Pяіисєss όғ lôvє
Well-Known Member
توصي المرأة العراقية زوجها أثناء خروجه للتسوق «اشتري شاي جيهان ولا تشتري التفاحة» أو «اشتري شاي السيلان ولا تشتري الوزة»، وتؤكد عليه جلب الماركة المطلوبة لأنه -وحسب نظرها- الشاي المفضل للأسرة.
يبدي العراقيون عموما -رجالا ونساء- اهتماما كبيرا بإعداد الشاي، فهم لا يشربون أي شاي ولاسيما شاي الحصة التموينية التي توزعها الحكومة العراقية ضمن مفردات البطاقة التموينية، فهو شاي رديء ولا يصلح للاستخدام البشري، وحتى العائلة العراقية المحدودة الدخل تعمد إلى إعطائه لمربي الحيوانات أو التبرع به لوكيل المواد الغذائية واقتناء شاي من السوق التجارية بأي سعر كان.
والرجل العراقي حريص على احتساء (استكان) من الشاي بعد تناول وجبات الطعام الرئيسية، وتؤكد على (أم البيت) تخدير الشاي قبل سكب الطعام ليكون جاهزا بعد الانتهاء من تناول الطعام.
تقول أم محمود: «زوجي حريص على تناول استكانة الشاي مباشرة بعد تناول الغذاء أو العشاء»، وتضيف: «يبدأ بالصراخ والزعيق عندما يتأخر عليه استكانة الشاي».
وتستهلك العائلة العراقية كميات كبيرة من الشاي شهريا، لأنه شراب يقدم للضيوف، والأسرة تشربه على مدار الساعة، فحين تطأ أقدام الضيف البيت العراقي يهرع أحد ما لوضع الماء على النار وتجهز الاستكانات والقوري (إبريق الشاي) والسكر الموضوع في إناء خاص (الشكردان)، وفي ليالي الشتاء الباردة تحديدا يكون الشاي مفضلا لكونه شرابا دافئا يدفئ الجسم.
وللشاي العراقي قصص وقصائد ولوحات فنية وأغنيات، ففي أربعينيات القرن الماضي اشتهرت أغنية عن الشاي وما زالت معروفة حتى الآن بعد أن توطنت في الذاكرة الشعبية، تقول كلمات الأغنية:
خدري الجاي خدريه عيوني المن أخدره
مالج يبعد الروح دومج مكدرة
أحلف ما أخدره ولا أقعد كباله
إلا يجي المحبوب واتهنه بجماله
(والأغنية تحكي قصة حبيب يطلب من حبيبته إعداد الشاي، فيقول لها: أعدي الشاي يا عيني، فتجيبه الحبيبة: يا عيني لمن أعده؟ فيسألها: ما لك يا روحي مكدرة على الدوام؟ فتجيبه: أقسمت أن لا أعد الشاي ولا أجلس أمام موقده إلا إذا جاء حبيبي لأهنأ بجماله)، لكن أبدع وصف للشاي هو ما جاء على لسان الأديب العراقي الكبير الراحل ذو النون أيوب، وهو «الشاي خمرة الكادحين».
وهناك لوحة للرسام نزار سليم
عنوانها «شرب الشاي»، ويرد الشاي في قصيدة لنزار قباني في رثاء زوجته العراقية بلقيس، إذ يسألها «أين شايك العراقي المهيل؟». وتشير المصادر التاريخية إلى «أن العراقيين عرفوا الشاي بعد الاحتلال البريطاني عام 1914، وقد انفرد ببيعه أحد العطارين في محلة الحيدر خانة المطلة على شارع الرشيد، وشيئا فشيئا اتسع نطاق تجارته وانتقل إلى بقية المدن العراقية».
ويقول المؤرخون إن أول من عرف الشاي هم الصينيون قبل آلاف السنين، ثم اكتشفت نبتته في إقليم آسام الهندي عام 1832 من قبل روبرت بروس، وهو ضابط بريطاني كان يعمل في شركة الهند الشرقية، أما موطن الشاي فهو سيلان والهند وكينيا وروسيا وإندونيسيا وإيران وشمال العراق، ويعتبر شاي سيلان من الأنواع الجيدة، وزراعته تحتاج إلى أرض جبلية رطبة.
