عُيُونُ الْمَهَا ❀
:: مشرفة مجازه ::
فيروسات التفاهة
تطالعنا شاشاتنا العربية المعنونة تحت عنوان قنوات الأغاني كل يوم بتحف فنية جديدة، وتتفتق عبقريتها عن وجوه جديدة كل يوم، لا نكاد نسمع بها إلا وأضحت نجوما براقة في سماء ليالينا السوداء، وكأن ليالينا تفتقد للنجوم التي تستطيع بنورها أن تيقظ الحس الفني فينا وتغني أرواحنا بالجميل والراقي.
من هؤلاء ؟
ولماذا هم هنا ؟
في إحدى الجلسات لي مع الأصدقاء أفاجئ بشاب لم أكن أعرفه من قبل وصدف وقابلته في تلك الجلسة، شاب لا يمتلك من الوسامة شيئا ولا حتى جزءا يسيرا من المنطق أو الثقافة، يفاجئنا بخبر نزل كالصاعقة على أغلبنا، يقول أن والده سيهديه مبلغا من المال في عيد ميلاده وأنه يعزم على إنتاج أغنية خاصة به وفيديو كليب، لأنه وببساطة يرى أن فلان وفلانة ليسا أفضل منه ويقول بكل ثقة (ايه ما حدى أحسن من حدى )، وطبعا مازلنا ننتظر بفارغ الصبر تلك الأغنية وذلك الكليب اللذان سيغيران مجرى التاريخ وسيفتحان أفقا جديدة للأغنية العربية .
ربما وجد هؤلاء ضالتهم في هذا المجال للحد من البطالة التي يعانيها شبابنا العربي أو الفراغ القاتل لديهم من خلال تشكيلهم فريقا لإحداث هذا الانقلاب الفني الرخيص والمبتذل .
فلا تسألوا عن الكلمات المفصلة على لحن مبعثر وإيقاعات خرافية ومشاهد الابتذال التي ترافق كل هذه الضجة اللافنية.
فمنهن من تتساءل هو خطيبي كان أسمو ايه والأخرى ما زالت تقف على الروف لتضع النقط على الحروف وثالثة تمتطي صهوة السرير وتذكر حبيبها وتقول أنا إلي أنت رقصتها وآخر ليس لديه من شيء إلا أنا يبرز عضلاته ويزعق، وروايات وحكايات كثيرة .
السؤال هنا ؟!
من أين يأتون بهذه الكلمات النشاز وتلك الأفكار المتعمقة بالتفاهة، ويرصدون لها لها مبالغ طائلة ليلوثوا بها أسماعنا وأبصارنا ويتشدقون أمام عدسات الكاميرات، وتصبح صورهم على أجهزة "الموبايل" والسيارات وعلى الحوائط في غرف المراهقين، وجنونهم وتقليعاتهم مصدر الموضة لشبابنا وأغانيهم تهدى للأحبة.
المشكلة أيضا أننا بحكم استدراج الإذاعات والتلفزة لنا، لا بد لنا من أن نلتقط كلمة أو دندنة من هذا الزعيق اليومي فنعتاده ويعتاده شبابنا وأطفالنا أيضا وهنا الطامة الكبرى.
لا أريد أن أسهب في موضوع تكلمنا عنه مراراً ولكن إلى متى ستبقى هذه المهزلة قائمة وهؤلاء يسرحون ويمرحون على هواهم وما من رادع ولا ضمير.
سننتظر يوما نعلن فيه شفاء عالمنا الفني من فيروسات التفاهة هذه، وإلى أنا يكتشف المثقفون لقاحاً أو دواء للتخلص منهم سنبقى نتحدث عنهم وننتقدهم بدون أن نذكرهم لأننا عندما نذكرهم نساعدهم على الاستفحال في جسد ثقافتنا .