أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

انباريه ثائره

Well-Known Member
إنضم
25 أكتوبر 2012
المشاركات
530
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
عراق_انبار_حديثه

1001.gif



سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

1002.gif



tl2.gif
tl2.gif
أعضاء المنتدى الموقرون.. سنضع لكم هنا بمشيئة الله سيرة عطرة مختصرة للإمام ( الشافعي ) رحمه الله .. وفيها مولده ونشأته وسيرته وطلبه للعلم وثناء العلماء عليه .. وبعض أقواله ومؤلفاته .. وبعض الرسائل والفوائد من خلال هذه السيرة المختصرة .. وقفنا الله وإياكم لما يحب ويرضى .. و رحم الله هذا الإمام الجليل ..
tl2.gif
tl2.gif



0b47a6541d4f.gif


الإمام الشافعي .. اسمه ومولده .. نشأته



الامام الشافعي احد الائمة الاربعة عند اهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة.. هو أبو عبدالله محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب. وقد ولد بغزة في فلسطين على الأصح وفي رواية بعسقلان ، وفي أخرى باليمن عام 150 هـ لذلك فهو مولود في بلد غريب بعيد عن موطن قومه بمكة والحجاز ، توفي أبوه قبل أن يعرفه محمد ، وتركه لأمه ، وكانت إمرأة من الأزد ، فبدأ الإمام رضي الله عنه حياته وحليفاه اليتم والفقر ، ورأت الأم أن تنتقل بولدها إلى مكة ، فانتقلت به وهو صغير لايجاوز السنتين . قال الشافعي رضي الله عنه : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة -يوم وفاة أبي حنيفة- فقال الناس : مات إمام وولد إمام ، وحملت إلى مكة وأنا إبن سنتين. . وقد رأت أمه رؤيا لما ولدته : رأت كأن كوكب المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ، ثم وقع في كل بلد منه شظية ، فتأول أصحاب الرؤيا أنه خرج من هذه المرأة عالماً يخص علمه في مصر ، ثم يتفرق في سائر البلدان ..


وكان ابوه قد هاجر من مكة الى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيما فقيرا . وشافع بن السائب هو الذي ينتسب اليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، واسر ابوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم اسلم . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.

اما امه فهي يمانية من الازد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل ان ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى لكن الاصح ان ولادته كانت في غزة عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه ابو حنيفة .

ولما بلغ سنتين قررت امه العودة وابنها الى مكة لاسباب عديدة منها حتى لايضيع نسبه ، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه اقرانه ، فأتم حفظ القران وعمره سبع سنين . عرف الشافعي بشجو صوته في القراءة ، قال ابن نصر : كنا اذا اردنا ان نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا الى هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فاذا أتيناه (يصلي في الحرم ) استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فاذا راى ذلك امسك من القراءة . ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة . وكانت هذيل افصح العرب ، ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقدلفتت هذه البراعة انصار معاصريه من العلماء بعد ان شب وكبر ، حتى الاصمعي وهو من ائمة اللغة المعدودين يقول : ( صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس ) وبلغ من اجتهاده في طلب العلم ان اجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير .
0b47a6541d4f.gif


الشافعي ورحلاته وطلبه للعلم



في مكة المكرمة حفظ القرآن وهو حدث ، ثم أخذ يطلب اللغة والأدب والشعر حتى برع في ذلك كله . قال إسماعيل بن يحيى : سمعت الشافعي يقول : حفظت القرآن وأنا إبن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا إبن عشر سنين .

نشأ في طلب العلم عند أهل البادية ، وأخذ لغاتهم وأشعارهم ، وحفظ القرآن وهو صغير . وقال : لم يكن لي مال ، فكنت أطلب العلم في الحداثة ، أذهب إلى الديوان ، استوهب الظهور أكتب فيها . وقد حفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين . وكان يحب الرمي وهو صغير ، وفاق أقرانه ، وأصبح يصيب من كل عشرة أسهم تسعة .

ثم رحل من مكة إلى بني هذيل وبق يفيهم سبعة عشر سنة، وكانوا أفصح العرب ، فأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها ، ثم إنصرفت همته لطلب الحديث والفقه من شيوخهما ، فحفظ الموطأ وقابل الإمام مالك فأعجب به وبقراءته وقال له: يابن أخي تفقه تعل.
وقال له أيضا: يا محمد إتق الله فسيكون لك شأن.

رحل للعلم وهو في العشرين . وقد قال الشافعي : جُعلت لذتي في العلم . .. ولقد كنت يتيماً في حجر أمي ، ولم يكن لها ما تُعطي المعلم ، وكان المعلم قد رضي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب ، وأخفف عنه .و قال : كنت أكتب في الأكتاف والعظام . وقال كذلك قدمتُ على مالك وقد حفظت الموطأ ، فقلت : أريد سماعه ... جزّأ الليل إلى : ثلث يكتب ، وثلث يصلي ، والثالث ينام .

وقد رحل الإمام الشافعي رحلات كثيرة كان لها أكبر الأثر في علمه ومعرفته ،فقد رحل من مكة إلى بني هذيل ، ثم عاد إلى مكة ، ومنها رحل للمدينة ، ليلقى فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه ، وبعد وفاة الإمام مالك رضي الله عنه، رحل إلى بغداد ، ثم عاد إلى مكة ، ثم رجع إلى بغداد ، ومنها خرج إلى مصر.

يقول إبن خلكان:
" وحديث رحلته إلى الإمام مالك مشهور ، فلاحاجة إلى التطويل فيه ، وقدم بغداد سنة 195هـ ، فأقام فيها سنتين، ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة 198هـ فأقام شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة 199هـ وقيل سنة 201هـ ، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة204هـ"..

0b47a6541d4f.gif


 

انباريه ثائره

Well-Known Member
إنضم
25 أكتوبر 2012
المشاركات
530
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
عراق_انبار_حديثه
رد: سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

جمع الإمـام الشافعي لشتى العلوم



حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للامام مالك ورحلت به امه الىالمدينة ليتلقى العلم عند الامام مالك . ولازم الشافعي الامام مالك ست عشرة سنة حتى توفى الامام مالك (179 هجرية ) وبنفس الوقت تعلم على يد ابراهيم بن سعد الانصاري ، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم .
وبعد وفاة الامام مالك (179 هجرية ) سافر الشافعي الى نجران واليا عليها ورغم عدالته فقد وشى البعض به الى الخليفة هارون الرشيدفتم استدعائه الى دار الخلافة سنة (184هجرية ) وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب اليه واطلق سراحه .

واثناء وجوده في بغداد أتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم اهل الرأي ثم عاد بعدها الى مكة واقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي ومن خلال لقاءه بالعلماء اثناء مواسم الحج . وتتلمذ عليه في هذه الفترة الامام احمد بن حنبل .

ثم عاد مرة اخرى الى بغداد سنة ( 195 هجرية ) ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان . مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه (الرسالة ) ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة اربعة من كبار اصحابه وهم احمد بن حنبل ، وابو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الامام الشافعي الى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك الى بغدادسنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد الى مصر .

قدم مصر سنة ( 199 هجرية ) تسبقه شهرته وكان في صحبته تلاميذه الربيع بن سليمان المرادي ، وعبدالله بن الزبير الحميدي ، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من اصحاب مالك . ثم بدأ بالقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال اليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من اتباع الامامين ابي حنيفة ومالك . وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم . وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الاحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق ، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه .

وتطرق احمد تمام في كتابه (الشافعي ملامح وآثار ) كيفية ظهور شخصية الشافعي ومنهجه في الفقه . هذا المنهج الذي هو مزيج من فقه الحجاز وفقه العراق ، هذا المنهج الذي انضجه عقل متوهج ، عالم بالقران والسنة ، بصير بالعربية وادابها خبير باحوال الناس وقضاياهم ، قوي الرأي والقياس .
فلو عدنا الى القرن الثاني الميلادي لوجدنا انه ظهر في هذا القرن مدرستين اساسيتين في الفقه الاسلامي هما مدرسة الراي ، ومدرسة الحديث ، نشأت المدرسة الاولى في العراق وهي امتداد لفقه عبدالله بن مسعود الذي اقام هناك ، وحمل اصحابه علمه وقاموا بنشره . وكان ابن مسعود متأثرا بمنهج عمر بن الخطاب في الاخذ بالرأي والبحث في علل الاحكام حين لا يوجد نص من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه : علقمة بن قيس النخعي ، والاسود بن يزيد النخعي ، ومسروق بن الاجدع الهمداني ، وشريح القاضي ، وهؤلاء كانوا من ابرز فقهاء القرن الاول الهجري . ثم تزعم مدرسة الرأي بعدهم ابراهيم بن يزيد النخعي فقيه العراق بلا منازع وعلى يديه تتلمذ حماد بن سليمان ، وخلفه في درسه ، وكان اماما مجتهدا وكانت له بالكوفة حلقة عظيمة يؤمها طلاب العلم وكان بينهم ابو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهت اليه رئاسة الفقه ، وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه ، والتف حوله الراغبون في تعلم الفقه وبرز منهم تلاميذ بررة على رأسهم ابو يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن ، وزفر والحسن بن زياد وغيرهم ،وعلى يد هؤلاء تبلورت طريقة مدرسة الرأي واستقر امرها ووضح منهجها .

وأما مدرسةالحديث فقد نشأت بالحجاز وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة وغيرهم من فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة ، وكان يمثلها عددكبير من كبار الائمة منهم سعد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري ، والليث بن سعد ، ومالك بن انس . وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة ، فان لم تجد التمست اثار الصحابة ، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز الى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق .
وجاء الشافعي والجدل مشتعل بين المدرستين فأخذ موقفا وسطا ، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين بعد ان تلقى العلم وتتلمذ على كبار اعلامهما مثل مالك بن انس من مدرسة الحديث ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي .

دون الشافعي الاصول التي اعتمد عليها في فقهه ، والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الاصولية "الرسالة " وطبق هذه الاصول في فقهه ، وكانت اصولا عملية لا نظرية ، ويظهر هذا واضحا في كتابه " الام " الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله ، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد الاجتهاد واصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه ، فهو يرجع اولا الى القران وما ظهر له منه ، الا اذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره ،ثم الى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته ، وهو ثقة في دينه ، معروف بالصدق ، مشهور بالضبظ . وهو يعد السنة مع القران في منزلة واحدة ، فلا يمكن النظر في القران دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه ، فالقران يأتي بالاحكام العامة والقواعد الكلية ، والسنة هي التي تفسر ذلك ،فهي التي تخصص عموم القران او تقيد مطلقه ، او تبين مجمله .

ولم يشترط الشافعي في الاحتجاج بالسنة غير اتصال سند الحديث وصحته ، فاذا كان كذلك صح عنده وكان حجة عنده ، ولم يشترط في قبول الحديث عدم مخالفته لعمل اهل المدينة مثلما اشترط الامام مالك ، او ان يكون الحديث مشهورا ولم يعمل راويه بخلافه . ووقف الشافعي حياته على الدفاع عن السنة ، واقامة الدليل على صحة الاحتجاج بالخبر الواحد ، وكان هذا الدفاع سببا في علو قدر الشافعي عند اهل الحديث حتى سموه ( ناصر السنة ) . ولعل الذي جعل الشافعي يأخذ بالحديث اكثر من أبي حنيفة حتى انه يقبل خبر الواحد متى توافرت فيه الشروط ، انه كان حافظا للحديث بصيرا بعلله ، لايقبل منه الا ما ثبت عنده ، وربما صح عنده من الاحاديث ما لم يصح عند أبي حنيفة واصحابه . وبعد الرجوع الى القران والسنة يأتي الاجماع ان لم يعلم له مخالف ، ثم القياس شريطة ان يكون له اصل من الكتاب والسنة ، ولم يتوسع فيه مثلما توسع الامام أبو حنيفة .

حدث الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح ، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيه ومعانيه ، فإذا إرتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فإذا إرتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب إنتصاف النهار ، ثم ينصرف ، رضي الله عنه.

وحدث محمد بن عبدالحكم قال:
ما رأيت مثل الشافعي ، كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث ، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه، وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون لايقومون إلا وهم مذعنون له ، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه. وكان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل إعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتواريخ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى.

قال مصعب بن عبدالله الزبيري:
"ما رايت أعلم بأيام الناس من الشافعي".

وروي عن مسلم بن خالد أنه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو إبن ثمان عشرة سنة:
"أفت أبا عبدالله فقد آن لك أن تفتي".

وقال الحميدي:
كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم، حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا..
0b47a6541d4f.gif


يتبع
1004.gif


 

انباريه ثائره

Well-Known Member
إنضم
25 أكتوبر 2012
المشاركات
530
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
عراق_انبار_حديثه
رد: سيرة الإمام الشافعي رحمه الله


1001.gif



تابع سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

1002.gif





ثـناء العلمـاء على الإمـام الشافعي


اعتبره العلماء من المجددين ، كما ورد في الحديث (( إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )) أخرجه أبو داود ، وصححه الحافظ وابن باز . وقد قال الإمام أحمد : فنظرنا فإذا رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز ، وفي رأس المائتين الشافعي .وقال عبد الله ابن الإمام أحمد لأبيه : يا أبت أي رجل كان الشافعي فإني سمعتك كثيراً تدعو له ؟ فقال لي : يا بُني كان الشافعي كالشمس للدنيا ، والعافية للناس .

وقال أحدهم : لو أن الشافعي ناظر هذا العمود الذي من حجارة أنه من خشب لغلب ، لاقتداره على المناظرة .. قال : سُمّيت ببغداد (( ناصر الحديث )) ..


0b47a6541d4f.gif


تواضع الإمام الشافعي وورعه وعبادته

كان الشافعي رضي الله عنه مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق ، تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لأقرانه ولتلاميذه وللناس . وقال الحسن بن عبدالعزيز الجروي المصري:
قال الشافعي: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ ، وما في قلبي من علم ، إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي. ..
قال حرملة بن يحيى: قال الشافعي: كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه ، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق.
قال الشافعي رضي الله عنه: والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
وقال أيضا:
ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما إلا هبته و إعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني. وقال: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف. وأما ورعه وعبادته فقد شهد له بهما كل من عاشره استاذا كان أو تلميذا ، أو جار ،أو صديقا.

قال الربيع بن سليمان:
كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في صلاة.
وقال أيضا:
قال الشافعي : والله ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتهالأن الشبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال : أيضا : كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب ، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام...

ولنتطرق الآن الى بعضا من أقوال الشافعي التي تبين عقيدته :
في جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي من رواية أبي طالب العشاري ما نصه قال وقد سئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به فقال : " لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم امته لا يسع احد من خلق الله عز وجل قامت لديه الحجة ان القران نزل به وصحيح عنده قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل خلافه فان خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله عز وجل فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لان علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية والفكر ، ونحو ذلك اخبار الله عز وجل انه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل : [ بل يداه مبسوطتان ] وأن له يمينا بقوله عز وجل : [ والسموات مطويات بيمينه ] وأن له وجها بقوله عز وجل : [ كل شيء هالك الا وجهه ] وقوله : [ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ] وأن له قدما بقوله صلى الله عليه وسلم : (حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) يعني جهنم . وقوله صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله عز وجل : ( أنه لقي الله عز وجل وهو يضحك اليه ) وأنه يهبط كل ليلة الى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اذ ذكر الدجال فقال انه أعور وان ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر ) وأن له أصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب الا هو بين أصبعين من أصايع الرحمن عز وجل ) ، وأن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدرك حقه ذلك بالذكر والدراية ويكفر بجهلها أحد الا بعد انتهاء الخبر اليه وان كان الوارد بذلك خبرا يقوم في الفهم مقام المشاهدة في ا لسماع "وجبت الدينونة " على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كمن عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نثبت هذه الصفات وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ] ……….. "وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال الشافعي : " من قال القران مخلوق فهو كافر " .

وأورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال : "ان مشيئة العباد هي الى الله تعالى ولا يشاؤن الا ان يشاء الله رب العالمين فان الناس لم يخلقوا اعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى أفعال العباد وان القدرخيره وشره من الله عز وجل وان عذاب القبر حق ومساءلة أهل القبور حق والبعث حق والحساب حق والجنة والنار حق وغير مما جاءت به السنن " .
وأخرج ابن عبد البر عن الربيع قال : سمعت الشافعي يقول " الايمان قول وعمل واعتقاد بالقلب ألا ترى قول الله عز وجل : [وما كان الله ليضيع ايمانكم ] يعني صلاتكم الى بيت المقدس فسمى الصلاة ايمانا وهي قول وعمل وعقد " . كما واخرج البيهقي عن ابي محمد الزبيري قال : قال رجل للشافعي : أي الاعمال عند الله افضل ؟ قال الشافعي : " ما لا يقبل عملا الا به " قال وما ذاك ؟ قال : " الايمان بالله الذي لا اله الا هو أعلى الاعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا " قال الرجل : ألا تخبرني عن الايمان قول وعمل أو قول بلا عمل ؟ قال الشافعي : " الايمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل " قال الرجل : صف لي ذلك حتى أفهمه . قال الشافعي : "ان للايمان حالات ودرجات وطبقات فمنها التام المنتهي تمامه والناقص البين نقصانه والراجح الزائد رجحانه " قال الرجل : وان الايمان لايتم وينقص ويزيد ؟ قال الشافعي : " نعم " قال الرجل : وما الدليل على ذلك ؟ قال الشافعي : " ان الله جل ذكره فرض الايمان على جوارح بني ادم فقسمه فيها وفرقه عليها فليس من جوارحه جارحة الا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى فمنها : قلبه الذي يعقل به ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر الا عن رأيه وأمره ومنها : عيناه اللتان ينظر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي ألباه من قبله ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه. فرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه . فأما فرض الله على القلب من الايمان : فالاقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله لا اله الا هو وحده لا شريك له لم يتخذ صاجبة ولا ولدا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عند الله من نبي او كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله [الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا ] وقال : [ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ] وقال : [ من الذين قالوا امنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ] وقال : [ وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ] فذلك ما فرض الله على القلب من ايمان وهو عمله وهو رأس الايمان . وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقر به فقال في ذلك : [ قولوا امنا بالله ] وقال : [ وقولوا للناس حسنا ] فذلك ما فرض الله على اللسان من القول والتعبير عن القلب وهو عمله والفرض عليه من الايمان .

وفرض الله على السمع ان يتنزه عن الاستماع الى ما حرم الله وان يغض عن ما نهى الله عنه فقال في ذلك : [وقد نزل عليكم في الكتاب أن اذا سمعتم ايات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم اذا مثلهم ] ثم استثنى موضع النسيان فقال جل وعز :[واما ينسينك الشيطان ] أى : فقعدت معهم [فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ] وقال : [ فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الالباب ] وقال : [ قد أفلح المؤمنون الذين هم قي صلاتهم خاشعون ] الى قوله : [ والذين هم للزكاة فاعلون ] وقال : [ واذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ] وقال : [ واذا مروا باللغو مروا كراما ] فذلك ما فرض الله جل ذكره على السمع من التنزيه عما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان .
وفرض على العينين ألا ينظر بهما ما حرم الله وأن يغضهما عما نهاه عنه فقال تبارك وتعالى في ذلك : [قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ] الايتين : ان ينظر احدهم الى فرج أخيه ويحفظ فرجه من أن ينظراليه . وقال : كل شيْ من حفظ الفرج في كتاب الله فهو من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر . فذلك ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملهما وهو من الايمان . ثم أخبر عما فرض على القلب والسمع والبصر في اية واحدة فقال سبحانه وتعالى في ذلك : [ ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا ]

قال : يعني وفرض على الفرج : أن لا يهتكه بما حرم الله عليه : [ والذين هم لفروجهم حافظون ] وقال : [ وما كنتم تسترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ] الاية يعني بالجلود : الفرج والافخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عما لا يحل له وهو عملهما .

