عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,741
- مستوى التفاعل
- 2,816
- النقاط
- 113

لُغة الحَنان...هَل نُتقنها
كل اللغات تترجم بالقلم ، إلا لغة الرفق والحنان
فلا يترجمها سوى القلب , فلست أظن أن هناك قلبا
يخلو من صفة الحنان مهما بلغت قسوته ,
إلا أن يكون قلبا اسود خبيثا .
نعم قد تتفاوت درجات الحنان داخل القلوب ,
فمنها المقل ومنها المكثر، بل إن بعض الناس لديها
الكثير من الحنان لكنهم لا يحسنون التعبير عنه
بأي شكل من الأشكال .
فالحنان هو العملة التى لا يتداولها الناس ,
لكنهم جميعا في احتياج إليها , لذلك فإنها تعد
من أغلى و أسمى العملات ...
عملة نفتقدها في زمننا الحالي .
إنه هو اليد التى تربت على أكتافنا في منتصف الطريق , وهو الكلمة الرقيقة التي تداوى جروح قلوبنا في
اوقات الانكسار , نجده في من يكفكف دمعاتنا
عندما يغيب الجميع و لا يبقى
سوى أهل الحنان المقربين .
لذا نجد الأسرة التى يغيب عنها الحنان قد غاب عنها
كل شيء , بل لا ابالغ إذا قلت قد غابت عنها
المشاعر الانسانية .
فيا ليت كل زوجين يتحلوا بهذه الصفة ,
فالحنان بين الزوجين من أهم العوامل التي توحد
بين قلبي الزوجين فتظل على حالة من التواصل المستمر .
وارقى صور تقديم الحنان لتصبح الاسرة هي الحضن الدافئ لكل أفرادها و الملجأ الأمين لهم هي الأسس
التي أقامها ديننا الاسلامي العظيم ووضحها في
العلاقة التي يجب أن تكون بين الزوجين كما في
قوله تعالى
( ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة و رحمة إن في
ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الروم 21
فحنان الزوج على زوجته هو البوابة الأولى للدخول
إلى قلبها , يظهر باهتمامه بها في صحتها وفي مرضها , في شبابها و كبرها ، في صوابها وفي خطئها ..
ورغم أن الزوج قد يقوم بكل حقوقه الزوجية من النفقة
و تأمين السكن , لكن ببعض السلوكيات السيئة
البعيدة عن الحنان يترك بيتهما الحب والمودة و تمتد
كل آثار ذلك علي جميع الأسرة ، ذلك عندما
يغيب الزوج عن زوجته في الحوار أو التفقد أو
المبادلة الرقيقة أو كلمات التقدير والرحمة ،
فبالتدريج يفتقدا المودة و السكن النفسي ..
وقد يظهر حنان الزوجة علي زوجها عندما تقدر جهده الذي يبذله من أجلهم ، مخففة عنه تعبه بالكلمة الطيبة
و الابتسامة الصادقة .
ويظهر عندما تأخذ بيده في الأزمات و المحن
ووقت الضيق , محافظة على نفسه وعرضه وماله
وقت الرخاء و السعة ، وعندما تبعد عن كل ما يضايقه
و تجتهد في البحث عن راحته .
وعندما يكون الأبوان هكذا , فهم أهم العوامل المؤثرة على أبنائهم ، إذ هم عالمهم المحيط بهم المؤثر
عليهم بشكل مباشر .
وعندما تجف المشاعر بين الزوجين تنعكس على الأبناء , رغم انهم يحبون أولادهم جدا لكنهم لا يستطيعون
التعبير عن هذا الحب , مما يشعر الأبناء بفقدان الأمان .
فالأبناء يحتاجون لتيار عاطفي دافئ و جو أسرى ينعم بالألفة و المودة و المحبة و الحنان , ولن يتحقق هذا
إلا بتبادل الاحترام بين الأفراد مع حرص الأبوين
على التواجد النفسي والواقعي بشكل كبير مع الأبناء .
و الحنان يظهر هنا في استخدام الرفق و اللين في
التعامل معهم مع الحزم عند الضرورة فقط ,
وليعلم الأبوان أن الحزم المتكرر المتقارب لن يغير
السلوك التربوي عند الأبناء , بل يزرع فجوة بينهم , فسلوك الابن لا يتغير بشكل متعجل ,
بل يلزمه الوقت مع الاستمرار ليؤتي ثماره .
و قد يبطن الأبوان الحنان داخلهم لدى الأبناء
و يظهروه في صوره عكسية , ويظنون أن عزاءهم
في ذلك كون هدفهم هو إصلاحهم .
و قد تدمر هذه الأساليب المستخدمة لإصلاحهم
ثقتهم بأنفسهم كمقارنتهم مع إخوانهم و أصحابهم
أو النقد و التوبيخ أو التهديد المستمر أو التخويف
أو الصراخ , كل هذه السلوكيات تصدر من الأبوين
ليست بفرض القسوة و لكن حبا و خوفا عليهم ,
لكن كل أساليب الضغط هذه لا تولد إلا جفاء و
كرها و بعدا بين الآباء و الأبناء .
أما إذا كانت بينهم لغة حوار هادئة رقيقة حانية ,
فسيشعر الابن بمحبة والديه و حنانهم , و ستزيد
طمأنينة و ستهدأ نفسه , سيستقر سلوكه و سيعتدل
بمجرد أن لغة الحنان قد ترجمت بأسلوب طيب .
وكما يحتاج الأبناء الحنان من الآباء أيضا لا يقل
الآباء احتياجا للحنان من ناحية الأبناء خاصة في
كبرهم لقوله تعالى :
(إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما... )
والحنان لا يقتصر بين الآباء و الأبناء , و لكن يكون
بين الأبناء بعضهم البعض فالكبير يعطف
و يقدم الحنان لإخوته الصغار , و الصغير يرد
الحنان له بالاحترام و الشكر .
فبالكلمة الطيبة و الابتسامة الرقيقة و احتواء كل
منهما الآخر و الإيثار فيما بينهم و التخلق بالحلم
و الصبر و عدم تصلب كل منهما لرأيه و مبادرة
التسامح و العفو و الصفح , و مشاركة الأفراد بعضهم
في الأفراح و الأحزان , كل هذه الأمور قد تبنى
جسورا من الحنان يسيرون عليها تصل بهم إلى
بر الأمان
..