عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,739
- مستوى التفاعل
- 2,771
- النقاط
- 113
يكاد يُجمع أهل الإسلام ومن عداهم من الأمم الذين فقهوا رمضان، أنه (موسم للتغيير والتهذيب) والمعالجة ، ففيه
جرعات دوائية، ونصائح وقائية، ودروع باطنية، تحمي صاحبها وتأخذه لميادين الصحة والعمل والإنتاج، وأن ثلاثين يوما
كافية في معالجة الأخطاء، وصناعة النفس، وبناء الذات، وتحقيق الأهداف، وإصابة الغايات..! فهو ترقٍ في العبادة،
وزيادة في الإيمان، وتجسيد للسعادة، ومادة للقوة، وآلة للتغيير، وزوال الأخطاء، وتكثير الحسنات، وترك للعادات،
واستبدال للمألوفات، وبلوغ المعالي والدرجات... !، قال تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
سورة الرعد .
والمسلم يخطو الخطوات الأولى في رمضان للتغيير، فيتغير جدوله، وتختلف حياته وطعامه وشرابه، وكذاك عبادته
وسلوكه، وفِي ذلك رسالة له، بإمكانية التغيير، وتجاوز الأساليب الخاطئة دينيا واجتماعياً وغذائياً وفكرياً، وكم من
مهتد اهتدى في رمضان، وكم من تائب سالت دموعه، وكم من عاص أقلعه عن معصيته، وتضاعفت حسناته وخيراته...!
وذلك يتضح بالعوامل التالية :
١/ الانشراح النفسي : فقد وضع الله فيه سعادةً غراء، وسرورا عزيزا، وانشراحا نفسيا غاليا، أشير إليه بحديث
( للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه ) كما في المتفق عليه .
وتنامي السعي في الخيرات يضاعف من السعادة والانشراح، فيزداد التعلق، وتهون المتاعب، ويؤثر محاب الله
على محابه ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله لذَّة كلِّ أحدٍ على حسب قدره وهمَّته، وشرف نفسه، فأشرفُ الناس
نفسًا وأعلاهم همَّةً، وأرفعهم قدرًا من لذَّتهم في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه، والتودُّد إليه بما يحبه ويرضاه ).
ومن ثم ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس..) فقد امتلأ قلبه بمحبة الله، وعلت همته، حتى تضاعف
جوده في رمضان، برغم ما يلاقيه من فقر، أو يواجهه من عنت ومتاعب ..!
٢/ الهبات الرمضانية : رفع الله قدره، وشرّف زمانه، وأعلا خصاله، فهو أجلّ المواسم وأحسنها وأكرمها، تُفتّح فيه
أبواب الجنة، وتُغلق النيران، وتسلسل الشياطين المردة، وتضاعف الحسنات، وتتدفق القربات، ويعتق الله كل ليلة
فيه من شاء من عباده، وتنزل فيه القرآن، وساد فيه الإيمان، ودُحر الطغيان.. ... ! فهلا يضاهي فضله أعصارُ....وبه
استقل الواحد الغفارُ...؟! ( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي وأنا احزي به ) أخرجاه .
٣/ المصابرة الإيمانية : لأنه شهر الصبر، وموسم التحمل، يصومه المسلم فرضاً محتما، وركنا مؤكدا ،فيصبر ويتألم
بآلام الجوع، ويعيش أتعاباً، وتغريه المطاعم، وقد يشاهد المتساهلين، ولكنه يصبر ويحتسب قال تعالى :
( إنما يرقى الصابرون أجرهم بغير حساب ) والصابرون الصائمون في أكثر الأقوال. فيلهم مع مرور الأوقات خلق
الصبر والاحتمال، فتعلو همته، وتقوى شخصيته، وتكبر نفسه، وتتباهى قيمه، قال العلامة ابن القيم وحمه الله :
( فمن علت همته، وخشعت نفسه، اتصف بكلِّ خلق جميل. ومن دنت همته، وطغت نفسه، اتصف بكلِّ خلق رذيل ) .
