ابو مناف البصري
المالكي
ما هو حقيقة دفن السيدة زينب عليها السلام في مصر؟
الجواب : المرقد الزّينبيُّ الموجودُ في مصر ، ليسَ للسّيّدةِ زينبَ الكُبرى ولا الصّغرى ، ولا تتعلّقُ بأيّ بنتٍ صُلبيّةٍ لأميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) ، كما نصّ عليهِ كبارُ المُؤرّخينَ الذينَ أرّخوا لخُططِ مصرَ وتاريخها .
وذهبَ بعضُ المُعاصرينَ منَ الشّيعةِ أنّها مدفونةٌ بمصرَ ، تعويلاً على الكتابِ الذي نشرَه الباحثُ حسن محمّد قاسِم المصري (ت1947م) بعنوانِ : أخبارِ الزّينبات ، وإدّعى أنّه للعبيدلي النّسّابةِ (ت 277 هج) ، ولكنَّ المُشكلةَ أنّهُ لم يذكُر مكانَ حفظِ المخطوطةِ ، ولم ينشُر شيئاً مُصوّراً عنها ، وقامَ السّيّدُ المرعشيّ بتجديدِ طباعتِه مِن بابِ حسنِ الظّنِّ بالرّجل .
ولكنَّ جُملةً منَ المُحقّقينَ يتّهمونَ حسن قاسم المصري ، بتزويرِ وإختلاقِ هذا الكتابِ الذي ليسَ لمخطوطتِه عينٌ ولا أثرٌ في الدّنيا !
وأفضلُ مَن حقّقَ في هذا الأمر هوَ المُحقّقُ الشيخُ محمّد حسنين السّابقي ، فإنّهُ ذكرَ جملةً منَ الأمورِ ، نُشيرُ إلى بعضِها :
الأوّلُ : عدمُ ذكرِ المؤرّخينَ المصريّينَ حادثةَ دخولِ العقيلةِ زينبَ إلى مصر :
إنّ المؤرّخينَ المصريّينَ – وهُم بالعشراتِ - الذين إهتمّوا بتاريخِ مصرَ وخُططِها وحوادثِها ، لم يشيروا إلى حادثةِ دخولِ السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ ، ولا إلى دفنِها هناكَ ! ( مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص36 وما بعد ) .
الثاني : تصريحُ كبار المُؤرّخينَ المصريّينَ بعدمِ دخولِ بنتٍ صلبيّةٍ لأميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ .
قالَ الحافظ أبو طاهرٍ السّلفي (ت576هج) : لم يمُت لهُ (أي لعليٍّ عليهِ السّلام) ولدٌ لصُلبِه في مصر.
وقالَ المُؤرّخُ إبنُ زولاق (ت387هج) : إنّ أوّلَ مَن دخلَ مصرَ مِن ولدِ عليٍّ سكينةُ بنتُ عليٍّ بنِ الحُسين . (الكواكبُ السّيّارةُ لإبنِ الزّيّاتِ ص30 ، تحفةُ الأحبابِ للسّخّاوي ص94 ، مُرشدُ الزّوّارِ إلى قبورِ الأبرارِ لموفّقِ الدّينِ بنِ عُثمان ص154) .
وقالَ محمّدٌ بنُ يعقوبَ الكندي (ت354هج) : حوادثُ سنةِ 145 : ثمَّ وليَها يزيدُ بنُ حاتمٍ المهلبي ... وفي ولايتِه ظهرَت دعوةُ بني حسنٍ بمصرَ وتكلّمَ بها النّاسُ ، وبايعَ كثيرٌ منهُم لعليٍّ بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسنٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسن ، وهوَ أوّلُ علويٍّ قدمَ مصراً . (ولاةُ مصرَ للكندي ص111) .
وقالَ المقريزيُّ (ت845هج) وإبنُ دقماق (ت809هج) : إنّ أوّلَ علويٍّ قدمَ مصراً محمّدٌ بنُ عليٍّ بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسنٍ بنِ حسنٍ بنِ عليّ بن أبي طالب (ع) ، دخلَها في إمارةِ يزيدٍ بنِ حاتمٍ المهلبي بمصر سنةَ 145 هج . (الخُططُ المقريزيّةُ : 3 / 193 ، الإنتصارُ لواسطةِ عقدِ الأمصارِ لابنِ دقماق : 4 / 65) .
وفي لفظٍ آخرَ للسّخّاويّ : فإنَّ المنقولَ عنِ السّلفِ أنّهُ لم يمُت أحدٌ مِن أولادِ الإمامِ عليٍّ لصُلبِه بمصرَ . (تحفةُ الأحبابِ للسّخّاويّ ص373) .
وقالَ المُؤرّخُ إبنُ الزّيّاتِ الأنصاري (ت814هج) : ولم أرَ أحداً مِن أربابِ التّاريخِ صحّحَ مشهداً بغيرِ القرافةِ مِن مشاهدِ أولادِ عليٍّ بنِ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه إلّا المشهدَ النّفيسيَّ لأنّها أقامَت بهِ في أيّامِ حياتِها وحفرَت قبرَها بيدِها رضيَ اللهُ عنها . (الكواكبُ السّيّارةُ لابنِ الزّيّات ص30) .
نقولُ : فهَل منَ المعقولِ أن تدخلَ السّيّدةُ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ وتقيمَ هناكَ زهاءَ السّنةِ ، ثمَّ تُقبرُ في تربةِ مصرَ على مرأى ومسمعِ أهلِ مصر ولا يعرفُها أحدٌ ولا يزورُ قبرَها ، بل حتّى الإمامُ الشّافعيّ لا يعرفُها ولا يزورُ قبرَها ! معَ أنّهُ تواترَ زيارتُه لقبرِ السّيّدةِ نفيسة ، فكيفَ يهتمُّ بزيارةِ قبرِ نفيسةَ ، ولا يزورُ قبرَ بنتِ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) لصُلبِه ؟! ( مرقدُ العقيلةِ زينب ص38 وما بعد ).
إنّ الرّحّالةَ المُسلمونَ المُتجوّلونَ في أقطارِ البلادِ الإسلاميّةِ في القرونِ المُتقدّمةِ ضبطوا ما شاهدوا منَ الآثارِ النّفيسةِ منَ الجوامعِ والمشاهدِ والمساجدِ والمدارسِ ، ولا نجدُ أحداً منهُم عندَ دخولِه مصرَ يذكرُ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) ، فهذا يكشفُ أنّه في تلكَ العصورِ المُتقدّمةِ لم يكُن لمشهدِها عينٌ ولا أثرٌ في مصرَ ، وإنّما إخترعَ في القرونِ المُتأخّرةِ ، فهذا السّائحُ الهرويّ الطّائرُ الصّيتِ مؤلّفُ كتابِ الإشاراتِ (ت611هج) ذكرَ بعضَ مشاهدِ العلويّينَ هناكَ أمثالَ السّيّدةِ نفيسة ومشهدِ السّيّدةِ فاطمة بنتِ محمّدٍ بنِ إسماعيل بنِ الإمامِ الصّادقِ (ع) ، ومشهدِ السّيّدةِ آمنة بنتِ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ الحُسين (ع)، ومشهدِ السّيّدةِ رُقيّةَ بنتِ عليٍّ (ع) – وسيأتي الكلامُ عنها فانتظِر -
ولا نجدُه يذكرُ قبراً منسوباً إلى العقيلةِ زينبَ (ع) .
وكذلكَ إبنُ الرّحّالةِ إبنُ جبيرٍ المعروفِ (ت614هج) فإنّه ذكرَ هذهِ المشاهدَ للعلويّاتِ : مشهدُ أمِّ كلثوم بنتِ قاسم ، ومشهدُ زينبَ بنتِ يحيى المتوّجِ ، ومشهدُ أمِّ كلثوم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفرٍ ، ومشهدُ أمِّ عبدِ اللهِ ، ومشهدِ مريمَ بنتِ عليّ .
ولا نراهُ يذكرُ مشهداً منسوباً للعقيلةِ زينب !!
وكذلكَ الرّحّالةُ إبنُ بطوطة (ت777هج) فإنّه ذكرَ مشهدَ السّيّدةِ نفيسة ، ومشهدَ رأسِ الحُسينِ (ع) ، ولا نراهُ يذكرُ مشهدَ السّيّدةِ زينبَ بنتِ عليٍّ (ع) !!
وكذلكَ المؤرّخُ الجغرافيُّ ياقوتُ الحمويّ (624هج) فإنّهُ ذكرَ مشهدَ آمنةَ ، ومشهدَ رقيّةَ ، ومشهدَ السّيّدةِ نفيسة ، ومشهدَ فاطمةَ بنتِ محمّدٍ بنِ إسماعيلَ بنِ الإمامِ الصّادقِ (ع) ، ومشهدَ أمِّ عبدِ اللهِ ، ومشهدَ أمِّ كلثوم بنتِ القاسم .
ولم يذكُر مشهدَ العقيلةِ زينبَ في مصر !!
وهكذا إبنُ شاهينَ المصري (ت873هج) فإنّهُ ذكرَ العديدَ مِن مشاهدِ العلويّاتِ ، ولم يذكُر مشهدَ العقيلةِ زينبَ (ع) في مصر !!
وجميعُ الرّحّالةِ الذينَ أرّخوا لتلكَ القرونِ لم يُشيروا لا مِن قريبٍ ولا مِن بعيدٍ إلى وجودِ مشهدٍ منسوبٍ إلى السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) (مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص40 وما بعد)
1- المؤرّخُ المقريزيّ (ت845هج) فإنّه ذكرَ المشاهدَ المُتبرّكةَ عندَ أهلِ مصرَ المقصودةِ للزّيارةِ وعدّ منها مشهدَ زينِ العابدينَ ، يعني مشهدَ رأسِ زيدٍ بنِ عليٍّ المدفونِ بمصرَ ، ومشهدَ أمِّ كلثوم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفرٍ الصّادقِ (ع) ، ومشهدَ السّيّدةِ نفيسةَ ، وقالَ في محلٍّ آخر : بخارجِ بابِ النّصرِ في أوائلِ المقابرِ قبرُ زينبَ بنتِ أحمدَ بنِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ بنِ الحنفيّةِ ، يُزارُ ويُسمّيهِ العامّةُ مشهدَ السّيّدةِ زينب ! (الخُططُ المقريزيّةُ : 2 / 289 – 290 و : 3 / 334 – 353) .