ويقول محمد عبدالجليل عضو هيئة الإحياء والتحديث الحضاري في العراق لوكالة «نيوز ماتيك»: «إن العراق أصبح من البلدان الأولى في استهلاك الشاي رغم حداثة دخوله إليه أيام الاحتلال البريطاني وعرفه العراقيون، أما قبل ذلك أيام الحكم العثماني فقد كان موجودا، لكنه كان قليلا جدا وفي البيوت الميسورة فقط، ويتم تناوله في المناسبات والأعياد».
ويشير عبدالجليل إلى أن «المقاهي حين كانت تستخدم القهوة سميت كهاوي، وحين انتشر الشاي وحل محل القهوة أصبحت تسمى جاي خانه، وبذلك غدا الشاي الشراب السحري المفضل لدى عامة الناس، فهو صديق الصغار والكبار».
وهناك نوادر كثيرة وردت عن الجاي العراقي، أبرزها ما رواه الشيخ وهاب المرشدي فيقول: «أتذكر رواية طريفة عن الشاي، ففي عشرينيات القرن الماضي، زار وفد من أهالي الريف أحد الأعيان، فقدم لهم الشاي ولم يكونوا على معرفة سابقة بهذا المشروب، وبعد أن وضعت أمامهم استكانات الشاي ظلوا صامتين لا يعرفون كيف يشربونه، وبعد فترة برد الشاي فطلب المضيف تغييره، وعندما لاحظ أن ضيوفه مستمرين في صمتهم بادر إلى تحريك الملعقة الصغيرة داخل الاستكان، وأخذ يشرب منه، فعمل الضيوف مثله، وعند خروجهم سألوه عن المشروب، فقال لهم إنه الشاي».
ولشدة ولع العراقيين بالشاي تفننوا في إعداد خلطته وطريقة شربه، فالبعض يتناوله بالاستكان والبعض الآخر بالصحن بعد تطعيمه بالهيل، وهناك من يخلط السكر به، وغيره يشربه (دوش أو دشمله) حين يتناول السكر منفصلا. والسكر أنواع، فمنه الخشن والناعم والقطعة الهرمية الشكل التي تسمى «كلة»، وتستخدم بعد تكسيرها إلى فصوص صغيرة، أو المكعبات التي تسمى «قند».
وغالبا ما تتحلق العائلات العراقية غالبا حول صينية الشاي أو (السماور) حيث تدور أقداح الشاي ودوارق الماء المغلي، ناهيك عن (السماور) المنتصب أحيانا وسط (اللمة)! وبين حين وآخر تدور قارورة السكر ليأخذ كُلٌّ حاجتَه منه! وقارورة السكر هذه غالبا ما تكون على شكل (شكردان) أنيق من الزجاج الملون والمنقوش على شكل إناء أو (كاسة) ترتفع على عمود زجاجي يتصل بقاعدة زجاجية أيضا، قبل دخول (الاستيل) حياتنا الاجتماعية، حيث أخذت تصنع منه عدة ولوازم الشاي من «قوري» و»كتلي» و»سماور» و»صينية» و»شكردان»، وعندما جاء الهنود مع الاحتلال الأول، كانوا يطلقون على قدح الشاي اسم (بيالة) وهي تسمية (هندية-آرية) بمعني (قدح) أو (كوب)، وما زالت مناطق شمال العراق تسمى استكان الشاي (بيالة)، أما كلمة (استكان) فأصلها إنجليزي، حيث إن الجنود البريطانيين الذين كانوا في الهند أيام الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية عندما كانوا يعودون في إجازاتهم إلى بريطانيا يأخذون معهم (بيالة) الشاي الهندية، أي قدح الشاي، ولأن الإنجليز كانوا يتناولون الشاي بـ(الكوب)، وهو فنجان زجاجي كبير يوضع في طبق من ذات اللون والحجم والطراز، فتمييزاً لقدح الشاي الهندي (البيالة) عن (الكوب) الإنجليزي، أطلق هؤلاء على القدح اسم (استكان)، وهي تسمية من ثلاثة مقاطع تشرح أصل الإناء أو القدح: وEast شرق، وTea شاي، وCan إناء (East-tea-can) أي قدح الشاي الشرقي! وهكذا جاء الجنود الإنجليز بهذه اللفظة معهم إلى العراق، ولأن كل ما يتعلق بالشاي كان من الأمور الجديدة الدخيلة على حياتنا الاجتماعية، فقد أخذ العراقيون لفظة (استكان) مدغمة متصلة للسهولة والدلالة! وما زال الكثير من العراقيين لا يتذوقون شرب الشاي إلا بـ(الاستكان) رغم أن البعض يشربه بالكوب والآخر يتناوله (بالكلاص)، بينما رأينا الكثير من المصريين في العراق يتناولون الشاي بقناني معجون الطماطة الزجاجية الفارغة.