٤/ الاستنفار الأممي : كل الأمة تصوم، مشرقها ومغربها، وأدناها وأقصاها، فيرتجّ بهم العالم، ويعجب منهم الكون،
وتوثق الفضائيات ذلك، ويتحدث الكفار ويشاركهم العلمانيون، وقد شَرِقوا بالدِّين ومعالمه وانتشاره ( ليظهره على
الدين كله ولو كره المشركون ) سورة التوبة والصف .
٥/ الأعادي المصفدة : كالشياطين المَردة، والأبالسة المفسدة، والتي ما برحت تغتال بني آدم بالشهوات، وتزين لهم
المناكر، وتأخذهم إلى دروب الغواية، قال تعالى ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) سورة البقرة .
٦/ الخيرات المتدفقة : حيث جعله الله موسم حركة وانشراح، وعصر يقظة والتهاب ، تطير فيه الحسنات، وتزدهر الطاعات،
ويتسابق الأكثرية، ويتعاظم كسالى ليس لهم من قبل همة ولا توجه، ولكن دنو القربات، ويسر الصالحات، وهبة الصوام،
جعلتهم على مستوى الشهر وفضائله، فتحركوا وسارعوا ...! ومثل ذلك يبعث الكسلان، وينشّط الوسنان، وينبّه الغفلان .
٧/ المساجد المدويّة : والتي تشع بالتراويح، وبالصلوات والسجدات، ويروى أن عليا رضي الله عنه دخل المسجد فلما
رأى المصلين المتروحين ركّعا وسُجّدا قال ( نَوَّرَ اللَّهُ قَبْرَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ , كَمَا نَوَّرْتَ مَسَاجِدَنَا )، فلقد شعت المساجد،
واستنارت بالقرآن، وحيت بالدروس، واشتعلت بالفوائد ، واجتمع الناس على خير كلام عند الملك العلام( كتاب أنزلناه
إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) سورة ص .
وتصور أن بعض الناس وفئات آخرين، تهزّهم تلك التراويح وتهيجهم للتوبة والمشاركة .
٨/ النفائس المبهجة : التي يتروى منها القلب، ويحيا بها العقل، وازدانت بها النفس، فيتلقفها العبد ولا يزال
منها في ازدياد، وتخالطه المسرة، وتكتنفه البهجة، ويسري فيه السرور كل ما جاء بحسنة، أو أصاب فضيلة، وذاك
سحرٌ وسِر، ولُمعة ودُر، ونور وطهر، خص الله به رمضان، وطيّب به نهاره ولياليه .
٩/ الترياق اليومي: من صيامِ صبرٍ، وطاعةِ بر، وصدقة حنو، وتلاوة ثابتة، واستغفار لاهج، وتهجد لازم.... ومثلها يعين
ويوفق ويؤازر، ويجعل الروح في ميادين المجاهدة الرافضة للهوى والإغراءات ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا )
سورة العنكبوت .
١٠/ الهمة المتصاعدة: من جراء خلطة الإيمان والصبر، والصيام والقيام، والانشراح والحماس، فينتج في الروح همة
وفِي القلب عزمة، وفِي العقل رغبة، وفِي السير خطة، يشتعل لها الجسد، ويهب لهم العزم ( فإذا عزمت فتوكل على الله )
سورة آل عمران .
وإذا كانت النفوس كباراً/ تعبت في مرادها الأجسامُ...!
وهذه الأمة إذا قفزت ونشطت، أورثت العجائب، وأثمرت المعجزات، وجاءت بالمنافع والثمار ، فهي طريق الهمة، وباب
العزة، ومنتهى الوصول والبلغة، ومنال المجد والذروة..! ومن لم يتعلم دروس الهمم في رمضان ، فمتى عساه أن يتعلم...؟!
قال عمر رضي الله عنه لا تَصغرنَّ همتُكم؛ فإني لم أرَ أقعدَ عن المكرمات من صِغر الهمم ).
