ابو مناف البصري
المالكي
[ متى دُفِنَ شهداء الطف ؟؟ ]
🖋 إختلف المؤرخون في يوم دَفْنِ الإمام الحسين ( عليه السلام ) وبقية الشهداء من أهل بيته وصحبه وأنصاره على أقوال ، أهمها قولان :
الأول :
إنَّ دفْنَهم كان في اليوم الحادي عشر من محرم .
جاء في تاريخ الطبري :
" ودَفنَ الحسين وأصحابه أهلُ الغاضرية من بني أسد بعد ما قُتلوا بيوم " ( 1 ) .
وذهب إلى ذلك البلاذري ايضاً ، حيث قال :
" ودفَنَ أهلُ الغاضرية من بني أسد جثة الحسين ، ودفنوا جثث أصحابه رحمهم الله بعدما قتلوا بيوم " ( 2 ) .
وهكذا الخوارزمي ، إذ قال :
" وأقام عمر بن سعد يومه ذلك إلى الغد ، فجمع قتلاه فصلى عليهم ودفنهم ، وترك الحسين وأهـل بـيته وأصحابه ، فـلما ارتحلوا إلى الكوفة وتركوهم على تلك الحالة عمد أهـل الغـاضرية مـن بـنـي أسـد فـكـفنوا أصحاب الحسين ، وصلّوا عليهم ، ودفنوهم " ( 3 ) .
وهذا الرأي هو المعتمد عند مؤرخي أهل السنة .
ويوافقهم في ذلك بعض علماء الشيعة ، كتب الشيخ المفيد ( رضوان الله عليه ) :
" ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه رحمة الله عليهم ، فصلّوا عليهم ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر ( 4 ) عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صُرّعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي عليهما السلام في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن " ( 5 ) .
وممَن تبنى ذلك ايضاً الشيخ الطبرسي ، إذ كتب :
" فلما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد - كانوا نزولاً بالغاضرية - الى الحسين عليه السلام وأصحابه ، فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا إبنه علي بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صّرعوا حوله حفيرة مما يلي رجله وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الان " ( 6 ) .
وعبارة الشيخ الطبرسي هنا هي عين عبارة الشيخ المفيد ، ولعله نقلها عنه .
وذهب إلى ذلك ايضاً السيد ابن طاووس ( رضوان الله عليه ) حيث كتب :
" ولمّا انفصل عمر بن سعد ( لع ) عن
كربلاء خرج قوم من بني أسد فصلّوا على تلك الجثث الطواهر المرملة بالدماء ودفنوها على ما هي الآن عليه " ( 7 ) .
وخلاصة هذا الرأي :
أنَّ دفن الشهداء كان في نفس اليوم الذي أرتحل فيه عمر بن سعد عن كربلاء ، وهو اليوم الحادي عشر من محرم ، وكان ذلك عصراً ؛ لأنَّ ابن سعد قد ارتحل عن كربلاء في هذا اليوم بعد الزوال .
⏺ الرأي الثاني :
وهو المعروف عند الشيعة في العصور المتأخرة ، وهو أنّ شهداء الطف قد دُفنوا في اليوم الثالث عشر من محرم .
وهو مختار السيد المقرم ، كتب :
" وفي اليوم الثالث عشر من المحرم أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد ، لأنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله " ( 8 ) .
وتبنى ذلك ايضاً الشيخ عباس القمي ، اذ كتب :
" ومن المعروف أنَّ الأجساد الطاهرة بقيت ثلاثة أيام مرمية على الأرض دون دفن ، ونُقل عن بعض الكتب أنها دفنت بعد عاشوراء بيوم واحد ، وهذا مستبعد ؛ ذلك أنّ عمر بن سعد كان لا يزال في اليوم الحادي عشر لدفن القتلى من عسكره ؛ وكان أهل الغاضرية قد ارتحلوا من نواحي الفرات خوفاً من ابن سعد ، وبهذا الإعتبار فهم لا يجرأون على العودة بهذه السرعة " ( 9 ) .
وأستدل أصحاب الرأي الثاني لإثبات صحة رأيهم بوجوه ، أهمها :
الوجه الأول :
ما نقلتُه آنفاً عن الشيخ القمي آنفاً ، وهو أضعف الوجوه .
وجوابه :
أنّ بني أسد كانوا قريبين من موقع المعركة ، ويكشف عن ذلك أنَّ حبيب بن مظاهر وهو من أبرز زعمائهم كان قد دعاهم لنصرة الحسين ، ولو لم يكونوا قريبين لما جازف حبيب بالذهاب اليهم في تلك الظروف ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ، أنَّ من الطبيعي جداً أنّهم كانوا يراقبون عن كثب ؛ لأهمية الحدث ، وما أنْ تأكدوا من رحيل جيش إبن سعد حتى حضروا الى ساحة المعركة ، أو على الأقل حضر مَن هو قريب لحبيب لدفن جثمانه ، ودفن بقية الأجساد الطاهرة .
أمّا كيف تأكدوا من رحيل جيش ابن سعد ، فمما لا شك فيه أنّه كان من بني أسد مع جيش الطاغية ، ولعلهم هم الذين أخبروا عشيرتهم برحيل ذلك الجيش .
الوجه الثاني :
هو عقيدة الشيعة بأنَّ الإمام لا يلي أمر تجهيزه عند وفاته الّا إمام مثله .
فلابد أنْ يكون دفن الإمام الحسين على الأقل قد تم على يد الإمام زين العابدين .
ويكون حضوره إلى ساحة كربلاء حضوراً إعجازياً ؛ لأنّه كان لم يزل في قيد الأسر بيد الأعداء .
روى الشيخ الكليني ( رحمه الله ) :
... عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال :
( قلت له : إنهم يحاجّونا يقولون :
🖋 إختلف المؤرخون في يوم دَفْنِ الإمام الحسين ( عليه السلام ) وبقية الشهداء من أهل بيته وصحبه وأنصاره على أقوال ، أهمها قولان :
الأول :
إنَّ دفْنَهم كان في اليوم الحادي عشر من محرم .
جاء في تاريخ الطبري :
" ودَفنَ الحسين وأصحابه أهلُ الغاضرية من بني أسد بعد ما قُتلوا بيوم " ( 1 ) .
وذهب إلى ذلك البلاذري ايضاً ، حيث قال :
" ودفَنَ أهلُ الغاضرية من بني أسد جثة الحسين ، ودفنوا جثث أصحابه رحمهم الله بعدما قتلوا بيوم " ( 2 ) .
وهكذا الخوارزمي ، إذ قال :
" وأقام عمر بن سعد يومه ذلك إلى الغد ، فجمع قتلاه فصلى عليهم ودفنهم ، وترك الحسين وأهـل بـيته وأصحابه ، فـلما ارتحلوا إلى الكوفة وتركوهم على تلك الحالة عمد أهـل الغـاضرية مـن بـنـي أسـد فـكـفنوا أصحاب الحسين ، وصلّوا عليهم ، ودفنوهم " ( 3 ) .
وهذا الرأي هو المعتمد عند مؤرخي أهل السنة .
ويوافقهم في ذلك بعض علماء الشيعة ، كتب الشيخ المفيد ( رضوان الله عليه ) :
" ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه رحمة الله عليهم ، فصلّوا عليهم ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر ( 4 ) عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صُرّعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي عليهما السلام في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن " ( 5 ) .
وممَن تبنى ذلك ايضاً الشيخ الطبرسي ، إذ كتب :
" فلما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد - كانوا نزولاً بالغاضرية - الى الحسين عليه السلام وأصحابه ، فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا إبنه علي بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صّرعوا حوله حفيرة مما يلي رجله وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الان " ( 6 ) .
وعبارة الشيخ الطبرسي هنا هي عين عبارة الشيخ المفيد ، ولعله نقلها عنه .
وذهب إلى ذلك ايضاً السيد ابن طاووس ( رضوان الله عليه ) حيث كتب :
" ولمّا انفصل عمر بن سعد ( لع ) عن
كربلاء خرج قوم من بني أسد فصلّوا على تلك الجثث الطواهر المرملة بالدماء ودفنوها على ما هي الآن عليه " ( 7 ) .
وخلاصة هذا الرأي :
أنَّ دفن الشهداء كان في نفس اليوم الذي أرتحل فيه عمر بن سعد عن كربلاء ، وهو اليوم الحادي عشر من محرم ، وكان ذلك عصراً ؛ لأنَّ ابن سعد قد ارتحل عن كربلاء في هذا اليوم بعد الزوال .
⏺ الرأي الثاني :
وهو المعروف عند الشيعة في العصور المتأخرة ، وهو أنّ شهداء الطف قد دُفنوا في اليوم الثالث عشر من محرم .
وهو مختار السيد المقرم ، كتب :
" وفي اليوم الثالث عشر من المحرم أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد ، لأنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله " ( 8 ) .
وتبنى ذلك ايضاً الشيخ عباس القمي ، اذ كتب :
" ومن المعروف أنَّ الأجساد الطاهرة بقيت ثلاثة أيام مرمية على الأرض دون دفن ، ونُقل عن بعض الكتب أنها دفنت بعد عاشوراء بيوم واحد ، وهذا مستبعد ؛ ذلك أنّ عمر بن سعد كان لا يزال في اليوم الحادي عشر لدفن القتلى من عسكره ؛ وكان أهل الغاضرية قد ارتحلوا من نواحي الفرات خوفاً من ابن سعد ، وبهذا الإعتبار فهم لا يجرأون على العودة بهذه السرعة " ( 9 ) .
وأستدل أصحاب الرأي الثاني لإثبات صحة رأيهم بوجوه ، أهمها :
الوجه الأول :
ما نقلتُه آنفاً عن الشيخ القمي آنفاً ، وهو أضعف الوجوه .
وجوابه :
أنّ بني أسد كانوا قريبين من موقع المعركة ، ويكشف عن ذلك أنَّ حبيب بن مظاهر وهو من أبرز زعمائهم كان قد دعاهم لنصرة الحسين ، ولو لم يكونوا قريبين لما جازف حبيب بالذهاب اليهم في تلك الظروف ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ، أنَّ من الطبيعي جداً أنّهم كانوا يراقبون عن كثب ؛ لأهمية الحدث ، وما أنْ تأكدوا من رحيل جيش إبن سعد حتى حضروا الى ساحة المعركة ، أو على الأقل حضر مَن هو قريب لحبيب لدفن جثمانه ، ودفن بقية الأجساد الطاهرة .
أمّا كيف تأكدوا من رحيل جيش ابن سعد ، فمما لا شك فيه أنّه كان من بني أسد مع جيش الطاغية ، ولعلهم هم الذين أخبروا عشيرتهم برحيل ذلك الجيش .
الوجه الثاني :
هو عقيدة الشيعة بأنَّ الإمام لا يلي أمر تجهيزه عند وفاته الّا إمام مثله .
فلابد أنْ يكون دفن الإمام الحسين على الأقل قد تم على يد الإمام زين العابدين .
ويكون حضوره إلى ساحة كربلاء حضوراً إعجازياً ؛ لأنّه كان لم يزل في قيد الأسر بيد الأعداء .
روى الشيخ الكليني ( رحمه الله ) :
... عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال :
( قلت له : إنهم يحاجّونا يقولون :