فقدان الوزن في سن العشرينات والثلاثينات بسيط جداً: قللي كميات الطعام التي تتناولينها وزيدي قليلاً من حركتك ونشاطك . ومعظم النساء عندما كنّ في هذه السن، كنّ يتناولن أي شيء يرغبن فيه في أي وقت، وقد ظل قياس ملابسهن ثابتاً بغض النظر عما كنّ يلتهمنه من نشويات وكربوهيدرات وحلويات وشوكولاتة يومياً .
بيد أن الكثير منهن لاحظن أن كل شيء تغير عندما بلغن سن الأربعين . ولربما فوجئت بعضهن بمن سألهن بعد عام من انجابهن المولود الأول عما إذا كنّ حوامل، وما اذا كن سيضعن مولودهن قريباً بعد أن يلاحظ السائلون حجم بطنها بعد الولادة الأولى، رغم أنها لا تكون حاملاً . ولكن لو نظرت المرأة التي تواجه مثل هذا الموقف إلى نفسها فلسوف تكتشف أنها لم تصبح بدينة فحسب، بل إنها قد تبدو فعلاً مثل امرأة حامل على وشك الإنجاب .
كانت الكثير من النساء يقلن لأنفسهن في العشرينات والثلاثينات من العمر إن فقدان الوزن الزائد يمكن أن يتم ببساطة، وإنهن إن قللن من تناول ألاطعمة الغنية بالكربوهيدرات والسكريات، فإن الكيلوغرامات الزائدة ستتلاشى، ولكن معظمهن أدركن بعد مرور وقت طويل أنهن فقدن مقدرتهن السحرية على إنقاص أوزانهن .
وتتحدث الدكتورة باميلا بيكي مؤلفة كتاب "محاربة السمنة بعد الأربعين" عما عانته نفسها من جراء ذلك قائلة: "كان حالي كحال كثير من النساء اللائي في مثل سني، كنت أرهق نفسي كثيراً للعناية بأطفالي وبأعضاء أسرتي المسنين . وقد اكتشفت أن التركيز على إنقاص الوزن بالحمية، يكاد يكون مستحيلاً . وفي محاولة يائسة، جربت صرعات الحميات الغريبة . ومنها ما يتطلب العيش على الخضروات فقط لمدة أسبوع، أو تناول البرتقال والأغذية ذات اللون الأصفر فقط، بيد أن شيئاً من ذلك لم يجد معي" . وتضيف: "أعتقد أنني أصبت بالسمنة في الأربعينات من عمري لأسباب كثيرة، فقد أنجبت أربعة أطفال، ثلاثة منهم على التوالي، كما أن حياتي كلها كانت تتمحور حول الطعام . فبمجرد استيقاظي، أبدأ في التفكير في ما سأتناوله على الإفطار، وبعد ذلك أفكر في وجبة الغداء، وبعد الغداء أنتقل مباشرة للتفكير في العشاء" .
"ومثل كثير من الأمهات المتوسطات العمر واللائي ينتمين للطبقة المتوسطة أيضاً، كنت مهووسة بكتب الطبخ، وأنا أعشق الأطعمة الدسمة اللذيذة بجنون، وكان هذا العشق نقطة ضعفي العميقة . فبعد بلوغ سن الأربعين لا يكون ملائماً بالمرة تناول الطعام بهذه الطريقة والمحافظة في الوقت ذاته على قوام رشيق" .
ووفقاً للدكتورة بيكي فإن معدلات الأيض "أو بالأحرى المقدرة على حرق السعرات"، تتراجع بمجرد بلوغ المرأة سن الأربعين، ففي هذه السن تفقد عضلاتها مرونتها، ويزيد قلقها، وتأكل سعرات حرارية أكثر مما تحتاجه، في حين يكون ما يفترض أن تفعله هو المزيد من الرياضة وضبط أحجام الوجبات الغذائية .
وترى الدكتورة بيكي أن المحافظة على قوام رشيق أو التخلص من الوزن الزائد أمر ممكن لكنه يتطلب بذل جهد أكبر .
وهذه حقيقة تدركها النساء بصعوبة حين يتمكنّ بعد مجهود شاق من إنقاص أوزانهن الزائدة خلال سنوات بالتدريج . فممارسة الرياضة وتناول الطعام برشد وعقلانية وتغيير العادات الغذائية كلية، وإعادة تقييم الطريقة التي يتناولن بها الطعام وما يتناولنه يجعلهن يتمتعن بقوام جيد وشعور مريح .
ويقول الخبراء إنه لا ينبغي أن تنقاد المرأة نحو التفكير بأن المسألة سهلة، فهي ليست كذلك، وهي ليست مثل سنوات شبابك حينما كانت الكيلوغرامات الزائدة تختفي بطريقة سحرية ببساطة، لأنك قللت أو امتنعت عن إضافة السكر للشاي، ففي سن الأربعينات تصبح عملية إنقاص الوزن أكثر صعوبة لكنها حتماً تؤتي أكلها .
وفي ما يلي تستعرض الدكتورة باميلا بيكي نصائحها القيّمة التي تسهم في التخلص من الوزن الزائد بعد تجاوز سن الأربعين .
غيّري طريقة معيشتك وعاداتك الغذائية
بعد سن الأربعين، تتغير قواعد العناية الشخصية، ويكون المرء بحاجة لتقبل ذلك وأن يعيد تقييم أسلوب وعادات معيشته . بعد سن الأربعين، يتغير جهازك التناسلي، الشهوة الجنسية، تركيب الجسم، المزاج، الجلد والشعر، كلها تتغير للتهيؤ للأربعين عاماً التالية في الحياة . والمرأة التي بلغت سن الأربعين يكون جسدها مختلفاً جداً عن الجسد الذي كانت تتمتع به حينما كانت في سن الثلاثين .وبداية من سن العشرين وبسبب فقدان الكتلة العضلية الذي يترافق مع بلوغ هذه السن، تتراجع مقدرة جسم المرأة على الأيض بمعدل 5% على الأقل كل 10 أعوام، وكلما تناقص حجم الكتلة العضلية التي تمتلكينها، قلّت السعرات الحرارية التي يتمكن الجسم من حرقها .
في سن العشرين، قد تحتاجين إلى 2000 سعرة حرارية في اليوم، ولكن في سن 45 قد تكونين بحاجة إلى 300 سعرة حرارية أقل في اليوم . وإذا استمررت في استهلاك هذه السعرات الإضافية، ستضيفين رطلاً من الوزن الزائد في كل 12 يوماً أو نحو 30 رطلاً في كل عام . ويمكن لممارسة الرياضة وتوخي الحذر في تناول الطعام، تقليل هذا الأثر، لكنهما لا يزيلانه كلية .
عالجي شحوم القلق
كثير من الشحوم المكتسبة خلال هذه الفترة ستتراكم حول منطقة الوسط أو الخصر، وأنا أسميها بشحوم القلق لأنها مصدر الشحم الأساسي الذي يمنحك الطاقة للمقاومة أو التملص من الأحوال والظروف المسببة للقلق . وكثرة هذا النوع من الشحوم خطرة لأنها تضع المرأة في دائرة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، والسكتات، والسكري والسرطان . ومن المحتمل أن تلجئي للتقييد الصارم لاستهلاك السعرات الحرارية لتعويض فقدان أيض حرق السعرات . وأنصحك بأن لا تفعلي ذلك لأن تقييد السعرات الحرارية يوهن الأيض أكثر .إن الجسم السليم يبدأ بصحة عقلية سليمة . والأمر لا يتعلق بالسعي الشاق نحو الوصول لمقاس 6 أو محاولة فقدان بضعة كيلوغرامات قبل موعد زفاف ابنتك . وأنا أقول لمريضاتي دائماً إن اللياقة البدنية والصحة السليمة أفضل من النحافة .
تجنبي الإفراط في تناول الطعام ليلاً
الإفراط في تناول الطعام في نهايات الفترة المسائية، يعد من أكبر الأسباب التي تؤدي لاكتساب الوزن الناجم من القلق عند النساء اللائي تجاوزن سن ال 40 . وأنا أطلق على الساعات الممتدة من 3 مساءً حتى منتصف الليل، فترة ال"كورتي"، وهي الفترة التي تتراجع فيها مستويات هرمون الكورتيزول المسبب للقلق، وتهيمن فيها نزعات تناول الطعام المدفوعة بالقلق وغياب التفكير والتركيز .وبدلاً من تقبل ذلك، يلجأ غالبية الناس للمقاومة . ففي ظل سعيهم المستميت للحصول على طاقة، يلتهمون أطعمة محلاة ويشربون الشاي والقهوة على أمل تعزيز مستويات طاقتهم . وحينما تبدأ فترات تناول الطعام المدفوعة بالقلق، تهيئ لطريقة تفكير أو تصرفات مشوبة باليأس والأكل المتواصل .