وفرض على اليدين ألا يبطش بهما الى ما حرم الله تعالى وأن يبطش بهما الى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات فقال في ذلك : [ياأيها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق ] الى اخر الاية وقال :[فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء ] لآن الضرب والحرب وصلة الرحم والصدقة من علاجها .

وفرض على الرجلين ألآ يمشي بهما الى ما حرم الله جل ذكره فقال فى ذلك : [ولا تمش في الارض مرحا انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا ] . وفرض على الوجه السجود لله بالليل والنهار ومواقيت الصلاة فقال في ذلك : [ ياايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ] وقال :[(وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ] يعني المساجد :ما يسجدعليه ابن ادم في صلاته من الجبهة وغيرها .
قال : فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح وسمى الطهور والصلوات ايمانا في كتابه وذلك حين صرف الله تعالى وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة الى بيت المقدس وأمره بالصلاة الى الكعبة وكان المسلمون قد صلوا الى بيت المقدس ستة عشر شهرا فقالوا يارسول الله أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها الى بيت المقدس ما حالها وحالنا ؟ فانزل الله تعالى : [ وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤف رحيم ] فسمى الصلاة ابمانا فمن لقي الله حافظا لصلواته حافظا لجوارحه مؤديا بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها - لقي الله مستكمل الايمان من اهل الجنة ومن كان لشيء منها تاركا متعمدا مما أمر الله به – لقي الله ناقص الايمان " .

قال عرفت نقصانه وتمامه فمن اين جاءت زيادته ؟ قال الشافعي : " قال الله جل ذكره : [ واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا فأما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم وماتوا وهم كافرون ] وقال : [ انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى ] .

قال الشافعي : ولو كان هذا الايمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة - لم يكن لاحد فيه فضل واستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله (في الجنة ) وبالنقصان من الايمان دخل المفرطون النار .

0b47a6541d4f.gif



 

انباريه ثائره

Well-Known Member
إنضم
25 أكتوبر 2012
المشاركات
530
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
عراق_انبار_حديثه
رد: سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

0b47a6541d4f.gif


من أقوال الإمام الشافعي



- طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .
- قال لبعض أصحاب الحديث : أنتم الصيادلة ونحن الأطباء .
- من تعلم القرآن عظمت قيمته ، ومن تكلم في الفقه نما قدره ، ومن كتب الحديث قويت حجته ، ومن نظر في اللغة رق طبعه ، ومن نظر في الحساب جزل رأيه ، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه .
- المراء في الدين يُقسي القلب ويورث الضغائن .
- قال للربيع : لا تخوضن في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن خصمك غداً هو النبي صلى الله عليه وسلم .
- وددتُ أن الناس تعلموا هذا العلم مني على أن لا يُنسب إلي منه شيء .
- ما ناظرتُ أحداً إلا على النصيحة .

- كل ما قلته وهو خلاف الدليل ، فاضربوا بقولي عرض الحائط .
- العلم علمان : علم الدين وهو الفقه ، وعلم الدنيا وهو الطب ، وما سواه فعناء وعبث ، وقال عن علم الطب : ضيعوا ثلث العلم ووكلوه إلى اليهود والنصارى .
- تعبَّد من قبل أن ترأس ، فإنك إن ترأست لم تقدر أن تتعبد .
- لا يبلغ أحد في هذا الشأن حتى يُضِّر به الفقر ، ويؤثره على كل شيء .
- رضى الناس غاية لا تدرك ، وليس إلى السلامة منهم سبيل ، فعليك بما ينفعك فالزمه .
- العلم ما نفع ، ليس العلم ما حفظ .
لو أعلم أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته .
- العاقل من عقله عقله عن كل مذموم .
- سياسة الناس أشد من سياسة الدواب .


يتبع
1004.gif
 

انباريه ثائره

Well-Known Member
إنضم
25 أكتوبر 2012
المشاركات
530
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
عراق_انبار_حديثه
رد: سيرة الإمام الشافعي رحمه الله


1001.gif



كيف لنا أن نستفيد من سيرة الإمام الشافعي

1002.gif





كيف لنا أن نستفيد من سيرة الإمام الشافعي ونقتدي بها؟



سؤال هام يطرح عندما نتحدث عن حياة شخص اشتهر في زمنه وبرز بين معاصريه وبقي أثره العلمي ومنهجه الفقهي على مدى قرون عديدة من الزمن.وبالطبع فإنه لا يمكن أن يكون له هذا الدور في حياته وأن يكون له هذا الأثر بعد رحيله ، إلا إذا كان مميزاً في العديد من الصفات وإلا إذا كان يتمتع بشخصية سارت على أسلوب يمكن أن يكوِّن معالم في الطريق تهدي الكثيرين يستفيدوا من محطات حياته وسيرته ومواقفه.
الإمام الشافعي– رحمه الله– وقد مرت ذكرى وفاته منذ فترة وجيزة، فقد توفي يوم 30 رجب 204، أي أن وفاته مرت عليها 1221 سنة وما زال هذا الرجل يذكر بكل خير وسيبقى رمزاً لكثير من العناصر الحياتية التي تؤدي إلى النجاح والبروز والتفوق العلمي.

وعندما نتكلم عن الإمام بهذا الأسلوب، ولا يخرج كلامنا من منطلق التعصب له والمبالغة في مدحه، فكل ما يمكن أن نتحدث به ويتحدث به غيرنا إنما ينطلق من واقع هذا الرجل بل ربما يقصر الكلام عن أن يفيه حقه، أو أن يحيط بأبعاد منهجه وفكره وربما يكفي أن نقول أنه ما دام لهذا الإنسان ذلك الأثر بعد تلك السنين معناه أنه كان إنساناً غير عادي بحياة غير عادية وسيرة غير عادية.

والغير اعتيادية هذه معناها: التفوق والعظمة والتقدم وكل ما يمكن أن يعبر عن هذه المعاني من ألفاظ.
لن نتكلم اليوم عن سيرة حياته، فقد سبق لزملاء كرام أن تناولوا هذا الجانب، وكذلك لن نلجأ إلى التغني بعظمة منهجه العلمي وإنجازاته الأصولية والفقهية وأهمية دوره في هذا النطاق، فقد تعددت محاضرات هذه السلسلة التي درست هذه النواحي.

ما سنقوم به هو تناول المحطات الأساسية في سيرته ومواقفه وبعض الشيء من مناهجه العلمية، لتحليل هذه المسائل وإبراز معانيها وكيفية استفادتنا منها بهذا العصر.ذلك أن عظمة الإنسان تكمن في أن أفعاله ومواقفه وأقواله تبقى مشعلاً يضيء الطريق ودليلاً يهدي إلى العلم والحق.

برزت في سيرة الإمام الشافعي محطات هامة وأساليب حياتية معينة تدل على معانٍ كبيرة، سنحاول أن نركز على المبادئ التي حكمت مسيرته لنحدد بالتالي النقاط التي يمكن لنا أن نستفيد منها من حياة هذا الإمام الكبير.


0b47a6541d4f.gif

- التميز بين متفوقين:
عناية الإنسان بما أعطاه الله من مواهب والعمل على تنميتها ليتسلم مراكز أو مقامات هامة في الحياة وليكون مؤثراً في المجال الذي يتقنه أي أن يكون متميزاً وبارزاً وليس مجرد مخلوق يعيش على هامش الدنيا، هذه القضية هي مطلب إسلامي أساسي على المسلم أن يعمل له، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب المؤمن المحترف، وقال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه، وقال: حسنوا هيئاتكم حتى تكونوا شامة بين الناس.

إذن هي توجيهات هامة في الحياة فدور المسلم هو القيادة وكونه قدوة يفيد الآخرين ولا يكون مجرد أمعة تابعاً لا دور له، إيجابياً غير سلبي، متقناً غير فاشل، وإلا فكيف يكون شامة بارزة بين الناس ينظر إليه بكل احترام وتقدير.

هكذا كان الإمام الشافعي رضي الله عنه، بل لم يكن تميزه عادياً، بل كان متميزاً بين متفوقين. لقد عاش الإمام في القرن الهجري الثاني وهي الفترة التي شهدت استقراراً في دولة الإسلام وامتداد سلطانها وازدهار الحياة فيها، حتى كان هذا الزمن هو زمن إحياء العلوم ونهضة الفكر ومن أزهى العصور التي امتد أثرها لما بعدها من أزمان، وظهرت فيها مجموعة من العلماء الكبار في شتى العلوم التي انطلق أكثرها في ذلك الوطن من أصول وفقه وحديث رواية وتدويناً ثم ازدهار كبير في علوم الحياة عن طريق الترجمة والإبداع في الجديد من العلوم.

في هذا الجو الممتلئ بالعلم والعلماء والمتفوقين عاش الإمام رحمه الله فاستفاد من جميع الثروة العلمية المتوفرة، وبقوة تطلعه وجهده وبتوفيق الله له خرج على الناس بآرائه ومذهبه ودوره في حل المشكلات الجانية للمسلمين في ضوء القرآن والسنة. فأن يبرز الإنسان في هذا الجو العلمي المتميز معناه أنه كان متميزاً ومبدعاً على درجة عالية من التميز والإبداع، وإلا لما كان لنوره أن يسطع بين هذه المشاعل الكبرى.
وهكذا هو المسلم الحقيقي على ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم محترفاً متقناً شامة بين الناس.


0b47a6541d4f.gif


2- مسألة فقر الحال ودافعية التعلم:
لا شك أن الفقر مانع أساسي من الحصول على متطلبات الحياة وحاجات الإنسان، بل ربما يكون سبباً من أسباب سوء الخلق والدين والجهل والتخلف وكثير من مفاسد الأمور خصوصاً وأن النبي صلى الله عليه وسلم سوّى بين الكفر والفقر في الاستعاذة منهما: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر.

وفي الوقت نفسه يمكن للمرء إذا حسنت نيته وصلح عمله أن يتجاوز صعوبات الفقر ومعوقاته، بل ربما يكون له دافعاً لتغيير وضعه إلى الأفضل والمحاولة المستمرة للتغيير.