تولانا الله وإياكم ، وبارك الله في شهرنا، ونفعنا بمحاسنه وكرائمه... إن سميع مجيب ..
~
جرعات دوائية، ونصائح وقائية، ودروع باطنية، تحمي صاحبها وتأخذه لميادين الصحة والعمل والإنتاج، وأن ثلاثين يوما
كافية في معالجة الأخطاء، وصناعة النفس، وبناء الذات، وتحقيق الأهداف، وإصابة الغايات..! فهو ترقٍ في العبادة،
وزيادة في الإيمان، وتجسيد للسعادة، ومادة للقوة، وآلة للتغيير، وزوال الأخطاء، وتكثير الحسنات، وترك للعادات،
واستبدال للمألوفات، وبلوغ المعالي والدرجات... !، قال تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
سورة الرعد .
والمسلم يخطو الخطوات الأولى في رمضان للتغيير، فيتغير جدوله، وتختلف حياته وطعامه وشرابه، وكذاك عبادته
وسلوكه، وفِي ذلك رسالة له، بإمكانية التغيير، وتجاوز الأساليب الخاطئة دينيا واجتماعياً وغذائياً وفكرياً، وكم من
مهتد اهتدى في رمضان، وكم من تائب سالت دموعه، وكم من عاص أقلعه عن معصيته، وتضاعفت حسناته وخيراته...!
وذلك يتضح بالعوامل التالية :
١/ الانشراح النفسي : فقد وضع الله فيه سعادةً غراء، وسرورا عزيزا، وانشراحا نفسيا غاليا، أشير إليه بحديث
( للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه ) كما في المتفق عليه .
وتنامي السعي في الخيرات يضاعف من السعادة والانشراح، فيزداد التعلق، وتهون المتاعب، ويؤثر محاب الله
على محابه ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله لذَّة كلِّ أحدٍ على حسب قدره وهمَّته، وشرف نفسه، فأشرفُ الناس
نفسًا وأعلاهم همَّةً، وأرفعهم قدرًا من لذَّتهم في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه، والتودُّد إليه بما يحبه ويرضاه ).
ومن ثم ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس..) فقد امتلأ قلبه بمحبة الله، وعلت همته، حتى تضاعف
جوده في رمضان، برغم ما يلاقيه من فقر، أو يواجهه من عنت ومتاعب ..!
٢/ الهبات الرمضانية : رفع الله قدره، وشرّف زمانه، وأعلا خصاله، فهو أجلّ المواسم وأحسنها وأكرمها، تُفتّح فيه
أبواب الجنة، وتُغلق النيران، وتسلسل الشياطين المردة، وتضاعف الحسنات، وتتدفق القربات، ويعتق الله كل ليلة
فيه من شاء من عباده، وتنزل فيه القرآن، وساد فيه الإيمان، ودُحر الطغيان.. ... ! فهلا يضاهي فضله أعصارُ....وبه
استقل الواحد الغفارُ...؟! ( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي وأنا احزي به ) أخرجاه .
٣/ المصابرة الإيمانية : لأنه شهر الصبر، وموسم التحمل، يصومه المسلم فرضاً محتما، وركنا مؤكدا ،فيصبر ويتألم
بآلام الجوع، ويعيش أتعاباً، وتغريه المطاعم، وقد يشاهد المتساهلين، ولكنه يصبر ويحتسب قال تعالى :
( إنما يرقى الصابرون أجرهم بغير حساب ) والصابرون الصائمون في أكثر الأقوال. فيلهم مع مرور الأوقات خلق
الصبر والاحتمال، فتعلو همته، وتقوى شخصيته، وتكبر نفسه، وتتباهى قيمه، قال العلامة ابن القيم وحمه الله :
( فمن علت همته، وخشعت نفسه، اتصف بكلِّ خلق جميل. ومن دنت همته، وطغت نفسه، اتصف بكلِّ خلق رذيل ) .
