كل مسؤول عن عمله والله يتصرف بملكه بإرادته
⚘(تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ
عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ) (141)
يوجه الله تعالى الخطاب لبني اسرائيل؛ إنكم تزعمون أنكم
تنتسبون لإبراهيم،وإسماعيل،وإسحاق...عليهم السلام،وتزعمون
باطلا أن هؤلاء على ملتكم؛ هؤلاءالمطهرون كانوا على الطريق
القويم ،ومضوا إلى ربهم مرضين سعداء بإيمانهم ،وعملهم هؤلاء
جماعة ؛يلقَون ربهم بعملهم غير مسؤولين عنكم وقد ظهر هذا
المعنى بلطف استعمال اسم الإشارة في قوله تعالى"تلك" التي
تشير إلى علو وبعدمكانتهم ،ولا ينفعكم ادعاءكم الإنتساب
إليهم ،لأن كل إنسان مسؤول عن عمله ،ولا يسألكم الله عن
أعمالهم ،ولايسألهم الله عن عملكم لايحملون أوزراكم،والمراد أن
كل نفس مسؤولةعن نفسها قال تعالى:
☘( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَاسَعَىٰ ) ☘(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
رَهِينَةٌ) ،والجدير بالملاحظة أدب الحوار،ولطف الرد على الطرف
المجادل؛ الذي فقده كثير من المتحاورين في عصرنا الذين
يلجؤون ؛إلى تغيلظ القول ،والردود الغاضبة لنلاحظ؛ قوله تعالى
(لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ) المراد عمل الأنبياء
الصالح ،وعملكم المخالف لكم ،وَتَرَكَ للطرف الموجه إليه القول
وهم اليهوديراجعون في داخلهم عمل أولئك الأنبياء الصالح
الذي يختلف عن باطالهم دون التصريح بذلك وهم يعرفونه أيضا
بضمائرهم
ويكابرون بأقوالهم وخاصة أن الآيات السابقة للآية (141) قد
أوضحت؛بطلان عملهم،وقوله تعالى،ولا تسألون عماكانوايعملون
أي صالحا مرضياوتعملون م باطلا فاسدا ولم يصرح بذلك
وترك لضمائرهم تقدير خطئهم ولم يتهمهم بالفساد قولا حتى
لا تأخذهم العزة بالإثم فيعاندوا علمابأن اليهوديتمنون أن يكون
مصيرهم كمصير الأنبياء المذكورين وهذ النهج في الحوار
معروف في أدب القرآن قال تعالى:
☘(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ
بَيْنَنَابِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)
نلاحظ ؛عدم الانتقاص في الحوار من الطرف الآخر،ويضعه أمام
المنطق ،والعقل وهما السبيل للإقناع ؛الذي لا يثبت أمامهما إلا
الحق،وليترك الباب أمامهم؛ للتراجع عن عصبيتهم ،وتعاليهم
وليسهل عليهم تغير موقفهم؛ دون حرج ،وينزع الشعور بالعداء
وقال بأدب جَمٍّ (عما أجرمنا) ( عما تعملون ) جاء بالكلمة الصعبة
لنفسه والكلمة الخالية من شعور الإنتقاص لخصمه؛ اللهم أدبنا
بأدب القرآن قمة التواضع والمنطق
⚘(سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ
عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ
مُّسۡتَقِيمٖ )(142)
تكلم الناس الجاهلون الفاسدون، والمقصود؛ هم بنوا اسرائيل
لأنهم أكثر من استغل موضوع تغيير القبلة؛ لمهاجمة المسلمين
،وتسفيه عقولهم لمَّاغيرواقبلتهم ،واتهموهم بأنهم مبتدعون
؛قبلة المسلمين كانت قبل الهجرة ؛المسجد الأقصى بعد الهجرة
باشهر قليلة؛ كان الرسول يصلي في المسجد الذي يسمى الآن
مسجدالقبلتين،واثناءالصلاة نزلت الآية؛بالتوجه إلى الكعبة قبلةً
للمسلمين؛ فأتم الرسول صلى الله عليه،وآله صلاته بالاتجاه إلى
الكعبة الشريفة ،وكان اليهود؛ يتفاخرون بأن دينهم صحيح ودين
الرسول صلى الله عليه، وآله خطأ ؛ قالوا لو كان صحيحا لمااتبع
قبلتهم ؛ ثم جاءوا باتهام آخر معتبرين التغيير دليلا على بطلان
اعتقاد المسلمين ،وذلك أنهم قالوا: إذا كانت القبلة الأولى
صحيحة؛ فلماذا غيروها؟ والله لا يختلف قوله ،ولا يختار
الإالصحيح فأنزل الله تعالى الرد على رسوله الكريم أن يبلغهم
أن الكون كله ،وكل جهاته لله تعالى؛ يختار ما يشاء لعباده ،ولا
معقب لقوله ،وعمله، وليس لأحد أن يعترض عليه،والله هو الذي
يعرف؛ مصالح عباده المؤمنين وصالحهم ويهديهم اليها
شرح وتفسير
حسن مصطفى بغدادي
⚘(تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ
عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ) (141)
يوجه الله تعالى الخطاب لبني اسرائيل؛ إنكم تزعمون أنكم
تنتسبون لإبراهيم،وإسماعيل،وإسحاق...عليهم السلام،وتزعمون
باطلا أن هؤلاء على ملتكم؛ هؤلاءالمطهرون كانوا على الطريق
القويم ،ومضوا إلى ربهم مرضين سعداء بإيمانهم ،وعملهم هؤلاء
جماعة ؛يلقَون ربهم بعملهم غير مسؤولين عنكم وقد ظهر هذا
المعنى بلطف استعمال اسم الإشارة في قوله تعالى"تلك" التي
تشير إلى علو وبعدمكانتهم ،ولا ينفعكم ادعاءكم الإنتساب
إليهم ،لأن كل إنسان مسؤول عن عمله ،ولا يسألكم الله عن
أعمالهم ،ولايسألهم الله عن عملكم لايحملون أوزراكم،والمراد أن
كل نفس مسؤولةعن نفسها قال تعالى:
☘( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَاسَعَىٰ ) ☘(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
رَهِينَةٌ) ،والجدير بالملاحظة أدب الحوار،ولطف الرد على الطرف
المجادل؛ الذي فقده كثير من المتحاورين في عصرنا الذين
يلجؤون ؛إلى تغيلظ القول ،والردود الغاضبة لنلاحظ؛ قوله تعالى
(لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ) المراد عمل الأنبياء
الصالح ،وعملكم المخالف لكم ،وَتَرَكَ للطرف الموجه إليه القول
وهم اليهوديراجعون في داخلهم عمل أولئك الأنبياء الصالح
الذي يختلف عن باطالهم دون التصريح بذلك وهم يعرفونه أيضا
بضمائرهم
ويكابرون بأقوالهم وخاصة أن الآيات السابقة للآية (141) قد
أوضحت؛بطلان عملهم،وقوله تعالى،ولا تسألون عماكانوايعملون
أي صالحا مرضياوتعملون م باطلا فاسدا ولم يصرح بذلك
وترك لضمائرهم تقدير خطئهم ولم يتهمهم بالفساد قولا حتى
لا تأخذهم العزة بالإثم فيعاندوا علمابأن اليهوديتمنون أن يكون
مصيرهم كمصير الأنبياء المذكورين وهذ النهج في الحوار
معروف في أدب القرآن قال تعالى:
☘(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ
بَيْنَنَابِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)
نلاحظ ؛عدم الانتقاص في الحوار من الطرف الآخر،ويضعه أمام
المنطق ،والعقل وهما السبيل للإقناع ؛الذي لا يثبت أمامهما إلا
الحق،وليترك الباب أمامهم؛ للتراجع عن عصبيتهم ،وتعاليهم
وليسهل عليهم تغير موقفهم؛ دون حرج ،وينزع الشعور بالعداء
وقال بأدب جَمٍّ (عما أجرمنا) ( عما تعملون ) جاء بالكلمة الصعبة
لنفسه والكلمة الخالية من شعور الإنتقاص لخصمه؛ اللهم أدبنا
بأدب القرآن قمة التواضع والمنطق
⚘(سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ
عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ
مُّسۡتَقِيمٖ )(142)
تكلم الناس الجاهلون الفاسدون، والمقصود؛ هم بنوا اسرائيل
لأنهم أكثر من استغل موضوع تغيير القبلة؛ لمهاجمة المسلمين
،وتسفيه عقولهم لمَّاغيرواقبلتهم ،واتهموهم بأنهم مبتدعون
؛قبلة المسلمين كانت قبل الهجرة ؛المسجد الأقصى بعد الهجرة
باشهر قليلة؛ كان الرسول يصلي في المسجد الذي يسمى الآن
مسجدالقبلتين،واثناءالصلاة نزلت الآية؛بالتوجه إلى الكعبة قبلةً
للمسلمين؛ فأتم الرسول صلى الله عليه،وآله صلاته بالاتجاه إلى
الكعبة الشريفة ،وكان اليهود؛ يتفاخرون بأن دينهم صحيح ودين
الرسول صلى الله عليه، وآله خطأ ؛ قالوا لو كان صحيحا لمااتبع
قبلتهم ؛ ثم جاءوا باتهام آخر معتبرين التغيير دليلا على بطلان
اعتقاد المسلمين ،وذلك أنهم قالوا: إذا كانت القبلة الأولى
صحيحة؛ فلماذا غيروها؟ والله لا يختلف قوله ،ولا يختار
الإالصحيح فأنزل الله تعالى الرد على رسوله الكريم أن يبلغهم
أن الكون كله ،وكل جهاته لله تعالى؛ يختار ما يشاء لعباده ،ولا
معقب لقوله ،وعمله، وليس لأحد أن يعترض عليه،والله هو الذي
يعرف؛ مصالح عباده المؤمنين وصالحهم ويهديهم اليها
شرح وتفسير
حسن مصطفى بغدادي
