Ms. Houda
أميرة الشمال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قبل بداية القصة أردت أن انبهكم لنقاط مهمة:
1-القصة حقيقية تنتهي عندما يرحل الشاب للموصل ويجد عملا أي أن التفاصيل بهذا الجزء من تأليفي لكن حاولت قدر المستطاع المحافظة على جوهرها
2-سيكون للقصة تصميم كرتوني(أنمي) قريبا لتذوق الأحداث كما يجب
3-في حالة وجود أي خطأ الرجاء من أساتذتنا الكرام تنبيهي وتصحيحي
4- بعض المواقف احسها ما تناسب قراء أقل من 15 سنة لذلك اتمنى ان تتذوقو الأحداث كخيال لانه من النادر تحققه بالواقع
5-الذي لم يطلع على الجزء الأول والثاني لن يفهم هذا الجزء أبدا
هذا هو الجزء الأول :
http://www.f-iraq.com/vb/showthread.php?t=525459
هذا هو الجزء الثاني:
http://www.f-iraq.com/vb/showthread.php?t=526143
وشكرا جزيلا لكم
قراءة ممتعة للجميع
وهــــــــــــــــــــــــــم الأقنـــعةة،
كانت أريام لا ترتدي تلك السترة السوداء ، بل تلبس قميصاً بدون أكمام،لكن ما أفزعني هو وجود عدة ندوب على كلتا يديها ثم أن الألم الشديد كان بادياً على ملامح وجهها، ما تكاد تلمس تلك الندوب لتضع المرهم حتى تغمض عينيها، ليس من الغريب علي عدم تحكمي بتصرفاتي في مواقف كذه لكن حاولت أن أكون هادئاً وطرقت الباب فحسب ..
كل ما أذكره هو أنها هرعت لترتدي سترتها وجلست على مكتبها ثم سمحت لي بالدخول، دخلت والحسرة تملأ صدري وقدمت لها ما كنت أحمله من أوراق ، بينما كانت أريام تمزح وتطلق النكات كعادتها واني ارى طاقتها بالصمود بدأت تنفذ ، كنت اضحك وفقط دون رغبة فقط لأن النكات منها والمشكلة ذكاء أريام لا ند له ولن يخفى أمر بديهي كهذا عنها ، كنت أتابع خطواتها التي كانت باتجاه الباب، وكذا يديها خلف ظهرها اللتين أبدعتا في اقفاله ، وبعد صمت محدق اقتربت مني جداً وواجهت عيني بكل استبداد وظلم وقالت:
-اريام: لماذا تبدو مستاءاً
لم انتبه لنفسي حتى وجدت يداي على سترتها، وقمت بازالتها ببطء وقلت :
انا: لهذا يا سيدتي
أريام: علمت أنك ستعلم بيوم ما ، لكن لم أعرف ان الأمر سيكون بكل هذه السرعة
أنا: وهل كنت تفكرين باخباري يا ترى؟
أريام وهي تنظر للأرض:ليس بالأمر المهم أو الخطير ، ولكن لا تخبر أحدا سيكون كل شيء على ما يرام ..
كنت أنظر اليها نظرة الحاح لعلها تخبرني ما الأمر لكنها اكتفت بقول ان الامر لا يعنيني ، وعادت لارتداء سترتها تلك ، على الرغم من أن تصرفها جعلني ازداد قلقاً الا اني اكتفيت بالصمت مجددا ثم استأذنت وعدت لمكتبي والحيرة تنهش فكري لكن لا بأس بالامر، من منا لا يعاني؟ وهل صادفتم قبلاً شخصا ناجحاً بدون ظروف؟ أو محبوباً دون أنداد يكرهونه وينبذوه؟ تلك هي بقع الحياة السوداء ، أخذ عنها لونها الجميل ذنب همها وما تحمله ..
مع مرور تلك الأيام المبهمة ، كانت أنباء سيئة في الطريق خاصة بعد تدهور حال الجد الصحي كثيراً،واكتشاف اصابته بمرض "سرطان الدم" في مرحلة جد متقدمة، من الحين للآخر كنت أوصل أريام للمشفى كي تطمئن عليه، تُقَبِل جبينه وتجلس بجواره وقتاً ترفه عنه وتحكي له عدة أمور عساها تخفف ألمه ، أما بالنسبة لي فقد كنت أنظر من بعيد ، لم أكن أود سماع جملة "الأمر لا يعينك " مجددا من أعز صديقة كسبتها يوماً،كنت أخشى أن يكون لتدخلي ضرراً لأحدهم أو سوء فهم منهم ،صحيح أنهم عائلة جد كريمة فقد ساعدوني عندما تخلى عني الجميع أقصد عندما أُقفلت بوجهي جميع الأبواب وتابعت دراستي التي تركتها منذ زمن وفوق هذا أصبحت نائبا عن أريام و قد تحسن وضعي المادي وما في ذلك حتى بدأت انشئ شركتي الخاصة ببغداد ولكن ..
دائما كنت أحافظ على حدودي خاصة بعد آخر موقف لي مع أريام،لكني كنت أقبت بقد الامكان اهتمامي ومعايشتي معهم لتلك الأيام العصيبة ..
أصبحت أريام تنام بجانب جدها كل ليلة، وتدعوا له بالشفاء العاجل بينما كنت ادعو لجدها لذاك الرجل البشوش بصمت وأبقى بجانبها لربما احتاجتْ لمساعدتي، لكن مضى الأمر على هذا الحال مع زيادة حال الجد سوءاً وتوفي على صرخات أريام حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة قال ..