وهذا التّصريحُ منَ المُؤرّخِ المقريزيّ كشفَ القناعَ عنِ الوهمِ الذي حصلَ عندَ العامّةِ ، فاحفظهُ جيّداً فإنّهُ مُهم.
2- المؤرّخُ إبنُ الزّيّاتِ الأنصاريّ (ت814هج) فإنّهُ ذكرَ المقابرَ المصريّةَ المقصودةَ بالزّيارةِ في كتابِه الحافلِ الكواكبُ السّيّارةُ في ترتيبِ الزّيارةِ ، وذكرَ جميعَ المُسمّياتِ بزينبَ المدفوناتِ بمصرَ معَ تراجمهنَّ ، ولم يذكُر العقيلةَ زينب (ع) .
3- المؤرّخُ إبنُ النّاسخِ المصريّ (ت حدودَ 800 هج) فإنّهُ ذكرَ في كتابِه مصباحُ الدّياجي وغوثُ الرّاجي أنّ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بقناطرِ السّباعِ مِن قبورِ الرّؤيا التي لا تستندُ إلى سندٍ تاريخيّ! فاحفَظ هذا فإنّهُ مُهم .
ولم يذكُر أنّ السّيّدةَ زينبَ هذهِ بنتُ مَن ؟
4- المؤرّخُ والحافظُ شمسُ الدّينِ السّخّاويّ المصريّ (ت902هج) فإنّه ألّفَ كتاباً مُفرداً في ترجمةِ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) ، ولم يذكُر فيهِ أنّها دُفنَت في مصرَ ، مع طولِ باعِه في تاريخِ بلادِه مصر .
5- المؤرّخُ إبنُ ظهيرةَ المصريّ (ت891هج) ألّفَ كتابَ الفضائلِ الباهرةِ في محاسنِ مصرَ والقاهرة ، وذكرَ فيهِ مِن محاسنِ أهلِ مصرَ إختصاصَهم بضريحِ السّيّدةِ نفيسةَ بنتِ زيدٍ بنِ الحسنِ الأنورِ المتوفّاةِ سنةَ 208 هج .
فلو كانَت العقيلةُ زينب (ع) دُفنَت بمصرَ لذكرَها بطريقِ أولى فإنّها أعلى وأسمى وأشرفُ رتبةٍ منَ السّيّدةِ نفيسة.
6- المؤرّخُ نورُ الدّينِ السّخّاويّ المصريّ (ق9) ألّفَ تحفةَ الأحبابِ ، في تحقيقِ المزاراتِ المصريّةِ ، وذكرَ الزّينباتِ : زينبَ بنتِ يحيى بنِ الحسنِ الأنورِ ، وزينبَ بنتِ هاشمٍ ، وزينبَ بنتِ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ عبدِ الله ، وزينبَ بنتِ حسنٍ بنِ إبراهيمَ ، وذكرَ مزاراتِ قناطرِ السّباعِ ، ولم يذكُر مزارَ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى بنتِ الإمامِ عليّ (ع) !
7- الحافظُ السّيوطيّ (ت911هج) فإنّه ألّفَ العديدَ منَ الكُتبِ في هذا المجالِ ، ولم يذكُر فيها مشهدَ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى في مصرَ ، فإنّهُ ألّفَ حُسنُ المُحاضرةِ في تاريخِ مصرَ والقاهرة ، ذكرَ قبرَ السّيّدةِ نفيسة معَ ترجمتِها ، وألّفَ رسالةً في تراجمِ الصّحابةِ والصّحابيّاتِ الذين دخلوا مصرَ بعنوانِ : درُّ السّحابةِ فيمَن دخلَ مصرَ منَ الصّحابةِ ، ترجمَ لسبعِ صحابيّاتٍ دخلنَ مصرَ ، وليسَ فيها ذكرٌ للعقيلةِ زينبَ (ع) ، مع أنّها صحابيّةٌ بالإتّفاق .
8- المؤرّخُ إبنُ تغري بردي (ت704هج) لهُ موسوعةُ النّجومِ الزّاهرةِ في أخبارِ مصرَ والقاهرة ، ذكرَ فيهِ دخولَ السّيّدةِ نفيسة إلى مصرَ ووفاتِها ومدفنِها فيه ، ولم يُشِر إلى دخولِ العقيلةِ زينبَ إلى مصرَ ودفنِها هناك !
9- إبنُ دقماقَ المصري (ت792هج) فإنّهُ ألّفَ في أخبارِ مصرَ وخططِها وخلفائِها كتابَ : الإنتصار لواسطةِ عقدِ الأمصارِ ، ذكرَ فيهِ قبرَ السّيّدةِ زينبَ ، وكلثم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفر ، وزينبُ هذهِ هي بنتُ المتوّج .
