أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

عبرة ذي النون عليه السلام

إنضم
13 يناير 2019
المشاركات
62
مستوى التفاعل
2
النقاط
8

عبرة ذي النون عليه السلام


وتوالى غدق الفيض الإلهي على نبيه يونس - عليه السلام - بعد هذا البلاء؛ فتاب عليه، واجتباه، وجعله من الصالحين، وأرجعه الله مسروراً إلى قومه المؤمنين بعد أن تركهم مغاضباً مشركين؛ فدخلوا جميعاً دين الله الذي ارتضاه لهم، وكان عددهم يزيد على المائة ألف؛ فكانت أمته هي الأمة الوحيدة التي آمنت قاطبة بنبيها، كما أنها هي الأمة الوحيدة التي نجت من عذاب الله بعد تحققه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين ﴾ [الصافات: 139 - 148].
قصص القرآن خبر معجز، ومعنى ثرٌّ؛ انعطف على عِبرٍ، تصحح المفاهيم، وتقوّم المسير، وتُبوّىء المدّكرَ نزلَ السمو، ويرى بعين الاعتبار عُقبى الحوادث في الأفراد والأمم، ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [يوسف: 3]. ومن عيون هذا القصص نبأ نبي الله ذي النون يونس - عليه الصلاة والسلام -، الذي عدّد الله ذكره، وصرّف خبره. فقد بُعث لأهل نينوى من أرض الموصل بالعراق، فدعاهم إلى باحة العبودية لله وعز توحيده، فأبوا عليه، وضاقوا ذرعاً بدعوته، ولجّوا في طغيانٍ يعمهون، وما زال داعياً لهم، وهم في إصرار على الكفر، وعناد عن قبول الحق. فلما رأى ذلك الحال المحزن، وأمضّه طِعَان التكذيب والتأبّي، وطولُ سنيّ الاصطبار؛ أنذرهم بقارعة عذاب قريب تحل بساحتهم؛ جرياً على سنة الله في المكذبين، ثم خرج من بين أظهرهم حين تملّكه الغضب؛ لقاء ما لاقى من عنت قومه. وحين رأى القوم مخايل العذاب قد تبدّت، وعاينوا غيبه شهادة، وتحقق لهم ما أنذرهم به نبيهم، وظنوا أن الأمان قد ترحّل عنهم؛ استكانوا لربهم، وتضرعوا إليه منيبين تائبين؛ فخرجوا إلى الصحراء - كما قال أهل العلم - بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم، وجأروا إلى الله بالدعاء والبكاء، ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وعجلانها، وثغت الغنم وحملانها، وبكى الرجال والنساء والولدان، ولهجوا بمعاقد الاستغفار بدموع التوبة ودعوات الاضطرار؛ فكانت ساعة عظيمة مهولة؛ العذاب من فوقهم، ونبيهم قد فارقهم؛ عندها أنزل الله رحمته، وكشف عنهم غمة العذاب؛ فكانت هي القرية الوحيدة التي نجت من عذاب الله بعد تحققه، ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98].

عباد الله!
كان نبي الله يونس - عليه السلام - إبّان متاركة قومه أسفاً؛ حتى ظن ألّا ضيق ولا سجن أكبر مما هو فيه من أذى التكذيب وضنك العناد؛ فاستعجل الخروج قبل إذن الله - سبحانه -؛ فلامه الله على ذلك، وقدّر عليه ضيقاً أشد مما كان فيه. وذلك أنه حين أزمع المغادرة، اتجه إلى شطِّ بحر؛ لتقِله سفينة مشحونة بالركب والمتاع. وأثناء مخر السفينة لجة البحر وهنت قوى الفلك عن حمل ما فيه؛ واحتار أهله في سبيل النجاء؛ فألجأهم الاضطرار لإلقاء راكب في البحر؛ كيما ينجو الجميع، فقال نبي الله يونس - عليه السلام - فيما روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بسند صحيح كما قال ابن حجر: " إِنَّ مَعَهُمْ عَبْدًا آبِقًا مِنْ رَبِّهِ (أي: هارب)، وَإِنَّهَا لَا تَسِيرُ حَتَّى تُلْقُوهُ، فَقَالُوا: لَا نُلْقِيكَ - يَا نَبِيَّ اللَّهِ - أَبَدًا. قَالَ: فَاقْتَرَعُوا؛ فَخَرَجَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَأَلْقَوْهُ؛ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ، فَبَلَغَ بِهِ قَرَارَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الْحَصَى، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ: أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، سبحانك؛ إني كنت من الظالمين ". فكان إلقاؤه - عليه الصلاة والسلام - في البحر طريق نجاة أهل المركب، كما كان طريق نجاة يونس - عليه السلام - من ملامة الله - سبحانه -له. وحين ألقي في سدفة البحر اللجي كانت عناية الله تحفّه؛ إذ التقمه حوت ضخم دون كسر عظم أو تمزيق لحم، عندها أدرك خطأ ظنه، كما قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ [الأنبياء: 87] أي: أن لن يُضيَّق عليه بأكثر مما وقع له من تكذيب قومه، وليس المراد نفي قدرة الله. وحين أحاطه الكرب، وتغشّاه خطبه، نادى ربَّه بلسان الحال والمقال: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين ﴾ [الأنبياء: 87]. دعاء مضطر، محبوس في جوف حوت، تطيفه ظلمات ثلاث: ظلمة البحر والليل والحوت؛ فما كان حال هذه الدعوة؟ روى أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلَمَّاتِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ". فَأَقْبَلَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ تَحُفُّ بِالْعَرْشِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ غَرِيبَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالُوا: لَا يَا رَبِّ، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدِي يُونُسُ، قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرفَع لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ، وَدَعْوَةٌ مُجَابَةٌ؟! قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: يَا رَبِّ، أَوَلا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ؛ فتنجيَه مِنَ الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ فِي الْعَرَاءِ " رواه ابن أبي حاتم بإسناد يتقوى بغيره كما قال ابن كثير. هكذا تصنع صالحات الرخاء في مواطن الشدة! ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144]. وما زالت عناية الله تحفُّ نبيه يونس - عليه السلام -؛ إذ طرحه الحوت في عراء قفر من الأشجار، وجسده منهك كهيئة الفرخ الذي ليس عليه ريش، كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -؛ فأنبت الله له اليقطين؛ وهو شجرة القرع التي تمتاز بسرعة الإنبات، وجودة غذاء الثمر إن أُكل نيئاً أو مطبوخاً بلبه وقشره، وتظليل ورقه، ونعومته، وعدم قربان الذباب لها - كما قال العلماء -، واستمر ذلك العطاء حتى غادر محله.

 

قيصر الحب

::اصدقاء المنتدى و اعلى المشاركين ::
إنضم
2 أغسطس 2016
المشاركات
369,315
مستوى التفاعل
3,191
النقاط
113
رد: عبرة ذي النون عليه السلام

جزاك الله خيرا

يًعّطيًكْ آلِعّآفيًه
عّلِى آلِمجهوَدِ آلِرٍآئعّ
وَلآعّدِمنآ جدِيًدِكْ آلِرٍآقيً
وَدِيً وَآحتِرٍآميً
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )