ابو مناف البصري
المالكي
مع هذه القصة القصيرة وهي من روائع الأدب الروسي
للكاتب "أنطون تشيخوف":
يقول فيها يحكى ان فلاح عجوز حمل زوجته المريضة معه في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل،
حملها إلى مدينة بعيدة لعلاجها.
وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث،
يفضفض مع نفسه.. كأنما يناجي نفسه، وفي الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل،
وتتحمل وحدها أعباء البيت كله.
الآن.. أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية،
وأنه وجب عليه الآن، أن يعاملها بلطف ولين، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة اللتي كان عليه ان يسمعها لها من قبل،
قال لها إنه ظلمها، وأن الحياة أيضا ظلمتها، لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة، أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة
من حنانه وحبه لها!
وظل الرجل يتحدث بحزن وأسى طوال الطريق والكلمات تحفر لها في النفس البشرية.. مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة. ليعوضها ـ بالكلمات ـ عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها…
عندما وصل المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه لأول مرة في حياته إلى الطبيب ولكن وجدها قد فارقت الحياة.. كانت جثة باردة.. ماتت بالطريق.. ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي!
و هنا تتوقف قصة الألم، التي كتبها تشيخوف ليتركنا نحن مثل الفلاح العجوز الذي كان يناجي نفسه ولكن بعد فوات الأوان. فان الكلمات لم تعد مجدية الآن..
لانها فقدت مغزاها!
نحن لا نعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات!
أن تقدم وردة في وقتها خيرٌ من أن تقدم كل ما تملك بعد فوات الأوان..
أن تقول كلمة جميلة في الوقت المناسب خير من أن تكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر..
لا جدوى من الأشياء اللتي تأتي متأخّرة عن وقتها. كقُبلة اعتذار على جبين ميّت.
"فلا تؤجل عمل الأشياء الجميلة.
فقد لا يكون متسع لتقديمها او سماعها مره اخرى.
او اعادت عملها. عندها لا يفيد الندم بعد العدم.
فالمواقف قد لا تتكرر مرة أخرى."
للكاتب "أنطون تشيخوف":
يقول فيها يحكى ان فلاح عجوز حمل زوجته المريضة معه في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل،
حملها إلى مدينة بعيدة لعلاجها.
وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث،
يفضفض مع نفسه.. كأنما يناجي نفسه، وفي الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل،
وتتحمل وحدها أعباء البيت كله.
الآن.. أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية،
وأنه وجب عليه الآن، أن يعاملها بلطف ولين، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة اللتي كان عليه ان يسمعها لها من قبل،
قال لها إنه ظلمها، وأن الحياة أيضا ظلمتها، لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة، أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة
من حنانه وحبه لها!
وظل الرجل يتحدث بحزن وأسى طوال الطريق والكلمات تحفر لها في النفس البشرية.. مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة. ليعوضها ـ بالكلمات ـ عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها…
عندما وصل المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه لأول مرة في حياته إلى الطبيب ولكن وجدها قد فارقت الحياة.. كانت جثة باردة.. ماتت بالطريق.. ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي!
و هنا تتوقف قصة الألم، التي كتبها تشيخوف ليتركنا نحن مثل الفلاح العجوز الذي كان يناجي نفسه ولكن بعد فوات الأوان. فان الكلمات لم تعد مجدية الآن..
لانها فقدت مغزاها!
نحن لا نعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات!
أن تقدم وردة في وقتها خيرٌ من أن تقدم كل ما تملك بعد فوات الأوان..
أن تقول كلمة جميلة في الوقت المناسب خير من أن تكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر..
لا جدوى من الأشياء اللتي تأتي متأخّرة عن وقتها. كقُبلة اعتذار على جبين ميّت.
"فلا تؤجل عمل الأشياء الجميلة.
فقد لا يكون متسع لتقديمها او سماعها مره اخرى.
او اعادت عملها. عندها لا يفيد الندم بعد العدم.
فالمواقف قد لا تتكرر مرة أخرى."