لا تطلع على اكتاف غيرك 
قال تعالى { وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ }[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٨١]
الطلوع على اكتاف الغير هو سلوك يستخدمه فئة من الناس لكي ينالوا بعض المكاسب.
وهو سلوك يستخدمه هؤلاء في اماكن وظروف مُختلفة.
سنتكلم في هذا المقال عن هذا السلوك في مجال العمل.
في البداية نُذكر الجميع بأنك تستطيع التميز والإبداع والتطور وابراز نفسك بما تُقدم من مجهود وتعاون مع طاقم العمل الذي معك.
ولكن هُناك افراد لا يُريد هذا الطريق الواضح الذي ليس فيه ظُلم, بل يُريد ان يطلع على حساب غيره وذلك بأن يُسبب المضرة والضيق لهم.
كل فرد في العمل لديه امور موكلة له وضمن تخصصه ونطاق عمله يقوم بها, ويستطيع ان يتوسع في مجالات آخرى لكي ينال تميز وظُهور اكثر. وهذا امر حسن لمن يُريد القيام به بنفسه إذا وجد في نفسه المقدرة على ذلك. ولكن هذا امر يخصه فهو له ظروفه وقدرته الخاصة. ولكن ليس عليك ان تفرضه على غيرك وتُسبب لهم الضيق الحرج وحتى الظُلم لكي تُبرز نفسك على حسابهم وتضع على كاهلهم ماهو فوق طاقتهم. ففي العمل ليس الجميع لديهم نفس المستوى من العطاء والتقدير واوسمة التميز والتقييم, لذلك البعض يكتفي بما هو مطلوب منه ويجتهد في امور آخرى يستطيع القيام بها. فهو قد لا يُريد ان يضغط على نفسه وبعد ذلك يتحطم ﻷنه لم ينال التقدير, والبعض حاول واجتهد ولم ينال التقدير, والبعض هذه قُدرته في مجال تخصصه. فليس من المنطقي ان تطلب من شخص صاحب شهادة اقل بأن يقوم بعمل فرد صاحب شهادة اكبر, وفي النتيجة تنال انت كل الفضل ويُبخس ذاك الفرد حقه ﻷي سبب كان.
المُتسلقين على اكتاف الآخرين يقوم بإقتراحات على الإدارة بفرض امور ليست من اختصاص غيره لكي يتسلق على اكتافهم, 
ولا يكتفي بذلك بل يقوم بالوشاية عليهم ويذمهم على امور هم ليسوا مُقصرين فيها ويُريد ان يضع على كاهلهم امور ليست من اختصاصهم.
وإذا وجد مُبتغاه في طاقم اداري يرغب بذلك يكون سبب في الظلم للغيره, ﻷن غايته التميز على حساب غيره ويتسلق على اكتافهم.
وايضاً يهرب من مسؤولياته ليضعها على اكتاف غيره, ولكنه يقوم بذلك بطريقة خبيثة مثل الوشايا والذم والتنقيص من جهودهم وعدم احترام انجازاتهم وتصويرهم بأنهم افراد مُقصرين وغير مُجتهدين. الغاية لديه تُبرر الوسيلة, فهو يُريد ان يتميز ولكن بظُلم غيره والتسلق على اكتافهم. ونقول لهؤلاء اتقوا الله في انفسكم وعليكم ان تحسبوا كم ذنب تكسبون بسبب هذه الطريقة وكم ذنب سوف تحصدون إذا كونتم صورة سيئة عن الآخرين وتسببتم في ظُلمهم في مشوارهم الوظيفي وكم ضغط نفسي تُسببون لهم.
تميزوا وابرزوا انفسكم بالطريق الصحيح وقُوموا بواجبكم واجتهدوا ولكن لا تتسلقوا على حساب الآخرين. فحين تكونوا وهبتم انفسكم وحياتكم ووقت اسرتكم للعمل هذا الشأن يخصكم وانتم احرار فيه. ولكن الآخرين لهم قناعاتهم ومسؤولياتهم وامورهم الخاصة التي لا يستطيعون ان يُضحوا بها كم تُضحون, فكل شخص لديه قراره الخاص في طريقة حياته ومسيرته. ولا تنسون انكم تنالون مُميزات لا يحضى بها من هو اقل منكم الذين تطلبون منهم ان يقوم بواجباتكم واختصاصكم ويُشارككم فيها. وهذه هي طبيعة الحياة العملية بأن يعمل كل فرد في نطاق شهادته واختصاصه والدور المُناط له فالناس قُدرات. وكثير ممن سوف يقرأ هذه الكلمات من المُتسلقين سوف يقول انا لا اعمل بهذه الطريقة, ﻷن العزة بالإثم اعمت عينيه عن الحقيقة. لذلك لا تثق بنفسك وراجع سُلوكك وتصرفاتك في العمل لكي تعرف إن كُنت مُتسلق ام لا. وحاسب نفسك وتأمل في مُقدار الظُلم الذي تُسببه لغيرك بسبب تسلقك على اكتافهم, وحري بك ان تتراجع وتُصحح اخطائك قبل فوات الأوان. فأنت لا تُريد ان يكثر خُصومك يوم الحساب او يطول وُقوفك على الصراط بسبب مكاسب دنيويه زائلة.
قال تعالى (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)[سورة الزمر 17 - 18]
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد
