عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,739
- مستوى التفاعل
- 2,771
- النقاط
- 113
مخافة الرب
الإيمان بشخص المسيح المُخَلِّص لا يعطي فقط حياة أبدية، بل يَظهر أمام الله والآخرين في فضائل سلوكية.
والفضيلة (Virtue) تعني:
الدرجة الرفيعة في سمو الأخلاق،
وعكسها: الرذيلة؛ كل ما انحط في السلوك والأخلاق.
*
فالرسول بطرس يحثّ المؤمنين أن يقدِّموا في إيمانهم فضيلة
(2بطرس1: 5)،
والرسول بولس يشرح لأهل فيلبي ما هي الفضيلة:
«كُلُّ مَا هُوَ حَقٌ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.»
(فيلبي4: 8).
واحدة من أروع هذه الفضائل هي مخافة الرب.
الكتاب المقدس يقدِّم وصفًا مختصرًا للناس اليوم قائلاً:
« لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ »
(رو3: 18)،
لكن أبناء الله تميزهم هذه الفضيلة الرائعة؛ مخافة الرب،
«بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ،»
(أمثال9: 10).
*
أولاً:
مخافة الرب ومعناها:
مخافة الرب، أو التقوى، لا تعنى الخوف والرعب من الله؛ لأن فداء المسيح وكفارته قد أزالا هذا الرعب:
«الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ»
(1يوحنا4: 18).
لكن مخافة الرب تعني إحترام ومهابة الله في السر والعلن، والابتعاد عن الشر الذي يحزن قلبه؛ فقد قيل عن أيوب إنه :
« يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ.»
(أيوب1: 1).
وتعني أيضًا إكرام الرب ومحبته كما أوصى الرب شعبه:
«تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ،»
(تثنية10: 12).
*
ثانيًا:
مخافة الرب ومصدرها
مهما حاول الإنسان من ذاته، فلا يمكنه أن يكرم الرب ويتقيه إذ يقول الكتاب:
«فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ.»
(رومية7: 18).
لكن هناك مصادر إلهية لمخافة الرب يمكنك أن تتمتع بها:
-1-
قدرته الإلهية:
إمكانيات الله العاملة فينا
«كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ،»
(2بطرس1: 3).
-2-
الطبيعة الإلهية في المؤمن:
« لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.»
(2بطرس1: 4).
-3-
الوجود في حضرة الرب:
«هَلُمَّ أَيُّهَا الْبَنُونَ اسْتَمِعُوا إِلَيَّ فَأُعَلِّمَكُمْ مَخَافَةَ الرَّبِّ.»
(مزمور34: 11).
*
ثالثًا:
مخافة الرب وثمارها:
تظهر مخافة الرب في حياة وسلوكيات أولاد الله في كل سيرة؛ أي في كل مجالات الحياة:
-1-
الابتعاد عن الشر والدنس:
قال يوسف وهو يهرب من خطية الزنا:
« فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟»
(تكوين39: 9)،
وقيل عن دانيآل إنه :
«فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ»
(دانيآل1: 8).
لكن أولاد عالي، رغم وجودهم في الخدمة، للأسف لم يكن لديهم مخافة الرب:
كانوا «بَنِي بَلِيَّعَالَ، لَمْ يَعْرِفُوا الرَّبَّ»؛
ففعلوا النجاسة في باب خيمة الاجتماع، فأماتهم الرب
(1صموئيل2).
-2-
طاعة الرب وتنفيذ صوته:
أطاع إبراهيم صوت الرب وقدَّم ابنه على المذبح فقال له الرب:
«الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي»
(تكوين22: 12).
-3-
علاقاتنا مع إخوتنا:
رفض يوسف أن يؤذي إخوته رغم أذيتهم له ورغم أنه أصبح المتحكم في بلاد مصر قائلاً لهم:
«افْعَلُوا هذَا وَاحْيَوْا. أَنَا خَائِفُ اللهِ.»
(تكوين42: 18).
-4-
احترام الأكبر سنًّا:
«مِنْ أَمَامِ الأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ الشَّيْخِ، وَتَخْشَى إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ.»
(لاويين19: 32).
-5-
التأثير الإيجابي على من حولنا:
« فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. »
(2كورنثوس5: 11).
*
رابعًا:
مخافة الرب ومكافآتها
يقول داود :
«مَا أَعْظَمَ جُودَكَ الَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ، وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي الْبَشَرِ!».
(مزمور31: 19)
ويشجِّع الرسول بولس ابنه تيموثاوس على حياة التقوى؛ أي مخافة الرب، إذ لها مكافآت في الزمان هنا وفي الأبدية هناك:
«وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.»
(1تيموثاوس4: 8).
*
بعض مكافآت التقوى هنا في الزمان الحاضر:
-1-
تسديد الأعواز والاحتياجات:
«اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ.»
(مزمور34: 9).
ولعلنا نذكر أن أرملة واحد من بني الأنبياء ذهبت إلى أليشع بسبب مشكلة الديون المادية ثم أكرمها الرب بفيض إلهي، فقالت لأليشع:
«إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ الرَّبَّ.»
(2ملوك4: 1).
فالشرير يفتقر لرغيف خبز والرب يُشبع أتقيائه.
-2-
«سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ.»
(مزمور25: 14)،
وهذا ما فعله الرب في زيارته لإبراهيم:
«فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ،»
(تكوين18: 17).
*
بعض مكافأت التقوى ومخافة الرب في الأبدية:
-1-
إكليل البر:
كمكافأة من الرب لمؤمن عاش حياة تقوية رائعة مجدت الله :
«جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، »
(2تيموثاوس4: 7-8).
-2-
سيمشون معي في ثياب بيضاء:
يشجع الرب الأتقياء الباقين في كنيسة ساردس الذين حفظوا حياتهم بلا دنس بهذه المكافأة في الأبدية:
«لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ.»
(رؤيا3: 4).
*
عزيزي، هل تظهر في حياتك الملامح العملية لمخافة الله، في السر والعلن؟
إنها بحق السمة المُمَيِّزة لأولاد الله في عالم لا يخاف الله ولايهاب إنسانًا. ولا تنسَ أن أهم ملامح معرفة الله ليس التدين ولا الخدمة الكثيرة، لكن كما يقول الحكيم في سفر الأمثال:
«بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ.»
(أمثال9: 10)،
ويقدِّم لنا أيضًا نصيحة غالية:
«لاَ يَحْسِدَنَّ قَلْبُكَ الْخَاطِئِينَ، بَلْ كُنْ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ الْيَوْمَ كُلَّهُ.»
(أمثال23: 17).
ولا تنسَ، عزيزي، أن التقوى أو مخافة الرب لها موعد (مكافآت) الحياة الحاضرة والعتيدة أيضًا!
{إيليا كيرلس}
* * *
يارب أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين