- إنضم
- 26 يونيو 2023
- المشاركات
- 107,526
- مستوى التفاعل
- 105,981
- النقاط
- 2,003
قرأت عن أدولف هتلر، فما وجدت فيه عظمةً بقدر ما وجدت عبرة. رجلٌ اجتمعت له أدوات القوة، فظن أنه ملك الدنيا، فحارب بها الجميع، وسقط منها سريعًا كما يرتفع دخان نار مشتعلة ثم ينطفئ.
كان هتلر شابًا بسيطًا في بدايته، نشأ في بيئة فقيرة، وواجه الرفض في دراسته للفنون. ولعلّ في هذا الرفض جذورًا لما حمله لاحقًا من كراهية وتحدٍّ وعناد. فلما قامت الحرب العالمية الأولى، دخلها جنديًا صغيرًا، ثم خرج منها ناقمًا على بلاده وأقدارها، لا مؤمنًا ولا راضيًا، بل حاقدًا، وفي صدره غيظ كامن.
وحين كتب كتابه المشهور "كفاحي"، كشف فيه عن فكرٍ متعصّب، لا يعرف من الوطنية إلا الغلو، ولا من التاريخ إلا ما يؤيد رأيه. فكانت نظرته للعالم ضيقة، تقيس الأمم بالعرق، وتزن الناس بالدم، وتنظر إلى المخالف كعدو يجب أن يُباد، لا إنسان يُفهم أو يُناقش.
ارتقى هتلر إلى الحكم لا بحجة العقل، بل بخطاب يلهب العواطف ويُخدِّر الجماهير. وعد قومه بالعظمة، فتبِعوه، وأوقد فيهم نار الكبرياء، فظنوا أنهم فوق الناس، وأن لهم حق الهيمنة. ومن هنا بدأت الكارثة.
قاد ألمانيا إلى حرب عالمية أرادها بركانًا، فالتهمت ما حوله، ثم التهمته هو. مات ملايين من البشر، ودُمّرت بلاد، وشُرِّدت شعوب، وكانت النهاية في قبوٍ مظلم، حيث انتحر الرجل الذي أراد أن يملك العالم، فلم يملك في النهاية إلا رصاصة الرحيل.
إن هتلر لم يكن مجرد رجل في التاريخ، بل درسٌ يجب أن يُقرأ في كل مدرسة، وعبرة لكل من يظن أن الحكم بالقوة يدوم، وأن التعصب طريق للمجد. فالدنيا لا تُبنى على الكراهية، ولا الأمم تعلو بالعنف، ولا المجد يُنال بالقهر.
في قصة هتلر بيانٌ لمن يعتبر: أن الغرور، إذا سكن النفس، أعمى؛ وإذا استوطن الحكم، أفسد؛ وإذا سيطر على الأمة، أسقطها من عليائها إلى أسفل سافلين.