٤/ الاستنفار الأممي : كل الأمة تصوم، مشرقها ومغربها، وأدناها وأقصاها، فيرتجّ بهم العالم، ويعجب منهم الكون،
وتوثق الفضائيات ذلك، ويتحدث الكفار ويشاركهم العلمانيون، وقد شَرِقوا بالدِّين ومعالمه وانتشاره ( ليظهره على
الدين كله ولو كره المشركون ) سورة التوبة والصف .
٥/ الأعادي المصفدة : كالشياطين المَردة، والأبالسة المفسدة، والتي ما برحت تغتال بني آدم بالشهوات، وتزين لهم
المناكر، وتأخذهم إلى دروب الغواية، قال تعالى ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) سورة البقرة .
٦/ الخيرات المتدفقة : حيث جعله الله موسم حركة وانشراح، وعصر يقظة والتهاب ، تطير فيه الحسنات، وتزدهر الطاعات،
ويتسابق الأكثرية، ويتعاظم كسالى ليس لهم من قبل همة ولا توجه، ولكن دنو القربات، ويسر الصالحات، وهبة الصوام،
جعلتهم على مستوى الشهر وفضائله، فتحركوا وسارعوا ...! ومثل ذلك يبعث الكسلان، وينشّط الوسنان، وينبّه الغفلان .
٧/ المساجد المدويّة : والتي تشع بالتراويح، وبالصلوات والسجدات، ويروى أن عليا رضي الله عنه دخل المسجد فلما
رأى المصلين المتروحين ركّعا وسُجّدا قال ( نَوَّرَ اللَّهُ قَبْرَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ , كَمَا نَوَّرْتَ مَسَاجِدَنَا )، فلقد شعت المساجد،
واستنارت بالقرآن، وحيت بالدروس، واشتعلت بالفوائد ، واجتمع الناس على خير كلام عند الملك العلام( كتاب أنزلناه
إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) سورة ص .
وتصور أن بعض الناس وفئات آخرين، تهزّهم تلك التراويح وتهيجهم للتوبة والمشاركة .
٨/ النفائس المبهجة : التي يتروى منها القلب، ويحيا بها العقل، وازدانت بها النفس، فيتلقفها العبد ولا يزال
منها في ازدياد، وتخالطه المسرة، وتكتنفه البهجة، ويسري فيه السرور كل ما جاء بحسنة، أو أصاب فضيلة، وذاك
سحرٌ وسِر، ولُمعة ودُر، ونور وطهر، خص الله به رمضان، وطيّب به نهاره ولياليه .
٩/ الترياق اليومي: من صيامِ صبرٍ، وطاعةِ بر، وصدقة حنو، وتلاوة ثابتة، واستغفار لاهج، وتهجد لازم.... ومثلها يعين
ويوفق ويؤازر، ويجعل الروح في ميادين المجاهدة الرافضة للهوى والإغراءات ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا )
سورة العنكبوت .
١٠/ الهمة المتصاعدة: من جراء خلطة الإيمان والصبر، والصيام والقيام، والانشراح والحماس، فينتج في الروح همة
وفِي القلب عزمة، وفِي العقل رغبة، وفِي السير خطة، يشتعل لها الجسد، ويهب لهم العزم ( فإذا عزمت فتوكل على الله )
سورة آل عمران .
وإذا كانت النفوس كباراً/ تعبت في مرادها الأجسامُ...!
وهذه الأمة إذا قفزت ونشطت، أورثت العجائب، وأثمرت المعجزات، وجاءت بالمنافع والثمار ، فهي طريق الهمة، وباب
العزة، ومنتهى الوصول والبلغة، ومنال المجد والذروة..! ومن لم يتعلم دروس الهمم في رمضان ، فمتى عساه أن يتعلم...؟!
قال عمر رضي الله عنه لا تَصغرنَّ همتُكم؛ فإني لم أرَ أقعدَ عن المكرمات من صِغر الهمم ).
تولانا الله وإياكم ، وبارك الله في شهرنا، ونفعنا بمحاسنه وكرائمه... إن سميع مجيب ..
~