وقالَ في موضوعٍ آخر : إنّ أوّلَ علويٍّ قدمَ مصرَ هوَ عليٌّ بنُ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ المُثنّى ، دخلَها سنةَ 145 هج ، وليسَ لدخولِ العقيلةِ زينبَ في مصرَ عينٌ ولا أثر .
10- المؤرّخُ إبنُ ميسر المصريّ (ت677هج) لهُ في تاريخِ مصرَ كتابٌ حافلٌ ذيّلَه لتاريخِ عزِّ الملكِ المُسجّى ، ذكرَ فيهِ حوادثَ مصرَ بالتّفصيلِ ، وليسَ فيه ذكرٌ لقبرِ العقيلةِ ورحلتِها إلى مصر .
هؤلاءِ أشهرُ مؤرّخي مصرَ الكبارِ الذينَ أرّخوا لمصرَ ، خلَت كتبُهم عَن ذكرِ قبرِ ورحلةِ العقيلةِ زينبَ (ع) إلى مصرَ . (مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص43 وما بعد) .
الخامسُ : الشّيعةُ وإحياءُ المُناسباتِ عندَ قبورِ آلِ البيت :
ذكرَ المؤرّخونَ أنّ شيعةَ مصر في زمنِ الدّولةِ الفاطميّةِ كانوا يحيونَ مراسمَ عاشوراء في مصرَ عندَ مشهدِ كلثم (أمّ كلثوم) بنتِ محمّدٍ بنِ الإمامِ جعفرٍ الصّادقِ (ع) ، ومشهدِ السّيّدةِ نفيسة .
فلو كانَ للعقيلةِ زينب قبرٌ في مصرَ ، لكانَ الأولى بهِم أن يُحيوا مراسمَ عاشوراء بالنّياحةِ والبكاءِ على الإمامِ الحُسينِ (ع) ، في مشهدِها ، وبالأخصِّ أنّها جزءٌ مِن مصائبِ كربلاءَ عندَهم بإعتبارِها سيّدةَ قافلةِ سبايا آلِ محمّدٍ ، مُضافاً إلى العلاقةِ الشّديدةِ للشّيعةِ بالسّيدةِ زينبَ الكُبرى . (مرقدُ العقيلةِ زينب ص44 و 52 وما بعد) .
وهذا المقامُ المنسوبُ للسّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) في مصرَ هوَ مِن مشاهدِ الرّؤيا ، يعني : منَ المشاهدِ التي تعرّفوا عليها مِن طريقِ المناماتِ ، كما صرّحَ بهِ إبنُ النّاسخِ في مصباحِ الدّياجى حيثُ ذكرَ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بقناطرِ السّباعِ وقبرَ السّيّدةِ زينبَ ببابِ النّصرِ على أنّهما مِن قبورِ الرّؤيا . (التّذكرةُ التيميوريّةُ ص202 رقم 323) .
ولعلّ أوّلَ مَن نسبَ هذا القبرَ الذي في قناطرِ السّباعِ ، إلى سيّدتِنا زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) هوَ الشّيخُ الصّوفيُّ عليّ الخوّاص أستاذُ الشّعراني حيثُ قالَ : وقد أخبرنِي سيّدي عليّ الخواص : أنّ السّيّدةَ زينبَ المدفونةَ بقناطرِ السّباعِ إبنةُ الإمامِ عليّ رضيَ اللهُ عنهُ وكرّمَ اللهُ وجهَه ، في هذا المكانِ بلا شكٍّ . (المننُ الكُبرى للشّعراني ص418 ط. دارُ الكتبِ العلميّة) .
وغيرُها منَ الملاحظاتِ الكثيرةِ التي نطوي عنها خوفاً منَ الإطالةِ .
هذا بعضُ ما يرتبطُ بقبرِ العقيلةِ زينبَ ، وقد ثبتَ أنّها لم تُدفن في مصر .
السّابعُ : يميلُ جملةٌ منَ المُحقّقينَ إلى أنّ هذا القبرَ المنسوبَ لزينبَ بنتِ عليٍّ (ع) في مصرَ ، هو لزينبَ بنتِ يحيى المتوّجِ بنِ الحسنِ الأنورِ بنِ زيدٍ بنِ الإمامِ الحسنِ المُجتبى عليهِ السّلام . ولأهلِ مصرَ إعتقادٌ كاملٌ بهذهِ السّيّدةِ الجليلةِ ، وكانَ الظّافرُ الفاطميّ يأتي إلى زيارتِها ماشياً ، وهيَ إبنةُ أخِ السّيّدةِ نفيسة المدفونةِ بمصرَ أيضاً . (مرقدُ العقيلةِ زينب ص68 و 73 ) .
