للكثير منا، إن لم يكن جميعنا، صارت الطيور ريش ملون ومناقير، والحيوانات فراء وجلود ومخالب وأظفار، واختصرنا البقية في ذيول وحراشيف وزعانف وخياشيم! وفي خضم هذا التصنيف البصري الذي اعتدناه، نسينا جمال وروعة التركيب والبنية الداخلية لكل المخلوقات؛ حتى إذا واتتنا الفرصة واطلعنا على هذه البُنى الإعجازية، كان الأمر أشبه باكتشاف مستحيل، مع أنه ملء الأرض والسماء!
لهذا كانت رؤية الفنان والطبيب (Arie van ’t Riet) للحياة على سطح الأرض فريدة.
كونه فيزيائي وطبيب تعلم في هواندا، يدّرس (Arie van ’t Riet) أسس الإشعاع الفيزيائية والسلامة لفنيي التصوير الإشعاعي. وكجزء من برنامجه التعليمي، بحث (van ’t Riet) عن نموذج لاستعراض وتمثيل تأثير طاقة أشعة إكس على تباين الصور الملتقطة من خلال هذه الأشعة. فكلما زادت طاقة أشعة إكس، كلما انخفض التباين.
“بدأت بالأزهار، وعقب بضع سنين باشرت بتحرير وتلوين هذه الصور جزئيًا. وأضفت الحيوانات إليها.” هكذا يشرح (van ’t Riet) الذي يصدر حاليًا سلسلة من الأعمال الفنية القائمة على تقنية التصوير الإشعاعي X Ray، لاستعراض وإظهار الجمال الداخلي للحياة.
يتم إنتاج الصور جميعها في منزله، حيث يملك آلة تصوير إشعاعي مرخصة. جميع الحيوانات التي تم ويتم تصويرها ميتة بالفعل، وفي هذا يقول (Arie van ’t Riet) أنه “لا يوجد ما يبرر تعريض المخلوقات الحية لمخاطر أشعة إكس لأجل الفن.”
“توضح أشعة إكس مدى تعقيد مخلوقات الطبيعة وإلى أي حد من الكمال والجمال بلغ التحسين والتنقيح الداخلي بها. انظروا إلى بنية الحوض لهذا الضفدع!”
من جهة أخرى، تُظهر الصور الملتقطة بأشعة إكس أوجه التشابه بين أشكال الحياة المختلفة. يقول (van ’t Riet): “طالعوا القصبة الهوائية للثعبان والعظاءة، وستجدون لها نفس بنية القصبة الهوائية في عنقي! الأمر نفسه صحيح بالنسبة للأجزاء العظمية مثل الركبة، الردف، الترقوة، الزند، إلخ. كلها متشابهة فيما بينها. نحن نحكم على الطائر بلون ريشه، لكنها جميعًا واحدة في صور أشعة إكس، بالنظر إليها من خلال عيون أشعة إكس.”
يتحدد اختيار (van ’t Riet) للكائنات والأشياء التي يتم تصويرها بناءً على مدى توفرها. يقول (van ’t Riet): “في أغلب الأحيان يكون توفر الحيوان هو العامل الأهم في اختيار وإجراء عملية التصوير. يبدأ الأمر بضحية اصطدام على الطريق السريع، أو جثة زاحف ما، أو سمكة مشتراة من السوق، أو عدد من الحشرات التي أبتاعها من المتجر، أو حتى حيوان صغير أمسكت به قطتي!”
ولأن (van ’t Riet) لا يستطيع تبين نتائج أعماله إلى أن تتم معالجة صور أشعة إكس بالكامل، فالصور تأتي دومًا مفاجئة وغير متوقعة.
“أحيانًا يُعثر على ضحايا اصطدامات الطريق وقد تأثر أجزاؤها الداخلية بشدة؛ وبالتالي يُتوقع أن يكون المشهد الداخلي أحيانًا مخيبًا للآمال ومحبطًا. لهذا يعني الأمر لي الكثير عندما تخرج الصورة النهائية لتُظهر مدى روعة وجمال الطبيعة.”
