-
,
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب الأرض والسماء ، والصلاة والسلام على سيد القراء وإمام الحنفاء
محمد بن عبدالله وبعد :
فكثيراً مانقرأ ونسمع عن الربط الكبير بين رمضان والقرآن ففي كتاب الله :
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)
وكان جبريل عليه السلام يدارس نبينا عليه الصلاة والسلام القرآن في رمضان .
وأقرب الناس فهماً للكتاب والسنة هم سلفنا الصالح ، ونتيجة لفهمهم هذا فقد كانوا
شديدي العناية بكتاب الله في رمضان قد صرفوا له جلّ وقتهم وساعات نهارهم
وليلهم تعظيماً للزمان ومبادرة لهذا الوقت الفاضل .
انظر إلى حال سيدهم صلى الله عليه وسلم مع القرآن الكريم في رمضان ،
فقد كان يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره ، وقد صلى معه
حذيفة ليلة في رمضان ، قال :
( فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل ،
,
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب الأرض والسماء ، والصلاة والسلام على سيد القراء وإمام الحنفاء
محمد بن عبدالله وبعد :
فكثيراً مانقرأ ونسمع عن الربط الكبير بين رمضان والقرآن ففي كتاب الله :
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)
وكان جبريل عليه السلام يدارس نبينا عليه الصلاة والسلام القرآن في رمضان .
وأقرب الناس فهماً للكتاب والسنة هم سلفنا الصالح ، ونتيجة لفهمهم هذا فقد كانوا
شديدي العناية بكتاب الله في رمضان قد صرفوا له جلّ وقتهم وساعات نهارهم
وليلهم تعظيماً للزمان ومبادرة لهذا الوقت الفاضل .
انظر إلى حال سيدهم صلى الله عليه وسلم مع القرآن الكريم في رمضان ،
فقد كان يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره ، وقد صلى معه
حذيفة ليلة في رمضان ، قال :
( فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل ،
فما صلى الركعتين حتى جاءه بلال فآذنه بالصلاة ) أخرجه أحمد .
أمّا حال السلف مع القرآن في رمضان فعجب عُجاب ، وإليك طرفاً يسيراً من
هديهم معه :
كان سفيان الثوري : إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .
وكان الأسود بن يزيد : يختم في كل ليلتين في رمضان .
وكان قتادة : يختم في كل سبع دائما، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر
الأواخر كل ليلة .
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وعن أبي
حنيفة نحوه .
وكان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة ، ويقوم
بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.
وكان أبو العباس بن عطاء : له في كل يوم ختمة ، وفي شهر رمضان كل
يوم وليلة ثلاث ختمات.
وكان الحافظ بن عساكر: يختم كل جمعة ، ويختم في رمضان كل يوم ،
وكان كثير النوافل والأذكار، ويحاسب نفسه على كل لحظة تذهب في غير طاعة .
وأخبارهم في هذا كثيرة جداً .
والمقصود - هنا - بيان حالهم واهتمامهم في القرآن في رمضان واجتهادهم في كثرة
التلاوة وهذا كما لا يخفى لا يتأتّى إلا بتفريغ الوقت للقرآن وصرف الهمّة له .
قال الإمام ابن رجب رحمه الله بعد ذكر بعض هذه الآثار :
( وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ،
فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة
القدر أوفي الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار
فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان ؛ وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما
من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره ) وقد تلقّت الأمّة قوله بالقبول .
* أقول :
إنّ كثيراً منّا ربما قد يُعارض مثل هذه الأمور زعماً أنّ هذا فيه تعطيل للأعمال
وتركاً للواجبات ، فيقال له :
لا شك أنّ أداء الواحبات أولى من النوافل ، ولكن هل يأتي في بال أحدنا أنّ
أبا حنيفة والشافعي وسفيان والبخاري وغيرهم قد أهملوا ما أوجب الله عليهم ،
لا أظنّ أنّ أحداً يتصور هذا وهم أعظم منّا تقوى وفقهاً ، ولكنّه قد تهيأ لهم من
البركة في عمرهم ماوفقهم لهذا الخير .
لقد علموا أنّ الزمان فاضلٌ والوقت ليس ثَمُ إلا وقت القرآن ، والزمان ليس
ثَمُ إلا زمان القرآن .
القرآن فيه البركة وفيه النور وفيه الخيرات المتتابعة التي لا انتهاء لها
- هذا في الجملة - أمّا في رمضان فيعظم الأمر وتزداد العناية ويعظم الإهتمام .
إنّ كثيراً منّا يعتذر لنفسه بأعذار واهية واستنكارات لهذا الحال وهذه الطريقة
ولو نظرت له في حقيقة الأمر لوجدتَه مضيّعاً لأمر دنياه وليس لدينه فقط ،
فليس هو الذي اغتنم وقته لدنياه وليس هو الذي اجتهد في طاعة مولاه .
بل أموره إن سلمت - من الحرام - فهي في الحلال الذي فوّت به هذا الخير .
لنكن صادقين مع أنفسنا ياإخوة ، أين نمضي أوقاتنا في رمضان ؟
الكثير منّا وقته دائر بين جواله وجلساته وسهراته مع أصحابه ومشاهداته
التي - إن سلمت من الحرام - فهو قد فوّتت عليه كثيراً من الخير .
* وهنا ألفت الإنتباه لعمل بعض الإخوة الأخيار الذين قد انشغلوا في أمور الدعوة
ونشر الخير ممّن يعملون في الجهات الخيرية أوالقنوات الفضائية النافعة ممّن
يقدمون النافع المفيد لعامّة المسلمين وممن يجهدون ويبذلون في رتق الرقع وسدد
الخلل وإصلاح الوضع العام واشغال المسلمين بما ينفعهم ، فلا شك أنّ هؤلاء
على خير وعلى ثغر عظيم ، وتبقى الوصية لهم أن لا يُهملوا أنفسهم بل يوازنوا
بين نفع النّاس والعناية بصلاح قلوبهم ، وأن يفرّغوا كثيراً من الوقت لأنفسهم
خصوصاً في العشر الأواخر من رمضان ، وجلّ حديثي هنا لمن هو فارغ
ومضيّع لوقته وزمانه الفاضل .
* إنّ توجهك ياعبدالله للقرآن وصرف جلّ وقتك له في رمضان سيُحدث أثراً
هائلاً في قلبك من صلاحه وطهارته ونقائه ، وسيكون له الأثر البيّن عليك في
مستقبل الأيام .
وأوصي نفسي وإياك إن فرطت في أول الشهر فلا تضيّع آخره فهي أياماً معدوات ،
اجعلها خالصة لوجهه الكريم .
تذكّر رفعة القرآن لصاحبه في الدارين ، تذكّر بشارة النبي صلى الله عليه وسلم
لقارئ القرآن بقوله :
" اقرأ وارتق كما كنت تُرّتل في الدنيا "
تذكّر وصيته عليه الصلاة والسلام :
" اقرأوا القرآن فإنّه يأتي بوم القيامة شفيعاً لأصحابه "
ختاماً /
ابدأ بداية جادة بطريقة تصاعديه بأجزاء قليلة ثم زد كل يوم ، وكن جاداً قوياً
جلَداً مع نفسك ، اصبر وصابر ورابط واتق الله فما فاز مَن فاز إلا من جاهد
نفسه وألزمه الخير إلزاماً .
تعامل مع أجهزة التواصل بحزم ، وخفّف من لقاءاتك إلا ما لابد منه ، واستعن
بربك ومولاك ، وكرر المحاولات ولا تيأس لآخر يوم من أيام رمضان .
وفقني الله وإياك لهداه ، وجعلنا من أهل القرآن " الذين هم أهلُ الله وخاصته
" وصلى الله على نبينا وسيد القراء محمد عليه الصلاة والسلام .
~