وقد تقدّمَ أنَّ المقريزيَّ يعتقدُ أنّها زينبُ بنتُ أحمدَ بنِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ بنِ الحنفيّ
الجواب : المرقد الزّينبيُّ الموجودُ في مصر ، ليسَ للسّيّدةِ زينبَ الكُبرى ولا الصّغرى ، ولا تتعلّقُ بأيّ بنتٍ صُلبيّةٍ لأميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) ، كما نصّ عليهِ كبارُ المُؤرّخينَ الذينَ أرّخوا لخُططِ مصرَ وتاريخها .
وذهبَ بعضُ المُعاصرينَ منَ الشّيعةِ أنّها مدفونةٌ بمصرَ ، تعويلاً على الكتابِ الذي نشرَه الباحثُ حسن محمّد قاسِم المصري (ت1947م) بعنوانِ : أخبارِ الزّينبات ، وإدّعى أنّه للعبيدلي النّسّابةِ (ت 277 هج) ، ولكنَّ المُشكلةَ أنّهُ لم يذكُر مكانَ حفظِ المخطوطةِ ، ولم ينشُر شيئاً مُصوّراً عنها ، وقامَ السّيّدُ المرعشيّ بتجديدِ طباعتِه مِن بابِ حسنِ الظّنِّ بالرّجل .
ولكنَّ جُملةً منَ المُحقّقينَ يتّهمونَ حسن قاسم المصري ، بتزويرِ وإختلاقِ هذا الكتابِ الذي ليسَ لمخطوطتِه عينٌ ولا أثرٌ في الدّنيا !
وأفضلُ مَن حقّقَ في هذا الأمر هوَ المُحقّقُ الشيخُ محمّد حسنين السّابقي ، فإنّهُ ذكرَ جملةً منَ الأمورِ ، نُشيرُ إلى بعضِها :
الأوّلُ : عدمُ ذكرِ المؤرّخينَ المصريّينَ حادثةَ دخولِ العقيلةِ زينبَ إلى مصر :
إنّ المؤرّخينَ المصريّينَ – وهُم بالعشراتِ - الذين إهتمّوا بتاريخِ مصرَ وخُططِها وحوادثِها ، لم يشيروا إلى حادثةِ دخولِ السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ ، ولا إلى دفنِها هناكَ ! ( مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص36 وما بعد ) .
الثاني : تصريحُ كبار المُؤرّخينَ المصريّينَ بعدمِ دخولِ بنتٍ صلبيّةٍ لأميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ .
قالَ الحافظ أبو طاهرٍ السّلفي (ت576هج) : لم يمُت لهُ (أي لعليٍّ عليهِ السّلام) ولدٌ لصُلبِه في مصر.
وقالَ المُؤرّخُ إبنُ زولاق (ت387هج) : إنّ أوّلَ مَن دخلَ مصرَ مِن ولدِ عليٍّ سكينةُ بنتُ عليٍّ بنِ الحُسين . (الكواكبُ السّيّارةُ لإبنِ الزّيّاتِ ص30 ، تحفةُ الأحبابِ للسّخّاوي ص94 ، مُرشدُ الزّوّارِ إلى قبورِ الأبرارِ لموفّقِ الدّينِ بنِ عُثمان ص154) .
وقالَ محمّدٌ بنُ يعقوبَ الكندي (ت354هج) : حوادثُ سنةِ 145 : ثمَّ وليَها يزيدُ بنُ حاتمٍ المهلبي ... وفي ولايتِه ظهرَت دعوةُ بني حسنٍ بمصرَ وتكلّمَ بها النّاسُ ، وبايعَ كثيرٌ منهُم لعليٍّ بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسنٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسن ، وهوَ أوّلُ علويٍّ قدمَ مصراً . (ولاةُ مصرَ للكندي ص111) .
وقالَ المقريزيُّ (ت845هج) وإبنُ دقماق (ت809هج) : إنّ أوّلَ علويٍّ قدمَ مصراً محمّدٌ بنُ عليٍّ بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسنٍ بنِ حسنٍ بنِ عليّ بن أبي طالب (ع) ، دخلَها في إمارةِ يزيدٍ بنِ حاتمٍ المهلبي بمصر سنةَ 145 هج . (الخُططُ المقريزيّةُ : 3 / 193 ، الإنتصارُ لواسطةِ عقدِ الأمصارِ لابنِ دقماق : 4 / 65) .
وفي لفظٍ آخرَ للسّخّاويّ : فإنَّ المنقولَ عنِ السّلفِ أنّهُ لم يمُت أحدٌ مِن أولادِ الإمامِ عليٍّ لصُلبِه بمصرَ . (تحفةُ الأحبابِ للسّخّاويّ ص373) .
وقالَ المُؤرّخُ إبنُ الزّيّاتِ الأنصاري (ت814هج) : ولم أرَ أحداً مِن أربابِ التّاريخِ صحّحَ مشهداً بغيرِ القرافةِ مِن مشاهدِ أولادِ عليٍّ بنِ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه إلّا المشهدَ النّفيسيَّ لأنّها أقامَت بهِ في أيّامِ حياتِها وحفرَت قبرَها بيدِها رضيَ اللهُ عنها . (الكواكبُ السّيّارةُ لابنِ الزّيّات ص30) .
