سعد الدليمي
Well-Known Member
قال الجاحظ :
دخلت يوما مدينة ، فوجدت فيها مُعلما جميل الهيئة أديب أريب ، فسلمت عليه فرد السلام ورحب بي فجلست عنده وسألته في القرآن والشعر والنحو فإذا هو كامل الآداب ، فانصرفت منه على أن أعود اليه لأستمتع بمجالسته .
وجئت يوما لزيارته ، فإذا مكانه مغلقا ، فسألت عنه فقيل لي : مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته يتلقى العزاء ؛ فذهبت اليه في بيته فإذا هو جالس مطأطيء الرأس فقلت له : عظّم الله أجرك ، لقد كان لكم في رسوال الله أسوة حسنة ، كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر .
ثم سألته : هل المتوفى ولدك ؟ قال لا ، أبوك قال لا ، أخوك قال لا ، زوجتك قال لا ؛ فقلت له : فمن هو ؟ قال حبيبتي ، فقلت لنفسي هذه أولى العجائب ؛ قلت له ، سبحان الله ، النساء كثير وستجد غيرها ؛ قال : أتظن بأنني رأيتها ؟ قلت في نفسي وهذه الثانية ؛ قلت : فكيف عشقتها وانت لم ترها ؟؟ فقال المعلم : كنت يوما أنظر من النافذة فرأيت رجلا يسير في الشارع ويقول :
يا أم عمرو جزاك الله مكرمةً ........... رُدي عليّ فؤادي أينما كانا
لولا أن أم عمرو هذه أحسن مافي الدنيا من النساء لما قيل فيها هذا الشعر ، فعشقتها وتعلّق قلبي بها !! فلمّا كان بعد يومين مرّ ذلك الرجل بعينه في نفس المكان وسمعته يقول :
لقد ذهب الحمار بأم عمرو ........ فلا رجعت ولا رجع الحمارُ
فعلمت أنها ماتت فحزنت عليها وأغلقت مكتبي وجلست في الدار أتقبل العزاء
فقال الجاحظ : ياهذا ، كنت قد ألّفت كتابا في نوادركم معشر المعلمين ، وبعد أن جالستك عزمت على تمزيقه وتقطيعه ، والآن قد قوّيت عزمي على إبقائه ، وأول ما ابدأ بك إن شاء الله !!
دخلت يوما مدينة ، فوجدت فيها مُعلما جميل الهيئة أديب أريب ، فسلمت عليه فرد السلام ورحب بي فجلست عنده وسألته في القرآن والشعر والنحو فإذا هو كامل الآداب ، فانصرفت منه على أن أعود اليه لأستمتع بمجالسته .
وجئت يوما لزيارته ، فإذا مكانه مغلقا ، فسألت عنه فقيل لي : مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته يتلقى العزاء ؛ فذهبت اليه في بيته فإذا هو جالس مطأطيء الرأس فقلت له : عظّم الله أجرك ، لقد كان لكم في رسوال الله أسوة حسنة ، كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر .
ثم سألته : هل المتوفى ولدك ؟ قال لا ، أبوك قال لا ، أخوك قال لا ، زوجتك قال لا ؛ فقلت له : فمن هو ؟ قال حبيبتي ، فقلت لنفسي هذه أولى العجائب ؛ قلت له ، سبحان الله ، النساء كثير وستجد غيرها ؛ قال : أتظن بأنني رأيتها ؟ قلت في نفسي وهذه الثانية ؛ قلت : فكيف عشقتها وانت لم ترها ؟؟ فقال المعلم : كنت يوما أنظر من النافذة فرأيت رجلا يسير في الشارع ويقول :
يا أم عمرو جزاك الله مكرمةً ........... رُدي عليّ فؤادي أينما كانا
لولا أن أم عمرو هذه أحسن مافي الدنيا من النساء لما قيل فيها هذا الشعر ، فعشقتها وتعلّق قلبي بها !! فلمّا كان بعد يومين مرّ ذلك الرجل بعينه في نفس المكان وسمعته يقول :
لقد ذهب الحمار بأم عمرو ........ فلا رجعت ولا رجع الحمارُ
فعلمت أنها ماتت فحزنت عليها وأغلقت مكتبي وجلست في الدار أتقبل العزاء
فقال الجاحظ : ياهذا ، كنت قد ألّفت كتابا في نوادركم معشر المعلمين ، وبعد أن جالستك عزمت على تمزيقه وتقطيعه ، والآن قد قوّيت عزمي على إبقائه ، وأول ما ابدأ بك إن شاء الله !!