فتنةة العصر
رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
- إنضم
- 7 أغسطس 2015
- المشاركات
- 1,313,687
- مستوى التفاعل
- 176,042
- النقاط
- 113
- الإقامة
- السعودية _ الأحساء ♥️
كرامات السيّدة رقيّة
لقد ظهرت للسيّدة رقيّة عليها السلام كرامات عديدة تدلّ على قداستها وجلالة قدرها وعلو مكانتها الرفيعة عند الله عزّوجلّ أنّنا أشرنا إلى بعضها في طيّات البحث سابقاً إلّا أنّنا في هذا الفصل نذكر البقية ليطلع القارئ الكريم عليها ولتقام الحجّة على أُولئك المشكّكين الذين يشكّكون في المقامات العالية التي أولاها الله تعالى لأهل البيت عليهم السلام.
١ ـ اقرأ مصيبة ابنتي رقيّة عليها السلام
يقول الشيخ علي نجل المحدّث العظيم الشيخ عبّاس القمّي قدس سره والذي يعدّ من أكابر الخطباء المشهورين في مدينة طهران : ابتليت في إحدى السنوات بمرض في حنجرتي بحيث عجزت عن ارتقاء المنبر والوعظ والإرشاد.
لذلك وكسائر المرضى عندما يصابون بالمرض فقد راجعت طبيباً متخصّصاً وقد أخبرني بعد المعاينة قائلاً : إنّ مرضك بلغ من الشدّة بحيث أنّ بعض أوتارك الصوتية قد شلّت ، ومن الصعب جدّاً معالجتها ، وربما يكون علاجها بلا فائدة. إلّا أنّ الطبيب كتب لي وصفة ببعض الأدوية ونصحني بالاستراحة التامّة والتجنّب من صعود المنبر بل منعني من التحدّث مع الناس حتّى زوجتي وأطفالي ، وإذا احتجت إلى شيء عليَّ أن أستفيد من الكتابة علّ ذلك يجدي في خلاصي من هذا المرض الصعب العلاج.
وفي واقع الأمر كان هذا العلاج صعباً جدّاً لأنّ الإنسان لا يستغني عن الحديث والتحدّث مع الناس ، فكيف يمكنني تحمّل كلّ هذه المدّة دون أن أتحدّث على أنّ الأمل في الشفاء قليل جدّاً؟
لقد شعرت أنّ جميع الأبواب أُغلقت في وجهي وأدركت بكلّ كياني أنّ قدرات الناس العاديين لا يمكن أن تخلّصني من هذا الابتلاء الشديد وليس هنا من حيلة سوى التوسّل بباب نجاة الأُمّة أبي عبدالله عليه السلام.
وبالفعل في أحد الأيّام بعد انتهائي من صلاة الظهر والعصر شعرت بانكسار عجيب فبكيت بكاءً ومرّاً واعتلى أنيني وحنيني ولا شعورياً أخذت أتوسّل بأبي عبدالله الحسين عليه السلام وأقول له : سيّدي ، يابن رسول الله إنّ الصبر على مرض كهذا صعب جدّاً ، علماً أنّ الناس من أهل المجالس يتوقّعون صعودي المنبر.
سيّدي إنّ شهر رمضان المبارك على الأبواب وقد قضيت عمري في خدمتكم فماذا حصل حتّى أقع في مثل هذا المرض المعضل وأحرم من خدمتكم؟!
سيّدي كن أنت الشفيع إلى الله في خلاصي من هذا المرض الصعب.
وبعد هذه التوسّلات خلدت إلى النوم كعادتي كلّ يوم فرأيت في عالم الرؤيا أنّ شخصاً نورانياً دخل الغرفة بحيث أنّ نورانيّته ملأت أطراف الغرفة.
لا إرادياً شعرت أنّ هذا الشخص هو سيّد الشهداء عليه السلام وقد غمرتني الفرحة وأخذت أُكرّر التوسّلات التي توسّلتها في عالم اليقظة وأخذت أصرّ بشدّة وأتوسّل بإلحاح قائلاً : سيّدي إنّ شهر رمضان على الأبواب وقد دعيت في مساجد متعدّدة ، ومع هذا الحال كيف أستطيع صعود المنبر؟ وإذا بسيّد الشهداء عليه السلام يشير قائلاً : قل لهذا الجالس عند الباب ـ وقد كان هناك رجل جالس عند الباب ـ أن يقرأ مصيبة عزيزتي رقية وابك أنت وسوف تشافى وتعافى إن شاء الله.
دقّقت النظر عند الباب وإذا به زوج أُختي الحاج مصطفى الطباطبائي القمّي الذي هو من علماء طهران ، فأخبرته بأمر سيّد الشهداء عليه السلام إلّا أنّه كان يعتذر عن قراءة المصيبة وأنا أبكي. ومع الأسف الشديد استيقظ أبنائي من نومهم ، وأيقظوني فاستيقظت من النوم منزعجاً متأسّفاً على حرماني من مواصلة البكاء في ذلك المجلس النوراني.
وفي اليوم نفسه أو اليوم الذي بعده راجعت المتخصّص نفسه وإذا به يتعجّب كثيراً ويقول : لا يوجد أثر للمرض أصلاً ، ثمّ إنّه أخذ يسألني قائلاً : ماذا تناولت حتّى شفيت بهذه السرعة؟!
فنقلت له القصّة وكيف أنّني توسّلت بسيّد الشهداء عليه السلام وإذا بالطبيب يتسمّر في مكانه وكان يحمل قلماً فسقط القلم من يده دون إرادة ، وأخذ يبكي بشدّة ويئن بكلّ حرقة بحيث إنّ لحيته ابتلّت بالدموع وقال : إنّ مرضك لم يكن له علاج سوى التوسّل بسيّد الشهداء عليه السلام وقد حصلت على مرادك ببركة هذا التوسّل. ٢ ـ حضور الزهراء في خرابة الشام
كتب سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد مرتضى مجتهدي السيستاني أحد مدرّسي الحوزة العلمية في قم المقدّسة رسالة إلى مكتب انتشارات الإمام الحسين عليه السلام جاء فيها :
نقل العالم الربّاني ومفسّر القرآن الكريم حجّة الإسلام والمسلمين السيّد حسن در افشان (هو ابن أخ آية الله العظمى السيستاني وقد أدركه عمّه مدّة من الزمن) بعض كرامات آية الله العظمى السيّد علي السيستاني رحمه الله (المرحوم آية الله العظمى السيستاني من تلاميذ الميرزا الشيرازي الكبير والسيّد الصدر ، وقد أدرك بعض أيّام الشيخ الأنصاري قدس سره.) فقال :
في أحد الأيّام كنت جالساً عند سماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني وكنت أدرس كتاب قطر الندى ـ في النحو ـ وكان يرتدي ثوباً خشناً وهو مشغول بالمطالعة ، وبينما هو كذلك إذا بالباب تطرق فأخبروه أنّ معتم الوزراء وراء الباب وهو ينسب هذا المرجع المرحوم إلى مدينة مشهد المقدّسة وله كرامات عديدة ومعروفة وكان من المعارضين المعروفين للحكومة في زمانه.
ولذا فإنّهم حاوا اغتياله أكثر من مرّة إلّا أنّ عناية الصدّيقة الزهراء عليها السلام كانت تخفظه ، وقد توفّي في ١٣ من شهر رمضان المبارك سنة ١٣٤١ ه ودفن في حرم الإمام الرضا عليه السلام.
يريد ملاقاتك ، ففتحوا له الباب وأذنوا له بالدخول وإذا به يدخل بحذاءه ، فلم يعتن به آية الله السيستاني للحظات ثمّ التفت إليه وقال : أما تستحي تطأ الفرش النبوي بحذاءك؟!
فخرج المعتمد وخلع حذاءه ثمّ عاد وأخرج سلاحاً وورقة من جيبه وقال : هذا حكم اعدامك قد صدر من المركز ، فماذا تقول أُنفّذ الحكم أم تسكت وتحترم نفسك؟!
فكشف آية الله السيستاني عن صدره وقال : يابن الخرابات وربيبها تهدّدني؟! اذهب وافرغ السلاح في رأسك!
يقول السيّد حسين در افشان : نظرت إلى المعتمد وإذا بعينيه تدمع ويقول : إنّ أُمّي تعرف ابن من أنا ـ ومراده بذلك أنّني ولد حلال ولست ابن زنا ـ ثمّ وضع سلاحه في جيبه ومضى.
آنذاك التفت ابن عم آية الله السيستاني (هو آية الله العظمى السيّد محمّد باقر مجتهدي السيستاني والد المرجع الكبير سماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني دام ظلّه العالي) وقال له : لماذا لم تتق منه؟ أتريد أن تيتّم العالم؟!
فقال آية الله العظمى السيستاني : أُدن منّي ، فدنا السيّد محمّد وجلس بالقرب منه ، حينها التفت آية الله العظمى السيستاني إليه وقال : رأيت البارحة إنّني في خرابة الشام وقد كان جميع أُسارى كربلاء فيها وعلى رأسهم جدّتي الصدّيقة الزهراء عليها السلام ، وحينما دخلت الخرابة أشارت عليَّ جدّتي الزهراء عليها السلام ودعتني أن أدنو منها ، فدنوت منها حتّى أخذتني في حجرها وجعلت تقبّلني وتقول : ولدي قل ولا تخف فأنا أحفظك.
ثمّ التفت آية الله السيستاني إلى السيّد محمّد وقال : إن الذي تحفظه مثل الصدّيقة الزهراء عليها السلام لا يعبأ بمثل هؤلاء الذئاب. ٣ ـ تشيّع امرأة فرنسية
نقل حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد مهدي تاج اللنگرودي في كتابه «التوسّلات» فقال : ذكر القصّة التالية أحد الوعّاظ المشهورين في فنّ الخطابة والذي سافر أكثر من مرّة لزيارة السيّدة رقيّة عليها السلام في إحدى محاضراته فقال : أهدت إحدى النساء الفرنسيات لحرم السيّدة رقيّة عليها السلام سجّادتين فاخرتين ممّا أثار تعجّب الناس واستغرابهم ، فهم يعلمون أنّ المرأة مسيحية ، ولا ربط لها بالإسلام ، ومع ذلك تأتي من فرنسا وتقدّم هذه الهدية القيّمة؟! بقي الناس يتساءلون بينهم عن سبب الهدية فحملهم الشوق لمعرفة السبب إلى السؤال من المرأة ، فقالت :
كما ترون ، فإنّني لست مسلمة ، إلّا أنّني وقبل سنوات جئت إلى هنا بمهمّة ونزلت في إحدى المنازل القريبة من الحرم الشريف ، وفي أوّل ليلة ـ وكنت متعبة جدّاً ـ أردت النوم وإذا بي أسمع صوت بكاء شديد ، وحيث أنّ بكاء الزوّار لم يكن ينقطع ، تساءلت من البعض وقلت لهم : من أين هذا البكاء؟ فقالوا : هذا البكاء في حرم طفلة يتيمة مدفونة بالقرب منّا.
في البدء تصوّرت أنّ الطفلة كانت قد ماتت للتوّ والذين يبكون هم أقرباءها إلّا أنّهم قالوا لي : لقد مضى على وفاتها الف عام.
فازداد تعجّبي وتساءلت في نفسي وقلت : لماذا يصنع الناس هكذا بعد مضي مئات السنين على وفاة هذه الطفلة؟! فتبيّن لي فيما بعد أنّ هذه الطفلة تفرق عن سائر الأطفال العاديين ، إنّها طفلة الإمام الحسين عليه السلام الذي قتل الأعداء والدها ظلماً وعدواناً ثمّ سبوا عياله إلى الشام ـ عاصمة يزيد ـ فماتت الطفلة من غصّة فراق أبيها دفنها أهل البيت عليهم السلام في هذا المحلّ.
وحينما جئت إلى الحرم الشريف وشاهدت العشّاق الذين أقبلوا من مختلف بلاد العالم كيف ينذرون ويقدّمون الهدايا للحرم الشريف ويتوسّلون إلى الله تعالى بمقام السيّدة رقيّة عليها السلام كي يقضي حوائجهم ، وقعت محبّة هذه الطفلة بقلبي وأحسست بالإنشداد العظيم إليها منذ أن شاهدت حرمها المبارك.
وبعد مدّة ـ وكنت حاملة ـ أخذوني إلى المستشفى فأخبرني الأطباء بعد الفحوصات وقالوا : لابدّ من اجراء عملية جراحية لك ، فحالة الطفل غير طبيعية ، فازداد اضطرابي وقلقي وبدأت أتساءل في نفسي قائلة : إلهي ماذا أصنع؟ وما هي الحيلة؟! ولا إرادياً أحسست أنّ الحلّ الوحيد لمشكلتي هو التوسّل والدعاء.
آنذاك تذكّرت هذه الطفلة رقيّة عليها السلام وانشددت دون إرادتي إليها وقلت : إلهي أُقسم عليك بحقّ تلك الطفلة التي ألّمتها سياط الظلمة ، وبمظلومية والدها إمام الطاعة ووصي رسولك صلى الله عليه واله إلّا ما خلّصتني ممّا أنا فيه.
ثمّ إنّي خاطبت السيّدة رقية وقلت : سيّدتي إن أنقذتيني من هذه الشدّة فإنّي سأهدي سجّادتين فاخرتين لحرمك الشريف.
شهد الله أنّه لم تمض سوى لحظات على توسّلي ومخاطبتي لهذه الطفلة وإذا بي ألد ولدي بكلّ سهولة على خلاف ما توقّع الأطباء والمتخصّصون فأنجاني الله تعالى من الموت الحتمي ببركة التوسّل بهذه اليتيمة ، والآن جئت بهاتين السجّادتين وفاءً بعهدي الذي عاهدت السيّدة رقيّة عليها السلام عليه.
٤ ـ إسلام امرأة مسيحية
ذكر سماحة حجّة الإسلام السيّد عسكر حيدري وهو من طلّاب الحوزة العلمية الزينبية في الشام الكرامة التالية فقال : في أحد الأيّام أقبلت امرأة مسيحية مع طفلتها المشلولة إلى سوريا بعد أن أجابها دكاترة لبنان وأخبروها بأن لاعلاج لابنتك.
ولحسن الحظّ أنّها استأجرت منزلاً كان قريباً من حرم السيّدة رقيّة عليها السلام واتّخذته كمقرّ لها أثناء بقاءها في سوريا لمعالجة طفلتها المريضة.
وفي أحد الأيّام شاهدت المرأة أفواجاً من الناس يقبلون إلى الحرم الشريف ممّا أثار تعجّبها وتساءلها فقالت : ما الخبر؟ ولماذا يأتي هؤلاء الناس إلى هنا؟ وما هي المناسبة؟ فقالوا لها : إنّ اليوم هو يوم عاشوراء وهذا حرم السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، والناس يأتون لإقامة العزاء عند مرقدها الطاهر ، وإذا بالمرأة تترك طفلتها
في البيت وتذهب إلى الحرم الشريف وتتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام وتلحّ عليها في قضاء حاجتها بكلّ إخلاص إلى أن فقدت الوعي وعشى عليها ، وفيما هي كذلك أحسّت المرأة أنّ شخصاً يقول لها : قومي واذهبي إلى بيتك فإنّ ابنتك بقيت وحيدة ولا أحد معها وقد شافاها الله تعالى.
وبالفعل فقد استيقظت المرأة وذهبت إلى منزلها وإذا بها تجد طفلتها تلعب وكأن لم يكن بها شيء أصلاً ، آنذاك تساءلت الأُمّ من الطفلة وقالت : ما الخبر؟ وكيف تحسّن حالك؟ قالت : عندما خرجتي من المنزل دخلت طفلة اسمها رقيّة الدار وقالت لي : قومي لنلعب معاً. ثمّ إنّها قالت لي : قولي بسم الله الرحمن الرحيم لتستطيعي القيام والنهوض على قدميك.
ثمّ إنّها أخذت يدي وأوقفتني وقد أحسست منذ ذلك الوقت إنّني قد شفيت من المرض وبينما كانت الطفلة تحدّثني إذا بك تفتحين الباب فقالت : لقد جاءت أُمّك واختفت.
يقول السيّد الحيدري : على أثر هذه الكرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام اهتدت المرأة المسيحية ودخلت في مذهب الحقّ مذهب أهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. ٥ ـ وشفيت من جديد
نقل حجّة الإسلام والمسلمين السيّد شهاب الدين الحسيني القمّي فقال : بعث مدّاح اهل البيت عليهم السلام المخلص الحاج أحمد أكبري إليّ رسالة كتب فيها قصّة شفاءه من الموت الحتمي ببركة يتيمة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها أفضل الصلاة والسلام جاء فيها :
ابتليت بألم شديد عجز الأطباء عن معالجته وتشخيصه وبعد أن العديد من المعاينات والفحوصات قرّروا أن يجروا لي عملية جراحية ، علماً أنّهم أخبروني قبل ذلك أنّ العملية قد تنجح وربما تفشل.
وبعد إجراء العمليةة تبيّن أنّها كانت فاشلة فبقوا فترة الزمن يجرون لي الفحوصات ثمّ أخبروني بأن لا أمل من شفاءك وأنّ موتك حال لا محالة ، فاعقد وصيّتك وودّع أطفالك وأهلك ، ففي أي لحظة يمكن أن تفارق الدنيا.
لذلك بعثت خلف عائلتي وبقيّة الأقرباء والأرحام وكنت مسجّاً على الفراش وقد ربطوا يدي وقدماي واستسلمت للموت. وبعد ساعات أقبل الجميع وأخبرتهم بالقضية وأخذت أُصيهم بوصاياي الأخيرة وأُودّعهم ويودّعوني وقد ضجّ الجميع بالبكاء والنحيب وارتفعت أصوات الحزن والعويل من كلّ جانب ، وأتذكّر أنّ لي طفلة صغيرة قد حضرت لوداعي فضممتها إلى صدري وأخذت أُقبّلها وأُودّعها وداع مفارق لارجعة له أبداً.
وبعد ساعة خرج الجميع بعيون باكية وقلوب مصدّعة وقد هيّأوا أنفسهم لموتى واستلام جنازتي ليقوموا بواجبات الميّت من الغسل والصلاة والدفن وما شابه ذلك.
آنذاك وبعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي توجّهت إلى عزيزة الإمام الحسين عليه السلام ويتيمته السيّدة رقيّة وأخذت أتوسّل بها وأقرأ مصيبتها المشجية.
ولم تمض لحظات إذا بطفلة كأنّها القفر تقف أمام السرير وتناديني باسمي وتقول : قم يا فلان.
تعجّبت كثيراً واستولت الغرابة عليّ وقلت : يا ترى من هذه التي تعرف اسمي ولا أعرفها؟!
فقلت في نفسي : لعلّها ابنة أحد المرضى النازلين في نفس الغرفة جاءت لتسأل أحوالي ... لحظات قليلة إذا بها تقول ثانية : قم ، فقلت : لا أستطيع إنّ يداي وقدماي مربوطتان وقد منعني الأطباء من الحركة.
قالت : قم ، لماذا تقول أنّ يداك وقدماك مربوطتان؟!
نظرت إلى يدي وقدمي إذا بهما مفتوحتان ، ثمّ أنّها قالت : لماذا لا تقوم؟ قلت : لقد أجرى الأطباء لي عملية ومنعوني من الحركة.
قالت : أين هو محلّ العملية ، أرني إيّاه؟!
فنظرت مكان العملية وإذا بي لا أرى أثراً له أصلاً وقد التأم الجرح تماماً وكأنّني لم أجر عملية جراحية قطّ ، فتعجّبت كثيراً وتساءلت منها وقلت : من أنت؟
قالت : أليس إنّك توسّلت بي قبل قليل ثمّ اختفت عن أنظاري.
مباشرة قمت من السرير وارتديت ثيابي وهرولت إلى الخارج وأخبرت الجميع بكرامة السيّدة رقيّة عليها السلام ، علماً أنّني أحرص كثيراً على ذكر هذه الكرامة في مجالسي. ٦ ـ رفيق الدرب
يقول أحد العلماء الأعلام : عند ما رجعت من بيت الله الحرام سنة ١٣٣٥ ه. ش ذهبت إلى الشام لأزور المراقد المقدّسة فيها ومن هناك أذهب إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة ، وحيث أنّني كنت وحيداً في سوريا تمنّيت أن أحصل على رفيق حسن في سفري يرافقني رحلتي ويؤنسني في غربتي.
وفي أحد الأيّام وبعد أن دخلت حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وفرغت من زيارتها الشريفة طلبت منها أن تهيّأ لي رفيق درب يشدّ أزري في السفر ويرافقني في زيارتي.
وقبل أن أخرج من الحرم الشريف تعرّفت على أحد التجّار الخيرين من أهالي الكاظمية وأخبرته عن رغبتي لزيارة العتبات المقدّسة في العراق فأبدى استعداده لمرافقتي وبالفعل فقد سافرت مع هذا التاجر إلى العتبات ـ كربلاء والنجف والكاظمين ـ وكان حقيقة نعم الرفيق وخير صديق في السفر حتّى أنّني لم أشعر بالغربة والوحشة بل عشت معه خير أيّام عمري ... وحقيقة كنت دائماً أُلامس بركة توسّلي بعزيزة الإمام الحسين عليه السلام التي هيّأت لي هكذا صديق في سفري إلى العتبات المقدّسة. ٧ ـ هكذا وفّقت لشراء الكتب
في ليلة السادسة والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ١٤١٨ ه وفّقت لزيارة آية الله السيّد مهدي الحسيني اللاجوردي ، وفي أثناء الزيارة تساءلت منه قائلاً : ألا تعرف شيئاً من كرامات عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام لأنقله في طيّات كتابي حول هذه السيّدة الجليلة؟!
فنقل لي القصّة التالية وقال : في إحدى سفراتي إلى سوريا وبينما كنت أتمشّى مع أحد الأصدقاء بالقرب من المسجد الأموي شاهدت بعض الكتب الخطّية القديمة جدّاً ومنها كتاب نهج البلاغة بخطّ أحد العلماء الأعلام عام (٦٠٠ ه). وحينما سألت من البائع عن قيمتها طلب مبلغاً كبيراً جدّاً لم أكن أملكه أصلاً ، ولذا ذهبت إلى زيارة السيّدة رقيّة عليها السلام وتوسّلت بها وطلبت منها أن تجعل الكتب من نصيبي ، وفي أثناء عودتي إلى المنزل مررت على نفس بائع الكتب وإذا به يناديني قائلاً : سيّدنا تعال أريد أن أبيع الكتب وقيمتها باختيارك.
وبحمد الله وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام فقد اشتريت الكتب وصارت من نصيبي وهي إلى الآن موجودة عندي في المكتبة ، ولا يخفى أنّ هذه الكرامة هي من أقلّ كرامات السيّدة رقيّة عليها السلام.
٨ ـ توسّل آخر
نقل العالم الجليل الورع سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد مرتضى المجتهدي السيستاني حفظه الله أحد مدرّسي الحوزة العلمية في مدينة قمّ المقدّسة عن الحاج صادق متقيّان أحد خدمة الإمام الحسين عليه السلام المخلصين في مدينة مشهد المقدّسة في شهر محرّم الحرام سنة ١٤١٨ هـ أنّه قال : مضت ثمان سنين على زواج ابنتي ولم ترزق بمولود وقد راجعت العديد من الأطباء والمتخصّصين ولكن دون جدوى إلى أن عزمت السفر إلى سوريا في شهر صفر المظفّر سنة ١٤١٧ هـ وقبل سفري بقليل أعطتني زوجتي كاروكاً كانت قد أعدّته بيدها وقالت : اعقده بضريح السيّدة رقيّة ليقضي الله حاجة ابنتي وتنظر السيّدة رقيّة عليها السلام نظرة رحيمة. وبالفعل فقد أخذت المهد إلى الشام وحينما ذهبت إلى زيارة عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام ودخلت حرمها الشريف أخذتني روحانية عجيبة وغرقت في عالم مليئ بالحزن والمأساة فتوجّهت نحو الضريح الطاهر بروحانية وتوجّه خاص وعقدت «الكاروك» به.
وبينما أنا كذلك إذا بشخص كان ينظر إليّ يقول : أنت أيضاً لماذا تعتقد بمثل هذه العقائد؟! قلت : إنّ عقيدتي بالسيّدة رقيّة عليها السلام لا بـ «الكاروك» وما هذا «الكاروك» إلّا وسيلة لإظهار عقيدتي بهذه السيّدة الجليلة علّني أنال لطفها وعنايتها ، وكلّ شخص يظهر محبّته وولائه حسب عقيدته ومعرفته ، وهذا هو قدر معرفتي بالسيّدة رقيّة عليها السلام ولا يقدح ذلك بمقامها العالي ومكانتها الرفيعة.
وبعد رجوعي من زيارة العتبات المقدّسة في سوريا لم تمض سوى أيّام قليلة إذا بزوجتي تقول : يجب أن نأخذ «فلانة» إلى المستشفى لتجري الفحوصات ونرى هل أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام تشفّعت إلى الله في قضاء حاجتنا أم لا؟!
وبعد إجراء الفحوصات تبيّن أنّها حامل وأنّنا عبر هذا «الكاروك» الصغير استطعنا أن ننال عناية هذه السيّدة العظيمة الجليلة ونحصل على شفاعتها عند الله في قضاء حاجتنا علماً أنّ ابنتي الآن لديها طفل صغير.
٩ ـ إنّها السيّدة رقيّة عليها السلام
بعث سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد علي برهاني فريدني حفظه الله رسالة لدفتر انتشارات الإمام الحسين عليه السلام ذكر فيها كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام فقال : استجابة لأمر سماحة حجّة الإسلام والمسلمين ونخبة المتّقين الشيخ علي الربّاني الخلخالي «دامت توفيقاته» أُشير إلى كرامة حصلت في أحد المجالس قبل (٣٤) سنة تقريباً وقد نقلها سماحة الخطيب المشهور السيّد عبدالله تقوي شفاهياً فقال :
من لطف الله تعالى عليَّ وتوفيقاته لي أنّه أنعم عليَّ منذ سنين بخدمة سيّد الشهداء عليه السلام من خلال ارتقائي المنبر في مدينة طهران.
وفي إحدى الليالي وبعد أن فرغت من المجلس ورجعت إلى المنزل رنّ الهاتف عند الساعة التاسعة ليلاً تقريباً فرفعت السمّاعة وإذا به أحد الأصدقاء ، وبعد السلام والتحيّة قال : إنّ «فلان» الكاسب قد توفّي وغداً بعد الظهر سيكون مجلس الفاتحة وقد اقترحت على أبناء المرحوم أن ترتقي أنت المنبر.
فلا تنسى أن تعدّ نفسك غداً بعد الظهر عند الساعة الثالثة أو الرابعة.
وفي نفس الوقت تذكّرت أنّني في الليلة الماضية قرأت مجلساً شهرياً ـ أي كلّ شهر يقرؤون ليلة واحدة ـ في أحد المنازل التي نسيت عنوانه وبعد المجلس جاءتني إحدى النساء وتوسّلت بي كثيراً كي أقرأ لها مجلساً يوم غد في نفس ساعة ذلك المجلس وذلك في المنزل المقابل للمنزل الذي قرأت فيه الليلة البارحة.
وقد ذكرت المرأة أنّها لديها نذر وتريد أن تطعم بعد المجلس تبرّكاً باسم السيّدة رقيّة عليها السلام التي سيكون المجلس باسمها ، ولذا طلبت منّي أن أعدّ نفسي لقراءة مصيبة هذه السيّدة المظلومة وأتوسّل بها لقضاء حاجتها.
وعلى كلّ فقد أخبرت صاحبي أنّني وعدت تلك المرأة أن أقرأ لها مجلساً حول السيّدة رقيّة عليها السلام ولذا فإنّني لا أستطيع القراءة في مجلس الفاتحة.
فتأثّر صاحبي كثيراً وقال : إنّك كيف تفكّر؟! لقد أردت خدمتك.
وبعد لحظات أخذت أُفكّر وأتأمّل وأقول في نفسي : كم مجلس يجب أن نقرأ للسيّدة رقيّة عليها السلام وعلي الأصغر حتّى يعطوني ثلاثين توماناً؟! أمّا إنّني إذا قرأت مجلس التاجر فإنّهم حتماً سيعطوني مبلغاً جيّداً.
ولذا فقد انصرفت عن الذهاب إلى مجلس المرأة ثمّ ذهبت إلى النوم. وفي عالم الرؤيا رأيت أنّني في نفس الشارع الذي يقع فيه منزل المرأة وكان هناك سيّد نوراني جميل المنظر قد أخذ بيد طفلة عمرها ثلاث سنين ، فسلّمت عليه وسألت أحواله وسألته عن اسمه ومسكنه فقال : إنّني أحضر في كلّ المجالس وهذه ابنتي رقيّة ، فلا تبعنا يا سيّد بمادّيات الدنيا؟!
كما أضاف ذلك الرجل قائلاً : لماذا تترك تلك المرأة تترقّب حضورك وتنتظر مجيئك بعد أن وعدتها أن تأتي إلى بيتها وتقرأ لها المجلس؟!
ولماذا تريد تخلف الوعد وترجّح مجلس التاجر ، حتّى يعطوك أموالاً أكثر؟!
فاستيقظت من النوم فزعاً حزيناً ولا إرادياً أخذت الهاتف واتّصلت بصاحبي وقلت له ودموعي تجري : «فلان» لا تنتظروني غداً في مجلس التاجر ، فمن المستحيل أن أقرأ لكم هذا المجلس.
وفي اليوم الثاني ذهبت إلى مجلس المرأة وقرأت مصيبة السيّدة رقيّة عليها السلام ونقلت القضية على المنبر فانقلب المجلس وضجّ الحضور بالبكاء بما فيهم أنا وقد عمّت ذلك المجلس حالة من الروحانية لم أر لها مثيلاً بحيث إنّ الحضور بقوا يبكون إلى فترة من ختام المجلس. الجدير بالذكر أنّ رائحة طيّبة انتشرت في المجلس لم استشم مثلها من قبل قطّ.
١٠ ـ من آثار التوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام
نقل سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ هادي أشرفي التبريزي فقال : في إحدى سفراتي إلى تبريز وكنت نازلاً ضيفاً عند أُختي دار الحديث حول عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام ، فقلت للحضور : إنّ البعض ينفون أن تكون للإمام الحسين عليه السلام طفلة بهذا الاسم ويكذّبون الأخبار الواردة في ذلك.
وفجأة إذا بعمّة أُختي ـ أي أُمّ زوجها ـ تلتفت إليّ وقد بدت حالة العصبانية والغضب على وجهها وقالت : لو أنكر الجميع حقيقة السيّدة رقيّة عليها السلام فلن أعتقد بكلام واحد منهم ، فإنّني ولأكثر من مرّة توسّلت بها وأخذت حاجتي منها ثمّ ذكرت القضية التالية فقالت :
قبل فترة كان ولدي «صابر ريحاني» قد ذهب إلى الجندية في إحدى المقرّات العسكرية في أهواز.
وفي أحد الأيّام مرّ زوجي الذي كان يقود سيارة «الشاحنة» على حادث لناقلة المسافرين كانت تحمل مجنّدين ، والمؤسف أنّ جميع الركّاب قد ماتوا ، فرجع زوجي إلى المنزل قلقاً مضطرباً شاحب اللون.
وبعد أن أتّصلنا بالمقرّ العسكري وسألنا عن «صابر» أخبرونا أنّه ليس موجوداً في المقرّ وإنّه قد أخذ اجازة عن الخدمة فازداد قلقنا ، وفي نفس اليوم أخبرنا بعض الجيران أنّ البعض كان يسأل عن منزل أحد الجنود كان اسم والده «قدرة الله» ليخبروا أهله بموته فبدأنا نظنّ بقوّة بل نتيقّن بموت صابر.
آنذاك وفيما كنت مضطربة توجّهت بكلّ إخلاص إلى السيّدة رقيّة عليها السلام وخاطبتها قائلة : سيّدتي أنت تعلمين بضعف حالتي وفقري ولكن إذا بلغني خبر عن سلامة ولدي فسأُطعم الفقراء مقدار من الحليب. وما هي إلّا لحظات إذا بالهاتف يرنّ فرفعت السمّاعة والاضطراب يخيم على كياني وإذا به ولدي صابر ، وما أن سمعت صوته وإذا بي أسقط مغشيّة فهرع ولدي الأكبر وتناول السمّاعة وإذا صابر يخبره أنّه كان في إجازة عندما اتّصلنا به ولمّا عاد إلى المقرّ العسكري أخبروه باتّصالنا فاتّصل بنا ليطمأننا على أحواله.
١١ ـ قلّ له يسمّيه حسيناً
بعث سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمود شريعة زاده الخراساني رسالة إلى مكتب الإمام الحسين كتبها في تاريخ ٢ جمادي الآخرة ١٤١٨ هـ وجاء فيها : دخلت في أحد الأيّام حرم السيّدة رقيّة عليها السلام فرأيت مجموعة من الناس كانوا واقفين مقابل الضريح المقدّس يقرؤون الزيارة الشريفة بينما كان مدّاح أهل البيت عليهم السلام الحاج نيكوئي يقرأ لهم المصيبة وقد ذكر القضية التالية فقال :
فيما كان مسؤولوا حرم السيّدة رقيّة عليها السلام يشترون المنازل المجاورة لتوسعة المرقد الشريف رفض أحد اليهود أو النصارى المجاورين للحرم أن يبيع منزله وبقي يصرّ على ذلك علماً أنّهم عرضوا عليه أكثر من ضعفي قيمة منزله إلّا أنّه رفض وبقي يعاند بكلّ إصرار.
وبعد مدّة من الزمن حملت زوجة الرجل ، وقبل ولادتها أخذها إلى بعض الدكاترة لمعاينة حالتها فأخبروه أنّ الأُمّ والطفل معرّضان للخطر ولذا من اللازم أن يبقيا تحت إشرافنا هذه المدّة. يقول الرجل : عندما أخذ الطلق من الزوجتي مأخذة أخذتها إلى المستشفى ورجعت إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وبقيت أتوسّل بها وقد عاهدتها بأنّها إذا تشفّعت لي في سلامة زوجتي وطفلي فإنّني أهدي المنزل إليها.