نقولُ : فهَل منَ المعقولِ أن تدخلَ السّيّدةُ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) إلى مصرَ وتقيمَ هناكَ زهاءَ السّنةِ ، ثمَّ تُقبرُ في تربةِ مصرَ على مرأى ومسمعِ أهلِ مصر ولا يعرفُها أحدٌ ولا يزورُ قبرَها ، بل حتّى الإمامُ الشّافعيّ لا يعرفُها ولا يزورُ قبرَها ! معَ أنّهُ تواترَ زيارتُه لقبرِ السّيّدةِ نفيسة ، فكيفَ يهتمُّ بزيارةِ قبرِ نفيسةَ ، ولا يزورُ قبرَ بنتِ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) لصُلبِه ؟! ( مرقدُ العقيلةِ زينب ص38 وما بعد ).
إنّ الرّحّالةَ المُسلمونَ المُتجوّلونَ في أقطارِ البلادِ الإسلاميّةِ في القرونِ المُتقدّمةِ ضبطوا ما شاهدوا منَ الآثارِ النّفيسةِ منَ الجوامعِ والمشاهدِ والمساجدِ والمدارسِ ، ولا نجدُ أحداً منهُم عندَ دخولِه مصرَ يذكرُ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) ، فهذا يكشفُ أنّه في تلكَ العصورِ المُتقدّمةِ لم يكُن لمشهدِها عينٌ ولا أثرٌ في مصرَ ، وإنّما إخترعَ في القرونِ المُتأخّرةِ ، فهذا السّائحُ الهرويّ الطّائرُ الصّيتِ مؤلّفُ كتابِ الإشاراتِ (ت611هج) ذكرَ بعضَ مشاهدِ العلويّينَ هناكَ أمثالَ السّيّدةِ نفيسة ومشهدِ السّيّدةِ فاطمة بنتِ محمّدٍ بنِ إسماعيل بنِ الإمامِ الصّادقِ (ع) ، ومشهدِ السّيّدةِ آمنة بنتِ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ الحُسين (ع)، ومشهدِ السّيّدةِ رُقيّةَ بنتِ عليٍّ (ع) – وسيأتي الكلامُ عنها فانتظِر -
ولا نجدُه يذكرُ قبراً منسوباً إلى العقيلةِ زينبَ (ع) .
وكذلكَ إبنُ الرّحّالةِ إبنُ جبيرٍ المعروفِ (ت614هج) فإنّه ذكرَ هذهِ المشاهدَ للعلويّاتِ : مشهدُ أمِّ كلثوم بنتِ قاسم ، ومشهدُ زينبَ بنتِ يحيى المتوّجِ ، ومشهدُ أمِّ كلثوم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفرٍ ، ومشهدُ أمِّ عبدِ اللهِ ، ومشهدِ مريمَ بنتِ عليّ .
ولا نراهُ يذكرُ مشهداً منسوباً للعقيلةِ زينب !!
وكذلكَ الرّحّالةُ إبنُ بطوطة (ت777هج) فإنّه ذكرَ مشهدَ السّيّدةِ نفيسة ، ومشهدَ رأسِ الحُسينِ (ع) ، ولا نراهُ يذكرُ مشهدَ السّيّدةِ زينبَ بنتِ عليٍّ (ع) !!
وكذلكَ المؤرّخُ الجغرافيُّ ياقوتُ الحمويّ (624هج) فإنّهُ ذكرَ مشهدَ آمنةَ ، ومشهدَ رقيّةَ ، ومشهدَ السّيّدةِ نفيسة ، ومشهدَ فاطمةَ بنتِ محمّدٍ بنِ إسماعيلَ بنِ الإمامِ الصّادقِ (ع) ، ومشهدَ أمِّ عبدِ اللهِ ، ومشهدَ أمِّ كلثوم بنتِ القاسم .
ولم يذكُر مشهدَ العقيلةِ زينبَ في مصر !!
وهكذا إبنُ شاهينَ المصري (ت873هج) فإنّهُ ذكرَ العديدَ مِن مشاهدِ العلويّاتِ ، ولم يذكُر مشهدَ العقيلةِ زينبَ (ع) في مصر !!
وجميعُ الرّحّالةِ الذينَ أرّخوا لتلكَ القرونِ لم يُشيروا لا مِن قريبٍ ولا مِن بعيدٍ إلى وجودِ مشهدٍ منسوبٍ إلى السّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) (مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص40 وما بعد)
1- المؤرّخُ المقريزيّ (ت845هج) فإنّه ذكرَ المشاهدَ المُتبرّكةَ عندَ أهلِ مصرَ المقصودةِ للزّيارةِ وعدّ منها مشهدَ زينِ العابدينَ ، يعني مشهدَ رأسِ زيدٍ بنِ عليٍّ المدفونِ بمصرَ ، ومشهدَ أمِّ كلثوم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفرٍ الصّادقِ (ع) ، ومشهدَ السّيّدةِ نفيسةَ ، وقالَ في محلٍّ آخر : بخارجِ بابِ النّصرِ في أوائلِ المقابرِ قبرُ زينبَ بنتِ أحمدَ بنِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ بنِ الحنفيّةِ ، يُزارُ ويُسمّيهِ العامّةُ مشهدَ السّيّدةِ زينب ! (الخُططُ المقريزيّةُ : 2 / 289 – 290 و : 3 / 334 – 353) .