الجد: أبنتي أريام كوني قوية كما عهدتك، وتابعي طريقك، لا تزالين شابة والمستقبل أمامك ولا ينتهي بعدي ، لا أوصيك على نفسك ولا أوصيك على عينيك لطفا بهما وتوقفي عن اسقاط تلك الدموع الساخنة فهي لا تليق بك
ما كاد ينهي كلامه حتى توقف جهاز دقات القلب عن رسم تلك الجولات في أخر ثانية من منتصف الليل ..
لم أشهد يوما محزننا كهذا الا يوم توفي أبي ، عادت بي الذكريات القاسية وفوق ذلك كان علي تحمل معاناة أريام أمامي ، كانت روحها المرحة التي عودت من حولها عليها تجعل من حزنها أمراً مريباً وفضيعا فوق التصور ، لم يكن بوسعي سوى الاندفاع نحوها ومحاولة اسكاتها ، فأسندت رأسها لحضني ودموعها قد بللت جانبي الأيسر من القميص بالكامل ، كان قلبي يدق بسرعة واني احاول الصمود كرجل بكل ما اتيت من قوة ، قمت بشدها لي أكثر وداعبت خصلات شعرها الناعمة بينما كانت تشهق بحرقة وتقول لي :
-أريام: مرتضى لقد توفي جدي، ماذا سيحل بي الان؟ كيف سأستمر الان؟
لم أكن أعلم حتى بماذا سأجيبها ، كنت فقد أفكر بسرعة لعلي أجد ما أوقف به انهمار دموعها لاني بتُ أشعر بقلبي ينفطر وقلت:
-أنا:لا عليك ..
نحن نخسر الأشخاص لكننا لا نخسر أرواحهم الطيبة أبداً، فهي ترافقنا باستمرار أينما كنا ثم أنني عهدتك قوية كما عهدك الجميع ، أرجوكِ لا تبكي، لا تبكي فحسب ..
حضر أهل أريام ودخلو الغرفة حيث كنا مع الجد بينما كان الحزن شديداً ..
مضت تلك الأيام كالكوابيس خاصة يوم مراسيم دفن الجد رحمة الله عليه، لقد حضر جمع غفير من الناس من أصدقائه وعائلته وموظفيه وجيرانه وقد تأثرو بموته جدا، لم يتحدثو عنه الا بفضله عليهم بعد فضل ربهم وكيف أنه كان رجلاً حكيما وبشوشا وصادقاً وما في ذلك وكل اتى بموقف معه ينسيك بالموقف الآخر ، ولم ارى بينهم شخصا متأثرا وحزينا بقدر أريام التي كانت ملامحها قد ذبلت من الحزن الشديد ، وأين تلك الوردة المفعمة بالحياة ؟ سؤال راودني كلما نظرت لعينيها
مضى على موت الجد سنة وقد تعلقت أريام بي جدا كتعلقي بها تماماً، وعلى غير العادة زاد انصباب اهتمامي بالنهر نفسه "دجلة"أمشي على أطرافه ، وأقوم بعد الحجارة التي ألقيها بقلبه وعد الموجات الصادرة عن ذلك ولو أننا كنا بمنتصف شهر فيبراير ،بالرغم من برودة الطقس لكنه كان مريحاً ، لعل وعسى تنطفئ جمرات الحنين لمن يسكنون التراب،لعل وعسى بلسم على الجراح تجعل من الواقع المر سراب،وبينما ذهب بالي بعيداً بحيث يجب أن لا يكون بدأت أشم عطراً مألوفاً،ثم صوتاً دافئاً رناناً يدندن بأغنية جميلة كنت قد رأيت احداهن ترقص على أنغامها، غير اني بدأتُ بالضحك لأن تمايلها كان طفوليا كالعادة..
-الصوت: وأريد أشرد بيك
تروح ما أخليك
تعال تعال تعال ..
واذا بيدين ناعمتين تلامسان عنقي و شخص ما يعانق ظهري وهمس خفيف كان قريب من أذني يطلب مني المتابعة،كانت أريام كالعادة غريبة كلما تعلق الأمر بالمرح والجنون، أمسكت يدها المتدلية من كتفي وحاولت تذكر مقطع ما من اغنية العصر وقلت:
-انا: وشلون عنك أفترك
وانت بصمة بالعشق
ويلي متخبل عليك هواااااي
تحمست بكلمة "هواي" وقلتها بصوت مرتفع حتى هرب الغراب الذي كان يستغفر ربما من حالنا :">
لم أصدق كيف اني دخلت من عالم غيبوبة التفكير لعالم الألحان ولو اني لم اغني من قبل، ويا ويح نفس مرتضى من دلال بعض الفتيات فتارة كنت أعيش اللحظة ، وتارة أخرى أسلم أمري لله ، عساه يلطف بحالي ، بقيت بجانبي ثم وضعت رأسها على ركبتاي وبقينا نتحدث عن طفل قام بعصر دجاجة ظناً منه أنها ستبيض اذا فعل ذلك ..
مضى على علاقتي بأريام سنتين وكانت كل مرة تفاجئني بتصرفاتها اللطيفة جدا التي لا اعلم كيف تقوم بها دون خجل، وقررت أن أتقدم لخطبتها بأسرع وقت ممكن فقد اكتوى قلبي عشقاً وانفتن، كنت أود اخبارها بالموضوع بطريقة خاصة تناسب جوها المرح تماما ..
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع ..
ترقبو الجزء الرابع قريبا جدا
بــــــــــــــــــــــــــــــــقلمي
تحياتي ..