاقبها٬ بينما كانوا هم يعيشون بين أهلها معزّزين مكرّمين
أفلت بابل لكن صورتها الزانية والفاجرة التي رسمها هؤلاء لم تأفل، ولم يغيّر، هذه الصورة، سوى علماء الآثار الذين بدأوا منذ منتصف القرن التاسع عشر بجلاء حقيقة بابل وحضارتها.
لم تتغير الصورة فقط، بل أن الغربيين صُعقوا يوم عرفوا أن الكتاب المقدس الذي كان يهجو بابل ويشتمها مغروسة جذوره ومادته الدينية فيها على وجه التحديد، ثم انتهت هذه المهزلة حين عرفوا أن مؤلفي التوراة والتلمود كتبوا في بابل مستنسخين تراثها وناسبين هذا التراث لهم ولشعب لم تكن له ملامح إلًا بعد أن سكن في بابل وعاش من خيراتها الطبيعية والاقتصادية والمعرفية، وكوّن دينه فيها. ورغم أن الآثار لم تكشف إلًا عن جزء يسير من التراث البابلي، لكن هذا الجزء كفيل بإعطاء صورة واسعة عن الحضارة البابلية.
يشدد الماجدي علي أنه لسنينٍ طويلة بقي مترددا في مغامرة الخوض في كتابة هذا الكتاب عن الحضارة البابلية٬ بسبب المسئولية الكبيرة التي كان يتحسّب لها خوفًا من عدم إعطاء الصورة الحقيقية والعميقة لحضارة بابل، ولكنه خلال ذلك جمع كل ما جادت به الكتب والبحوث العلمية ورسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراه حول كلّ ما يخصّ بابل.
يقوم الكتاب على أساس تقسيم عناصر أو مظاهر الحضارة إلى 15 عنصرًا أو مظهرًا، سبعة منها تمثل العناصر المادية وسبعة، تناظرها تمثل العناصر الثقافية، أما العنصر 15 وهو (الأخلاق) فقد كان يوازن بين العناصر المادية والثقافية٬ الأخلاق الحضارية هنا لا تمثل فقط سلوك شعب أو شعوب هذه الحضارة بل هي ميزان التجانس بين كلّ ماهو مادي وثقافي من مكونات الحضارة٬ وهي البارومتر المرهف الذي يمكنه أن يعطينا فكرة عن الإيقاع الهارموني العميق لأوركسترا الحضارة المعنية وهي تعزف نشيدها الخاص في تاريخ البشرية.
تكوّن الكتاب من 17 فصلًا استهلها بفصل تمهيدي يضم التعريف العام بتلك الحضارة وأهلها والعلم أو الدراسات التي تدرسها ونبذة عن مصادر دراستها والعلماء الأجانب الكبار الذين بذلوا الجهود في شرح مكوناتها ومظاهرها٬ وتعرّيف ببعض العلماء العراقيين الذي ساهموا في إضاءة جوانبها.
ثم تناول في كلّ فصل، مكوّنا من العناصر المادية ويتبعه الفصل الذي يناظره من العناصر الثقافية، فمثلًا حين تناول فصل المظهر الجغرافي تبعه مباشرة بفصل المظهر التاريخي٬ وحين تناول بعدهما، فصل المظهر السياسي، تبعه بفصل المظهر القانوني لكي يبيّن درجة التكامل والتضاد والتنافر بينهما، وهكذا بقية الفصول.
وفي ختام الكتاب جاء الفصل الأخير المخصص لمعايرة وتقييم ونقد وتفرّد هذه الحضارة، فقد عرضها للتحليل والنقد وخلص من ذلك بنتائج مهمة هي خلاصة الكتاب عن تلك الحضارة.
فعلى مدى زمن بعيد في الماضي، يمتد لحوالي 2000 عام وحتى قرن ونصف القرن تقريبًا من الآن، ظلت صورة بابل في التوراة هي المهيمنة على عقول الناس في الشرق والغرب، فقد كانت بابل بلاد السحر والتنجيم التي يسودها عالم شرير تعجُّ به الشياطين والعفاريت والمعوّذين والسحرة. لقد اختصرت التوراة تأريخها العريق الذي شغل ما يقرب من 1500 عام من التحضّر، بوصفه تأريخ العهر والانحطاط والجهل والكفر والجريمة والفسق.
يؤكد الماجدي: "هكذا فعل الإنجيل وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 17: 5)، حيث سيأتي المسيح الدّجّال منها (إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ ) كما يسميه بولس، و(الْوَحْشِ ) كما يدعوه يوحنا، وعندها سيكون اضطهادٌ مروعٌ للمسيحيين، وهكذا فعل القرآن حين وصفها ببلد السحر وهاروت وماروت.
بابل التي أغاظت الجميع بجمالها وحضارتها وأغاظت المهووسين بمصير ما بعد الموت، إذ كيف يمكن أن يتجسّد الفردوس على الأرض؟ وكيف يكون من نصيبٍ بشرٍ كانوا يعبدون آلهة تطردها كتبهم المقدسة من نصوصها ؟ وحين سقطت بابل بخيانةٍ داخلية وعملٍ عسكريّ خارجيّ، كانت قد مرت بمثلهما كلّ الحضارات، صرخ هؤلاء بأن الرب عاقبها٬ بينما كانوا هم يعيشون بين أهلها معزّزين مكرّمين
أفلت بابل لكن صورتها الزانية والفاجرة التي رسمها هؤلاء لم تأفل، ولم يغيّر، هذه الصورة، سوى علماء الآثار الذين بدأوا منذ منتصف القرن التاسع عشر بجلاء حقيقة بابل وحضارتها.
لم تتغير الصورة فقط، بل أن الغربيين صُعقوا يوم عرفوا أن الكتاب المقدس الذي كان يهجو بابل ويشتمها مغروسة جذوره ومادته الدينية فيها على وجه التحديد، ثم انتهت هذه المهزلة حين عرفوا أن مؤلفي التوراة والتلمود كتبوا في بابل مستنسخين تراثها وناسبين هذا التراث لهم ولشعب لم تكن له ملامح إلًا بعد أن سكن في بابل وعاش من خيراتها الطبيعية والاقتصادية والمعرفية، وكوّن دينه فيها. ورغم أن الآثار لم تكشف إلًا عن جزء يسير من التراث البابلي، لكن هذا الجزء كفيل بإعطاء صورة واسعة عن الحضارة البابلية.
يشدد الماجدي علي أنه لسنينٍ طويلة بقي مترددا في مغامرة الخوض في كتابة هذا الكتاب عن الحضارة البابلية٬ بسبب المسئولية الكبيرة التي كان يتحسّب لها خوفًا من عدم إعطاء الصورة الحقيقية والعميقة لحضارة بابل، ولكنه خلال ذلك جمع كل ما جادت به الكتب والبحوث العلمية ورسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراه حول كلّ ما يخصّ بابل.
يقوم الكتاب على أساس تقسيم عناصر أو مظاهر الحضارة إلى 15 عنصرًا أو مظهرًا، سبعة منها تمثل العناصر المادية وسبعة، تناظرها تمثل العناصر الثقافية، أما العنصر 15 وهو (الأخلاق) فقد كان يوازن بين العناصر المادية والثقافية٬ الأخلاق الحضارية هنا لا تمثل فقط سلوك شعب أو شعوب هذه الحضارة بل هي ميزان التجانس بين كلّ ماهو مادي وثقافي من مكونات الحضارة٬ وهي البارومتر المرهف الذي يمكنه أن يعطينا فكرة عن الإيقاع الهارموني العميق لأوركسترا الحضارة المعنية وهي تعزف نشيدها الخاص في تاريخ البشرية.
تكوّن الكتاب من 17 فصلًا استهلها بفصل تمهيدي يضم التعريف العام بتلك الحضارة وأهلها والعلم أو الدراسات التي تدرسها ونبذة عن مصادر دراستها والعلماء الأجانب الكبار الذين بذلوا الجهود في شرح مكوناتها ومظاهرها٬ وتعرّيف ببعض العلماء العراقيين الذي ساهموا في إضاءة جوانبها.
ثم تناول في كلّ فصل، مكوّنا من العناصر المادية ويتبعه الفصل الذي يناظره من العناصر الثقافية، فمثلًا حين تناول فصل المظهر الجغرافي تبعه مباشرة بفصل المظهر التاريخي٬ وحين تناول بعدهما، فصل المظهر السياسي، تبعه بفصل المظهر القانوني لكي يبيّن درجة التكامل والتضاد والتنافر بينهما، وهكذا بقية الفصول.
وفي ختام الكتاب جاء الفصل الأخير المخصص لمعايرة وتقييم ونقد وتفرّد هذه الحضارة، فقد عرضها للتحليل والنقد وخلص من ذلك بنتائج مهمة هي خلاصة الكتاب عن تلك الحضارة.