- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
٠٠
1- عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير
هنالك حديث غريب وملغز وعبقري للرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيه.. “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير.. وليس ذلك لأحدٍ إِلَّا للمؤمن.. إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له.. ”
طبعا هذا الحديث طُحِنَ وعُجِنَ وخُبِزَ ملايين المرّات.. وكرره الخطباء والوعّاظ في باب الحث عَلى الصبر في المصائب حتى حفظه الجميع.. لكنني – مع كلّ ذلك – أعتقد أن فكرته الجوهرية لم تمسّ بشكل كافٍ بعد..
ما فعله النبي الكريم هنا ببساطة، هو أنه قلب تعريفي الخير والشرّ تماماً.. فما تعتقد أنت أنه خير، من رزق وأموال وزوجة وبيوت ومزارع وسيارات ونجاح وظيفي، سمّاه النبي الكريم ببساطة “سرّاء”.. أي أشياء تسرّك.. تسعدك.. كما تسعد اللعبة الطفل الصغير.. لكنها بحد ذاتها ليست خيراً أو شرّاً.. هي سرّاء فقط..
وما تعتقد أنت أنه شرّ، من فقر وعوز واحتياج وموت أحبة وخسارة ممتلكات ومرض، سمّاه النبي الكريم “ضرّاء”.. أي أنها أشياء تحزنك وتكدّرك.. لكن هل هي شرّ أو خير؟ لا شيء..في حد ذاتها لا قيمة لها.. هي مجرّد ضرّاء..
أين يكمن الخير والشرّ إذن يا رسول الله؟ أين يمكن ربح الإنسان وخسارته؟ في ذاته.. في داخل ذاته وليس خارجها.. يقول النبي أنّ الخير يكون في الرضا والشكر.. والشرّ في الكفر والسخط.. أي أن ربحك وخسارتك هي أشياء متعلّقة بذاتك أنت.. وليس بما تملك أو تخسر من مادّيات وبشر وعلاقات ومناصب..
لكن لماذا يقول النبي هذا الكلام؟ لماذا يخالف تعريفنا الأزلي للخير والشر؟ لأنه ببساطة رأى ما لم نره.. وسمع ما لم نسمعه.. رأى الجنة والنار.. رأى نهايات الأشياء.. وعرف أنه كل ما نسميه خيرا ورزقا الآن، فهو زائل ولا قيمة له.. وكل ما نسمِّيه شراً الآن، فهو أيضا زائل ولا قيمة له..
إعادة تعريف الخير والشرّ هذه، هي الحلّ الوحيد للقلق الدنيوي الدائم الذي تعيشه.. أنت تقلق لأنك تقيس حياتك بالعملة الخطأ.. بالدنانير والدراهم.. فإن صعدت عملتك، اعتبرت ذلك ربحاً ورضيت.. وإن قلّت اعتبرت ذلك خسارة وحزنت.. وبما أن الدنيا نهر مائج صعودا ونزولا فلن تعرف الراحة أبداً.. لأنه بمقاييس هذه العملة، فهنالك خسارة وخوف من الخسارة بشكل يومي.. لذلك ستظل دائما قلقا متربصا على مستوى عملتك الخاطئة!
أما النبي هنا (الشخص الذي رأى نهايات الأشياء) فيريحك من هذا القلق، يمنحك السكينة.. ويقول لك ببساطة شديدة.. يا عزيزي لا تفكر بهذه العملة.. ستتعب كثيراً، وما تحسبه خيرا أو شراً سيمضي ويزول.. هذا قلق مجاني وبلا قيمة.. وكل هذه الأشياء من سرّاء وضرّاء، مؤقتة فحسب.. هي فقط ظروف لامتحانك.. لمعرفة ما في داخلك.. هذه السَّرَّاء وَالضَّرَّاء هي أسئلة الامتحان فقط!! وليست الإجابات.. أي أنها في حد ذاتها لا قيمة لها.. وليست خيرا ولا شرّاً.. وسترمى في نهاية الامتحان كأي ورقة أسئلة أخرى!!
أمّا نتيجة الامتحان وما سيبقى فعلا فيكمن في داخلك أنت .. في تعاملك الحكيم مع هذه الأسئلة.. هذا فقط ما سيجعل رصيدك من العملات (الحسنات) في ازدياد دائم.. وسواء صعد السوق أم نزل.. فأنت تكسب.. أنت في خير، بالمعنى الحقيقي والدائم للخير.. وبالعملة الحقيقية له..
وعجباً لأمر المؤمن.. إنّ أمره كلّه خير!!
م ن
٠٠
1- عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير
هنالك حديث غريب وملغز وعبقري للرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيه.. “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير.. وليس ذلك لأحدٍ إِلَّا للمؤمن.. إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له.. ”
طبعا هذا الحديث طُحِنَ وعُجِنَ وخُبِزَ ملايين المرّات.. وكرره الخطباء والوعّاظ في باب الحث عَلى الصبر في المصائب حتى حفظه الجميع.. لكنني – مع كلّ ذلك – أعتقد أن فكرته الجوهرية لم تمسّ بشكل كافٍ بعد..
ما فعله النبي الكريم هنا ببساطة، هو أنه قلب تعريفي الخير والشرّ تماماً.. فما تعتقد أنت أنه خير، من رزق وأموال وزوجة وبيوت ومزارع وسيارات ونجاح وظيفي، سمّاه النبي الكريم ببساطة “سرّاء”.. أي أشياء تسرّك.. تسعدك.. كما تسعد اللعبة الطفل الصغير.. لكنها بحد ذاتها ليست خيراً أو شرّاً.. هي سرّاء فقط..
وما تعتقد أنت أنه شرّ، من فقر وعوز واحتياج وموت أحبة وخسارة ممتلكات ومرض، سمّاه النبي الكريم “ضرّاء”.. أي أنها أشياء تحزنك وتكدّرك.. لكن هل هي شرّ أو خير؟ لا شيء..في حد ذاتها لا قيمة لها.. هي مجرّد ضرّاء..
أين يكمن الخير والشرّ إذن يا رسول الله؟ أين يمكن ربح الإنسان وخسارته؟ في ذاته.. في داخل ذاته وليس خارجها.. يقول النبي أنّ الخير يكون في الرضا والشكر.. والشرّ في الكفر والسخط.. أي أن ربحك وخسارتك هي أشياء متعلّقة بذاتك أنت.. وليس بما تملك أو تخسر من مادّيات وبشر وعلاقات ومناصب..
لكن لماذا يقول النبي هذا الكلام؟ لماذا يخالف تعريفنا الأزلي للخير والشر؟ لأنه ببساطة رأى ما لم نره.. وسمع ما لم نسمعه.. رأى الجنة والنار.. رأى نهايات الأشياء.. وعرف أنه كل ما نسميه خيرا ورزقا الآن، فهو زائل ولا قيمة له.. وكل ما نسمِّيه شراً الآن، فهو أيضا زائل ولا قيمة له..
2- وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ( فلسفة الخير والشر )
وبالتالي، ففي رؤية النبي الكريم.. يكمن الخير (الربح) في الحسنات.. لأنها باقية.. ويمكن الشرّ (الخسارة) في السيئات لأنها أيضا باقية.. وهذه بالضبط هي العملة التي يتعامل بها الله عز وجل معنا.. هكذا يتم تقييمنا في نهاية المطاف.. بما في دواخلنا وليس بما نمتلكه أو نخسره..إعادة تعريف الخير والشرّ هذه، هي الحلّ الوحيد للقلق الدنيوي الدائم الذي تعيشه.. أنت تقلق لأنك تقيس حياتك بالعملة الخطأ.. بالدنانير والدراهم.. فإن صعدت عملتك، اعتبرت ذلك ربحاً ورضيت.. وإن قلّت اعتبرت ذلك خسارة وحزنت.. وبما أن الدنيا نهر مائج صعودا ونزولا فلن تعرف الراحة أبداً.. لأنه بمقاييس هذه العملة، فهنالك خسارة وخوف من الخسارة بشكل يومي.. لذلك ستظل دائما قلقا متربصا على مستوى عملتك الخاطئة!
أما النبي هنا (الشخص الذي رأى نهايات الأشياء) فيريحك من هذا القلق، يمنحك السكينة.. ويقول لك ببساطة شديدة.. يا عزيزي لا تفكر بهذه العملة.. ستتعب كثيراً، وما تحسبه خيرا أو شراً سيمضي ويزول.. هذا قلق مجاني وبلا قيمة.. وكل هذه الأشياء من سرّاء وضرّاء، مؤقتة فحسب.. هي فقط ظروف لامتحانك.. لمعرفة ما في داخلك.. هذه السَّرَّاء وَالضَّرَّاء هي أسئلة الامتحان فقط!! وليست الإجابات.. أي أنها في حد ذاتها لا قيمة لها.. وليست خيرا ولا شرّاً.. وسترمى في نهاية الامتحان كأي ورقة أسئلة أخرى!!
أمّا نتيجة الامتحان وما سيبقى فعلا فيكمن في داخلك أنت .. في تعاملك الحكيم مع هذه الأسئلة.. هذا فقط ما سيجعل رصيدك من العملات (الحسنات) في ازدياد دائم.. وسواء صعد السوق أم نزل.. فأنت تكسب.. أنت في خير، بالمعنى الحقيقي والدائم للخير.. وبالعملة الحقيقية له..
وعجباً لأمر المؤمن.. إنّ أمره كلّه خير!!
م ن