في واقعة كربلاء
- الثبات والاستقامة: ذكر المؤرخون أنّه لما كان في آخر الليلة التي بات بها الحسين (ع ) عند قصر بني مقاتل، أمر بالاستسقاء من الماء، ثم أمر بالرحيل، فلما ارتحلوا من قصر بني مقاتل وساروا ساعة، خفق الحسين (ع ) برأسه خفقة، ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد للّه رب العالمين. قال ذلك مرّتين أو ثلاثاً. فأقبل إليه علي بن الحسين (ع ) على فرس له، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، يا أبت جعلت فداك مم حمدت اللّه واسترجعت؟ قال: يا بني إني خفقت برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.
قال له عليه السلام : يا أبت لا أراك
اللّه سوءًا ألسنا على الحق؟ قال : بلى والّذي إليه مرجع العباد. قال: يا أبت إذن لا نبالى أن نموت محقين، فقال له: جزاك اللّه من ولد خير ما جزى ولداً عن والده.
[١٢]
- رجزه يوم عاشوراء: بعد أن ردّ علي الأكبر على القوم أمانهم الذي عرضوه عليه شدّ عليهم وهو يرتجز، ويقول:
| | |
أنا علـــــي بن الحسين بن علي | | نحن وربّ البيت أولـــــــى بالنبي |
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي | | أضرب بالسيف أحامي عن أبي |
| | |
وكان كلمّا برز ارتجز بذلك الشعار.
- كلام الإمام الحسين (ع) في حقه:
لما رأى الإمام إصرار ولده الأكبر على القتال وتفانيه في محاربة القوم
[١٤] صاح: "
يابن سعد قطع
الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في
رسول الله، وسلط عليك من يذبحك على فراشك".
[١٥] ثم قال: "اللهم اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه النّاس
برسولك محمّدٍ خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً.
[١٦]و كنّا إذا اشتقنا إلي رُؤيةِ نَبيك نَظرنا اِليه".
[١٧] ثم قال: "أللّهم امنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقاً، ومزقهم تمزيقاً، وإجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا".
[١٨] ثمّ رفع صوته وتلا: "إنّ اللهَ اصْطَفى
آدَمَ وَنُوحاًوآلَ
إبراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ على العالَمين * ذُريةً بَعضُها مِنْ بعض واللهُ سَميعٌ عليمٌ".
[١٩]
تقدّم علي الأكبر(ع) نحو القوم فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً بلغ المائة وعشرين، ثم رجع إلى أبيه وقال: "يا أبت العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة ماءٍ من سبيل؟" فقال له
الحسين: "قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك
محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها".
[٢٠] ونقل ذلك السيد
ابن طاووس باختلاف يسير.
[٢١] وبعد أن ودّع أبّاه عاد علي الأكبر مرّة ثانية الى المعركة وقاتل قتال الشجعان.
[٢٢] وكان إذا شدّ على الناس يقول:
| | |
أنا علي بن الحسين بن علي | | نحن وبيت الله أولى بالنبي... |
ففعل ذلك مراراً وأهل
الكوفة يتقون قتله.
[٢٣]
شهادته
فبينما هو يقاتل قتال الأبطال بصر به
مرة بن منقذ العبدي فقال: علي آثام العرب إن مرّ بي إن لم اثكله أباه، فمرّ الأكبر يشدّ على الناس كما مرّ في الأوّل فاعترضه مرّة بن منقذ وطعنه،
[٢٤] فصرع واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم.
[٢٥] فلمّا بلغَت روحه التّراقي قال رافعاً صوتَهُ: "يا أبتاهُ هذا جَدّي
رسول الله قد سَقاني بكأسه الأوفى شِرْبةً لا أظمأ بعدها أبداً وهو يقولُ العَجَل العَجَل فإنّ لك كأساً مذخورة، ثم فاضت روحه الطاهرة".
[٢٦]
فجاء
الحسين عليه السلام حتّى وقف عليه ووضع خدّه على خدّه وهو يقول: "قَتَل اللهُ قَوْماً قتلوك ما أجْرأهُم على الرّحمن وعلى انتهاك حُرْمَةِ الرّسول"، ثمّ قال: "على الدّنيا بَعْدَك العَفَا".
[٢٧]
- الإمام يرمي بدم الأكبر نحو السماء
ذكرت بعض المصادر أن الإمام
الحسين عليه السلام أخذ بكفه من دمه ولده ورمى به نحو السماء فلم يسقط منه قطرة.
[٢٨]
وجاء في الزيارة المروية بسند صحيح عن
أبي حمزة الثمالي عن
الإمام الصادق (ع): "بأبي أنت وأمّي، دمك المرتقى به إلى حبيب اللّه، بأبي أنت وأمّي من مقدّم بين يدي أبيك يحتسبك، ويبكي عليك محترقاً عليك قلبه،
يرفع دمك إلى عنان السماء لا يرجع منه قطرة".
[٢٩]
وبعد أن أقبل الحسين (ع) إلى أبنه، وأقبل فتيانه إليه، قال لهم: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
[٣٠] فخرجت
زينب (س) ومعها سائر النسوة يندبن علياً الأكبر.
[٣١]وهي تُنادي: "يا حبيباه! ويا ابن أخاه"! وجاءت فأكبّت عليه، فجاء
الحسين (عليه السّلام) فأخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط.
[٣٢]
ورد في
زيارة الشهداء اللعن على قاتل علي الأكبر: حَكمَ اللهُ لك على قاتِلكَ
مُرّةِ بن مُنقِذِ بن نُعمان العبدي، لَعنهُ الله وأخزاهُ ومَن شَرَكَ في قَتلِكَ وكانَ عَليكَ ظَهيراً، وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيراً.
[٣٣]
منقول