بقيت فترة أتوسّل بها ثمّ ذهبت إلى المتستشفى فوجدت زوجتي جالسة على «سرير» وفي حجرها طفل وهما في أحسن حال وهي تقول : أين ذهبت؟ قلت : لقد كان لدي أمر مهمّ ذهبت لأداءه ، فقالت : لا ، لقد ذهبت وتوسّلت بابنة الإمام الحسين عليه السلام ، قلت : من أين عرفتي؟ قالت : عندما كنت أُعاني آلام الطلق أُغمي عليَّ وإذا بطفلة صغيرة دخلت الغرفة وقالت : لا تقلقي ، لقد طلبت من الله تعالى سلامتك أنت وطفلك وهو ولد.
ثمّ أنّها قالت : أبلغي سلامي إلى زوجك وقولي له يسمّيه حسيناً ، فقلت لها : من أنت؟ قالت : أنا رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام.
ولمّا فرغ المدّاح المذكور «الحاج نيكوئي» من قراءة المصيبة سألت منه : من أين لك هذه القصّة؟ قال : سمعتها من خادم حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وهو من أهل السنّة وكان يفتخر بهذه الخدمة ، وكان أبوه أيضاً يخدم معه في حرم السيّدة رقيّة عليها السلام.
١٢ ـ إنّها الطفلة التي رأيتها في المنام
وذكر حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمود شريعة زاده في نفس الرسالة فقال : سماحة حجّة الإسلام والمسلمين خادم أهل البيت عليهم السلام الشيخ علي الربّاني الخلخالي دام عزّه سمعت القصّة التالية من البعض ، وحيث أنّها قصّة عجيبة وجدت من الجدير بي أن أذكرها لك وهي :
في أحد الأيّام كنت في حرم السيّدة رقيّة عليها السلام مشغولاً بذكر مصيبتها المشجية فسمعت أصوات بعض النساء يصحن بينما كانت إحداهنّ قد أُغمي عليها من شدّة المصيبة.
وبعد المجلس أفاقت المرأة وجاءت إليّ وقالت :
كنت مبتلاة بمرض القلب وقد أجابني الدكاترة بعدم الفائدة من العلاج فيأست من الحياة وسأمتها وقلت لزوجي : أُريد الذهاب إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام ففي الليلة البارحة رأيت في عالم الرؤيا طفلة صغيرة أعطتني ورقة خضراء وقالت : إذا أردت أن يتحسّن حالك فكلي هذه الورقة ، فسألتها : من أنت؟ قالت : أنا رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، واليوم وبعد أن استيقظت من النوم جئت إلى الحرم الشريف فوجدتك تقرأ مصيبة السيّدة رقيّة عليها السلام فشاهدت نفس الطفلة في عالم اليقظة تقدّم لي نفس الورقة الخضراء وقد شاهد الذين كانوا معي هذه القضية ، ولذلك لم أتحمّل ذلك المنظر العجيب وأُغشي عليَّ من شدّة الهول.
والآن وبحمد الله تعالى فإنّ حالي على أحسن وجه وكأنّ المرض قد ذهب عنّي كاملاً.
١٣ ـ بركات التوسّل بالسيّدة رقيّة
بعث سماحة الحاج عبدالحسين الاسماعيلي القمشه اي ـ وهو الشخصيات المثقّفة ـ في مدينة «شهر رضا» رسالة إلى مكتب الإمام الحسين عليه السلام ذكر فيها كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام حصلت له شخصياً وذلك بعد أن سألناه أن يذكر لنا ما يعرفه من الكرامات لهذه السيّدة الجليلة فقال : لقد حصلت هذه القضية قبل خمسة عشر سنة تقريباً ـ أي في بدايات الانقلاب الإسلامي في ايران ـ فقد كنت مقيماً في دولة ****** ، وفي تاريخ ٧ مهر ١٣٦١ هـ. ش عزمت الذهاب إلى ****** ولكن عن طريق سوريا لأبقى فيها يومين وأحظى بزيارة العتبات المقدّسة ، وفي سوريا حصلت لي هذه القضية العجيبة ، فقد كانت لي حاجة مهمّة ولذا فإنّني لمّا دخلت حرم السيّدة رقيّة ألقيت بنفسي على أعتاب الضريح الطاهر وخاطبت السيّدة رقيّة قائلاً : يا عزيزة الحسين عليه السلام إنّ أخذي بأطراف ضريحك هو كناية عن أخذي بأذيالك الطاهرة وإنّك تعرفين حاجتي وعلمك بحالي يكفيك عن سؤالي ، فبحقّك عندالله تعالى ، وبجاه أجدادك الطاهرين إلّا ما سألت والدك سيّد الشهداء عليه السلام أن يشفع لي عند جدّه رسول الله صلى الله عليه واله في قضاء حاجتي.
ولمّا عزمت السفر إلى ****** وقد كانت أيّام الحرب المشؤومة التي شنّها البعثيون ضدّ ايران وكانت الحكومة الايرانية تمنع أن يأخذ المسافر معه أكثر من الفين تومان وهو مبلغ زهيد جدّاً إلّا أنّني كنت أقضي سفرتي بأن أقترض من البعض مقدار من المال لأسدّ به تكاليف السفر كالكراية وما شابه ثمّ أُرجعها لهم في ايران. وعلى كلّ عندما ذهبت إلى ****** عرفت أنّ الحكومة الايرانية سمحت للايرانيين المقيمين في ****** أن يدخلوا ما يعادل مئة الف تومان من البضاعة إلى البلد ولذا فقد وقعت في مضيقة مالية ولم أجد من يقرضني مبلغاً من المال لأقضي به بعض احتياجات سفري إلى ايران كالأُجرة وما شابه.
وفي إحدى الليالي عند السحر توسّلت مرّة أُخرى بالسيّدة رقيّة عليها السلام وقلت لها : سيّدتي أين جواب توسّلي بك؟
مباشرة وبدون أيّة مقدّمات طرأ في ذهني ما يلي : أن أذهب إلى المدرسة الايرانية وأعمل عندهم كخطّاط ، وبالفعل فقد قضت السيّدة رقيّة عليها السلام حاجتي حيث وافق مسؤولوا لمدرسة على طلبي وحلّت مشكلتي تماماً.
وبعد سنة من القضية ذهبت إلى ****** بدعوة من وزارة التعليم إلّا إنّني أُخرجت منها لشدّة المضايقات على الايرانيين في ****** جرّاء الحرب المفروضة على ايران وهذا أيضاً بعناية السيّدة رقيّة عليها السلام وقد أذكر لكم تفاصيله في يوم ما.
١٤ ـ هكذا ذهبت إلى الحجّ
كتب سماحة المحقّق الشيخ علي أبو الحسني (منذر) في مقالة له فقال : طلب سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ علي ربّاني الخلخالي (دام ظلّه) منّي أن أكتب له شيئاً ممّا رأيته أو سمعته من كرامات يتيمة الشام السيّدة رقيّة عليها السلام لينقلها للقرّاء الكرام فانتخبت له الكرامة التالية :
ففي ليلة السبت الموافقة ٢آبان ١٣٧٦ هـ. ش كنت عند والدتي في منزل والدي حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد أبو الحسني ، وتساءلت منها قائلاً : لقد ذهبت مع الوالد أكثر من مرّة إلى العتبات المقدّسة في العراق وسوريا ، فهل رأيت كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام لينقلها سماحة الشيخ علي الخلخالي في كتابه «السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين» فتأوّهت الوالدة العزيزة وقالت : نعم ، لقد رأيت كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام بعيناي ، ففي بداية حكومة «البازرگان» وفي شهر رجب سنة ١٣٩٩ هـ. ش تقريباً أعطاني والدك صورته وصور اخوانك وقال : اذهبي إلى السفارة العراقية لعلّهم يعطوك «تأشيرة» لنذهب بها إلى زيارة سيّد الشهداء عليه السلام.
فأخذت الصور وذهبت إلى السفارة وكتبت أسمائنا خلفها وقدّمتها إليهم ثمّ رجعت إلى المنزل ، وبقينا ننتظر أن يعلنوا أسمائنا للزيارة. وبعد أشهر ـ وكنّا ننتظر يعلنوا عن أسمائنا بفارق الصبر علّنا نوفّق لزيارة أبا عبدالله عليه السلام ـ وفي شهر رمضان بالذات ، راجعت السفارة أكثر من مرّة علّني أجد خبراً منهم إلّا إنّني في كلّ مرّة أعود خائبة مهمومة.
وفي شهر شوال راجعت السفارة وكانت قد أعلنت عن أسماء البعض إلّا أنّ أسمائنا لم تكن معها ، رجعت إلى المنزل مغمومة حزينة باكلية وقد توجّهت إلى الله تعالى وقلت : إلهي إمّا أن تقسم لنا زيارة حجّ بيتك الحرام أو زيارة العتبات المقدّسة ، وحقيقة كنت مشتاقة أيضاً لزيارة بيت الله الحرام إلّا إنّنا لم نكن نملك جواز السفر الخاص لزيارة بيت الله الحرام أيّام الحجّ الأمر الذي جعلني أفقد الأمل في الذهاب إلى بيت الله الحرام.
لحظات قليلة إذا بزوجي يدخل الدار ويقول : ماذا حصل؟ فهل أعلنوا أسمائنا؟ قلت : لا ، فاغتمّ هو أيضاً.
وفي تلك الأيّام كان زوجي يرتقي المنبر في منزل آية الله الزنجاني ، ولمّا رآه السيّد الزنجاني مغموماً تساءل منه وقال : ما هي مشكلتك؟ فنقل والدك له القضية ، وإذا بآية الله الزنجاني يطمئنه ويقول : لا بأس عليك سأكتب لك رسالة للسفارة السعودية ليعطوك تأشيرة الذهاب إلى بيت الله الحرام.
وبالفعل فقد كتب له الرسالة وأخذها والدك إلى السفارة السعودية وتحدّث معهم بالعربية فاستأنسوا به وأعطوه تأشيرة له وحده وهو يتصوّر أنّهم أعطوه تأشيرة لنا جميعاً ... ولمّا عاد والدك إلى المنزل وأخبرنا بالخبر كنّا لا نصدّق من شدّة الفرح خاصّة الأطفال الذين كانوا يذهبون لأوّل مرّة إلى بيت الله الحرام.
وفي نصف شوال تقريباً سنة ١٣٩٩ ه وبعد أن أعدّ والدك لوازم السفر إلى سوريا لننتقل منها إلى السعودية وكنت قد أعددت للأطفال الإحرام ... وعندما وصلنا إلى سوريا استأجرنا غرفة وكان يسكن في جوارنا شخص عربي وقد تصادق مع والدك ....
وفي أحد الأيّام طلب ذلك الرجل من والدك أن يرى جواز سفره ، ولمّا أخذ الجواز من والدك وقلّب صفحاته قال : لقد منحوك وحدك تأشيرة السفر إلى مكّة أمّا أبناءك وزوجتك فلم يعطوهم شيئاً.
وحقيقة أنّ الدنيا ضاقت بأعيننا عندما قال هذا الكلام خاصّة الأطفال فقد بلغ من شدّة حزنهم أنّهم أخذوا يبكون بشدّة وكان زوجي يطمأنهم ويقول : لا بأس عليكم ، لماذا تبكون ، إنّني لن اترككم وحدكم ، فلابدّ أن نذهب معاً إلى الحجّ.
آنذاك أشار ذلك الرجل العربي على والدك أن يراجع السفارة السعودية في سوريا أو السفارة الايرانية علّهم يحلّون المشكلة إلّا أنّ والدك رفض ذلك وقال : إنّ السيّدة رقيّة عليها السلام هي التي جاءت بنا إلى هنا وهي التي تهيّأ لنا تأشيرة السفر إلى الحجّ.
وفي اليوم الثاني صباحاً ـ وكان يوم الأربعاء وعند الساعة السابعة صباحاً ـ ذهبنا إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وكان الباب مغلقاً فوقنا خلف الباب وأخذنا نتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام ودموعنا تجري على خديّنا.
لحظات قليلة إذا بأحد السادة العلماء وكان شاباً ـ ولعل عمره ٢٥ عاماً ـ جاء ووقف خلف الباب بكلّ وقار وأخذ ينتظر أن يفتحوا باب الحرم الشريف وكانت إلى جانبه امرأة محجّبة لم أر وجهها لأنّها كانت ترتدي البوشية ، فذهب والدك إليه وتساءل منه بالعربية وقال : من أين أتيت؟ فقال السيّد : من النجف الأشرف.
وبعد مدّة من الزمن كان والدك يتحدّث مع ذلك السيّد الوقور وينقل له القضيّة ، ولأنّ والدك والسيّد كان يقفا بعيداً عنّا لم أسمع تفاصيل الحديث إلّا أنّني سمعت السيّد يقول : اعطني جوازك ، فأعطاه والدك الجواز ثمّ جاء الخدم وفتحوا الحرم فدخل السيّد وزوجته أوّلاً ثمّ دخلنا نحن وكان هناك مسجد على اليمين يسمّى بـ «خرابة الشام» ويقال أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام استشهدت فيه ، فذهبنا نحن إلى ضريح السيّدة رقيّة عليها السلام بينما دخل السيّد وزوجته ذلك المسجد.
ولم تمض سوى لحظات قليلة إذا به بالسيّد يرجع الجواز إلى والدك ويقول : لقد أخذنا لك تأشيرة من أهل البيت عليهم السلام لتذهب أنت وعيالك إلى الحجّ ، ثمّ ودّعه وذهب سريعاً.
مباشرة التفت والدك إليّ وقال : بعد أن حصلنا على تأشيره الحجّ فلنذهب سريعاً إلى مكّة المكرّمة ، فاستأجرنا مع بعض الركّاب سيارة كبيرة للسفر وتحرّكنا يوم الخميس نحو المدينة المنوّرة.
وأتذكّر أنّ والدك قال : ينبغي أن نرافق أحد العرب الذين يعرفون الطريق جيّداً ليصحبنا معه في الطريق ، ثمّ تحرّكنا نحو السعودية عبر الحدود الأردنية إذ أنّ العلاقات بين العراق وسوريا كانت مقطوعة.
ومن نعم الله تعالى وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام أنّنا تعرّفنا على شخص عربي كان خبيراً بالطريق وقد قبل أن نرافقه طيلة الطريق.
وما أن تحرّكنا من سوريا وقبل أن نخرج من الحدود إذا بالسيارة تعطّل ، فذخب السائق ليأتي بسيارة أُخرى وبقينا نحن من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الرابعة بعد الظهر ننتظره دون أن يأتي ، فاتّصل أحد المسافرين معنا بالمرور السوري وأخبرهم بالقضية وطلب منهم أن يبعثوا لنا سيارة لننتقل عبرها إلى مكّة. وما هي إلّا نصف ساعة إذا بالسيارة تأتي وكانت أفضل من السابقة بكثير فركبنا فيها وتحرّكنا بسرعة نحو الحدود السعودية ، وقبل أن نصل إلى الحدود وقفنا عند أحدى المقاهي حيث إنّ والدك طلب من السائق أن ينزل عندها لنستريح قليلاً ، فنزلنا هناك ساعة ثمّ تحرّكنا من جديد حتّى وصلنا إلى الحدود في الساعة الواحدة أو الثانية ليلاً الموافق ٢٩ شوال ١٣٩٩ هـ.
وعند الحدود أخذ المسؤلون الحدود يحقّقون في التأشيرات ويجرون الاجراءات اللازمة فقلقنا جدّاً لأنّ تأشيرتنا كانت صادرة من حرم السيّدة رقيّة إلّا أنّ عناية عزيزة الحسين عليه السلام بقيت ترعانا حتّى في تلك اللحظات حيث جاء المفتّش ونظر إلى التأشيرة ولم يقل شيئاً أبداً.
ويا سبحان الله ، فقد دخلنا السعودية وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً من اليوم الثاني كنّا عند قبور أهل البيت عليهم السلام في البقيع بعد أن أجّرنا منزلاً لاستراحتنا في المدينة.
وبالرغم أنّنا دخلنا السعودية إلّا أنّ القلق كان يراودنا كثيراً ، فبعد أن زرنا المدينة وأدّينا بعض الأعمال هناك قال والدك : ربما لا يسمحوا لنا أن نذهب إلى مكّة فمن الأفضل أن نذهب إلى مكّة ونؤدّي أعمال العمرة المفردة قبل أن يذهب الحجّاج ويزدحم الطريق.
ولذلك فقد تحرّكنا في الخامس أو السادس من ذي القعدة نحو مكّة مع أحد الشيعة الذي أخذنا معه في سيارته ـ وقد قام الرجل بجميع مستلزمات السفر ـ وكلّما مررنا على نقطة مرور كان يأخذ الجوازات ويريهم إيّاها ثمّ يعود إلى أن وصلنا إلى مكّة المكرّمة في حدود الساعة الثانية عشرة ليلاً.