والإمام الشافعي نشأ يتيماً فقيراً، فقد توفى والده وهو في عمر لا يتجاوز العامين، وآثرت أمه أن تعود به من غزة حيث سكنت العائلة إلى مكة المكرمة حيث يمكن لها أن تحصل له على سهم من بيت مال المسلمين، إلا أنه عاش عيشة الفقراء، فقد كانت أمه لا تجد ما تعطيه إلى المعلم. ولكنه في هذا الجو القاتم والعمر المبكر بدت عليه مظاهر الذكاء وعلامات النبوغ التي ساعدته في التعلم مجاناً عندما تعرف عليه معلم الكتاب الذي قبله في تلامذته دون أجر تقديراً منه لذكاء الصبي وقدرته الفائقة على الحفظ.

واستمر حال الفقر معه حتى عندما شب وتردد على العلماء للأخذ عنهم فقد كان لا يجد ثمن الورق الذي يدون عليه ما يتعلمه، فيعمد إلى التقاط العظام والخزف وشيء من الأحجار ليكتب عليها، وكان هذا نتيجة شغفه الشديد بالتعلم، الذي حول العوائق السلبية إلى ايجابيات دافعة وعناصر الضعف إلى منشطات القوة وقد روي عنه أنه قال: ما أفلح في العلم إلا من طلبه في القلة، ولقد كنت أطلب ثمن القراطيس فتعسَّر عليّ.


0b47a6541d4f.gif


3- القوة النفسية والحرص على معالي الأمور:
إن التفوق العلمي ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور قضايا كبرى في الحياة يتطلع إليها الناس ويسعون إليها وقليل منهم من يدركها ذلك أنها تحتاج إلى نفسيات خاصة تلتقي فيها الجرأة والحرص مع القوة النفسية، يساعدها العقل الرصين والنسب الرفيع، وكل هذه العناصر هامة تؤهل المرء للوصول إلى المقامات العليا.
والإمام الشافعي كان يجمع كل هذه الأمور والعناصر الضرورية التي تجعله يتجه إلى معالي الأمور، فقد كان ذو حرص شديد على التعلم عند كبار العلماء ويتمتع بجرأة واضحة في التعامل معهم، وقصته مع الإمام مالك عندما ذهب إليه في المدينة معروفة، في الوقت الذي كان الإمام مالك ذا شهرة طبقت الآفاق يتناقل الناس كتابه الموطأ بحرص شديد ويرددون آراءه الفقهية، فكانت جرأة الإمام سبباً في قبول الإمام مالك له للأخذ عنه.

وكذلك كانت جرأته في قول الحق ما أنقذ حياته عند الخليفة هارون الرشيد عندما حيكت له مؤامرة خلال عمله في نجران.
هذه الناحية النفسية عبر عنها الإمام نفسه شعراً فيما روى عنه:


أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب وفيضي آبار تبريز تبراً
أنا إن شئت لست أعدم قوتاً وإذا مت لست أعدم قبراً
همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى الذلة كفراً
وإذا ما قنعت بالقوت عمري فلماذا أهاب زيداً وعمراً

هذا الشعر يتضمن وصف القوة النفسية لصاحبه وهي قوة هائلة ومصدر من مصادر السكينة والسعادة، والتي إن عاشها الإنسان فلن يذل لمخلوق ولا يحني رأسه إلا لربه، وهذا هو الرضا الحقيقي.


0b47a6541d4f.gif

- قضية إتقان اللغة كأساس للانطلاق العلمي:
معرفة أصول اللغة وإتقانها والتمكن من الآداب شعراً ونثراً أدوات أساسية لانطلاقة علمية صحيحة تؤهل صاحبها للسير في طريق العلم ضمن ضوابط ومؤهلات رفيعة تمكنه من الفهم والتحليل والجدل. أدرك الشافعي هذا الأمر فبدأ يتردد منذ صغره على البادية وبقي فترة لدى قبيلة هذيل التي كانت أفصح العرب، وكان لهذا الأمر أثر في فصاحته وبلاغته فيما يكتب، وقد اعترف معاصروه بقدرته اللغوية حتى أن الأصمعي وهو من أئمة اللغة قال: صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس.


0b47a6541d4f.gif


5- الرحلة في طلب العلم:
الرحلة إلى مناطق متعددة أسلوب في تلقي العلم شاع ابتداءً من منتصف القرن الأول بدأه أصحاب الرواية للحديث النبوي الذين حرصوا على تلقي الرواية من رواتها الأساسيين طلباً للسند العالي، ثم انتقل هذا الأسلوب إلى كل ما يتعلق بالطلب العلمي في سائر الفروع وذلك لأن الأسفار تفتق الذهن وترهف الحس إضافة إلى ما تعطيه من معرفة بالعلماء والعلوم مع التعرف على أحوال الناس في شتى المجتمعات وهذه من لوازم الفقيه في معرفة الناس ودخائل المجتمعات وإدراك المشاكل ليتمكن من وصف الحلول بناءً على معرفة الواقع.

والإمام رحمه الله أثناء أخذه للعلم كان مكثراً من الرحلة في طلب العلم زائراً كل المدن التي أصبحت مراكز علمية، يلتقي الناس حول علمائها لينهلوا من علمهم، وهو الذي ما زال ينتقل حتى استقر به الأمر في مصر... ولا شك أن هذه الأشعار أعطته من الخبرات والرؤى الشيء الكثير وأمدت علمه الواسع بإضافات كبيرة.