وبدلاً من اللجوء لهذه التصرفات، أنصح النساء بالتخطيط والتحلي بالواقعية . فإذا كنت تدركين أن اليوم سيكون صعباً، فأعدي مخطط تغذية صحية يومياً وحلولاً لتخفيف القلق والتوتر .
اهتمي بأحجام الوجبات الغذائية
أحجام الوجبات الغذائية أو حصص الطعام، أسهل في القياس من السعرات الحرارية، وفي تقديري الشخصي أكثر أهمية، لأن تدهور عمليات الاستقلاب "أو الأيض" يعني أن النساء اللائي تجاوزن سن الأربعين ينبغي عليهن أن يأكلن كميات أقل من الطعام .في الصباح، حاولي قياس مقادير الحبوب في إفطارك الصباحي بالاعتماد على المحتوى الغذائي الموضح في ديباجة العبوة . ويمكنك أيضاً السعي لاستخدام زبدية أو طبق بمقاس أصغر من المقاسات الطبيعية . وهذا سيجعل الإفراط في تناول الطعام صعباً .
ضاعفي تدريباتك الرياضية
بعد تجاوز سن الأربعين أعتقد أن المرأة تصبح بحاجة إلى 45 دقيقة من ممارسة رياضة الإيروبيك 5 أو 6 مرات في الأسبوع و30 دقيقة من تدريبات القوة مرتين في الأسبوع .وممارسة التمرينات بالأثقال تحفز العضلات لتنشيط كل أجهزة الجسم، والتي تتأقلم لاحقاً وتصبح أقوى لكي تدعم عضلاتك القوية .
وكثير من النساء لا يملكن الوقت الكافي لممارسة الرياضة عند كل صباح ومساء، بيد أن ممارستها على مدار اليوم تحقق الفائدة نفسها . ويمكن أن يتم ذلك بطرق بسيطة مثل المشي برشاقة في الخارج أو على جهاز الركض، أو بقيادة دراجة، أو السباحة أو حمل أثقال خفيفة .
لا تقلقي إذا تعرضت لانتكاسة
تختلف ردة فعل النساء حينما يتعلق الأمر بتناول الطعام باعتباره وسيلة من وسائل مقاومة القلق . فبعد يوم مرهق أو مشحون بالأمور المقلقة، تلجأ بعض النساء لتناول كميات كبيرة من الطعام، فيما يفعل البعض منهن عكس ذلك .وكون المرأة بدينة لا يتعلق ببساطة بخياراتها الغذائية، بل بمقدرتها على التأقلم والتكيف حينما تغدو الحياة قاسية وصعبة . ويمكنك أن تبدئي نظاماً صحياً جديداً بعزم ونية صادقة، لكنك قد تفاجئين بحدث حياتي غير متوقع يعطل خطتك .
وكثير من النساء يؤجلن تدابير العناية الشخصية في مثل هذه الأوقات، والنتيجة في الغالب هي اكتساب الوزن . وعندما تجهض عزيمتك الصادقة الموجهة نحو الأكل الصحي والرياضة بأحداث ومواقف خارجة عن السيطرة، فأدركي أنك لم تفشلي . وينبغي عليك في هذه الحالة عدم الاستسلام وإعادة نظامك الغذائي لمساره الصحيح .
دراسة حالة: "في 18 شهراً ازداد وزني كثيراً"
تبلغ كارول ستونبريدج من العمر 49 عاماً وتعيش في المملكة المتحدة، وهي تسرد قصتها مع السمنة كالتالي:لو كان بإمكاني إعادة الزمن للوراء ومنح نفسي نصيحة وأنا في سن 39 عاماً فسوف تكون النصيحة: لا لزيادة الوزن، لأن فقدان الوزن الزائد في سن الأربعينات، سيكون صعباً للغاية .
كان قياس طولي هو 5 أقدام و6 بوصات، وقياس ملابسي 14 . ولكنني في بدايات بلوغي سن الثلاثين، كنت أعشق تناول المأكولات الخفيفة كالمقرمشات والجبن ولذلك ازداد وزني . وحينما بلغت سن ال ،38 كان قياس ملابسي 18 - ،20 ولذلك انضممت لبرنامج للتنحيف وفقدت نحو 30 كيلوغراماً في 6 أشهر، وتراجع مقاس ملابسي إلى قياس 10 .
بيد أن قوامي الرشيق الجديد كان قصير الأجل، فقد بلغت سن الأربعين، وانفصلت عن زوجي ولم أنجب، وكنت ملتاعة ومحبطة للغاية من إدراكي لحقيقة فوات أوان تكويني لأسرة . وتركت العمل لمدة شهرين وأنا مصابة باكتئاب . وقد ذهبت كل أفكاري التي كانت تركز على الاهتمام بصحتي وقوامي، أدراج الرياح، ومع أنني كنت أطهو أصناف طعام صحية في المنزل، فإنني كنت أتناول أطعمة غير صحية في العمل أو حينما أكون مع أصدقائي في الخارج .
وفي غضون 18 شهراً، اكتسبت وزناً زائداً يعادل ما اكتسبته في 8 أعوام في سن الثلاثينات . لكنني حينما كنت في سن الثلاثينات كان وزني الزائد يتوزع على جميع أجزاء جسمي، لكنه في هذه المرة يبدو أنه يتراكم حول منطقة الخصر والوسط .
وفي أكتوبر/تشرين الأول ،2010 حينما كنت على بعد عامين من عيد ميلادي الخمسين، قررت الالتحاق ببرنامج أندية روزماري كونلي للتنحيف مرة أخرى . وقد أصبت بالرعب حينما اكتشفت أن وزني كان أكثر من 100 كيلوغرام .
وقد تطلب الأمر وقتاً أطول لكي أفقد وزني . لكنني بعد 9 أشهر، خسرت أكثر من 25 كيلوغراماً ومقاس ملابسي ظل عند قياس 10 منذ الصيف الماضي . وقد كنت صارمة مع نفسي لأنني أدرك أن أيضي أبطأ، وبالرغم من أن اكتساب بضعة كيلوغرامات زائدة لن يستغرق وقتاً طويلاً، سيكون من الصعب التخلص منها .
دراسة حالة: "أود أن يكون قوامي قدوة تحتذى"
الحالة التالية هي لسيدة تدعى جين ريد تبلغ من العمر 05 عاماً، وتعمل مديرة لشركة تمتلكها، وتعيش في المملكة المتحدة مع زوجها وابنتيها . وتقول جين: "كنت حتى بلوغي سن،40 أعتقد أن سمنة منتصف العمر، تحدث للأشخاص الكسالى الذين يفرطون في الأكل . بيد أن شقيقتي التي تكبرني بعامين، ظلت تحذرني وتقول لي إن وزني سيزداد بمجرد بلوغي سن الأربعين . وقد شعرت برعب حينما اكتشفت أنها كانت على صواب" .كان طولي 5 أقدام و6 بوصات وقياس ملابسي ،10 لكنني أصبحت أثقل وزناً مما كنت عليه في سن الثلاثينات . بالرغم من أنني بت أتناول كميات أقل من الطعام وأمارس الرياضة أكثر . وفي سن العشرينات، كانت حلقتان من تمرينات الأيروبيك هما كل ما أقوم به للمحافظة على قوامي . وبعد إنجابي لأطفالي في سن الثلاثينات، بدأت أمارس رياضة الركض مرتين في الأسبوع، وكنت أزيدها لثلاث بعد العطلات . وفي تلك الفترة كان وزني ثابتاً عند حدود 65- 70 كيلوغرام .
وللمقارنة، كنت في العامين الأخيرين أذهب لصالة الجمنازيوم 5 مرات في الأسبوع وأكرس 3 جلسات لتمارين رفع الأثقال . وبالإضافة لذلك، قمت بحذف الكربوهيدرات من نظامي الغذائي خلال الأسبوع، ولم أعد اتناول حلوى البودينغ إلا في أيام العطل الأسبوعية .
وتأسيساً على ما سبق، توصلت إلى قناعة بأنني سأكون بحاجة لتجويع نفسي للتخلص من الكيلوغرامات الزائدة التي اكتسبتها، ولكني لست مهيأة لفعل ذلك، على الأقل ليس من أجل الاستمرار في لعب دور الأم التي تتمتع بقوام صحي مع بناتي .