بالطبع أنّنا قبل أن ندخل مكّة أحرمنا في «مسجد الشجرة» وأدّينا الأعمال اللازمة في نفس الليلة التي وصلنا فيها إلى أذّن الصبح فصلّينا صلاة الصبح واسترحنا قليلاً ثمّ ذهبنا إلى مقرّ السيارات التي تذهب إلى المدينة. إلّا أنّنا لم نجد أحداً أصلاً فقلت في نفسي : إلهي ، أنت الذي جئت بنا إلى ضيافتك هنا فلا تتركنا في هذه المخمصة لوحدنا. وما هي إلّا لحظات إذا بسيارة حديثة جدّاً تقف أمامنا ، وبعد أن تكلّم السائق مع والدك ببعض الكلمات قال : اركبوا ، وأخذنا معه إلى المدينة وقد رفض أن يأخذ الأُجرة بتاتاً.
وبعد مدّة من إقامتنا في المدينة المنوّرة وكان الحجّاج يتوافدون من كلّ حدب وصوب أخذ رؤساء الحملات والكثير من الحجّاج الذين يعرفون والدك يتوسّلون به ويطلبون منه أن يلتحق بهم كمرشد لحملاتهم فقبل والدك الالتحاق بحملة الحاج سيّد محسن آل أحمد لأنّه كان يصرّ كثيراً على والدك.
واستمرّ الحال على ذلك إلى أن أدّينا أعمال الحجّ كافّة دون أن يتعرّض لنا أحد أصلاً ثمّ ركبنا بالقرب من جسر أبو طالب أحد السيارات في مكّة وعدنا إلى مدينة قم المقدّسة ومنها انتقلنا إلى مدينة طهران.
هذه كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام رأيتها بعيني وعايشتها بنفسي.
١٥ ـ التوفيق لزيارة الإمام الحسين عليه السلام
يقول الشيخ علي أبو الحسين سألت من الوالدة أيضاً أتعرفين كرامة أُخرى للسيّدة رقيّة؟ فقالت : نعم ، أتذكّر إحدى الكرامات التي حصلت قبل كم سنة وهي :
قبل عشرين عاماً تقريباً عندما كانت حكومة الشاه في قمّة طغيانها ذهبت مع المرحوم والدك إلى سوريا لنأخذ منها تأشيرة لزيارة العتبات المقدّسة في العراق. وفي سوريا بقينا ما يقارب خمسة عشر يوماً تردّدنا أثنائها أكثر من مرّة على لبنان علّنا نحصل على تأشيرة زيارة عتبات العراق من السفارة العراقية ولكن دون جدوى.
وفي الخامس عشر من شهر شعبان المبارك كنت جالسة وحدي في الفندق وقد أغمّني عدم اعتناء أهل لبنان بهذه المناسبة المهمّة فضلاً عن اشتياقي للزيارة فتوجّهت إلى إمام العصر والزمان عليه السلام بقلب منكسر وقلت : يا إمام الزمان ماذا يجري اليوم في ايران بمناسبة ميلادك الميمون؟
حتماً أنّ الجميع هناك محتفلين بهذه المناسبة أمّا هنا فلا خبر ولا أثر لهذا المولود المبارك ثمّ أخذتني غفوة فرأيت في عالم الرؤيا شاباً حسن المحاسن جميل المنظر طويل القامة يتمشّى يميناً وشمالاً وهو يقول : لقد تهيّأت أسباب سفركم إلى كربلاء.
وبعد أن استيقظت من النوم عاد والدك من السفارة العراقية وقال : لقد كتب أسمائنا ورجعت إلى سوريا إلّا أنّني عرفت ـ بعد أيّام ـ أنّهم رفضوا أن يمنحونا تأشيرة الزيارة.
ولمّا رأيت أن لا فائدة من هذه الطريقة ذهبت إلى أحد الملّاك اسمه «السيّد أنور» وكان خبيراً في المعاملات وله علاقة بالسوّاق الايرانيين وكان يأخذ الجوازات من الزوّار ويبعثها إلى ايران ليأخذوا له معارفه تأشيرة الحجّ للزوّار ثمّ يبعثوا بالجوازات إلى سوريا ثانية.
ومن ضمن الجوازات التي أخذها السيّد أنور هي جوازاتنا وقد بعثها مع جوازات أُخرى إلى ايران ليأخذوا لنا تأشيرة الحجّ وعلماً أنّ الذي أخذ الجوازات رجل أفغاني.
وبعد مدّة قليلة أخبرونا أنّ الرجل قد وقع في يد الأمن الايراني وقد حكموا عليه بالسجن الأمر الذي أدّى إلى قلق الزوّار وحزنهم الشديد إذ أنّهم فضلاً عن حرمان من حجّ بيت الله الحرام سيواجهون مشكلة سياسية في ايران ولذلك اقترح بعضهم أن يبعثوا رسالة إلى زوجة الشاه يطلبون منها أن تحلّ المشكلة إلّا أنّ والدك نهاهم عن ذلك ودعاهم إلى التوسّل بعزيزة سيّد الشهداء السيّدة رقيّة عليها السلام.
ومن هنا فإنّ العديد من الزوّار كانوا يجتمعون كلّ يوم في الحرم الشريف وكان والدك يقرأ لهم مجلس التعزية ويختم مجلسه بالتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام.
وبعد عشرين يوماً من التوسّل أخبرنا أنّهم بعثوا بعض الجوازات وتبيّن فيما بعد أنّ الفرد الأفغاني بعد أخذه لتأشيرة الزيارة من طهران شكّ الأمن الايراني به في المطار وأرادوا القبض عليه إلّا أنّه فرّ منهم وفي ذلك الأثناء وقعت بعض الجوازات من جيبه وبقيت البقيّة الباقية ومنها جوازي وجواز والدك.
والملفت للانتباه أنّ الأمن بعد قبضهم على الأفغاني لم يتوجّهوا إلى الجوازات التي في جيبه ... على كلّ بعد أخذنا للجوازات وكانت فيها تأشيرة عرفنا أنّه لم يبق من مدّة التأشيرة إلّا يوم واحد ولذا فقد استأجرة سيارة وتحرّكنا بسرعة فوصلنا في الليل إلى المدينة ، وبعد أداءنا لأعمال الحجّ عدنا إلى ايران دون أن نواجه أيّة مشكلة.
الجدير بالذكر أنّنا عندما أخذنا تأشيرة الحجّ كنت قد توسّلت بالسيّدة رقيّة عليها السلام وقلت : سيّدتي إذا تيّسر أمرنا للسفر إلى كربلاء المقدّسة فسأعود ثانية إلى زيارتك من جديد ... وهذا ما حصل تماماً ، فلمّا رجعنا من الحجّ راجعنا السفارة العراقية في طهران وسجّلنا أسمائنا كما أعطى والدك جوازاتنا لأحد الأشخاص كي يتوسّط لنا في أحد التأشيرة.
مضت ثلاث أسابيع ولم نحصل على أي خبر فانتابنا اليأس وكدنا نأخذ الجوازات من الرجل إلّا أنّه رفض ذلك وقال : لنحاول مرّة أُخرى علّنا نصل إلى نتيجة ، وما هي إلّا أيّام قليلة إذا بهم يعلنون أسمائنا في إحدى الصحف وفي نفس الوقت استطاع ذلك الرجل أن يأخذ تأشيرة ولكن تختلف عن الأُولى إذ أنّ مدّة المسموحة للسفر في الأُولى سبعة أيّام أمّا الثانية فمدّتها أكثر.
ولذلك قال والدك : أُريد البقاء في كربلاء أكثر ولن أُسافر بالتأشيرة الأُولى. وحيث إنّني تعاهدت مع السيّدة رقيّة عليها السلام أن أزورها إذا وفّقت للذهاب إلى كربلاء فقد ذهبنا إلى سوريا لنتحرّك منها نحو العراق إلّا أنّني خفت من الذهاب عبر السيارات ورفضت بشدّة. ولحسن الحظّ أنّ والدك سأل أحدهم في سوريا ويدعى الحاج محمود الشيرازي ـ كان يؤجّر المنازل للزوّار ـ فقال : ألا يوجد هنا طائرة إلى بغداد فإنّ زوجتي تخشى الذهاب عبر السيارة؟ فقال الحاج محمود : اليوم ستصل طائرة من فرنسا إلى دمشق سينزل منها شخصان ثمّ تحلّق إلى بغداد فإذا تحبّ أحجز لك مكانهما ، فوافق والدك وأخذ الحاج محمود لنا تذكرتين وحرّكنا في نفس اليوم من مطار دمشق نحو بغداد في الساعة التاسعة ليلاً.
وفي الساعة العاشرة دخلنا بغداد فأشار بعض المسافرين علينا أن نذهب إلى الكاظمين إلّا أنّ والدك رفض وقال : الليلة ليلة الجمعة وهي ليلة زيارة سيّد الشهدا عليه السلام ولذلك سأذهب إلى كربلاء فأخذنا متاعنا وذهبنا إلى كربلاء وكان الوقت بعد منتصف الليل فبقينا نتردّد بين الحرمين إلى الصباح وقد استمرّ سفرنا في العراق أربعين يوماً ثمّ رجعنا إلى ايران سالمين غانمين رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم.
١٦ ـ طفلة صغيرة .. ولكنّها باب للحوائج
في أواخر شهر رمضان المبارك سنة ١٤١٧ هـ عرضت إحدى القنوات التفازية في ايران بمناسبة يوم القدس فيلماً بعنوان «الباقي» وقد عرض نفس الفيلم قبلاً في السينما في شتّى انحاء ايران.
أمّا محور الفيلم فهو يدور حول حياة رجل وامرأة فلسطينيين واسمهما «سعيد ولطيفة» وكان قد قتلا أيّام الانتهاكات الوحشية والقتل العشوائي الذي كانت تقوم به اسرائيل ضدّ المسلمين الفلسطينيين عام ١٩٤٨ م في مدينة حيفا.
وتشاء إرادة الله تعالى أن يترك هذان الزوجان طفل رضيع اسمه «فرحان» كان قد بقي ثلاثة أيّام بلا طعام أو شراب إلى ان احتلّت أُسرة من اليهود كانت قد هاجرت من أوربا الشرقية إلى فلسطين منزلهما وعثرت على الطفل هناك ففرحا به خاصّة أنّ الأُسرة اليهودية كانت محرومة من الأولاد فأخذوه وغيّروا اسمه من «فرحان» إلى «موشه» وهو موسى بالعبرانية.
وفي طيلة الفيلم سلّطت الأضواء على حياة «فرحان» والمسمّاة بـ «صفيّة» إلى الأُسرة اليهودية وتدّعي أنّها مربيّة للأطفال ومحافظة لهم علّها تجد فرصة جيّدة لتخلّص حفيدها «فرحان» من يد الصهاينة وما هي إلّا أيّام قليلة إذا بالأُسرة اليهودية تعزم السفر إلى «يافا» وقد صمّموا أن يصحبوا فرحان وجدّته معهم عبر القطار الذي كان ينقل العديد من الجنود والمعدّات العسكرية التي جاءوا بهم لقتل الفلسطينيين ، وفي الطريق وبينما كان القطار يسير في السهول والمرتفعات تنتهي الحلقة الأُولى من الفليم.
في الحلقة الثانية استعرضوا وبشكل جذّاب كيف أنّ جدّة «فرحان» وبإشارة من زوجها المقاوم «رشيد» أخذت حقيبة المتفجرات إلى القطار ، وكيف أنّها دخلت إحدى الغرف الخالية بحجّة تغيير الطفل فوضعت حقيبة المتفجرات وبقيت تنتظر حتّى انفجرت فحملت الطفل فرحان ورمت بنفسها خارج القطار.
أمّا الجدّة صفيّة فقد ماتت في نفس المكان ، وبقي الطفل فرحان يضجّ بالبكاء إلّا أنّ عناية الله عزّوجلّ كانت ترعاه وتحفظه.
على كلّ فقد مثّل الفيلم في سوريا وكان أبطاله من السوريين والمصريين إلّا أنّ مخرج الفيلم كان ايرانياً واسمه «سيف الله داد».
أمّا حول نجاح الفيلم فقد عقد في سوريا مهرجان حول الأفلام فنال هذا الفيلم إعجاب الكثير من الناس ومن شتّى الطبقات خاصّة المقطع الأخير منه وحسب ما قال ممثّلوا الفيلم في إحدى اللقاءات التي أجرتها معهم مجلّة «نيستان سنة ١٣٧٥ شمسي ص ٦٠ : إنّ الفيلم عرض خمس مرّات في قاعة المهرجانات التي تستوعب لما يقارب ٣٠٠ شخص إلّا أنّ كثافة الإقبال على الفيلم جعل المسؤولين يبدّلوا القاعدة بأُخرى تستوعب ١٥٠٠ فرد فضلاً عن تكرار عرض الفيلم في أكثر من مكان كالجامعات وغيرها.
من جانب آخر فإنّ وسائل الإعلام كالصحف وغيرها تداولت أحداث هذا الفيلم واستعرضت وقائعة وأشادت به وأثنت عليه بشدّة ممّا جعل اشتياق الناس يزداد لرؤيته أكثر.
وقد رأيت شخصياً أكثر من مرّة كيف أن النساء كنّ يبكين عندما يصل الفيلم إلى الأحداث الأخيرة المؤلمة فضلاً عن الرجال الذين كانت آثار البغض بادية عليهم بوضوح خاصّة أُولئك الذين تجرّعوا آلام الظلم الصهيوني وعانوا من طغيانهم المستمر.
الملفت للانتباه أنّ المخرج «سيف الله» قال : أنّ موفّقية الممثّلين للتمثيل بهذه الجذّابية هو ببركة التوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام في دمشق ، وقد أشار إلى تفاصيل ذلك في نفس اللقاء ص ٦٧ فقال : إنّ موضوع الفيلم بعد مطالعة التاريخ ومراجعة بعض الأحداث الأُخرى تغيّر كلّياً وأصبح أشبه ما يكون بقصّة نبي الله موسى عليه السلام علماً أنّ كلّ فصل منه أُعيدت كتابته من أوّله إلى آخره ما يقارب أربع أو خمس مرّات ولذا صار الفيلم أكثر تأثيراً وجذّابية.
ففي البداية كنت قد كتبت إلى أحداث الانفجار في القطار وفيما بعد أحسست بالإشكالات ، فمثلاً بالنسبة إلى رشيد جدّ الطفل «فرحان» في البدء كان دوره ينتهي بقتله عند انفجار القطار إلّا أنّنا بعد التعديلات غيّرنا ذلك وجعلناه يمثّل أدواراً أُخرى بعد حادثة انفجار القطار.
ومع ذلك كلّه فقد بقيت حائراً ماذا أصنع في أواخر الفيلم؟ لقد كان لدي «سيناريو» ولكنّه غير كافٍ ولذا كنت قلقاً حتّى انقطعنا عن التمثيل للحلقات التي بعد الانفجار مدّة اسبوعين ....
بل إنّني كنت أكتب كلّ ليلة تفاصيل الأدوار المفترض تصويرها في اليوم الآتي ولكن وبعد أن أجرينا التغييرات وجدت نفسي عاجزاً عن ذلك تماماً فبقيت متحيّراً كتحيّر «صفيّة» إلّا أنّني أخفيت ذلك على البقية إلى أن توجّهت إلى عزيزة سيّد الشهداء السيّدة رقيّة عليها السلام ونذرت لها ممّا جعل الفيلم يوفّق مثل هذا التوفيق العظيم.
وفي دمشق عندما ذهبت للمرّة الأخيرة إلى المهرجان شاهدت كيف أنّ أواخر الفيلم كانت مؤثّرة على الجميع وكان واضحاً جدّاً أنّ هناك عناية خارجية قد تدخّلت في القضية ، ولذا فإنّني بعد المهرجان مباشرة ذهبت إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام لأتشكّر منها وأفي بنذري.
بالطبع أنّ أهل السينما والفنّانين لا يعتقدون بمثل هذه الأُمور إلّا أنّه في بعض الأحيان ولكرم أهل البيت عليهم السلام يشمل لطفهم وعناياتهم الجميع وإن كانوا غير لائقين لذلك.
وحقيقة لامست قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (١) ورأينا جميعاً تأثير الفيلم على حتّى غير المتديّنين الذين كانت تنقلب أوضاعهم يتأثّرون بشدّة وكلّ ذلك ببركات وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام ومن الكفر والجهالة أن نقول : إنّ هذا التأثير من غيرها.
تعليق لابدّ منه
بعد كلّ هذه الكرامات هل فكّرنا قليلاً في عظمة البركات الجليلة التي أنزلها الله تعالى ببركة السيّدة رقيّة وعمّتها عقيلة الهاشميين السيّدة زينب عليها السلام ومنها حفظ المنطقة
من اعتداءات الصهاينة في القرون الوسطى والإحالة دون وصول اليهود لمخطّطهم الشيطاني ـ من النيل إلى الفرات ـ في العصر الحاضر؟ وهل توسّل أحد بقلب محروق بهاتين السيّدتين المقدّستين لنجاة القدس الأسير وخلاصه من يد اليهود الطغاة؟
فهذا المخرج «سيّد الله داد» الذي توسّل بعزيزة الإمام الحسين عليه السلام شاهد بأُمّ عينيه بركات هذه السيّدة رقيّة عليها السلام يقول : والآن توجّهت كيف يمكن حاجتك من البعض والحال أنّك غير مستحقّ لذلك أصلاً ، ولذا فمن المفترض على جميع المسلمين أن يدركوا أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام طفلة صغيرة إلّا أنّها باب عظيم من أبواب الحوائج.
لقد ظهرت للسيّدة رقيّة عليها السلام كرامات عديدة تدلّ على قداستها وجلالة قدرها وعلو مكانتها الرفيعة عند الله عزّوجلّ أنّنا أشرنا إلى بعضها في طيّات البحث سابقاً إلّا أنّنا في هذا الفصل نذكر البقية ليطلع القارئ الكريم عليها ولتقام الحجّة على أُولئك المشكّكين الذين يشكّكون في المقامات العالية التي أولاها الله تعالى لأهل البيت عليهم السلام.
١ ـ اقرأ مصيبة ابنتي رقيّة عليها السلام
يقول الشيخ علي نجل المحدّث العظيم الشيخ عبّاس القمّي قدس سره والذي يعدّ من أكابر الخطباء المشهورين في مدينة طهران : ابتليت في إحدى السنوات بمرض في حنجرتي بحيث عجزت عن ارتقاء المنبر والوعظ والإرشاد.
لذلك وكسائر المرضى عندما يصابون بالمرض فقد راجعت طبيباً متخصّصاً وقد أخبرني بعد المعاينة قائلاً : إنّ مرضك بلغ من الشدّة بحيث أنّ بعض أوتارك الصوتية قد شلّت ، ومن الصعب جدّاً معالجتها ، وربما يكون علاجها بلا فائدة. إلّا أنّ الطبيب كتب لي وصفة ببعض الأدوية ونصحني بالاستراحة التامّة والتجنّب من صعود المنبر بل منعني من التحدّث مع الناس حتّى زوجتي وأطفالي ، وإذا احتجت إلى شيء عليَّ أن أستفيد من الكتابة علّ ذلك يجدي في خلاصي من هذا المرض الصعب العلاج.
وفي واقع الأمر كان هذا العلاج صعباً جدّاً لأنّ الإنسان لا يستغني عن الحديث والتحدّث مع الناس ، فكيف يمكنني تحمّل كلّ هذه المدّة دون أن أتحدّث على أنّ الأمل في الشفاء قليل جدّاً؟
لقد شعرت أنّ جميع الأبواب أُغلقت في وجهي وأدركت بكلّ كياني أنّ قدرات الناس العاديين لا يمكن أن تخلّصني من هذا الابتلاء الشديد وليس هنا من حيلة سوى التوسّل بباب نجاة الأُمّة أبي عبدالله عليه السلام.
وبالفعل في أحد الأيّام بعد انتهائي من صلاة الظهر والعصر شعرت بانكسار عجيب فبكيت بكاءً ومرّاً واعتلى أنيني وحنيني ولا شعورياً أخذت أتوسّل بأبي عبدالله الحسين عليه السلام وأقول له : سيّدي ، يابن رسول الله إنّ الصبر على مرض كهذا صعب جدّاً ، علماً أنّ الناس من أهل المجالس يتوقّعون صعودي المنبر.
سيّدي إنّ شهر رمضان المبارك على الأبواب وقد قضيت عمري في خدمتكم فماذا حصل حتّى أقع في مثل هذا المرض المعضل وأحرم من خدمتكم؟!
سيّدي كن أنت الشفيع إلى الله في خلاصي من هذا المرض الصعب.
وبعد هذه التوسّلات خلدت إلى النوم كعادتي كلّ يوم فرأيت في عالم الرؤيا أنّ شخصاً نورانياً دخل الغرفة بحيث أنّ نورانيّته ملأت أطراف الغرفة.
لا إرادياً شعرت أنّ هذا الشخص هو سيّد الشهداء عليه السلام وقد غمرتني الفرحة وأخذت أُكرّر التوسّلات التي توسّلتها في عالم اليقظة وأخذت أصرّ بشدّة وأتوسّل بإلحاح قائلاً : سيّدي إنّ شهر رمضان على الأبواب وقد دعيت في مساجد متعدّدة ، ومع هذا الحال كيف أستطيع صعود المنبر؟ وإذا بسيّد الشهداء عليه السلام يشير قائلاً : قل لهذا الجالس عند الباب ـ وقد كان هناك رجل جالس عند الباب ـ أن يقرأ مصيبة عزيزتي رقية وابك أنت وسوف تشافى وتعافى إن شاء الله.
دقّقت النظر عند الباب وإذا به زوج أُختي الحاج مصطفى الطباطبائي القمّي الذي هو من علماء طهران ، فأخبرته بأمر سيّد الشهداء عليه السلام إلّا أنّه كان يعتذر عن قراءة المصيبة وأنا أبكي. ومع الأسف الشديد استيقظ أبنائي من نومهم ، وأيقظوني فاستيقظت من النوم منزعجاً متأسّفاً على حرماني من مواصلة البكاء في ذلك المجلس النوراني.
وفي اليوم نفسه أو اليوم الذي بعده راجعت المتخصّص نفسه وإذا به يتعجّب كثيراً ويقول : لا يوجد أثر للمرض أصلاً ، ثمّ إنّه أخذ يسألني قائلاً : ماذا تناولت حتّى شفيت بهذه السرعة؟!
فنقلت له القصّة وكيف أنّني توسّلت بسيّد الشهداء عليه السلام وإذا بالطبيب يتسمّر في مكانه وكان يحمل قلماً فسقط القلم من يده دون إرادة ، وأخذ يبكي بشدّة ويئن بكلّ حرقة بحيث إنّ لحيته ابتلّت بالدموع وقال : إنّ مرضك لم يكن له علاج سوى التوسّل بسيّد الشهداء عليه السلام وقد حصلت على مرادك ببركة هذا التوسّل. ٢ ـ حضور الزهراء في خرابة الشام
كتب سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد مرتضى مجتهدي السيستاني أحد مدرّسي الحوزة العلمية في قم المقدّسة رسالة إلى مكتب انتشارات الإمام الحسين عليه السلام جاء فيها :
نقل العالم الربّاني ومفسّر القرآن الكريم حجّة الإسلام والمسلمين السيّد حسن در افشان (هو ابن أخ آية الله العظمى السيستاني وقد أدركه عمّه مدّة من الزمن) بعض كرامات آية الله العظمى السيّد علي السيستاني رحمه الله (المرحوم آية الله العظمى السيستاني من تلاميذ الميرزا الشيرازي الكبير والسيّد الصدر ، وقد أدرك بعض أيّام الشيخ الأنصاري قدس سره.) فقال :
في أحد الأيّام كنت جالساً عند سماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني وكنت أدرس كتاب قطر الندى ـ في النحو ـ وكان يرتدي ثوباً خشناً وهو مشغول بالمطالعة ، وبينما هو كذلك إذا بالباب تطرق فأخبروه أنّ معتم الوزراء وراء الباب وهو ينسب هذا المرجع المرحوم إلى مدينة مشهد المقدّسة وله كرامات عديدة ومعروفة وكان من المعارضين المعروفين للحكومة في زمانه.
ولذا فإنّهم حاوا اغتياله أكثر من مرّة إلّا أنّ عناية الصدّيقة الزهراء عليها السلام كانت تخفظه ، وقد توفّي في ١٣ من شهر رمضان المبارك سنة ١٣٤١ ه ودفن في حرم الإمام الرضا عليه السلام.
يريد ملاقاتك ، ففتحوا له الباب وأذنوا له بالدخول وإذا به يدخل بحذاءه ، فلم يعتن به آية الله السيستاني للحظات ثمّ التفت إليه وقال : أما تستحي تطأ الفرش النبوي بحذاءك؟!
فخرج المعتمد وخلع حذاءه ثمّ عاد وأخرج سلاحاً وورقة من جيبه وقال : هذا حكم اعدامك قد صدر من المركز ، فماذا تقول أُنفّذ الحكم أم تسكت وتحترم نفسك؟!
فكشف آية الله السيستاني عن صدره وقال : يابن الخرابات وربيبها تهدّدني؟! اذهب وافرغ السلاح في رأسك!
يقول السيّد حسين در افشان : نظرت إلى المعتمد وإذا بعينيه تدمع ويقول : إنّ أُمّي تعرف ابن من أنا ـ ومراده بذلك أنّني ولد حلال ولست ابن زنا ـ ثمّ وضع سلاحه في جيبه ومضى.
آنذاك التفت ابن عم آية الله السيستاني (هو آية الله العظمى السيّد محمّد باقر مجتهدي السيستاني والد المرجع الكبير سماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني دام ظلّه العالي) وقال له : لماذا لم تتق منه؟ أتريد أن تيتّم العالم؟!
فقال آية الله العظمى السيستاني : أُدن منّي ، فدنا السيّد محمّد وجلس بالقرب منه ، حينها التفت آية الله العظمى السيستاني إليه وقال : رأيت البارحة إنّني في خرابة الشام وقد كان جميع أُسارى كربلاء فيها وعلى رأسهم جدّتي الصدّيقة الزهراء عليها السلام ، وحينما دخلت الخرابة أشارت عليَّ جدّتي الزهراء عليها السلام ودعتني أن أدنو منها ، فدنوت منها حتّى أخذتني في حجرها وجعلت تقبّلني وتقول : ولدي قل ولا تخف فأنا أحفظك.
ثمّ التفت آية الله السيستاني إلى السيّد محمّد وقال : إن الذي تحفظه مثل الصدّيقة الزهراء عليها السلام لا يعبأ بمثل هؤلاء الذئاب. ٣ ـ تشيّع امرأة فرنسية
نقل حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد مهدي تاج اللنگرودي في كتابه «التوسّلات» فقال : ذكر القصّة التالية أحد الوعّاظ المشهورين في فنّ الخطابة والذي سافر أكثر من مرّة لزيارة السيّدة رقيّة عليها السلام في إحدى محاضراته فقال : أهدت إحدى النساء الفرنسيات لحرم السيّدة رقيّة عليها السلام سجّادتين فاخرتين ممّا أثار تعجّب الناس واستغرابهم ، فهم يعلمون أنّ المرأة مسيحية ، ولا ربط لها بالإسلام ، ومع ذلك تأتي من فرنسا وتقدّم هذه الهدية القيّمة؟! بقي الناس يتساءلون بينهم عن سبب الهدية فحملهم الشوق لمعرفة السبب إلى السؤال من المرأة ، فقالت :
كما ترون ، فإنّني لست مسلمة ، إلّا أنّني وقبل سنوات جئت إلى هنا بمهمّة ونزلت في إحدى المنازل القريبة من الحرم الشريف ، وفي أوّل ليلة ـ وكنت متعبة جدّاً ـ أردت النوم وإذا بي أسمع صوت بكاء شديد ، وحيث أنّ بكاء الزوّار لم يكن ينقطع ، تساءلت من البعض وقلت لهم : من أين هذا البكاء؟ فقالوا : هذا البكاء في حرم طفلة يتيمة مدفونة بالقرب منّا.
في البدء تصوّرت أنّ الطفلة كانت قد ماتت للتوّ والذين يبكون هم أقرباءها إلّا أنّهم قالوا لي : لقد مضى على وفاتها الف عام.
فازداد تعجّبي وتساءلت في نفسي وقلت : لماذا يصنع الناس هكذا بعد مضي مئات السنين على وفاة هذه الطفلة؟! فتبيّن لي فيما بعد أنّ هذه الطفلة تفرق عن سائر الأطفال العاديين ، إنّها طفلة الإمام الحسين عليه السلام الذي قتل الأعداء والدها ظلماً وعدواناً ثمّ سبوا عياله إلى الشام ـ عاصمة يزيد ـ فماتت الطفلة من غصّة فراق أبيها دفنها أهل البيت عليهم السلام في هذا المحلّ.
وحينما جئت إلى الحرم الشريف وشاهدت العشّاق الذين أقبلوا من مختلف بلاد العالم كيف ينذرون ويقدّمون الهدايا للحرم الشريف ويتوسّلون إلى الله تعالى بمقام السيّدة رقيّة عليها السلام كي يقضي حوائجهم ، وقعت محبّة هذه الطفلة بقلبي وأحسست بالإنشداد العظيم إليها منذ أن شاهدت حرمها المبارك.
وبعد مدّة ـ وكنت حاملة ـ أخذوني إلى المستشفى فأخبرني الأطباء بعد الفحوصات وقالوا : لابدّ من اجراء عملية جراحية لك ، فحالة الطفل غير طبيعية ، فازداد اضطرابي وقلقي وبدأت أتساءل في نفسي قائلة : إلهي ماذا أصنع؟ وما هي الحيلة؟! ولا إرادياً أحسست أنّ الحلّ الوحيد لمشكلتي هو التوسّل والدعاء.
آنذاك تذكّرت هذه الطفلة رقيّة عليها السلام وانشددت دون إرادتي إليها وقلت : إلهي أُقسم عليك بحقّ تلك الطفلة التي ألّمتها سياط الظلمة ، وبمظلومية والدها إمام الطاعة ووصي رسولك صلى الله عليه واله إلّا ما خلّصتني ممّا أنا فيه.
ثمّ إنّي خاطبت السيّدة رقية وقلت : سيّدتي إن أنقذتيني من هذه الشدّة فإنّي سأهدي سجّادتين فاخرتين لحرمك الشريف.
شهد الله أنّه لم تمض سوى لحظات على توسّلي ومخاطبتي لهذه الطفلة وإذا بي ألد ولدي بكلّ سهولة على خلاف ما توقّع الأطباء والمتخصّصون فأنجاني الله تعالى من الموت الحتمي ببركة التوسّل بهذه اليتيمة ، والآن جئت بهاتين السجّادتين وفاءً بعهدي الذي عاهدت السيّدة رقيّة عليها السلام عليه.
٤ ـ إسلام امرأة مسيحية
ذكر سماحة حجّة الإسلام السيّد عسكر حيدري وهو من طلّاب الحوزة العلمية الزينبية في الشام الكرامة التالية فقال : في أحد الأيّام أقبلت امرأة مسيحية مع طفلتها المشلولة إلى سوريا بعد أن أجابها دكاترة لبنان وأخبروها بأن لاعلاج لابنتك.
ولحسن الحظّ أنّها استأجرت منزلاً كان قريباً من حرم السيّدة رقيّة عليها السلام واتّخذته كمقرّ لها أثناء بقاءها في سوريا لمعالجة طفلتها المريضة.
وفي أحد الأيّام شاهدت المرأة أفواجاً من الناس يقبلون إلى الحرم الشريف ممّا أثار تعجّبها وتساءلها فقالت : ما الخبر؟ ولماذا يأتي هؤلاء الناس إلى هنا؟ وما هي المناسبة؟ فقالوا لها : إنّ اليوم هو يوم عاشوراء وهذا حرم السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، والناس يأتون لإقامة العزاء عند مرقدها الطاهر ، وإذا بالمرأة تترك طفلتها
في البيت وتذهب إلى الحرم الشريف وتتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام وتلحّ عليها في قضاء حاجتها بكلّ إخلاص إلى أن فقدت الوعي وعشى عليها ، وفيما هي كذلك أحسّت المرأة أنّ شخصاً يقول لها : قومي واذهبي إلى بيتك فإنّ ابنتك بقيت وحيدة ولا أحد معها وقد شافاها الله تعالى.
وبالفعل فقد استيقظت المرأة وذهبت إلى منزلها وإذا بها تجد طفلتها تلعب وكأن لم يكن بها شيء أصلاً ، آنذاك تساءلت الأُمّ من الطفلة وقالت : ما الخبر؟ وكيف تحسّن حالك؟ قالت : عندما خرجتي من المنزل دخلت طفلة اسمها رقيّة الدار وقالت لي : قومي لنلعب معاً. ثمّ إنّها قالت لي : قولي بسم الله الرحمن الرحيم لتستطيعي القيام والنهوض على قدميك.
ثمّ إنّها أخذت يدي وأوقفتني وقد أحسست منذ ذلك الوقت إنّني قد شفيت من المرض وبينما كانت الطفلة تحدّثني إذا بك تفتحين الباب فقالت : لقد جاءت أُمّك واختفت.
يقول السيّد الحيدري : على أثر هذه الكرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام اهتدت المرأة المسيحية ودخلت في مذهب الحقّ مذهب أهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. ٥ ـ وشفيت من جديد
نقل حجّة الإسلام والمسلمين السيّد شهاب الدين الحسيني القمّي فقال : بعث مدّاح اهل البيت عليهم السلام المخلص الحاج أحمد أكبري إليّ رسالة كتب فيها قصّة شفاءه من الموت الحتمي ببركة يتيمة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها أفضل الصلاة والسلام جاء فيها :
ابتليت بألم شديد عجز الأطباء عن معالجته وتشخيصه وبعد أن العديد من المعاينات والفحوصات قرّروا أن يجروا لي عملية جراحية ، علماً أنّهم أخبروني قبل ذلك أنّ العملية قد تنجح وربما تفشل.
وبعد إجراء العمليةة تبيّن أنّها كانت فاشلة فبقوا فترة الزمن يجرون لي الفحوصات ثمّ أخبروني بأن لا أمل من شفاءك وأنّ موتك حال لا محالة ، فاعقد وصيّتك وودّع أطفالك وأهلك ، ففي أي لحظة يمكن أن تفارق الدنيا.
لذلك بعثت خلف عائلتي وبقيّة الأقرباء والأرحام وكنت مسجّاً على الفراش وقد ربطوا يدي وقدماي واستسلمت للموت. وبعد ساعات أقبل الجميع وأخبرتهم بالقضية وأخذت أُصيهم بوصاياي الأخيرة وأُودّعهم ويودّعوني وقد ضجّ الجميع بالبكاء والنحيب وارتفعت أصوات الحزن والعويل من كلّ جانب ، وأتذكّر أنّ لي طفلة صغيرة قد حضرت لوداعي فضممتها إلى صدري وأخذت أُقبّلها وأُودّعها وداع مفارق لارجعة له أبداً.
وبعد ساعة خرج الجميع بعيون باكية وقلوب مصدّعة وقد هيّأوا أنفسهم لموتى واستلام جنازتي ليقوموا بواجبات الميّت من الغسل والصلاة والدفن وما شابه ذلك.
آنذاك وبعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي توجّهت إلى عزيزة الإمام الحسين عليه السلام ويتيمته السيّدة رقيّة وأخذت أتوسّل بها وأقرأ مصيبتها المشجية.
ولم تمض لحظات إذا بطفلة كأنّها القفر تقف أمام السرير وتناديني باسمي وتقول : قم يا فلان.
تعجّبت كثيراً واستولت الغرابة عليّ وقلت : يا ترى من هذه التي تعرف اسمي ولا أعرفها؟!
فقلت في نفسي : لعلّها ابنة أحد المرضى النازلين في نفس الغرفة جاءت لتسأل أحوالي ... لحظات قليلة إذا بها تقول ثانية : قم ، فقلت : لا أستطيع إنّ يداي وقدماي مربوطتان وقد منعني الأطباء من الحركة.
قالت : قم ، لماذا تقول أنّ يداك وقدماك مربوطتان؟!
نظرت إلى يدي وقدمي إذا بهما مفتوحتان ، ثمّ أنّها قالت : لماذا لا تقوم؟ قلت : لقد أجرى الأطباء لي عملية ومنعوني من الحركة.
قالت : أين هو محلّ العملية ، أرني إيّاه؟!
فنظرت مكان العملية وإذا بي لا أرى أثراً له أصلاً وقد التأم الجرح تماماً وكأنّني لم أجر عملية جراحية قطّ ، فتعجّبت كثيراً وتساءلت منها وقلت : من أنت؟
قالت : أليس إنّك توسّلت بي قبل قليل ثمّ اختفت عن أنظاري.
مباشرة قمت من السرير وارتديت ثيابي وهرولت إلى الخارج وأخبرت الجميع بكرامة السيّدة رقيّة عليها السلام ، علماً أنّني أحرص كثيراً على ذكر هذه الكرامة في مجالسي. ٦ ـ رفيق الدرب
يقول أحد العلماء الأعلام : عند ما رجعت من بيت الله الحرام سنة ١٣٣٥ ه. ش ذهبت إلى الشام لأزور المراقد المقدّسة فيها ومن هناك أذهب إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة ، وحيث أنّني كنت وحيداً في سوريا تمنّيت أن أحصل على رفيق حسن في سفري يرافقني رحلتي ويؤنسني في غربتي.
وفي أحد الأيّام وبعد أن دخلت حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وفرغت من زيارتها الشريفة طلبت منها أن تهيّأ لي رفيق درب يشدّ أزري في السفر ويرافقني في زيارتي.
وقبل أن أخرج من الحرم الشريف تعرّفت على أحد التجّار الخيرين من أهالي الكاظمية وأخبرته عن رغبتي لزيارة العتبات المقدّسة في العراق فأبدى استعداده لمرافقتي وبالفعل فقد سافرت مع هذا التاجر إلى العتبات ـ كربلاء والنجف والكاظمين ـ وكان حقيقة نعم الرفيق وخير صديق في السفر حتّى أنّني لم أشعر بالغربة والوحشة بل عشت معه خير أيّام عمري ... وحقيقة كنت دائماً أُلامس بركة توسّلي بعزيزة الإمام الحسين عليه السلام التي هيّأت لي هكذا صديق في سفري إلى العتبات المقدّسة. ٧ ـ هكذا وفّقت لشراء الكتب
في ليلة السادسة والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ١٤١٨ ه وفّقت لزيارة آية الله السيّد مهدي الحسيني اللاجوردي ، وفي أثناء الزيارة تساءلت منه قائلاً : ألا تعرف شيئاً من كرامات عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام لأنقله في طيّات كتابي حول هذه السيّدة الجليلة؟!
فنقل لي القصّة التالية وقال : في إحدى سفراتي إلى سوريا وبينما كنت أتمشّى مع أحد الأصدقاء بالقرب من المسجد الأموي شاهدت بعض الكتب الخطّية القديمة جدّاً ومنها كتاب نهج البلاغة بخطّ أحد العلماء الأعلام عام (٦٠٠ ه). وحينما سألت من البائع عن قيمتها طلب مبلغاً كبيراً جدّاً لم أكن أملكه أصلاً ، ولذا ذهبت إلى زيارة السيّدة رقيّة عليها السلام وتوسّلت بها وطلبت منها أن تجعل الكتب من نصيبي ، وفي أثناء عودتي إلى المنزل مررت على نفس بائع الكتب وإذا به يناديني قائلاً : سيّدنا تعال أريد أن أبيع الكتب وقيمتها باختيارك.
وبحمد الله وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام فقد اشتريت الكتب وصارت من نصيبي وهي إلى الآن موجودة عندي في المكتبة ، ولا يخفى أنّ هذه الكرامة هي من أقلّ كرامات السيّدة رقيّة عليها السلام.
٨ ـ توسّل آخر
نقل العالم الجليل الورع سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد مرتضى المجتهدي السيستاني حفظه الله أحد مدرّسي الحوزة العلمية في مدينة قمّ المقدّسة عن الحاج صادق متقيّان أحد خدمة الإمام الحسين عليه السلام المخلصين في مدينة مشهد المقدّسة في شهر محرّم الحرام سنة ١٤١٨ هـ أنّه قال : مضت ثمان سنين على زواج ابنتي ولم ترزق بمولود وقد راجعت العديد من الأطباء والمتخصّصين ولكن دون جدوى إلى أن عزمت السفر إلى سوريا في شهر صفر المظفّر سنة ١٤١٧ هـ وقبل سفري بقليل أعطتني زوجتي كاروكاً كانت قد أعدّته بيدها وقالت : اعقده بضريح السيّدة رقيّة ليقضي الله حاجة ابنتي وتنظر السيّدة رقيّة عليها السلام نظرة رحيمة. وبالفعل فقد أخذت المهد إلى الشام وحينما ذهبت إلى زيارة عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام ودخلت حرمها الشريف أخذتني روحانية عجيبة وغرقت في عالم مليئ بالحزن والمأساة فتوجّهت نحو الضريح الطاهر بروحانية وتوجّه خاص وعقدت «الكاروك» به.
وبينما أنا كذلك إذا بشخص كان ينظر إليّ يقول : أنت أيضاً لماذا تعتقد بمثل هذه العقائد؟! قلت : إنّ عقيدتي بالسيّدة رقيّة عليها السلام لا بـ «الكاروك» وما هذا «الكاروك» إلّا وسيلة لإظهار عقيدتي بهذه السيّدة الجليلة علّني أنال لطفها وعنايتها ، وكلّ شخص يظهر محبّته وولائه حسب عقيدته ومعرفته ، وهذا هو قدر معرفتي بالسيّدة رقيّة عليها السلام ولا يقدح ذلك بمقامها العالي ومكانتها الرفيعة.
وبعد رجوعي من زيارة العتبات المقدّسة في سوريا لم تمض سوى أيّام قليلة إذا بزوجتي تقول : يجب أن نأخذ «فلانة» إلى المستشفى لتجري الفحوصات ونرى هل أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام تشفّعت إلى الله في قضاء حاجتنا أم لا؟!
وبعد إجراء الفحوصات تبيّن أنّها حامل وأنّنا عبر هذا «الكاروك» الصغير استطعنا أن ننال عناية هذه السيّدة العظيمة الجليلة ونحصل على شفاعتها عند الله في قضاء حاجتنا علماً أنّ ابنتي الآن لديها طفل صغير.
٩ ـ إنّها السيّدة رقيّة عليها السلام
بعث سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد علي برهاني فريدني حفظه الله رسالة لدفتر انتشارات الإمام الحسين عليه السلام ذكر فيها كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام فقال : استجابة لأمر سماحة حجّة الإسلام والمسلمين ونخبة المتّقين الشيخ علي الربّاني الخلخالي «دامت توفيقاته» أُشير إلى كرامة حصلت في أحد المجالس قبل (٣٤) سنة تقريباً وقد نقلها سماحة الخطيب المشهور السيّد عبدالله تقوي شفاهياً فقال :
من لطف الله تعالى عليَّ وتوفيقاته لي أنّه أنعم عليَّ منذ سنين بخدمة سيّد الشهداء عليه السلام من خلال ارتقائي المنبر في مدينة طهران.
وفي إحدى الليالي وبعد أن فرغت من المجلس ورجعت إلى المنزل رنّ الهاتف عند الساعة التاسعة ليلاً تقريباً فرفعت السمّاعة وإذا به أحد الأصدقاء ، وبعد السلام والتحيّة قال : إنّ «فلان» الكاسب قد توفّي وغداً بعد الظهر سيكون مجلس الفاتحة وقد اقترحت على أبناء المرحوم أن ترتقي أنت المنبر.
فلا تنسى أن تعدّ نفسك غداً بعد الظهر عند الساعة الثالثة أو الرابعة.
وفي نفس الوقت تذكّرت أنّني في الليلة الماضية قرأت مجلساً شهرياً ـ أي كلّ شهر يقرؤون ليلة واحدة ـ في أحد المنازل التي نسيت عنوانه وبعد المجلس جاءتني إحدى النساء وتوسّلت بي كثيراً كي أقرأ لها مجلساً يوم غد في نفس ساعة ذلك المجلس وذلك في المنزل المقابل للمنزل الذي قرأت فيه الليلة البارحة.
وقد ذكرت المرأة أنّها لديها نذر وتريد أن تطعم بعد المجلس تبرّكاً باسم السيّدة رقيّة عليها السلام التي سيكون المجلس باسمها ، ولذا طلبت منّي أن أعدّ نفسي لقراءة مصيبة هذه السيّدة المظلومة وأتوسّل بها لقضاء حاجتها.
وعلى كلّ فقد أخبرت صاحبي أنّني وعدت تلك المرأة أن أقرأ لها مجلساً حول السيّدة رقيّة عليها السلام ولذا فإنّني لا أستطيع القراءة في مجلس الفاتحة.
فتأثّر صاحبي كثيراً وقال : إنّك كيف تفكّر؟! لقد أردت خدمتك.
وبعد لحظات أخذت أُفكّر وأتأمّل وأقول في نفسي : كم مجلس يجب أن نقرأ للسيّدة رقيّة عليها السلام وعلي الأصغر حتّى يعطوني ثلاثين توماناً؟! أمّا إنّني إذا قرأت مجلس التاجر فإنّهم حتماً سيعطوني مبلغاً جيّداً.
ولذا فقد انصرفت عن الذهاب إلى مجلس المرأة ثمّ ذهبت إلى النوم. وفي عالم الرؤيا رأيت أنّني في نفس الشارع الذي يقع فيه منزل المرأة وكان هناك سيّد نوراني جميل المنظر قد أخذ بيد طفلة عمرها ثلاث سنين ، فسلّمت عليه وسألت أحواله وسألته عن اسمه ومسكنه فقال : إنّني أحضر في كلّ المجالس وهذه ابنتي رقيّة ، فلا تبعنا يا سيّد بمادّيات الدنيا؟!
كما أضاف ذلك الرجل قائلاً : لماذا تترك تلك المرأة تترقّب حضورك وتنتظر مجيئك بعد أن وعدتها أن تأتي إلى بيتها وتقرأ لها المجلس؟!
ولماذا تريد تخلف الوعد وترجّح مجلس التاجر ، حتّى يعطوك أموالاً أكثر؟!
فاستيقظت من النوم فزعاً حزيناً ولا إرادياً أخذت الهاتف واتّصلت بصاحبي وقلت له ودموعي تجري : «فلان» لا تنتظروني غداً في مجلس التاجر ، فمن المستحيل أن أقرأ لكم هذا المجلس.
وفي اليوم الثاني ذهبت إلى مجلس المرأة وقرأت مصيبة السيّدة رقيّة عليها السلام ونقلت القضية على المنبر فانقلب المجلس وضجّ الحضور بالبكاء بما فيهم أنا وقد عمّت ذلك المجلس حالة من الروحانية لم أر لها مثيلاً بحيث إنّ الحضور بقوا يبكون إلى فترة من ختام المجلس. الجدير بالذكر أنّ رائحة طيّبة انتشرت في المجلس لم استشم مثلها من قبل قطّ.
١٠ ـ من آثار التوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام
نقل سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ هادي أشرفي التبريزي فقال : في إحدى سفراتي إلى تبريز وكنت نازلاً ضيفاً عند أُختي دار الحديث حول عزيزة الإمام الحسين عليه السلام السيّدة رقيّة عليها السلام ، فقلت للحضور : إنّ البعض ينفون أن تكون للإمام الحسين عليه السلام طفلة بهذا الاسم ويكذّبون الأخبار الواردة في ذلك.
وفجأة إذا بعمّة أُختي ـ أي أُمّ زوجها ـ تلتفت إليّ وقد بدت حالة العصبانية والغضب على وجهها وقالت : لو أنكر الجميع حقيقة السيّدة رقيّة عليها السلام فلن أعتقد بكلام واحد منهم ، فإنّني ولأكثر من مرّة توسّلت بها وأخذت حاجتي منها ثمّ ذكرت القضية التالية فقالت :
قبل فترة كان ولدي «صابر ريحاني» قد ذهب إلى الجندية في إحدى المقرّات العسكرية في أهواز.
وفي أحد الأيّام مرّ زوجي الذي كان يقود سيارة «الشاحنة» على حادث لناقلة المسافرين كانت تحمل مجنّدين ، والمؤسف أنّ جميع الركّاب قد ماتوا ، فرجع زوجي إلى المنزل قلقاً مضطرباً شاحب اللون.
وبعد أن أتّصلنا بالمقرّ العسكري وسألنا عن «صابر» أخبرونا أنّه ليس موجوداً في المقرّ وإنّه قد أخذ اجازة عن الخدمة فازداد قلقنا ، وفي نفس اليوم أخبرنا بعض الجيران أنّ البعض كان يسأل عن منزل أحد الجنود كان اسم والده «قدرة الله» ليخبروا أهله بموته فبدأنا نظنّ بقوّة بل نتيقّن بموت صابر.
آنذاك وفيما كنت مضطربة توجّهت بكلّ إخلاص إلى السيّدة رقيّة عليها السلام وخاطبتها قائلة : سيّدتي أنت تعلمين بضعف حالتي وفقري ولكن إذا بلغني خبر عن سلامة ولدي فسأُطعم الفقراء مقدار من الحليب. وما هي إلّا لحظات إذا بالهاتف يرنّ فرفعت السمّاعة والاضطراب يخيم على كياني وإذا به ولدي صابر ، وما أن سمعت صوته وإذا بي أسقط مغشيّة فهرع ولدي الأكبر وتناول السمّاعة وإذا صابر يخبره أنّه كان في إجازة عندما اتّصلنا به ولمّا عاد إلى المقرّ العسكري أخبروه باتّصالنا فاتّصل بنا ليطمأننا على أحواله.
١١ ـ قلّ له يسمّيه حسيناً
بعث سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمود شريعة زاده الخراساني رسالة إلى مكتب الإمام الحسين كتبها في تاريخ ٢ جمادي الآخرة ١٤١٨ هـ وجاء فيها : دخلت في أحد الأيّام حرم السيّدة رقيّة عليها السلام فرأيت مجموعة من الناس كانوا واقفين مقابل الضريح المقدّس يقرؤون الزيارة الشريفة بينما كان مدّاح أهل البيت عليهم السلام الحاج نيكوئي يقرأ لهم المصيبة وقد ذكر القضية التالية فقال :
فيما كان مسؤولوا حرم السيّدة رقيّة عليها السلام يشترون المنازل المجاورة لتوسعة المرقد الشريف رفض أحد اليهود أو النصارى المجاورين للحرم أن يبيع منزله وبقي يصرّ على ذلك علماً أنّهم عرضوا عليه أكثر من ضعفي قيمة منزله إلّا أنّه رفض وبقي يعاند بكلّ إصرار.
وبعد مدّة من الزمن حملت زوجة الرجل ، وقبل ولادتها أخذها إلى بعض الدكاترة لمعاينة حالتها فأخبروه أنّ الأُمّ والطفل معرّضان للخطر ولذا من اللازم أن يبقيا تحت إشرافنا هذه المدّة. يقول الرجل : عندما أخذ الطلق من الزوجتي مأخذة أخذتها إلى المستشفى ورجعت إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وبقيت أتوسّل بها وقد عاهدتها بأنّها إذا تشفّعت لي في سلامة زوجتي وطفلي فإنّني أهدي المنزل إليها.
بقيت فترة أتوسّل بها ثمّ ذهبت إلى المتستشفى فوجدت زوجتي جالسة على «سرير» وفي حجرها طفل وهما في أحسن حال وهي تقول : أين ذهبت؟ قلت : لقد كان لدي أمر مهمّ ذهبت لأداءه ، فقالت : لا ، لقد ذهبت وتوسّلت بابنة الإمام الحسين عليه السلام ، قلت : من أين عرفتي؟ قالت : عندما كنت أُعاني آلام الطلق أُغمي عليَّ وإذا بطفلة صغيرة دخلت الغرفة وقالت : لا تقلقي ، لقد طلبت من الله تعالى سلامتك أنت وطفلك وهو ولد.
ثمّ أنّها قالت : أبلغي سلامي إلى زوجك وقولي له يسمّيه حسيناً ، فقلت لها : من أنت؟ قالت : أنا رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام.
ولمّا فرغ المدّاح المذكور «الحاج نيكوئي» من قراءة المصيبة سألت منه : من أين لك هذه القصّة؟ قال : سمعتها من خادم حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وهو من أهل السنّة وكان يفتخر بهذه الخدمة ، وكان أبوه أيضاً يخدم معه في حرم السيّدة رقيّة عليها السلام.
١٢ ـ إنّها الطفلة التي رأيتها في المنام
وذكر حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمود شريعة زاده في نفس الرسالة فقال : سماحة حجّة الإسلام والمسلمين خادم أهل البيت عليهم السلام الشيخ علي الربّاني الخلخالي دام عزّه سمعت القصّة التالية من البعض ، وحيث أنّها قصّة عجيبة وجدت من الجدير بي أن أذكرها لك وهي :
في أحد الأيّام كنت في حرم السيّدة رقيّة عليها السلام مشغولاً بذكر مصيبتها المشجية فسمعت أصوات بعض النساء يصحن بينما كانت إحداهنّ قد أُغمي عليها من شدّة المصيبة.
وبعد المجلس أفاقت المرأة وجاءت إليّ وقالت :
كنت مبتلاة بمرض القلب وقد أجابني الدكاترة بعدم الفائدة من العلاج فيأست من الحياة وسأمتها وقلت لزوجي : أُريد الذهاب إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام ففي الليلة البارحة رأيت في عالم الرؤيا طفلة صغيرة أعطتني ورقة خضراء وقالت : إذا أردت أن يتحسّن حالك فكلي هذه الورقة ، فسألتها : من أنت؟ قالت : أنا رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، واليوم وبعد أن استيقظت من النوم جئت إلى الحرم الشريف فوجدتك تقرأ مصيبة السيّدة رقيّة عليها السلام فشاهدت نفس الطفلة في عالم اليقظة تقدّم لي نفس الورقة الخضراء وقد شاهد الذين كانوا معي هذه القضية ، ولذلك لم أتحمّل ذلك المنظر العجيب وأُغشي عليَّ من شدّة الهول.
والآن وبحمد الله تعالى فإنّ حالي على أحسن وجه وكأنّ المرض قد ذهب عنّي كاملاً.
١٣ ـ بركات التوسّل بالسيّدة رقيّة
بعث سماحة الحاج عبدالحسين الاسماعيلي القمشه اي ـ وهو الشخصيات المثقّفة ـ في مدينة «شهر رضا» رسالة إلى مكتب الإمام الحسين عليه السلام ذكر فيها كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام حصلت له شخصياً وذلك بعد أن سألناه أن يذكر لنا ما يعرفه من الكرامات لهذه السيّدة الجليلة فقال : لقد حصلت هذه القضية قبل خمسة عشر سنة تقريباً ـ أي في بدايات الانقلاب الإسلامي في ايران ـ فقد كنت مقيماً في دولة ****** ، وفي تاريخ ٧ مهر ١٣٦١ هـ. ش عزمت الذهاب إلى ****** ولكن عن طريق سوريا لأبقى فيها يومين وأحظى بزيارة العتبات المقدّسة ، وفي سوريا حصلت لي هذه القضية العجيبة ، فقد كانت لي حاجة مهمّة ولذا فإنّني لمّا دخلت حرم السيّدة رقيّة ألقيت بنفسي على أعتاب الضريح الطاهر وخاطبت السيّدة رقيّة قائلاً : يا عزيزة الحسين عليه السلام إنّ أخذي بأطراف ضريحك هو كناية عن أخذي بأذيالك الطاهرة وإنّك تعرفين حاجتي وعلمك بحالي يكفيك عن سؤالي ، فبحقّك عندالله تعالى ، وبجاه أجدادك الطاهرين إلّا ما سألت والدك سيّد الشهداء عليه السلام أن يشفع لي عند جدّه رسول الله صلى الله عليه واله في قضاء حاجتي.
ولمّا عزمت السفر إلى ****** وقد كانت أيّام الحرب المشؤومة التي شنّها البعثيون ضدّ ايران وكانت الحكومة الايرانية تمنع أن يأخذ المسافر معه أكثر من الفين تومان وهو مبلغ زهيد جدّاً إلّا أنّني كنت أقضي سفرتي بأن أقترض من البعض مقدار من المال لأسدّ به تكاليف السفر كالكراية وما شابه ثمّ أُرجعها لهم في ايران. وعلى كلّ عندما ذهبت إلى ****** عرفت أنّ الحكومة الايرانية سمحت للايرانيين المقيمين في ****** أن يدخلوا ما يعادل مئة الف تومان من البضاعة إلى البلد ولذا فقد وقعت في مضيقة مالية ولم أجد من يقرضني مبلغاً من المال لأقضي به بعض احتياجات سفري إلى ايران كالأُجرة وما شابه.
وفي إحدى الليالي عند السحر توسّلت مرّة أُخرى بالسيّدة رقيّة عليها السلام وقلت لها : سيّدتي أين جواب توسّلي بك؟
مباشرة وبدون أيّة مقدّمات طرأ في ذهني ما يلي : أن أذهب إلى المدرسة الايرانية وأعمل عندهم كخطّاط ، وبالفعل فقد قضت السيّدة رقيّة عليها السلام حاجتي حيث وافق مسؤولوا لمدرسة على طلبي وحلّت مشكلتي تماماً.
وبعد سنة من القضية ذهبت إلى ****** بدعوة من وزارة التعليم إلّا إنّني أُخرجت منها لشدّة المضايقات على الايرانيين في ****** جرّاء الحرب المفروضة على ايران وهذا أيضاً بعناية السيّدة رقيّة عليها السلام وقد أذكر لكم تفاصيله في يوم ما.
١٤ ـ هكذا ذهبت إلى الحجّ
كتب سماحة المحقّق الشيخ علي أبو الحسني (منذر) في مقالة له فقال : طلب سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ علي ربّاني الخلخالي (دام ظلّه) منّي أن أكتب له شيئاً ممّا رأيته أو سمعته من كرامات يتيمة الشام السيّدة رقيّة عليها السلام لينقلها للقرّاء الكرام فانتخبت له الكرامة التالية :
ففي ليلة السبت الموافقة ٢آبان ١٣٧٦ هـ. ش كنت عند والدتي في منزل والدي حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد أبو الحسني ، وتساءلت منها قائلاً : لقد ذهبت مع الوالد أكثر من مرّة إلى العتبات المقدّسة في العراق وسوريا ، فهل رأيت كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام لينقلها سماحة الشيخ علي الخلخالي في كتابه «السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين» فتأوّهت الوالدة العزيزة وقالت : نعم ، لقد رأيت كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام بعيناي ، ففي بداية حكومة «البازرگان» وفي شهر رجب سنة ١٣٩٩ هـ. ش تقريباً أعطاني والدك صورته وصور اخوانك وقال : اذهبي إلى السفارة العراقية لعلّهم يعطوك «تأشيرة» لنذهب بها إلى زيارة سيّد الشهداء عليه السلام.
فأخذت الصور وذهبت إلى السفارة وكتبت أسمائنا خلفها وقدّمتها إليهم ثمّ رجعت إلى المنزل ، وبقينا ننتظر أن يعلنوا أسمائنا للزيارة. وبعد أشهر ـ وكنّا ننتظر يعلنوا عن أسمائنا بفارق الصبر علّنا نوفّق لزيارة أبا عبدالله عليه السلام ـ وفي شهر رمضان بالذات ، راجعت السفارة أكثر من مرّة علّني أجد خبراً منهم إلّا إنّني في كلّ مرّة أعود خائبة مهمومة.
وفي شهر شوال راجعت السفارة وكانت قد أعلنت عن أسماء البعض إلّا أنّ أسمائنا لم تكن معها ، رجعت إلى المنزل مغمومة حزينة باكلية وقد توجّهت إلى الله تعالى وقلت : إلهي إمّا أن تقسم لنا زيارة حجّ بيتك الحرام أو زيارة العتبات المقدّسة ، وحقيقة كنت مشتاقة أيضاً لزيارة بيت الله الحرام إلّا إنّنا لم نكن نملك جواز السفر الخاص لزيارة بيت الله الحرام أيّام الحجّ الأمر الذي جعلني أفقد الأمل في الذهاب إلى بيت الله الحرام.
لحظات قليلة إذا بزوجي يدخل الدار ويقول : ماذا حصل؟ فهل أعلنوا أسمائنا؟ قلت : لا ، فاغتمّ هو أيضاً.
وفي تلك الأيّام كان زوجي يرتقي المنبر في منزل آية الله الزنجاني ، ولمّا رآه السيّد الزنجاني مغموماً تساءل منه وقال : ما هي مشكلتك؟ فنقل والدك له القضية ، وإذا بآية الله الزنجاني يطمئنه ويقول : لا بأس عليك سأكتب لك رسالة للسفارة السعودية ليعطوك تأشيرة الذهاب إلى بيت الله الحرام.
وبالفعل فقد كتب له الرسالة وأخذها والدك إلى السفارة السعودية وتحدّث معهم بالعربية فاستأنسوا به وأعطوه تأشيرة له وحده وهو يتصوّر أنّهم أعطوه تأشيرة لنا جميعاً ... ولمّا عاد والدك إلى المنزل وأخبرنا بالخبر كنّا لا نصدّق من شدّة الفرح خاصّة الأطفال الذين كانوا يذهبون لأوّل مرّة إلى بيت الله الحرام.
وفي نصف شوال تقريباً سنة ١٣٩٩ ه وبعد أن أعدّ والدك لوازم السفر إلى سوريا لننتقل منها إلى السعودية وكنت قد أعددت للأطفال الإحرام ... وعندما وصلنا إلى سوريا استأجرنا غرفة وكان يسكن في جوارنا شخص عربي وقد تصادق مع والدك ....
وفي أحد الأيّام طلب ذلك الرجل من والدك أن يرى جواز سفره ، ولمّا أخذ الجواز من والدك وقلّب صفحاته قال : لقد منحوك وحدك تأشيرة السفر إلى مكّة أمّا أبناءك وزوجتك فلم يعطوهم شيئاً.
وحقيقة أنّ الدنيا ضاقت بأعيننا عندما قال هذا الكلام خاصّة الأطفال فقد بلغ من شدّة حزنهم أنّهم أخذوا يبكون بشدّة وكان زوجي يطمأنهم ويقول : لا بأس عليكم ، لماذا تبكون ، إنّني لن اترككم وحدكم ، فلابدّ أن نذهب معاً إلى الحجّ.
آنذاك أشار ذلك الرجل العربي على والدك أن يراجع السفارة السعودية في سوريا أو السفارة الايرانية علّهم يحلّون المشكلة إلّا أنّ والدك رفض ذلك وقال : إنّ السيّدة رقيّة عليها السلام هي التي جاءت بنا إلى هنا وهي التي تهيّأ لنا تأشيرة السفر إلى الحجّ.
وفي اليوم الثاني صباحاً ـ وكان يوم الأربعاء وعند الساعة السابعة صباحاً ـ ذهبنا إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وكان الباب مغلقاً فوقنا خلف الباب وأخذنا نتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام ودموعنا تجري على خديّنا.
لحظات قليلة إذا بأحد السادة العلماء وكان شاباً ـ ولعل عمره ٢٥ عاماً ـ جاء ووقف خلف الباب بكلّ وقار وأخذ ينتظر أن يفتحوا باب الحرم الشريف وكانت إلى جانبه امرأة محجّبة لم أر وجهها لأنّها كانت ترتدي البوشية ، فذهب والدك إليه وتساءل منه بالعربية وقال : من أين أتيت؟ فقال السيّد : من النجف الأشرف.
وبعد مدّة من الزمن كان والدك يتحدّث مع ذلك السيّد الوقور وينقل له القضيّة ، ولأنّ والدك والسيّد كان يقفا بعيداً عنّا لم أسمع تفاصيل الحديث إلّا أنّني سمعت السيّد يقول : اعطني جوازك ، فأعطاه والدك الجواز ثمّ جاء الخدم وفتحوا الحرم فدخل السيّد وزوجته أوّلاً ثمّ دخلنا نحن وكان هناك مسجد على اليمين يسمّى بـ «خرابة الشام» ويقال أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام استشهدت فيه ، فذهبنا نحن إلى ضريح السيّدة رقيّة عليها السلام بينما دخل السيّد وزوجته ذلك المسجد.
ولم تمض سوى لحظات قليلة إذا به بالسيّد يرجع الجواز إلى والدك ويقول : لقد أخذنا لك تأشيرة من أهل البيت عليهم السلام لتذهب أنت وعيالك إلى الحجّ ، ثمّ ودّعه وذهب سريعاً.
مباشرة التفت والدك إليّ وقال : بعد أن حصلنا على تأشيره الحجّ فلنذهب سريعاً إلى مكّة المكرّمة ، فاستأجرنا مع بعض الركّاب سيارة كبيرة للسفر وتحرّكنا يوم الخميس نحو المدينة المنوّرة.
وأتذكّر أنّ والدك قال : ينبغي أن نرافق أحد العرب الذين يعرفون الطريق جيّداً ليصحبنا معه في الطريق ، ثمّ تحرّكنا نحو السعودية عبر الحدود الأردنية إذ أنّ العلاقات بين العراق وسوريا كانت مقطوعة.
ومن نعم الله تعالى وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام أنّنا تعرّفنا على شخص عربي كان خبيراً بالطريق وقد قبل أن نرافقه طيلة الطريق.
وما أن تحرّكنا من سوريا وقبل أن نخرج من الحدود إذا بالسيارة تعطّل ، فذخب السائق ليأتي بسيارة أُخرى وبقينا نحن من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الرابعة بعد الظهر ننتظره دون أن يأتي ، فاتّصل أحد المسافرين معنا بالمرور السوري وأخبرهم بالقضية وطلب منهم أن يبعثوا لنا سيارة لننتقل عبرها إلى مكّة. وما هي إلّا نصف ساعة إذا بالسيارة تأتي وكانت أفضل من السابقة بكثير فركبنا فيها وتحرّكنا بسرعة نحو الحدود السعودية ، وقبل أن نصل إلى الحدود وقفنا عند أحدى المقاهي حيث إنّ والدك طلب من السائق أن ينزل عندها لنستريح قليلاً ، فنزلنا هناك ساعة ثمّ تحرّكنا من جديد حتّى وصلنا إلى الحدود في الساعة الواحدة أو الثانية ليلاً الموافق ٢٩ شوال ١٣٩٩ هـ.
وعند الحدود أخذ المسؤلون الحدود يحقّقون في التأشيرات ويجرون الاجراءات اللازمة فقلقنا جدّاً لأنّ تأشيرتنا كانت صادرة من حرم السيّدة رقيّة إلّا أنّ عناية عزيزة الحسين عليه السلام بقيت ترعانا حتّى في تلك اللحظات حيث جاء المفتّش ونظر إلى التأشيرة ولم يقل شيئاً أبداً.
ويا سبحان الله ، فقد دخلنا السعودية وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً من اليوم الثاني كنّا عند قبور أهل البيت عليهم السلام في البقيع بعد أن أجّرنا منزلاً لاستراحتنا في المدينة.
وبالرغم أنّنا دخلنا السعودية إلّا أنّ القلق كان يراودنا كثيراً ، فبعد أن زرنا المدينة وأدّينا بعض الأعمال هناك قال والدك : ربما لا يسمحوا لنا أن نذهب إلى مكّة فمن الأفضل أن نذهب إلى مكّة ونؤدّي أعمال العمرة المفردة قبل أن يذهب الحجّاج ويزدحم الطريق.
ولذلك فقد تحرّكنا في الخامس أو السادس من ذي القعدة نحو مكّة مع أحد الشيعة الذي أخذنا معه في سيارته ـ وقد قام الرجل بجميع مستلزمات السفر ـ وكلّما مررنا على نقطة مرور كان يأخذ الجوازات ويريهم إيّاها ثمّ يعود إلى أن وصلنا إلى مكّة المكرّمة في حدود الساعة الثانية عشرة ليلاً.