ومع الشاي نشأت طرائف، فمثلا إذا وضعت في استكانك ملعقتين يقولون «سوف تتزوج بأخرى إذا كنت متزوجا»، أو «ستتزوج اثنتين إذا كنت أعزب».
ويذكر الصحافي العراقي سلام الشماع الذي يقيم في مملكة البحرين في عموده الصحافي المنشور في جريدة «البلاد»: «إنه عانى كثيرا حتى اعتاد على شرب شاي (الليبتون)، ولكنك وأنت بعيد عن وطنك الأول قد تفرض عليك أمور قد تكون ما مرت بخاطرك يوما، ويكون حنينك لأبسط الأشياء وهَّاجا قويا، فكيف إذا كنت في البحرين والناس فيها يلهجون بذكر العراق وما فيه بكرة وأصيلا، في كل يوم أجد هنا من يذكرني بالشاي العراقي.. الحنين لدى البحرينيين للعراق وللشاي العراقي يظهر جليا كلما شربوا الشاي وقارنوه بالشاي العراقي».
ويشير إلى «أن الشاي العراقي مشهور، والذين زاروا العراق واحتسوا الشاي فيه يذكرونه في بلدانهم، ولا أحسب أن شعبا من شعوب الدنيا يعرف كيف يعد هذا الشراب الساخن مثل شعب العراق، كما لا أظن أن شعبا من شعوب الدنيا لديه طقوس وتراث للشاي كالتي عند العراقيين، رغم أنهم عرفوه مع الاحتلال البريطاني لبلدهم عام 1914، في حين عرفه الصينيون قبل آلاف السنين».
والعراقيون يقولون (الجاي) بالجيم الفارسية بدلا من (الشاي) بالشين، وأدمن أهل العراق عادة شرب الشاي مثل إدمان المدخن تدخين السيجارة والتبغ.
وكان للأدباء في بغداد مقهى يقع في الشارع الفرعي الواصل بين شارعي (السعدون) (وأبو نواس) يسمي (مقهى شاي معطر)، وذلك في حقبة السبعينيات بالماضي، وقد دخل هذا المقهى في تاريخنا الثقافي كما في بعض الأعمال الأدبية!
ومدمن الشاي نسميه في العراق (ترياقجي) من (الترياق) وقيل (الترياق لا يأتي إلا من العراق).
يبدي العراقيون عموما -رجالا ونساء- اهتماما كبيرا بإعداد الشاي، فهم لا يشربون أي شاي ولاسيما شاي الحصة التموينية التي توزعها الحكومة العراقية ضمن مفردات البطاقة التموينية، فهو شاي رديء ولا يصلح للاستخدام البشري، وحتى العائلة العراقية المحدودة الدخل تعمد إلى إعطائه لمربي الحيوانات أو التبرع به لوكيل المواد الغذائية واقتناء شاي من السوق التجارية بأي سعر كان.
والرجل العراقي حريص على احتساء (استكان) من الشاي بعد تناول وجبات الطعام الرئيسية، وتؤكد على (أم البيت) تخدير الشاي قبل سكب الطعام ليكون جاهزا بعد الانتهاء من تناول الطعام.
تقول أم محمود: «زوجي حريص على تناول استكانة الشاي مباشرة بعد تناول الغذاء أو العشاء»، وتضيف: «يبدأ بالصراخ والزعيق عندما يتأخر عليه استكانة الشاي».
وتستهلك العائلة العراقية كميات كبيرة من الشاي شهريا، لأنه شراب يقدم للضيوف، والأسرة تشربه على مدار الساعة، فحين تطأ أقدام الضيف البيت العراقي يهرع أحد ما لوضع الماء على النار وتجهز الاستكانات والقوري (إبريق الشاي) والسكر الموضوع في إناء خاص (الشكردان)، وفي ليالي الشتاء الباردة تحديدا يكون الشاي مفضلا لكونه شرابا دافئا يدفئ الجسم.
