- إنضم
- 31 يناير 2017
- المشاركات
- 2,301,127
- مستوى التفاعل
- 48,311
- النقاط
- 117
ما مَوْقِعُ الإشارَةِ من اللّغةِ ؟ و هَلْ نشأتِ اللّغةُ في كَنَفِ الإشاراتِ؟ هَلْ نَشَأتِ اللّغةُ من مُكوِّنٍ إشارِيّ ؟ وهلْ يصحُّ أن نُقرّرَ أنّه: في البَدْءِ كانَتِ الإشارَة؟
ذَهَبَ بَعْضُ الباحِثينَ الغَرْبِيّينَ (1) إلى نَظَرِيّةٍ في نَشأةِ اللّغَةِ البَشَرِيّةِ مفادُها أنّ اللُّغةَ نَشأتْ مِنْ مُكَوِّنٍ إشارِيّ وَحيدٍ هُو الذي سادَ عَمَلِيّاتِ الاتِّصالِ بَيْنَ الأفْرادِ، وتَطَوَّرَتْ مِنْ مَرْحَلَةٍ إيمائيّةٍ وإشاراتِ باليَدِ والوَجْه، ثُمّ أخذَ هذا النِّظامُ الإشارِيّ يَتَطَوَّرُ اتِّساعاً وعُمْقاً وتَعَقُّداً، تَبَعاً لتطَوُّرِ الأفْرادِ والمُجْتَمَعاتِ وظُهورِ الصِّناعاتِ وتَعَقُّدِ مَرافِقِ الحَياةِ، وهكذا تَطَوَّرَ التَّواصُلُ الإشارِيُّ إلى نَوْعٍ مِن اللُّغةِ الأوّلِيّةِ لِتتحَوَّلَ بَعْدَ ذلِك إلى لُغةٍ نَحْوِيّةٍ مُزوّدَةٍ بِجِهازٍ صَوْتِيّ، يَنْمو ويَتَطَوَّرُ بِاطِّرادٍ، حَتّى وَصَلَ الكَلامُ إلى الصّيغةِ الحديثَةِ ذاتِ الأداءِ الصّوتِيّ الخالِصِ، ومَعَ ذلِك لَمْ تتمكّن اللّغةُ من التّخلُّصِ من النّظامِ الإشارِيّ، ولم يتمكّنِ الإنسانُ من التّخلّصِ من ماضيه الإشاريّ، بَل ظلّتِ الإشاراتُ مُصاحبةً للأصواتِ، تَدْعمُها وتُكمِّلُ وَظيفَتَها، فكانَ من المُناسبِ أن تظهَرَ بعضُ النّظريّاتِ في الموضوعِ كالنظريّة الإشاريّةِ لفيلسوف القرن الثّامن عَشَر "كونديلاك" .
ولكن برزت اليومَ مُسوّغاتٌ جديدةٌ لتنميةِ البحثِ في النّظريّاتِ الإشاريّة، أهمُّها مُرافقَةُ الإشاراتِ للكلامِ مرافقَةً مستدامةً غيرَ منقطعةٍ؛ فاللّغةُ تنقُلُ الخبرَةَ بينَ النّاسِ إعْلاماً وتعلُّماً وتعليماً، والإشاراتُ تكمِّلُ النّقلَ وتعضدُه. ومن النّظريّاتِ اللسانيّةِ ما ذهبَ إلى أنّ الإشاراتِ صنفٌ من أصنافِ التّواصُل (2) ؛ لأنّ التّواصُلَ من حيثُ طبيعةُ أداتِه ثلاثةُ أصنافٍ كُبْرى:
- تواصُل لُغويّ ، بالكلماتِ والجُملِ والعباراتِ ...
- وتواصُل غير لغويّ ، بالإشاراتِ والرّموزِ والصّور ...
- وتَواصُل مركَّب يُزاوِجُ بَيْنَ أدواتٍ تواصليّةٍ متعدّدةٍ لُغويّةٍ وغيرِ لغويّة...
ومن الباحثينَ مَن قرنَ بينَ التّواصُلِ وبينَ المَعْنى فجعَلَ التّواصُلَ غيرَ اللّغويّ منتسباً إلى المعنى المَقاميّ، وجعلَ التّواصلَ اللّغويَّ مُنتسِباً إلى المَعْنى المَقاليّ ؛ وتَفْصيلُ ذلكَ أنّ المَعْنى إنّما هو مُتَعيِّنٌ من الدّلالاتِ اللّغويّة البنيويّة فَقَط، أي من المُتَحَصِّلِ من جسمِ اللّغة، وما يُقدّمُه جسمُ اللّغة إنّما هو المعنى البنيويّ المَقالِيّ، ولا بدّ بعدَ ذلكَ من محيط خارجيّ يشتملُ على المَعْنى اللّغويّ ويؤثّرُ فيه، وهو سياقُ الحالِ والأنظارُ الخارِجيّةُ والقَرائنُ، وغيرُ ذلِكَ ممّا بؤثّر في تشكيلِ المَعنى، فالمَعْنى العامّ يأتلفُ منْ رافديْنِ أو مَجْريينِ: المَعْنى المَقاليّ (3) أو المَجْرى الصّائتُ، والمَعْنى المَقاميّ أو المَجْرى الصّامتُ، وممّا ينتسبُ إلى المَعْنى المَقاميّ التّواصُلُ غيرُ اللّغويّ عامّةَ، ويدخُلُ فيه الإشاراتُ ولغةُ الجَسَدِ التي تُعدّ رافداً معنويّا أميناَ ذا وظائفَ متبايِنَةٍ؛ فقد تُغني الإشاراتُ والحَرَكاتُ وتَعابيرُ الوجهِ،عن الكَلامِ جملةًَ
ذَهَبَ بَعْضُ الباحِثينَ الغَرْبِيّينَ (1) إلى نَظَرِيّةٍ في نَشأةِ اللّغَةِ البَشَرِيّةِ مفادُها أنّ اللُّغةَ نَشأتْ مِنْ مُكَوِّنٍ إشارِيّ وَحيدٍ هُو الذي سادَ عَمَلِيّاتِ الاتِّصالِ بَيْنَ الأفْرادِ، وتَطَوَّرَتْ مِنْ مَرْحَلَةٍ إيمائيّةٍ وإشاراتِ باليَدِ والوَجْه، ثُمّ أخذَ هذا النِّظامُ الإشارِيّ يَتَطَوَّرُ اتِّساعاً وعُمْقاً وتَعَقُّداً، تَبَعاً لتطَوُّرِ الأفْرادِ والمُجْتَمَعاتِ وظُهورِ الصِّناعاتِ وتَعَقُّدِ مَرافِقِ الحَياةِ، وهكذا تَطَوَّرَ التَّواصُلُ الإشارِيُّ إلى نَوْعٍ مِن اللُّغةِ الأوّلِيّةِ لِتتحَوَّلَ بَعْدَ ذلِك إلى لُغةٍ نَحْوِيّةٍ مُزوّدَةٍ بِجِهازٍ صَوْتِيّ، يَنْمو ويَتَطَوَّرُ بِاطِّرادٍ، حَتّى وَصَلَ الكَلامُ إلى الصّيغةِ الحديثَةِ ذاتِ الأداءِ الصّوتِيّ الخالِصِ، ومَعَ ذلِك لَمْ تتمكّن اللّغةُ من التّخلُّصِ من النّظامِ الإشارِيّ، ولم يتمكّنِ الإنسانُ من التّخلّصِ من ماضيه الإشاريّ، بَل ظلّتِ الإشاراتُ مُصاحبةً للأصواتِ، تَدْعمُها وتُكمِّلُ وَظيفَتَها، فكانَ من المُناسبِ أن تظهَرَ بعضُ النّظريّاتِ في الموضوعِ كالنظريّة الإشاريّةِ لفيلسوف القرن الثّامن عَشَر "كونديلاك" .
ولكن برزت اليومَ مُسوّغاتٌ جديدةٌ لتنميةِ البحثِ في النّظريّاتِ الإشاريّة، أهمُّها مُرافقَةُ الإشاراتِ للكلامِ مرافقَةً مستدامةً غيرَ منقطعةٍ؛ فاللّغةُ تنقُلُ الخبرَةَ بينَ النّاسِ إعْلاماً وتعلُّماً وتعليماً، والإشاراتُ تكمِّلُ النّقلَ وتعضدُه. ومن النّظريّاتِ اللسانيّةِ ما ذهبَ إلى أنّ الإشاراتِ صنفٌ من أصنافِ التّواصُل (2) ؛ لأنّ التّواصُلَ من حيثُ طبيعةُ أداتِه ثلاثةُ أصنافٍ كُبْرى:
- تواصُل لُغويّ ، بالكلماتِ والجُملِ والعباراتِ ...
- وتواصُل غير لغويّ ، بالإشاراتِ والرّموزِ والصّور ...
- وتَواصُل مركَّب يُزاوِجُ بَيْنَ أدواتٍ تواصليّةٍ متعدّدةٍ لُغويّةٍ وغيرِ لغويّة...
ومن الباحثينَ مَن قرنَ بينَ التّواصُلِ وبينَ المَعْنى فجعَلَ التّواصُلَ غيرَ اللّغويّ منتسباً إلى المعنى المَقاميّ، وجعلَ التّواصلَ اللّغويَّ مُنتسِباً إلى المَعْنى المَقاليّ ؛ وتَفْصيلُ ذلكَ أنّ المَعْنى إنّما هو مُتَعيِّنٌ من الدّلالاتِ اللّغويّة البنيويّة فَقَط، أي من المُتَحَصِّلِ من جسمِ اللّغة، وما يُقدّمُه جسمُ اللّغة إنّما هو المعنى البنيويّ المَقالِيّ، ولا بدّ بعدَ ذلكَ من محيط خارجيّ يشتملُ على المَعْنى اللّغويّ ويؤثّرُ فيه، وهو سياقُ الحالِ والأنظارُ الخارِجيّةُ والقَرائنُ، وغيرُ ذلِكَ ممّا بؤثّر في تشكيلِ المَعنى، فالمَعْنى العامّ يأتلفُ منْ رافديْنِ أو مَجْريينِ: المَعْنى المَقاليّ (3) أو المَجْرى الصّائتُ، والمَعْنى المَقاميّ أو المَجْرى الصّامتُ، وممّا ينتسبُ إلى المَعْنى المَقاميّ التّواصُلُ غيرُ اللّغويّ عامّةَ، ويدخُلُ فيه الإشاراتُ ولغةُ الجَسَدِ التي تُعدّ رافداً معنويّا أميناَ ذا وظائفَ متبايِنَةٍ؛ فقد تُغني الإشاراتُ والحَرَكاتُ وتَعابيرُ الوجهِ،عن الكَلامِ جملةًَ