0b47a6541d4f.gif

- تعدد المصادر العلمية للتكوين العلمي المستقل:
شهد القرن الهجري الثاني ظهور مدرستين في الفقه الإسلامي، مدرسة الرأي في العراق والتي كان من ائمتها إبراهيم النخفي وحماد بن سليمان وأبو حنيفة النعمان وتلامذته كأبي يوسف ومحمد بن الحسن. أما مدرسة الحديث في الحجاز فقد كان من أئمتها في القرن الثاني الإمام مالك والليث بن سعد وابن شهاب الزهري.

كان الجدل والنقاش مشتعلاً بين المدرسين في مجال استنباط الآراء الفقهية، إلى جانب عدد كبير من المذاهب الفقهية.

والشافعي في هذا الجو لم يلتزم مدرسة بعينها فقد تلقى الفقه والحديث على شيوخ تباعدت آرائهم وتخالفت مناهجهم فجمع فقه أكثر المذاهب المعروفة في عصره، فبرع في مدرسة الحديث في المدينة آخذاً على مالك ومدرسة الحديث في العراق آخذاً من محمد بن المحسن، وفقه الليث بن سعد في مصر وفقه الأوزاعي، وكان ابن عباس مثله الكامل.

روى عن تسعة عشر من كبار المشايخ: 5 من مكة و6 من المدينة و4 من اليمن و4 من العراق.

كوَّن الشافعي من كل ذلك بقوة ذهنه وتمكنه من العلوم مزيجاً فقهياً محكماً تلاقت فيه كل النزعات متعادلة متآلفة فقدم للناس مذهباً فقهياً استمر حتى اليوم وكان أول من دوَّن في علم أصول الفقه.

هذا يعلمنا أن التنوع في الأخذ عن العلماء يساعد على كثرة العلم وتفتح الذهن وتوسع العقل لإدراك الخلاف ومعرفة الأدلة، وهو المساعد الأساسي على الاستقلال العلمي وإيجاد النقاط التي تجمع بين المتخالفين. لذلك نجد أن الشافعي له مكانته عند أهل الحديث وكذلك عند أهل الرأي.
لم يكن ليتهيأ هذا الإبداع العلمي في تكوينه لمذهبه أو في كتابته لأصول الفقه إلا بواسطة هذا المنهج الذي اتبعه في عدم التقيُّد بمدرسة فكرية واحدة بل لا بد من التعرف على الجميع وأخذ العلم أين وجد ولا يهم الوعاء الذي يحمل العلم بل المهم هو العلم الذي في الوعاء.


0b47a6541d4f.gif


7- فهم الواقع وإيجاد الحلول:
بقي الشافعي يتنقل ما بين مكة وبغداد ناشراً علمه ومذهبه وكتبه، إلا أنه رغب أخيراً في الابتعاد عن مركز الخلافة وأمور السياسة، وانتهز دعوة والي مصر له ليرحل إلى هذه البلاد التي كان ينتشر فيها مذهب الإمام مالك.

رحل إلى مصر يرافقه بعض تلامذته وتسبقه شهرته وتقدير العلماء له وبدأ بإلقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فأقبل عليه الناس وقصده الكثيرون من خارج مصر، وبذلك تعرّف على واقع جديد في مصر يختلف في كثير من المسائل مع الواقع الذي عرفه في الحجاز والعراق، مما ألجأه إلى إصدار أحكام وفتاوى في مصر خالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق، وهناك ألف كتابه الأم الذي هو إعادة نظر في كتاب سابق له كما أعاد النظر في كتابه الرسالة المتضمن مساهمته في علم أصول الفقه ونصرته للسنة النبوية.
معنى هذا أن على الفقيه المجتهد أن يعرف واقع مجتمعه والتعرف على السائر فيه وأن يحاول ضمن ضوابط القرآن والسنة أن يجد الحلول لمشاكل المجتمع ومسائله، كما وأنه في حال تعرفه على واقع جديد مخالف للسابق عليه أن يعيش هذا الواقع الجديد ويبحث له عن الحلول الفقهية غير متمسك بآرائه القديمة. فالفقيه عليه أن يعثر على الحلول الشرعية لا أن يقيد الناس بأحكام لا تتآلف وأوضاعهم.
هكذا كانت عظمة الإمام الشافعي الذي وضع مذهبه الجديد في مصر وطلب من الناس ألا يأخذوا إلا به ويتركوا ما كان قد قال به في السابق.

وهكذا كانت عظمته وتفاعله مع قضايا المجتمع، حيث أدرك مهمة الفقيه المجتهد وقام بهذا الدور خير قيام رحمة الله عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
sauds2xv0.gif
 

ابومايا

Well-Known Member
إنضم
1 ديسمبر 2013
المشاركات
192
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
راوه
رد: سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

بارك الله فيكي يالغلا ع هذا الطرح المفصل والمفيد

رحم الله امامنا الشافعي بانتضار سيرة باقي الائمه وشكرا لك

يسلمووووووو يالغلا كله
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )