✿قہہمہہر✿
بزونة المنتدى
- إنضم
- 22 أبريل 2016
- المشاركات
- 129,653
- مستوى التفاعل
- 2,419
- النقاط
- 114
سورة طه
و الهدف واضح منذ بداية السورة =(طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)
و معنى ذلك أن هذا الدين و هذا المنهج ليس لشقاء الناس, و لا يسبب الحزن و البؤس و البعد عن متاع الحياة و ملذاتها كما يتصور البعض, بل على العكس تماماً, فالاسلام دين السعادة الحقيقية فلا شقاء مع الاسلام رغم كل ما يواجهه المسلم في حياته. و الشقاء يكون بالبعد عن شرع الله و ترك طريقه (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)
يخاف بعض الشباب من التدين لأنهم يعتقدون أنهم بتدينهم سوف يجلبون على أنفسهم الكآبة و يخرجون من متع الحياة و أسباب اللهو و الترفيه. فتأتي السورة لتؤكد أن الإسلام هو طريق السعادة و من يحيد عنه فله الحزن في الدنيا و الآخرة.
كيف تشقى و أنت مع الرحمن؟
تبدأ السورة بكلمات تأسر القلوب برقتها 1 – 3 (طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى – إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى) فالقرآن لن يكون شقاء لكم أيها المسلمون, بل هو تذكرة لكم, و هذه التذكرة سبيل لسعادتكم.
5 (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى – الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) و اسمع ممن يأتيك هذا المنهج, من عند الرحمن الرحيم, و اختار الله هذا الاسم من بين أسمائه عز و جل ليوصل لك الرسالة التالية: "إن كان هذا المنهج نزل ممن هو الرحمن الرحيم, فلا و لن يكون سبباً إلا للسعادة و البعد عن الحزن" فكيف تشقى يا أيها الإنسان بمنهج الله و هو الرحمن الرحيم؟!
موسى و السعادة مع منهج الله
و تعرض الآيات نموذجاً كلنا نعرفه: سيدنا موسى عليه السلام, نموذج تعرض لكل اشكال الصعوبات في دعوته, و لكنه كان محاطاً بعناية الله و رعايته. و كأن هذه القصة تقول لنا: ليست الحياة في منهج الله وردية لا مشاكل فيها, فهذه المشاكل و الصعوبات من سنة الله في كونه, فلا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه, و لكنك ايها المؤمن ستواجه مشاكل الحياة بالاستعانة بالله تعالى, و بذلك ستبقى مطمئناً سعيداً و لن تسبب لك هذ المشاكل الحزن و الغم و الكآبة, بل ستعيش سعيداً في كل أحوالك.
كلمات من نور
و قصة سيدنا موسى تحمل في طياتها ملامح رحمة ربنا في وسط صعوبة الحياة و شدتها, و حتى طريقة عرض السورة و اختيار الكلمات يتميزان عن باقي المواضع في القرآن و من ذلك قوله تعالى: 10 (إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى)
و لأن الرسالة شديدة و حملها ثقيل و لأن سيدنا موسى كان يشعر بهيبة الموقف, جاءت الآيات لتهدأ من روعه بسؤال لطيف و سهل للمؤانسة 17(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) و عندما دعا سيدنا موسى ربه دعا بما يعملمه عن هذا المنهج, منهج السعادة و الطمأنينة و التيسير 25 – 27 (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي – وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي – وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)
و تأتي آيات أخرى فيها الرقة و الحنان 21 (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى), 36 (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى), 41 (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي), 46 (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى), 68 (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى). أنظر كيف تتكرر كلمة "لا تخف"!!! و كأن هذا نموذج حي لنصرة الله لعباده المؤمنين. و هذه نتيجة ثقة أم موسى بالله عندما أمرها أن تضعه في صندوق و ترميه في وسط النهر تتقاذفه الأمواج, نعم لقد تعبت أم موسى و جاهدت نفسها, فهل تعبت و جاهدت نفسك و وثقت بمنهج الله و أنه السبيل إلى السعادة و أنك لن تبلغها إلى بقرب الله, فيطمأنها الله بعد هذه الثقة بأن موسى بأعين الله و رعايته و ماذا بعد رعاية الله من رعاية
و إذا العناية راقبتكك عيونها
نم فالحوادث كلهن أمان
من لطائف العناية الربانية
أن الله مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم أمن له الكثير مما أمنه لسيدنا موسى عليه السلام, فدعاء (رب اشرح لي صدري) يقابله قول الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم (ألم نشرح لك صدرك), و قوله تعالى (و لتصنع على عيني) لسيدنا موسى جاء بنفس كلماته تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم (و اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) الطور 48. كل تلك الآيات تقول للنبي صلى الله عليه و سلم: لقد تمت لك هذه الأمور يا محمد (صلى الله عليه و سلم).
ذاق السحرة طعم السعادة
تعرض السحرة للإيذاء الشديد من فرعون, و لكنهم لم يكونوا في شقاء أبداً, فقد قال لهم فرعون متوعداً 71 (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى)
فماذا كان جوابهم؟ 73 (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) كلمات تصدر عن أناس أسلموا منذ لحظات ليبينوا لفرعون من هو الشقي و من هو السعيد 74 – 76 (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى – وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى – جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى)
سعادة تفيص من الآخرة على أيام الدنيا, فيقف المؤمن صلداً أمام طواغيت الأرض لا تهتز له شعرة لأنه فهم الحياة و أنها مجبولة على ذلك, و ذاق معنى السعادة الحقيقية بالقرب من الله تعالى.
الشقاء مع ترك منهج الله
و في نفس القصة نموذج معاكس للسحرة: السامري الذي أضل بني إسرائيل بعبادة العجل, فجاءت آخر آية في قصة موسى عليه السلام تبين شقاء هذا الرجل ببعده عن منهج الله 97 (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)
ثم يأتي التعقيب ليؤكد على هدف السورة, و هو أن:
"السعادة هي في هذا الدين و اتباعه و القرب من الله"
"و الشقاء هو في البعد عن الله و ترك منهجه"
99 – 101 (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا – مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا) ثم يقول تعالى عن سعادة و شقاوة أهل الآخرة 111 – 112 (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا – وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا)
سيدنا آدم و السعادة
و تركز السورة في قصة آدم و حواء على نفس المعنى و نفس الهدف 117 (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) فبين الله أن اتباع ابليس و ترك منهجه هما سبب الشقاء في الآخرة, و تتابع الآيات في بيان أنواع السعادة في الجنة 118 – 119 (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى – وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)
و هذ القاعدة تنطبق على على آدم و ذريته حتى بعد الخروج من الجنة 123 (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)
الشقاء الحقيقي
تكررت كلمة الشقاء و مشتقاتها 3 مرات في السورة (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) حتى لا يخاف أحد من اتباع دين الله, فالسعادة كل السعادة في التمسك بدين الله, أما من أعرض عن هذا المنهج فتاتي آيات رهيبة في تصوير شقاوته في الدنيا و الآخرة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) هذا في الدنيا, و في الآخرة 124 – 127 (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى – قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا – قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى – وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)
أعلى مقامات السعادة
و قمة السعادة أن ترضى عن نفسك و عن حياتك, و ترضى عن الله و تحس برضاه, و هذا كان ختام السورة 130 (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)
كل هذا يؤدي إلى أين؟ 130 (لَعَلَّكَ تَرْضَى)
فتسبيح الله تعالى و ذكره و طاعته هما السبيل المؤدي إلى أعلى درجات السعادة, ألا و هي الرضا, و ماذا تعني السعادة سوى الرضا؟؟؟ الرضا الذي حرم منه الكثيرون رغم متاع الدنيا من المال و النساء و القصور.....
قد حرموا من الرضا الذي يأتي يالقرب من الله, فحرموا السعادة بذلك.
إن كنت تبحث عن السعادة, و أينا لا يفعل, إلى من بحث عن السعادة في كل مكان قلم يجدها, ابحث عنها في سورة طه 1 (طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) فهي ليست سوى بالقرب من الله عز و جل.
و الهدف واضح منذ بداية السورة =(طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)
و معنى ذلك أن هذا الدين و هذا المنهج ليس لشقاء الناس, و لا يسبب الحزن و البؤس و البعد عن متاع الحياة و ملذاتها كما يتصور البعض, بل على العكس تماماً, فالاسلام دين السعادة الحقيقية فلا شقاء مع الاسلام رغم كل ما يواجهه المسلم في حياته. و الشقاء يكون بالبعد عن شرع الله و ترك طريقه (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)
يخاف بعض الشباب من التدين لأنهم يعتقدون أنهم بتدينهم سوف يجلبون على أنفسهم الكآبة و يخرجون من متع الحياة و أسباب اللهو و الترفيه. فتأتي السورة لتؤكد أن الإسلام هو طريق السعادة و من يحيد عنه فله الحزن في الدنيا و الآخرة.
كيف تشقى و أنت مع الرحمن؟
تبدأ السورة بكلمات تأسر القلوب برقتها 1 – 3 (طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى – إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى) فالقرآن لن يكون شقاء لكم أيها المسلمون, بل هو تذكرة لكم, و هذه التذكرة سبيل لسعادتكم.
5 (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى – الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) و اسمع ممن يأتيك هذا المنهج, من عند الرحمن الرحيم, و اختار الله هذا الاسم من بين أسمائه عز و جل ليوصل لك الرسالة التالية: "إن كان هذا المنهج نزل ممن هو الرحمن الرحيم, فلا و لن يكون سبباً إلا للسعادة و البعد عن الحزن" فكيف تشقى يا أيها الإنسان بمنهج الله و هو الرحمن الرحيم؟!
موسى و السعادة مع منهج الله
و تعرض الآيات نموذجاً كلنا نعرفه: سيدنا موسى عليه السلام, نموذج تعرض لكل اشكال الصعوبات في دعوته, و لكنه كان محاطاً بعناية الله و رعايته. و كأن هذه القصة تقول لنا: ليست الحياة في منهج الله وردية لا مشاكل فيها, فهذه المشاكل و الصعوبات من سنة الله في كونه, فلا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه, و لكنك ايها المؤمن ستواجه مشاكل الحياة بالاستعانة بالله تعالى, و بذلك ستبقى مطمئناً سعيداً و لن تسبب لك هذ المشاكل الحزن و الغم و الكآبة, بل ستعيش سعيداً في كل أحوالك.
كلمات من نور
و قصة سيدنا موسى تحمل في طياتها ملامح رحمة ربنا في وسط صعوبة الحياة و شدتها, و حتى طريقة عرض السورة و اختيار الكلمات يتميزان عن باقي المواضع في القرآن و من ذلك قوله تعالى: 10 (إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى)
و لأن الرسالة شديدة و حملها ثقيل و لأن سيدنا موسى كان يشعر بهيبة الموقف, جاءت الآيات لتهدأ من روعه بسؤال لطيف و سهل للمؤانسة 17(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) و عندما دعا سيدنا موسى ربه دعا بما يعملمه عن هذا المنهج, منهج السعادة و الطمأنينة و التيسير 25 – 27 (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي – وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي – وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)
و تأتي آيات أخرى فيها الرقة و الحنان 21 (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى), 36 (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى), 41 (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي), 46 (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى), 68 (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى). أنظر كيف تتكرر كلمة "لا تخف"!!! و كأن هذا نموذج حي لنصرة الله لعباده المؤمنين. و هذه نتيجة ثقة أم موسى بالله عندما أمرها أن تضعه في صندوق و ترميه في وسط النهر تتقاذفه الأمواج, نعم لقد تعبت أم موسى و جاهدت نفسها, فهل تعبت و جاهدت نفسك و وثقت بمنهج الله و أنه السبيل إلى السعادة و أنك لن تبلغها إلى بقرب الله, فيطمأنها الله بعد هذه الثقة بأن موسى بأعين الله و رعايته و ماذا بعد رعاية الله من رعاية
و إذا العناية راقبتكك عيونها
نم فالحوادث كلهن أمان
من لطائف العناية الربانية
أن الله مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم أمن له الكثير مما أمنه لسيدنا موسى عليه السلام, فدعاء (رب اشرح لي صدري) يقابله قول الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم (ألم نشرح لك صدرك), و قوله تعالى (و لتصنع على عيني) لسيدنا موسى جاء بنفس كلماته تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم (و اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) الطور 48. كل تلك الآيات تقول للنبي صلى الله عليه و سلم: لقد تمت لك هذه الأمور يا محمد (صلى الله عليه و سلم).
