ابو مناف البصري
المالكي
قــــــــــوم_لوط...
كانت بنت_لوط تأخذ الماء من النهر على اطراف المدينه فجاءتها الملائكه عل صورة بشر فسألها أحد المﻼئكة :
يا جارية .. هل من منزل؟
قالت [ وهي تذكر قومها ] : مكانكم ﻻ تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم .. أسرعت نحو أبيها فأخبرته . فهرع لوط يجري نحو الغرباء . فلم يكد يراهم حتى ( سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) سألهم : من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟ .. فصمتوا عن إجابته . وسألوه أن يضيفهم .. استحى منهم وسار أمامهم قليﻼ ثم توقف والتفت إليهم
يقول : ﻻ أعلم على وجه اﻷرض أخبث من أهل هذا البلد .
قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء .. أنهم يخزون ضيوفهم .. حدثهم أنهم يفسدون في اﻷرض . وكان الصراع يجري داخله محاوﻻ التوفيق بين أمرين .. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخﻼل بكرم الضيافة .. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية .
سقط الليل على المدينة .. صحب لوط ضيوفه إلى بيته .. لم يرهم من أهل المدينة أحد .. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره . أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر .. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم . وجاء قوم لوط له مسرعين .. تساءل لوط بينه وبين نفسه : من الذي أخبرهم؟ .. وقف القوم على باب البيت .. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم :
( هَـؤُﻻء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) .. قال لهم : أمامكم النساء - زوجاتكم - هن أطهر .. فهن يلبين الفطرة السوية .. كما أن الخالق - جلّ في عﻼه - قد هيّئهن لهذا اﻷمر .
( فَاتَّقُواْ اللّهَ ) .. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة .. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى .. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقﻼء اتقاء غضبه .
( وَﻻَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ) .. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم . و ينبغي عليهم إكرام الضيف ﻻ فضحه .
( أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) .. أليس فيكم رجل عاقل؟ .. إن ما تريدونه - لو تحقق - هو عين الجنون .
إﻻ أن كلمات لوط عليه السﻼم لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، وﻻ القلب الجامد الميت، وﻻ العقل المريض اﻷحمق .. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها .
أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم .. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، وﻻ أوﻻد ذكور يدافعون عنه .. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته .. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين .. فدهش لوط من هدوئهم .. وازدادت ضربات القوم على الباب .. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق : ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه .. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه .. غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد .. ركن الله الذي ﻻ يتخلى عن أنبيائه وأوليائه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه اﻵية : " رحمة الله على لوط .. كان يأوي إلى ركن شديد ."
هﻼك قوم لوط :
عندما بلغ الضيق ذروته .. وقال النبي كلمته .. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة .. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد .. فقالوا له ﻻ تجزع يا لوط وﻻ تخف .. نحن مﻼئكة .. ولن يصل إليك هؤﻻء القوم .. ثم نهض جبريل، عليه السﻼم، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم .
التفتت المﻼئكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج .. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال .. ﻻ يلتفت منهم أحد .. كي ﻻ يصيبه ما يصيب القوم .. أي عذاب هذا؟ .. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه .. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين .. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم .
سأل لوط المﻼئكة : أينزل الله العذاب بهم اﻵن .. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح .. ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ؟
خرج لوط مع بناته .. ساروا في الليل وغذوا السير .. واقترب الصبح .. كان لوط قد ابتعد مع أهله .. ثم جاء أمر الله تعالى .. قال العلماء : اقتلع جبريل، عليه السﻼم، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد .. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت المﻼئكة أصوات ديكتهم ونباح كﻼبهم، قلب المدن السبع وهوى بها في اﻷرض .. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم .. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم .. استمر الجحيم يمطرهم .. وانتهى قوم لوط تماما .. لم يعد هناك أحد .. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في اﻷرض، حتى انفجر الماء من اﻷرض .. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم .
كان لوط يسمع أصوات مروعة .. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه .. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت .. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح .
قال العلماء : إن مكان المدن السبع .. بحيرة غريبة .. ماؤها أجاج .. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة .. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة .. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة . يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم " البحر الميت " في الأردن .. هي مدن قوم لوط السابقة .
انطوت صفحة قوم لوط .. انمحت مدنهم وأسمائهم من اﻷرض .. سقطوا من ذاكرة الحياة واﻷحياء .. وطويت صفحة من صفحات الفساد .. وتوجه لوط إلى إبراهيم .. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه .. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم .. ومضى لوط في دعوته إلى الله .. مثلما مضى الحليم اﻷواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله .. مضى اﻻثنان ينشران التوحيد في اﻷرض .