وللشاي العراقي قصص وقصائد ولوحات فنية وأغنيات، ففي أربعينيات القرن الماضي اشتهرت أغنية عن الشاي وما زالت معروفة حتى الآن بعد أن توطنت في الذاكرة الشعبية، تقول كلمات الأغنية:
خدري الجاي خدريه عيوني المن أخدره
مالج يبعد الروح دومج مكدرة
أحلف ما أخدره ولا أقعد كباله
إلا يجي المحبوب واتهنه بجماله
(والأغنية تحكي قصة حبيب يطلب من حبيبته إعداد الشاي، فيقول لها: أعدي الشاي يا عيني، فتجيبه الحبيبة: يا عيني لمن أعده؟ فيسألها: ما لك يا روحي مكدرة على الدوام؟ فتجيبه: أقسمت أن لا أعد الشاي ولا أجلس أمام موقده إلا إذا جاء حبيبي لأهنأ بجماله)، لكن أبدع وصف للشاي هو ما جاء على لسان الأديب العراقي الكبير الراحل ذو النون أيوب، وهو «الشاي خمرة الكادحين».
وهناك لوحة للرسام نزار سليم
عنوانها «شرب الشاي»، ويرد الشاي في قصيدة لنزار قباني في رثاء زوجته العراقية بلقيس، إذ يسألها «أين شايك العراقي المهيل؟». وتشير المصادر التاريخية إلى «أن العراقيين عرفوا الشاي بعد الاحتلال البريطاني عام 1914، وقد انفرد ببيعه أحد العطارين في محلة الحيدر خانة المطلة على شارع الرشيد، وشيئا فشيئا اتسع نطاق تجارته وانتقل إلى بقية المدن العراقية».
ويقول المؤرخون إن أول من عرف الشاي هم الصينيون قبل آلاف السنين، ثم اكتشفت نبتته في إقليم آسام الهندي عام 1832 من قبل روبرت بروس، وهو ضابط بريطاني كان يعمل في شركة الهند الشرقية، أما موطن الشاي فهو سيلان والهند وكينيا وروسيا وإندونيسيا وإيران وشمال العراق، ويعتبر شاي سيلان من الأنواع الجيدة، وزراعته تحتاج إلى أرض جبلية رطبة.
ويقول محمد عبدالجليل عضو هيئة الإحياء والتحديث الحضاري في العراق لوكالة «نيوز ماتيك»: «إن العراق أصبح من البلدان الأولى في استهلاك الشاي رغم حداثة دخوله إليه أيام الاحتلال البريطاني وعرفه العراقيون، أما قبل ذلك أيام الحكم العثماني فقد كان موجودا، لكنه كان قليلا جدا وفي البيوت الميسورة فقط، ويتم تناوله في المناسبات والأعياد».
ويشير عبدالجليل إلى أن «المقاهي حين كانت تستخدم القهوة سميت كهاوي، وحين انتشر الشاي وحل محل القهوة أصبحت تسمى جاي خانه، وبذلك غدا الشاي الشراب السحري المفضل لدى عامة الناس، فهو صديق الصغار والكبار».
وهناك نوادر كثيرة وردت عن الجاي العراقي، أبرزها ما رواه الشيخ وهاب المرشدي فيقول: «أتذكر رواية طريفة عن الشاي، ففي عشرينيات القرن الماضي، زار وفد من أهالي الريف أحد الأعيان، فقدم لهم الشاي ولم يكونوا على معرفة سابقة بهذا المشروب، وبعد أن وضعت أمامهم استكانات الشاي ظلوا صامتين لا يعرفون كيف يشربونه، وبعد فترة برد الشاي فطلب المضيف تغييره، وعندما لاحظ أن ضيوفه مستمرين في صمتهم بادر إلى تحريك الملعقة الصغيرة داخل الاستكان، وأخذ يشرب منه، فعمل الضيوف مثله، وعند خروجهم سألوه عن المشروب، فقال لهم إنه الشاي».
ولشدة ولع العراقيين بالشاي تفننوا في إعداد خلطته وطريقة شربه، فالبعض يتناوله بالاستكان والبعض الآخر بالصحن بعد تطعيمه بالهيل، وهناك من يخلط السكر به، وغيره يشربه (دوش أو دشمله) حين يتناول السكر منفصلا. والسكر أنواع، فمنه الخشن والناعم والقطعة الهرمية الشكل التي تسمى «كلة»، وتستخدم بعد تكسيرها إلى فصوص صغيرة، أو المكعبات التي تسمى «قند».