وهذا التّصريحُ منَ المُؤرّخِ المقريزيّ كشفَ القناعَ عنِ الوهمِ الذي حصلَ عندَ العامّةِ ، فاحفظهُ جيّداً فإنّهُ مُهم.
2- المؤرّخُ إبنُ الزّيّاتِ الأنصاريّ (ت814هج) فإنّهُ ذكرَ المقابرَ المصريّةَ المقصودةَ بالزّيارةِ في كتابِه الحافلِ الكواكبُ السّيّارةُ في ترتيبِ الزّيارةِ ، وذكرَ جميعَ المُسمّياتِ بزينبَ المدفوناتِ بمصرَ معَ تراجمهنَّ ، ولم يذكُر العقيلةَ زينب (ع) .
3- المؤرّخُ إبنُ النّاسخِ المصريّ (ت حدودَ 800 هج) فإنّهُ ذكرَ في كتابِه مصباحُ الدّياجي وغوثُ الرّاجي أنّ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بقناطرِ السّباعِ مِن قبورِ الرّؤيا التي لا تستندُ إلى سندٍ تاريخيّ! فاحفَظ هذا فإنّهُ مُهم .
ولم يذكُر أنّ السّيّدةَ زينبَ هذهِ بنتُ مَن ؟
4- المؤرّخُ والحافظُ شمسُ الدّينِ السّخّاويّ المصريّ (ت902هج) فإنّه ألّفَ كتاباً مُفرداً في ترجمةِ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) ، ولم يذكُر فيهِ أنّها دُفنَت في مصرَ ، مع طولِ باعِه في تاريخِ بلادِه مصر .
5- المؤرّخُ إبنُ ظهيرةَ المصريّ (ت891هج) ألّفَ كتابَ الفضائلِ الباهرةِ في محاسنِ مصرَ والقاهرة ، وذكرَ فيهِ مِن محاسنِ أهلِ مصرَ إختصاصَهم بضريحِ السّيّدةِ نفيسةَ بنتِ زيدٍ بنِ الحسنِ الأنورِ المتوفّاةِ سنةَ 208 هج .
فلو كانَت العقيلةُ زينب (ع) دُفنَت بمصرَ لذكرَها بطريقِ أولى فإنّها أعلى وأسمى وأشرفُ رتبةٍ منَ السّيّدةِ نفيسة.
6- المؤرّخُ نورُ الدّينِ السّخّاويّ المصريّ (ق9) ألّفَ تحفةَ الأحبابِ ، في تحقيقِ المزاراتِ المصريّةِ ، وذكرَ الزّينباتِ : زينبَ بنتِ يحيى بنِ الحسنِ الأنورِ ، وزينبَ بنتِ هاشمٍ ، وزينبَ بنتِ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ عبدِ الله ، وزينبَ بنتِ حسنٍ بنِ إبراهيمَ ، وذكرَ مزاراتِ قناطرِ السّباعِ ، ولم يذكُر مزارَ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى بنتِ الإمامِ عليّ (ع) !
7- الحافظُ السّيوطيّ (ت911هج) فإنّه ألّفَ العديدَ منَ الكُتبِ في هذا المجالِ ، ولم يذكُر فيها مشهدَ السّيّدةِ زينبَ الكُبرى في مصرَ ، فإنّهُ ألّفَ حُسنُ المُحاضرةِ في تاريخِ مصرَ والقاهرة ، ذكرَ قبرَ السّيّدةِ نفيسة معَ ترجمتِها ، وألّفَ رسالةً في تراجمِ الصّحابةِ والصّحابيّاتِ الذين دخلوا مصرَ بعنوانِ : درُّ السّحابةِ فيمَن دخلَ مصرَ منَ الصّحابةِ ، ترجمَ لسبعِ صحابيّاتٍ دخلنَ مصرَ ، وليسَ فيها ذكرٌ للعقيلةِ زينبَ (ع) ، مع أنّها صحابيّةٌ بالإتّفاق .
8- المؤرّخُ إبنُ تغري بردي (ت704هج) لهُ موسوعةُ النّجومِ الزّاهرةِ في أخبارِ مصرَ والقاهرة ، ذكرَ فيهِ دخولَ السّيّدةِ نفيسة إلى مصرَ ووفاتِها ومدفنِها فيه ، ولم يُشِر إلى دخولِ العقيلةِ زينبَ إلى مصرَ ودفنِها هناك !
9- إبنُ دقماقَ المصري (ت792هج) فإنّهُ ألّفَ في أخبارِ مصرَ وخططِها وخلفائِها كتابَ : الإنتصار لواسطةِ عقدِ الأمصارِ ، ذكرَ فيهِ قبرَ السّيّدةِ زينبَ ، وكلثم بنتِ محمّدٍ بنِ جعفر ، وزينبُ هذهِ هي بنتُ المتوّج .