بالطبع أنّنا قبل أن ندخل مكّة أحرمنا في «مسجد الشجرة» وأدّينا الأعمال اللازمة في نفس الليلة التي وصلنا فيها إلى أذّن الصبح فصلّينا صلاة الصبح واسترحنا قليلاً ثمّ ذهبنا إلى مقرّ السيارات التي تذهب إلى المدينة. إلّا أنّنا لم نجد أحداً أصلاً فقلت في نفسي : إلهي ، أنت الذي جئت بنا إلى ضيافتك هنا فلا تتركنا في هذه المخمصة لوحدنا. وما هي إلّا لحظات إذا بسيارة حديثة جدّاً تقف أمامنا ، وبعد أن تكلّم السائق مع والدك ببعض الكلمات قال : اركبوا ، وأخذنا معه إلى المدينة وقد رفض أن يأخذ الأُجرة بتاتاً.
وبعد مدّة من إقامتنا في المدينة المنوّرة وكان الحجّاج يتوافدون من كلّ حدب وصوب أخذ رؤساء الحملات والكثير من الحجّاج الذين يعرفون والدك يتوسّلون به ويطلبون منه أن يلتحق بهم كمرشد لحملاتهم فقبل والدك الالتحاق بحملة الحاج سيّد محسن آل أحمد لأنّه كان يصرّ كثيراً على والدك.
واستمرّ الحال على ذلك إلى أن أدّينا أعمال الحجّ كافّة دون أن يتعرّض لنا أحد أصلاً ثمّ ركبنا بالقرب من جسر أبو طالب أحد السيارات في مكّة وعدنا إلى مدينة قم المقدّسة ومنها انتقلنا إلى مدينة طهران.
هذه كرامة للسيّدة رقيّة عليها السلام رأيتها بعيني وعايشتها بنفسي.
١٥ ـ التوفيق لزيارة الإمام الحسين عليه السلام
يقول الشيخ علي أبو الحسين سألت من الوالدة أيضاً أتعرفين كرامة أُخرى للسيّدة رقيّة؟ فقالت : نعم ، أتذكّر إحدى الكرامات التي حصلت قبل كم سنة وهي :
قبل عشرين عاماً تقريباً عندما كانت حكومة الشاه في قمّة طغيانها ذهبت مع المرحوم والدك إلى سوريا لنأخذ منها تأشيرة لزيارة العتبات المقدّسة في العراق. وفي سوريا بقينا ما يقارب خمسة عشر يوماً تردّدنا أثنائها أكثر من مرّة على لبنان علّنا نحصل على تأشيرة زيارة عتبات العراق من السفارة العراقية ولكن دون جدوى.
وفي الخامس عشر من شهر شعبان المبارك كنت جالسة وحدي في الفندق وقد أغمّني عدم اعتناء أهل لبنان بهذه المناسبة المهمّة فضلاً عن اشتياقي للزيارة فتوجّهت إلى إمام العصر والزمان عليه السلام بقلب منكسر وقلت : يا إمام الزمان ماذا يجري اليوم في ايران بمناسبة ميلادك الميمون؟
حتماً أنّ الجميع هناك محتفلين بهذه المناسبة أمّا هنا فلا خبر ولا أثر لهذا المولود المبارك ثمّ أخذتني غفوة فرأيت في عالم الرؤيا شاباً حسن المحاسن جميل المنظر طويل القامة يتمشّى يميناً وشمالاً وهو يقول : لقد تهيّأت أسباب سفركم إلى كربلاء.
وبعد أن استيقظت من النوم عاد والدك من السفارة العراقية وقال : لقد كتب أسمائنا ورجعت إلى سوريا إلّا أنّني عرفت ـ بعد أيّام ـ أنّهم رفضوا أن يمنحونا تأشيرة الزيارة.
ولمّا رأيت أن لا فائدة من هذه الطريقة ذهبت إلى أحد الملّاك اسمه «السيّد أنور» وكان خبيراً في المعاملات وله علاقة بالسوّاق الايرانيين وكان يأخذ الجوازات من الزوّار ويبعثها إلى ايران ليأخذوا له معارفه تأشيرة الحجّ للزوّار ثمّ يبعثوا بالجوازات إلى سوريا ثانية.
ومن ضمن الجوازات التي أخذها السيّد أنور هي جوازاتنا وقد بعثها مع جوازات أُخرى إلى ايران ليأخذوا لنا تأشيرة الحجّ وعلماً أنّ الذي أخذ الجوازات رجل أفغاني.
وبعد مدّة قليلة أخبرونا أنّ الرجل قد وقع في يد الأمن الايراني وقد حكموا عليه بالسجن الأمر الذي أدّى إلى قلق الزوّار وحزنهم الشديد إذ أنّهم فضلاً عن حرمان من حجّ بيت الله الحرام سيواجهون مشكلة سياسية في ايران ولذلك اقترح بعضهم أن يبعثوا رسالة إلى زوجة الشاه يطلبون منها أن تحلّ المشكلة إلّا أنّ والدك نهاهم عن ذلك ودعاهم إلى التوسّل بعزيزة سيّد الشهداء السيّدة رقيّة عليها السلام.
ومن هنا فإنّ العديد من الزوّار كانوا يجتمعون كلّ يوم في الحرم الشريف وكان والدك يقرأ لهم مجلس التعزية ويختم مجلسه بالتوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام.
وبعد عشرين يوماً من التوسّل أخبرنا أنّهم بعثوا بعض الجوازات وتبيّن فيما بعد أنّ الفرد الأفغاني بعد أخذه لتأشيرة الزيارة من طهران شكّ الأمن الايراني به في المطار وأرادوا القبض عليه إلّا أنّه فرّ منهم وفي ذلك الأثناء وقعت بعض الجوازات من جيبه وبقيت البقيّة الباقية ومنها جوازي وجواز والدك.
والملفت للانتباه أنّ الأمن بعد قبضهم على الأفغاني لم يتوجّهوا إلى الجوازات التي في جيبه ... على كلّ بعد أخذنا للجوازات وكانت فيها تأشيرة عرفنا أنّه لم يبق من مدّة التأشيرة إلّا يوم واحد ولذا فقد استأجرة سيارة وتحرّكنا بسرعة فوصلنا في الليل إلى المدينة ، وبعد أداءنا لأعمال الحجّ عدنا إلى ايران دون أن نواجه أيّة مشكلة.
الجدير بالذكر أنّنا عندما أخذنا تأشيرة الحجّ كنت قد توسّلت بالسيّدة رقيّة عليها السلام وقلت : سيّدتي إذا تيّسر أمرنا للسفر إلى كربلاء المقدّسة فسأعود ثانية إلى زيارتك من جديد ... وهذا ما حصل تماماً ، فلمّا رجعنا من الحجّ راجعنا السفارة العراقية في طهران وسجّلنا أسمائنا كما أعطى والدك جوازاتنا لأحد الأشخاص كي يتوسّط لنا في أحد التأشيرة.
مضت ثلاث أسابيع ولم نحصل على أي خبر فانتابنا اليأس وكدنا نأخذ الجوازات من الرجل إلّا أنّه رفض ذلك وقال : لنحاول مرّة أُخرى علّنا نصل إلى نتيجة ، وما هي إلّا أيّام قليلة إذا بهم يعلنون أسمائنا في إحدى الصحف وفي نفس الوقت استطاع ذلك الرجل أن يأخذ تأشيرة ولكن تختلف عن الأُولى إذ أنّ مدّة المسموحة للسفر في الأُولى سبعة أيّام أمّا الثانية فمدّتها أكثر.
ولذلك قال والدك : أُريد البقاء في كربلاء أكثر ولن أُسافر بالتأشيرة الأُولى. وحيث إنّني تعاهدت مع السيّدة رقيّة عليها السلام أن أزورها إذا وفّقت للذهاب إلى كربلاء فقد ذهبنا إلى سوريا لنتحرّك منها نحو العراق إلّا أنّني خفت من الذهاب عبر السيارات ورفضت بشدّة. ولحسن الحظّ أنّ والدك سأل أحدهم في سوريا ويدعى الحاج محمود الشيرازي ـ كان يؤجّر المنازل للزوّار ـ فقال : ألا يوجد هنا طائرة إلى بغداد فإنّ زوجتي تخشى الذهاب عبر السيارة؟ فقال الحاج محمود : اليوم ستصل طائرة من فرنسا إلى دمشق سينزل منها شخصان ثمّ تحلّق إلى بغداد فإذا تحبّ أحجز لك مكانهما ، فوافق والدك وأخذ الحاج محمود لنا تذكرتين وحرّكنا في نفس اليوم من مطار دمشق نحو بغداد في الساعة التاسعة ليلاً.
وفي الساعة العاشرة دخلنا بغداد فأشار بعض المسافرين علينا أن نذهب إلى الكاظمين إلّا أنّ والدك رفض وقال : الليلة ليلة الجمعة وهي ليلة زيارة سيّد الشهدا عليه السلام ولذلك سأذهب إلى كربلاء فأخذنا متاعنا وذهبنا إلى كربلاء وكان الوقت بعد منتصف الليل فبقينا نتردّد بين الحرمين إلى الصباح وقد استمرّ سفرنا في العراق أربعين يوماً ثمّ رجعنا إلى ايران سالمين غانمين رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم.
١٦ ـ طفلة صغيرة .. ولكنّها باب للحوائج
في أواخر شهر رمضان المبارك سنة ١٤١٧ هـ عرضت إحدى القنوات التفازية في ايران بمناسبة يوم القدس فيلماً بعنوان «الباقي» وقد عرض نفس الفيلم قبلاً في السينما في شتّى انحاء ايران.
أمّا محور الفيلم فهو يدور حول حياة رجل وامرأة فلسطينيين واسمهما «سعيد ولطيفة» وكان قد قتلا أيّام الانتهاكات الوحشية والقتل العشوائي الذي كانت تقوم به اسرائيل ضدّ المسلمين الفلسطينيين عام ١٩٤٨ م في مدينة حيفا.
وتشاء إرادة الله تعالى أن يترك هذان الزوجان طفل رضيع اسمه «فرحان» كان قد بقي ثلاثة أيّام بلا طعام أو شراب إلى ان احتلّت أُسرة من اليهود كانت قد هاجرت من أوربا الشرقية إلى فلسطين منزلهما وعثرت على الطفل هناك ففرحا به خاصّة أنّ الأُسرة اليهودية كانت محرومة من الأولاد فأخذوه وغيّروا اسمه من «فرحان» إلى «موشه» وهو موسى بالعبرانية.
وفي طيلة الفيلم سلّطت الأضواء على حياة «فرحان» والمسمّاة بـ «صفيّة» إلى الأُسرة اليهودية وتدّعي أنّها مربيّة للأطفال ومحافظة لهم علّها تجد فرصة جيّدة لتخلّص حفيدها «فرحان» من يد الصهاينة وما هي إلّا أيّام قليلة إذا بالأُسرة اليهودية تعزم السفر إلى «يافا» وقد صمّموا أن يصحبوا فرحان وجدّته معهم عبر القطار الذي كان ينقل العديد من الجنود والمعدّات العسكرية التي جاءوا بهم لقتل الفلسطينيين ، وفي الطريق وبينما كان القطار يسير في السهول والمرتفعات تنتهي الحلقة الأُولى من الفليم.
في الحلقة الثانية استعرضوا وبشكل جذّاب كيف أنّ جدّة «فرحان» وبإشارة من زوجها المقاوم «رشيد» أخذت حقيبة المتفجرات إلى القطار ، وكيف أنّها دخلت إحدى الغرف الخالية بحجّة تغيير الطفل فوضعت حقيبة المتفجرات وبقيت تنتظر حتّى انفجرت فحملت الطفل فرحان ورمت بنفسها خارج القطار.
أمّا الجدّة صفيّة فقد ماتت في نفس المكان ، وبقي الطفل فرحان يضجّ بالبكاء إلّا أنّ عناية الله عزّوجلّ كانت ترعاه وتحفظه.
على كلّ فقد مثّل الفيلم في سوريا وكان أبطاله من السوريين والمصريين إلّا أنّ مخرج الفيلم كان ايرانياً واسمه «سيف الله داد».
أمّا حول نجاح الفيلم فقد عقد في سوريا مهرجان حول الأفلام فنال هذا الفيلم إعجاب الكثير من الناس ومن شتّى الطبقات خاصّة المقطع الأخير منه وحسب ما قال ممثّلوا الفيلم في إحدى اللقاءات التي أجرتها معهم مجلّة «نيستان سنة ١٣٧٥ شمسي ص ٦٠ : إنّ الفيلم عرض خمس مرّات في قاعة المهرجانات التي تستوعب لما يقارب ٣٠٠ شخص إلّا أنّ كثافة الإقبال على الفيلم جعل المسؤولين يبدّلوا القاعدة بأُخرى تستوعب ١٥٠٠ فرد فضلاً عن تكرار عرض الفيلم في أكثر من مكان كالجامعات وغيرها.
من جانب آخر فإنّ وسائل الإعلام كالصحف وغيرها تداولت أحداث هذا الفيلم واستعرضت وقائعة وأشادت به وأثنت عليه بشدّة ممّا جعل اشتياق الناس يزداد لرؤيته أكثر.
وقد رأيت شخصياً أكثر من مرّة كيف أن النساء كنّ يبكين عندما يصل الفيلم إلى الأحداث الأخيرة المؤلمة فضلاً عن الرجال الذين كانت آثار البغض بادية عليهم بوضوح خاصّة أُولئك الذين تجرّعوا آلام الظلم الصهيوني وعانوا من طغيانهم المستمر.
الملفت للانتباه أنّ المخرج «سيف الله» قال : أنّ موفّقية الممثّلين للتمثيل بهذه الجذّابية هو ببركة التوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام في دمشق ، وقد أشار إلى تفاصيل ذلك في نفس اللقاء ص ٦٧ فقال : إنّ موضوع الفيلم بعد مطالعة التاريخ ومراجعة بعض الأحداث الأُخرى تغيّر كلّياً وأصبح أشبه ما يكون بقصّة نبي الله موسى عليه السلام علماً أنّ كلّ فصل منه أُعيدت كتابته من أوّله إلى آخره ما يقارب أربع أو خمس مرّات ولذا صار الفيلم أكثر تأثيراً وجذّابية.
ففي البداية كنت قد كتبت إلى أحداث الانفجار في القطار وفيما بعد أحسست بالإشكالات ، فمثلاً بالنسبة إلى رشيد جدّ الطفل «فرحان» في البدء كان دوره ينتهي بقتله عند انفجار القطار إلّا أنّنا بعد التعديلات غيّرنا ذلك وجعلناه يمثّل أدواراً أُخرى بعد حادثة انفجار القطار.
ومع ذلك كلّه فقد بقيت حائراً ماذا أصنع في أواخر الفيلم؟ لقد كان لدي «سيناريو» ولكنّه غير كافٍ ولذا كنت قلقاً حتّى انقطعنا عن التمثيل للحلقات التي بعد الانفجار مدّة اسبوعين ....
بل إنّني كنت أكتب كلّ ليلة تفاصيل الأدوار المفترض تصويرها في اليوم الآتي ولكن وبعد أن أجرينا التغييرات وجدت نفسي عاجزاً عن ذلك تماماً فبقيت متحيّراً كتحيّر «صفيّة» إلّا أنّني أخفيت ذلك على البقية إلى أن توجّهت إلى عزيزة سيّد الشهداء السيّدة رقيّة عليها السلام ونذرت لها ممّا جعل الفيلم يوفّق مثل هذا التوفيق العظيم.
وفي دمشق عندما ذهبت للمرّة الأخيرة إلى المهرجان شاهدت كيف أنّ أواخر الفيلم كانت مؤثّرة على الجميع وكان واضحاً جدّاً أنّ هناك عناية خارجية قد تدخّلت في القضية ، ولذا فإنّني بعد المهرجان مباشرة ذهبت إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام لأتشكّر منها وأفي بنذري.
بالطبع أنّ أهل السينما والفنّانين لا يعتقدون بمثل هذه الأُمور إلّا أنّه في بعض الأحيان ولكرم أهل البيت عليهم السلام يشمل لطفهم وعناياتهم الجميع وإن كانوا غير لائقين لذلك.
وحقيقة لامست قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (١) ورأينا جميعاً تأثير الفيلم على حتّى غير المتديّنين الذين كانت تنقلب أوضاعهم يتأثّرون بشدّة وكلّ ذلك ببركات وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام ومن الكفر والجهالة أن نقول : إنّ هذا التأثير من غيرها.
تعليق لابدّ منه
بعد كلّ هذه الكرامات هل فكّرنا قليلاً في عظمة البركات الجليلة التي أنزلها الله تعالى ببركة السيّدة رقيّة وعمّتها عقيلة الهاشميين السيّدة زينب عليها السلام ومنها حفظ المنطقة
من اعتداءات الصهاينة في القرون الوسطى والإحالة دون وصول اليهود لمخطّطهم الشيطاني ـ من النيل إلى الفرات ـ في العصر الحاضر؟ وهل توسّل أحد بقلب محروق بهاتين السيّدتين المقدّستين لنجاة القدس الأسير وخلاصه من يد اليهود الطغاة؟
فهذا المخرج «سيّد الله داد» الذي توسّل بعزيزة الإمام الحسين عليه السلام شاهد بأُمّ عينيه بركات هذه السيّدة رقيّة عليها السلام يقول : والآن توجّهت كيف يمكن حاجتك من البعض والحال أنّك غير مستحقّ لذلك أصلاً ، ولذا فمن المفترض على جميع المسلمين أن يدركوا أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام طفلة صغيرة إلّا أنّها باب عظيم من أبواب الحوائج.