وغالبا ما تتحلق العائلات العراقية غالبا حول صينية الشاي أو (السماور) حيث تدور أقداح الشاي ودوارق الماء المغلي، ناهيك عن (السماور) المنتصب أحيانا وسط (اللمة)! وبين حين وآخر تدور قارورة السكر ليأخذ كُلٌّ حاجتَه منه! وقارورة السكر هذه غالبا ما تكون على شكل (شكردان) أنيق من الزجاج الملون والمنقوش على شكل إناء أو (كاسة) ترتفع على عمود زجاجي يتصل بقاعدة زجاجية أيضا، قبل دخول (الاستيل) حياتنا الاجتماعية، حيث أخذت تصنع منه عدة ولوازم الشاي من «قوري» و»كتلي» و»سماور» و»صينية» و»شكردان»، وعندما جاء الهنود مع الاحتلال الأول، كانوا يطلقون على قدح الشاي اسم (بيالة) وهي تسمية (هندية-آرية) بمعني (قدح) أو (كوب)، وما زالت مناطق شمال العراق تسمى استكان الشاي (بيالة)، أما كلمة (استكان) فأصلها إنجليزي، حيث إن الجنود البريطانيين الذين كانوا في الهند أيام الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية عندما كانوا يعودون في إجازاتهم إلى بريطانيا يأخذون معهم (بيالة) الشاي الهندية، أي قدح الشاي، ولأن الإنجليز كانوا يتناولون الشاي بـ(الكوب)، وهو فنجان زجاجي كبير يوضع في طبق من ذات اللون والحجم والطراز، فتمييزاً لقدح الشاي الهندي (البيالة) عن (الكوب) الإنجليزي، أطلق هؤلاء على القدح اسم (استكان)، وهي تسمية من ثلاثة مقاطع تشرح أصل الإناء أو القدح: وEast شرق، وTea شاي، وCan إناء (East-tea-can) أي قدح الشاي الشرقي! وهكذا جاء الجنود الإنجليز بهذه اللفظة معهم إلى العراق، ولأن كل ما يتعلق بالشاي كان من الأمور الجديدة الدخيلة على حياتنا الاجتماعية، فقد أخذ العراقيون لفظة (استكان) مدغمة متصلة للسهولة والدلالة! وما زال الكثير من العراقيين لا يتذوقون شرب الشاي إلا بـ(الاستكان) رغم أن البعض يشربه بالكوب والآخر يتناوله (بالكلاص)، بينما رأينا الكثير من المصريين في العراق يتناولون الشاي بقناني معجون الطماطة الزجاجية الفارغة.
ومع الشاي نشأت طرائف، فمثلا إذا وضعت في استكانك ملعقتين يقولون «سوف تتزوج بأخرى إذا كنت متزوجا»، أو «ستتزوج اثنتين إذا كنت أعزب».
ويذكر الصحافي العراقي سلام الشماع الذي يقيم في مملكة البحرين في عموده الصحافي المنشور في جريدة «البلاد»: «إنه عانى كثيرا حتى اعتاد على شرب شاي (الليبتون)، ولكنك وأنت بعيد عن وطنك الأول قد تفرض عليك أمور قد تكون ما مرت بخاطرك يوما، ويكون حنينك لأبسط الأشياء وهَّاجا قويا، فكيف إذا كنت في البحرين والناس فيها يلهجون بذكر العراق وما فيه بكرة وأصيلا، في كل يوم أجد هنا من يذكرني بالشاي العراقي.. الحنين لدى البحرينيين للعراق وللشاي العراقي يظهر جليا كلما شربوا الشاي وقارنوه بالشاي العراقي».
ويشير إلى «أن الشاي العراقي مشهور، والذين زاروا العراق واحتسوا الشاي فيه يذكرونه في بلدانهم، ولا أحسب أن شعبا من شعوب الدنيا يعرف كيف يعد هذا الشراب الساخن مثل شعب العراق، كما لا أظن أن شعبا من شعوب الدنيا لديه طقوس وتراث للشاي كالتي عند العراقيين، رغم أنهم عرفوه مع الاحتلال البريطاني لبلدهم عام 1914، في حين عرفه الصينيون قبل آلاف السنين».
والعراقيون يقولون (الجاي) بالجيم الفارسية بدلا من (الشاي) بالشين، وأدمن أهل العراق عادة شرب الشاي مثل إدمان المدخن تدخين السيجارة والتبغ.
وكان للأدباء في بغداد مقهى يقع في الشارع الفرعي الواصل بين شارعي (السعدون) (وأبو نواس) يسمي (مقهى شاي معطر)، وذلك في حقبة السبعينيات بالماضي، وقد دخل هذا المقهى في تاريخنا الثقافي كما في بعض الأعمال الأدبية!
ومدمن الشاي نسميه في العراق (ترياقجي) من (الترياق) وقيل (الترياق لا يأتي إلا من العراق).