ذاق السحرة طعم السعادة
تعرض السحرة للإيذاء الشديد من فرعون, و لكنهم لم يكونوا في شقاء أبداً, فقد قال لهم فرعون متوعداً 71 (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى)
فماذا كان جوابهم؟ 73 (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) كلمات تصدر عن أناس أسلموا منذ لحظات ليبينوا لفرعون من هو الشقي و من هو السعيد 74 – 76 (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى – وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى – جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى)
سعادة تفيص من الآخرة على أيام الدنيا, فيقف المؤمن صلداً أمام طواغيت الأرض لا تهتز له شعرة لأنه فهم الحياة و أنها مجبولة على ذلك, و ذاق معنى السعادة الحقيقية بالقرب من الله تعالى.
الشقاء مع ترك منهج الله
و في نفس القصة نموذج معاكس للسحرة: السامري الذي أضل بني إسرائيل بعبادة العجل, فجاءت آخر آية في قصة موسى عليه السلام تبين شقاء هذا الرجل ببعده عن منهج الله 97 (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)
ثم يأتي التعقيب ليؤكد على هدف السورة, و هو أن:
"السعادة هي في هذا الدين و اتباعه و القرب من الله"
"و الشقاء هو في البعد عن الله و ترك منهجه"
99 – 101 (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا – مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا) ثم يقول تعالى عن سعادة و شقاوة أهل الآخرة 111 – 112 (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا – وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا)
سيدنا آدم و السعادة
و تركز السورة في قصة آدم و حواء على نفس المعنى و نفس الهدف 117 (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) فبين الله أن اتباع ابليس و ترك منهجه هما سبب الشقاء في الآخرة, و تتابع الآيات في بيان أنواع السعادة في الجنة 118 – 119 (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى – وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)
و هذ القاعدة تنطبق على على آدم و ذريته حتى بعد الخروج من الجنة 123 (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)
الشقاء الحقيقي
تكررت كلمة الشقاء و مشتقاتها 3 مرات في السورة (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) حتى لا يخاف أحد من اتباع دين الله, فالسعادة كل السعادة في التمسك بدين الله, أما من أعرض عن هذا المنهج فتاتي آيات رهيبة في تصوير شقاوته في الدنيا و الآخرة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) هذا في الدنيا, و في الآخرة 124 – 127 (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى – قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا – قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى – وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)
أعلى مقامات السعادة
و قمة السعادة أن ترضى عن نفسك و عن حياتك, و ترضى عن الله و تحس برضاه, و هذا كان ختام السورة 130 (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)
كل هذا يؤدي إلى أين؟ 130 (لَعَلَّكَ تَرْضَى)
فتسبيح الله تعالى و ذكره و طاعته هما السبيل المؤدي إلى أعلى درجات السعادة, ألا و هي الرضا, و ماذا تعني السعادة سوى الرضا؟؟؟ الرضا الذي حرم منه الكثيرون رغم متاع الدنيا من المال و النساء و القصور.....
قد حرموا من الرضا الذي يأتي يالقرب من الله, فحرموا السعادة بذلك.
إن كنت تبحث عن السعادة, و أينا لا يفعل, إلى من بحث عن السعادة في كل مكان قلم يجدها, ابحث عنها في سورة طه 1 (طه – مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) فهي ليست سوى بالقرب من الله عز و جل.