كانت بنت_لوط تأخذ الماء من النهر على اطراف المدينه فجاءتها الملائكه عل صورة بشر فسألها أحد المﻼئكة :
يا جارية .. هل من منزل؟
قالت [ وهي تذكر قومها ] : مكانكم ﻻ تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم .. أسرعت نحو أبيها فأخبرته . فهرع لوط يجري نحو الغرباء . فلم يكد يراهم حتى ( سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) سألهم : من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟ .. فصمتوا عن إجابته . وسألوه أن يضيفهم .. استحى منهم وسار أمامهم قليﻼ ثم توقف والتفت إليهم
يقول : ﻻ أعلم على وجه اﻷرض أخبث من أهل هذا البلد .
قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء .. أنهم يخزون ضيوفهم .. حدثهم أنهم يفسدون في اﻷرض . وكان الصراع يجري داخله محاوﻻ التوفيق بين أمرين .. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخﻼل بكرم الضيافة .. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية .
سقط الليل على المدينة .. صحب لوط ضيوفه إلى بيته .. لم يرهم من أهل المدينة أحد .. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره . أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر .. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم . وجاء قوم لوط له مسرعين .. تساءل لوط بينه وبين نفسه : من الذي أخبرهم؟ .. وقف القوم على باب البيت .. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم :
( هَـؤُﻻء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) .. قال لهم : أمامكم النساء - زوجاتكم - هن أطهر .. فهن يلبين الفطرة السوية .. كما أن الخالق - جلّ في عﻼه - قد هيّئهن لهذا اﻷمر .
( فَاتَّقُواْ اللّهَ ) .. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة .. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى .. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقﻼء اتقاء غضبه .
( وَﻻَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ) .. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم . و ينبغي عليهم إكرام الضيف ﻻ فضحه .
( أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) .. أليس فيكم رجل عاقل؟ .. إن ما تريدونه - لو تحقق - هو عين الجنون .
إﻻ أن كلمات لوط عليه السﻼم لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، وﻻ القلب الجامد الميت، وﻻ العقل المريض اﻷحمق .. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها .
أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم .. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، وﻻ أوﻻد ذكور يدافعون عنه .. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته .. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين .. فدهش لوط من هدوئهم .. وازدادت ضربات القوم على الباب .. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق : ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه .. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه .. غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد .. ركن الله الذي ﻻ يتخلى عن أنبيائه وأوليائه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه اﻵية : " رحمة الله على لوط .. كان يأوي إلى ركن شديد ."
هﻼك قوم لوط :
عندما بلغ الضيق ذروته .. وقال النبي كلمته .. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة .. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد .. فقالوا له ﻻ تجزع يا لوط وﻻ تخف .. نحن مﻼئكة .. ولن يصل إليك هؤﻻء القوم .. ثم نهض جبريل، عليه السﻼم، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم .
التفتت المﻼئكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج .. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال .. ﻻ يلتفت منهم أحد .. كي ﻻ يصيبه ما يصيب القوم .. أي عذاب هذا؟ .. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه .. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين .. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم .
سأل لوط المﻼئكة : أينزل الله العذاب بهم اﻵن .. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح .. ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ؟
خرج لوط مع بناته .. ساروا في الليل وغذوا السير .. واقترب الصبح .. كان لوط قد ابتعد مع أهله .. ثم جاء أمر الله تعالى .. قال العلماء : اقتلع جبريل، عليه السﻼم، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد .. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت المﻼئكة أصوات ديكتهم ونباح كﻼبهم، قلب المدن السبع وهوى بها في اﻷرض .. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم .. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم .. استمر الجحيم يمطرهم .. وانتهى قوم لوط تماما .. لم يعد هناك أحد .. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في اﻷرض، حتى انفجر الماء من اﻷرض .. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم .
كان لوط يسمع أصوات مروعة .. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه .. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت .. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح .
قال العلماء : إن مكان المدن السبع .. بحيرة غريبة .. ماؤها أجاج .. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة .. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة .. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة . يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم " البحر الميت " في الأردن .. هي مدن قوم لوط السابقة .
انطوت صفحة قوم لوط .. انمحت مدنهم وأسمائهم من اﻷرض .. سقطوا من ذاكرة الحياة واﻷحياء .. وطويت صفحة من صفحات الفساد .. وتوجه لوط إلى إبراهيم .. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه .. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم .. ومضى لوط في دعوته إلى الله .. مثلما مضى الحليم اﻷواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله .. مضى اﻻثنان ينشران التوحيد في اﻷرض .