وقالَ في موضوعٍ آخر : إنّ أوّلَ علويٍّ قدمَ مصرَ هوَ عليٌّ بنُ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ المُثنّى ، دخلَها سنةَ 145 هج ، وليسَ لدخولِ العقيلةِ زينبَ في مصرَ عينٌ ولا أثر .
10- المؤرّخُ إبنُ ميسر المصريّ (ت677هج) لهُ في تاريخِ مصرَ كتابٌ حافلٌ ذيّلَه لتاريخِ عزِّ الملكِ المُسجّى ، ذكرَ فيهِ حوادثَ مصرَ بالتّفصيلِ ، وليسَ فيه ذكرٌ لقبرِ العقيلةِ ورحلتِها إلى مصر .
هؤلاءِ أشهرُ مؤرّخي مصرَ الكبارِ الذينَ أرّخوا لمصرَ ، خلَت كتبُهم عَن ذكرِ قبرِ ورحلةِ العقيلةِ زينبَ (ع) إلى مصرَ . (مرقدُ العقيلةِ زينبَ ص43 وما بعد) .
الخامسُ : الشّيعةُ وإحياءُ المُناسباتِ عندَ قبورِ آلِ البيت :
ذكرَ المؤرّخونَ أنّ شيعةَ مصر في زمنِ الدّولةِ الفاطميّةِ كانوا يحيونَ مراسمَ عاشوراء في مصرَ عندَ مشهدِ كلثم (أمّ كلثوم) بنتِ محمّدٍ بنِ الإمامِ جعفرٍ الصّادقِ (ع) ، ومشهدِ السّيّدةِ نفيسة .
فلو كانَ للعقيلةِ زينب قبرٌ في مصرَ ، لكانَ الأولى بهِم أن يُحيوا مراسمَ عاشوراء بالنّياحةِ والبكاءِ على الإمامِ الحُسينِ (ع) ، في مشهدِها ، وبالأخصِّ أنّها جزءٌ مِن مصائبِ كربلاءَ عندَهم بإعتبارِها سيّدةَ قافلةِ سبايا آلِ محمّدٍ ، مُضافاً إلى العلاقةِ الشّديدةِ للشّيعةِ بالسّيدةِ زينبَ الكُبرى . (مرقدُ العقيلةِ زينب ص44 و 52 وما بعد) .
وهذا المقامُ المنسوبُ للسّيّدةِ زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) في مصرَ هوَ مِن مشاهدِ الرّؤيا ، يعني : منَ المشاهدِ التي تعرّفوا عليها مِن طريقِ المناماتِ ، كما صرّحَ بهِ إبنُ النّاسخِ في مصباحِ الدّياجى حيثُ ذكرَ قبرَ السّيّدةِ زينبَ بقناطرِ السّباعِ وقبرَ السّيّدةِ زينبَ ببابِ النّصرِ على أنّهما مِن قبورِ الرّؤيا . (التّذكرةُ التيميوريّةُ ص202 رقم 323) .
ولعلّ أوّلَ مَن نسبَ هذا القبرَ الذي في قناطرِ السّباعِ ، إلى سيّدتِنا زينبَ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) هوَ الشّيخُ الصّوفيُّ عليّ الخوّاص أستاذُ الشّعراني حيثُ قالَ : وقد أخبرنِي سيّدي عليّ الخواص : أنّ السّيّدةَ زينبَ المدفونةَ بقناطرِ السّباعِ إبنةُ الإمامِ عليّ رضيَ اللهُ عنهُ وكرّمَ اللهُ وجهَه ، في هذا المكانِ بلا شكٍّ . (المننُ الكُبرى للشّعراني ص418 ط. دارُ الكتبِ العلميّة) .
وغيرُها منَ الملاحظاتِ الكثيرةِ التي نطوي عنها خوفاً منَ الإطالةِ .
هذا بعضُ ما يرتبطُ بقبرِ العقيلةِ زينبَ ، وقد ثبتَ أنّها لم تُدفن في مصر .
السّابعُ : يميلُ جملةٌ منَ المُحقّقينَ إلى أنّ هذا القبرَ المنسوبَ لزينبَ بنتِ عليٍّ (ع) في مصرَ ، هو لزينبَ بنتِ يحيى المتوّجِ بنِ الحسنِ الأنورِ بنِ زيدٍ بنِ الإمامِ الحسنِ المُجتبى عليهِ السّلام . ولأهلِ مصرَ إعتقادٌ كاملٌ بهذهِ السّيّدةِ الجليلةِ ، وكانَ الظّافرُ الفاطميّ يأتي إلى زيارتِها ماشياً ، وهيَ إبنةُ أخِ السّيّدةِ نفيسة المدفونةِ بمصرَ أيضاً . (مرقدُ العقيلةِ زينب ص68 و 73 ) .
وقد تقدّمَ أنَّ المقريزيَّ يعتقدُ أنّها زينبُ بنتُ أحمدَ بنِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ بنِ الحنفيّ