ابو مناف البصري
المالكي
قصة هرة
نقل لي أحدهم فقال:
كانت عندي هرة صغيرة مدللة لدرجة لا يعرف فروها غبار الأرض، ولم تلتق بمخلوق غير أهل المنزل، أليفة لعوبة لا تعرف الشراسة ولا الأذية، طعامها متوفر على الموعد وشرابها مبذول في كل الأوقات فلا جوع ولا عطش.
خرجنا ذات يوم من المنزل ونسينا أن نضع لها الطعام، ولم نتذكر إلا بعد فترة من الوقت فأخذ بعضنا يلوم الآخر واضطرنا الأمر للعودة باكرا، وعندما دخلنا المنزل كانت تستقبلنا بالمواء المتكرر وعندما اتجه ابني ليغرف لها بعض الطعام كانت تحف بأقدامه رافعة ذيلها معبرة عن سرورها، وبمجرد أن تحرك كانت تسبقه إلى إنائها المعهود وهناك كانت المفاجأة.
هي هرة ليست بالكبيرة ولكن ما أن سكب لها الطعام أخذت تهمر كأنها أسد وتصدر أصواتا من جوعها كاللبوة الشرسة، وعندما حاول ابني أن يحرك الإناء قليلا وضعت يدها عليه بشراسة كادت تجرحه بمخالبها لو لم يتدارك يده. من أين تعلمت هذا الصوت وهذه الشراسة.؟
لقد عادت في هذا الامتحان الصغير إلى طبيعتها الحيوانية فكشرت عن أنيابها مستعدة أن تبطش بكل من يقترب من طعامها حتى لو كان صاحبها الذي يأويها ويطعهما ويسقيها.
ما الذي يفرق بعض الناس الذين مرت عليهم أزمة اقتصادية وعادوا للعمل عن الحيوانات بطبيعتهم الشرسة؟
بعض الناس كشروا عن أنيابهم وبعض بدأ يصدر أصواتا غريبة عجيبة وآخرون مدوا أياديهم إلى ما تصل إليه أيديهم فلم يرحموا في تجارتهم مريضا ولا عجوزا ولا صغيرا ولا جائعا ولا مضطرا فخرجوا عن طور إنسانيتهم وهم يريدون أن يعوضوا كل خسائرهم _ مع أنهم لم يموتوا من الجوع _ في أيام معدودات، وكأنهم لم يسمعوا بالدين ولا بالأخلاق ولا بالإنسانية ولم يعرفوا أنهم لم يأكلوا إلا ما قسمه الله لهم من الرزق وأن هناك يوما يقفون فيه بين يدي جبار السماوات والأرض بين يدي لطيف خبير يعلم نواياهم ويخبر ضمائرهم وقد أحصى عليهم أنفاسهم وهم يحملون كتابهم ويقولون ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
السيد علي مرتضى
نقل لي أحدهم فقال:
كانت عندي هرة صغيرة مدللة لدرجة لا يعرف فروها غبار الأرض، ولم تلتق بمخلوق غير أهل المنزل، أليفة لعوبة لا تعرف الشراسة ولا الأذية، طعامها متوفر على الموعد وشرابها مبذول في كل الأوقات فلا جوع ولا عطش.
خرجنا ذات يوم من المنزل ونسينا أن نضع لها الطعام، ولم نتذكر إلا بعد فترة من الوقت فأخذ بعضنا يلوم الآخر واضطرنا الأمر للعودة باكرا، وعندما دخلنا المنزل كانت تستقبلنا بالمواء المتكرر وعندما اتجه ابني ليغرف لها بعض الطعام كانت تحف بأقدامه رافعة ذيلها معبرة عن سرورها، وبمجرد أن تحرك كانت تسبقه إلى إنائها المعهود وهناك كانت المفاجأة.
هي هرة ليست بالكبيرة ولكن ما أن سكب لها الطعام أخذت تهمر كأنها أسد وتصدر أصواتا من جوعها كاللبوة الشرسة، وعندما حاول ابني أن يحرك الإناء قليلا وضعت يدها عليه بشراسة كادت تجرحه بمخالبها لو لم يتدارك يده. من أين تعلمت هذا الصوت وهذه الشراسة.؟
لقد عادت في هذا الامتحان الصغير إلى طبيعتها الحيوانية فكشرت عن أنيابها مستعدة أن تبطش بكل من يقترب من طعامها حتى لو كان صاحبها الذي يأويها ويطعهما ويسقيها.
ما الذي يفرق بعض الناس الذين مرت عليهم أزمة اقتصادية وعادوا للعمل عن الحيوانات بطبيعتهم الشرسة؟
بعض الناس كشروا عن أنيابهم وبعض بدأ يصدر أصواتا غريبة عجيبة وآخرون مدوا أياديهم إلى ما تصل إليه أيديهم فلم يرحموا في تجارتهم مريضا ولا عجوزا ولا صغيرا ولا جائعا ولا مضطرا فخرجوا عن طور إنسانيتهم وهم يريدون أن يعوضوا كل خسائرهم _ مع أنهم لم يموتوا من الجوع _ في أيام معدودات، وكأنهم لم يسمعوا بالدين ولا بالأخلاق ولا بالإنسانية ولم يعرفوا أنهم لم يأكلوا إلا ما قسمه الله لهم من الرزق وأن هناك يوما يقفون فيه بين يدي جبار السماوات والأرض بين يدي لطيف خبير يعلم نواياهم ويخبر ضمائرهم وقد أحصى عليهم أنفاسهم وهم يحملون كتابهم ويقولون ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
السيد علي مرتضى