تأثير الهدية على تربية الطفل؟ وما ضرر كثرتها نفسيا وتربويا؟
تعدّ الهدايا من أكثر الأمور المرغوبة التي يحبها الأطفال، ومن خلالها يعبّر الأفراد عن حبهم للأطفال وتعلقهم بهم، فهي تشعر الطفل بسعادة كبيرة وتقوي الرابط العاطفي بينه وبين ذويه، لذلك لا بد من اختيار الهدية المناسبة له بناء على عدة معايير لتحقيق الفائدة والمتعة والهدف منها.
ومن ناحية أخرى، يساهم الأهل في إفساد الأطفال من خلال الدلع الزائد بشراء الكثير من الهدايا، وهو ما قد ينعكس سلبا على بناء شخصياتهم وإكسابهم بعض الصفات غير المرغوبة. لذلك هنالك أوقات مثالية لتقديم الهدايا حتى تبقى الهدية مصدر سعادة بالنسبة للطفل.
end of list
إصلاح ما أفسدته الهدايا
الأم الشابة سيلفانا حبيب تغدق على ابنها (5 أعوام) الكثير من الألعاب، وتحاول أن تُفهمه أنها تحبه كثيرا وأنها تعوضه نقص حنان الأب كونه يتيما، لكن هذا انعكس سلبًا على شخصية ابنها الوحيد، ولم يعد لديه الحماس والسعادة لدى تلقيه الهدايا كغيره من الأطفال، ولا يستجيب بطريقة صحيحة عندما يحصل على الهدايا.هذا الأمر جعل الأم تلجأ لمعالجة نفسية شرحت لها أن أسلوبها كان خاطئا، وأن إفراطها الزائد في إغداق الطفل بالهدايا أفسده نوعا ما، فنصحتها باللجوء للتعبير عن الحب بأسلوب آخر، فالتعويض لا يكون دائما ماديا بل بالحنان أو بحضن، وذكرتها بأن الهدايا وُجدت للتشجيع ولتعزيز السلوك، وهي لا تعوض بتاتا عن حنان الأب أو الأم.
وتقول حبيب إنها أخطأت باستمالة الطفل من خلال إغراقه بالهدايا، مما شكل لديه شخصية جشعة مستغلة، وأصبح من الصعب التعامل معه وتلبية كل طلباته خاصة أنه فقد الإحساس بالإعجاب وأصبحت كل الألعاب دون قيمة بالنسبة إليه.
وأضافت أنها تعالج حاليا سلوك ابنها الذي فيه الكثير من الأنانية والطمع، وتحاول إصلاح ما أفسدته بدلالها الزائد، كما تحاول منحه لحظات سعيدة من العاطفة والحب والحنان، التي تعد قيمتها أكبر بكثير من الأشياء المادية.

هدايا تنمي مهارات الطفل
أما جوزفين كيوان فلا تختار هدية لأولادها الثلاثة إلا في المناسبات وبتأن تام، وتبحث عن هدايا تنمي مهارات الطفل الحسية والحركية وتغذي مواهبهم وتؤثر إيجابيا في بناء شخصياتهم. وهي مقتنعة بأن الدلال الزائد له أثر سلبي على الطفل، إذ لا تصبح للأشياء قيمة عنده، لذلك اعتمدت أسلوبا مغايرا مع أولادها مع المعايير الصحيحة والمنطقية دون الوقوع في الأخطاء الفادحة التي تتكرر لدى الكثيرين.وهكذا تبقى الأمور بالنسبة لها تحت السيطرة وضمن نظام محدد، والطفل يكون سعيدا ومكتفيا وراضيا، خاصة أنها تمنحهم فرصة الفرح بالإنجازات التي يتم تحقيقها من خلال نجاحات المدرسة أو النوادي التي يمارس فيها أطفالها هواياتهم، وهذه الهدايا تجعلهم بنفسية أفضل ويأتون سلوكا سليما.
كما أنها تشعر دائما بهذا الرابط العاطفي القوي بينها وبينهم، لذلك فهي ترى أن اختيار الهدايا لهم يؤثر إيجابيا على العلاقة فيما بينهم.
كما أنها تشعر دائما بهذا الرابط العاطفي القوي بينها وبينهم، لذلك فهي ترى أن اختيار الهدايا لهم يؤثر إيجابيا على العلاقة فيما بينهم.

الأثر النفسي والعاطفي للهدية
وأوضحت الأخصائية النفسية والأسرية كاريس طبجي أن للهدية أثرها كوسيلة عاطفية ونفسية وتربوية في النقاط التالية:تغرس صفة الكرم لدى الطفل: وهذه صفة إيجابية، وهي من الصفات المهمة التي من واجب الأهل تربية الطفل عليها، لأنها تتمثل في محبة الناس والنجاح في تكوين العلاقات الاجتماعية.
تعلمه اللطف في التعامل مع الناس: فمن خلال الهدايا يكون الطفل أكثر لطفا مع أصدقائه بشكل خاص ومع الناس بشكل عام.
تشعره بالسعادة: الأطفال كائنات لطيفة وبعيدة عن عقد الحياة ومن أقل حقوقهم الإحساس بالبهجة والسعادة، والهدايا تشعرهم بالفرح والسرور. فالهدية التي تقدم للطفل تشعره بأن له قيمة ومكانة عند عائلته، والجميع يحب أن يرى سعيدا ويُقدم له ما يسعده، مما يدعم ثقته في نفسه وقوة شخصيته أمام العائلة.
الهدية تشعره بأهمية المناسبة: التي قدمت له فيها هذه الهدايا، فتعزز ارتباطه بالمناسبة التي تلقى فيها الهدية.
الهدية تعلم الصغار بعض المهارات المفيدة: مثلا إذا كانت الهدية تعليمية أو تربوية.
الهدية تعليمية أو تربوية.

هل كثرة الهدايا تفسد الطفل؟
بحسب طبجي، يبدو أنه لا ضرر في تقديم الهدايا بكثرة للطفل في حال القدرة على ذلك، لكنها تؤكد أن لذلك آثارا سلبية عديدة على شخصية الطفل وصحة نموه وتوازنه النفسي. فالاعتدال مطلوب، وثمة معايير معينة في الإهداء للطفل يجب الاستناد إليها.وتبين طبجي أنه قد يبدو بسيطا للأهل أن يلبوا رغبة طفلهم بهدية في أي وقت من الأوقات، فلا يبدو لهم أن ثمة مشكلة في ذلك. إلا أن المبالغة في تقديم الهدايا للطفل دون الاستناد إلى معايير منطقية ومسؤولة، لها نتائج سلبية على شخصية الطفل وتوازنه النفسي، لافتة إلى أنه "لا بد من التأكيد على أن الهدايا لا تقدم في أي وقت من الأوقات بل في المناسبات فقط. وحتى في المناسبات ثمة كمية معينة من الهدايا يجب عدم تخطيها. فتقديم العديد من الهدايا للطفل يفقد الهدية قيمتها".
وتوضح طبجي أنه تتعدد الأسباب التي تدفع الأهل للإفراط في تقديم الهدايا للطفل، فمنهم من يحاول التعويض عن غيابه المتكرر عن أطفالهم، كما قد تفعل الأم العاملة مثلا أحيانا نتيجة شعورها بالذنب، ومنهم من قد يفعل ذلك تعبيرا عن عاطفته وحبه لأطفاله أو لمجرد عدم القدرة على مقاومة رغبات الطفل وطلباته.
|