حمزه الدليمي
حين أتغير ، سأجعلك تبحث عني وأنا أمامك
هل هناك أشقى من أن تكون ساعي بريد في الدائرة الخاصة بخطابات ورسائل القمر ، لتحمل في سلالك الوردية كل الألفاظ الغرامية التي تحرق أطراف الأصابع وشواطئ الفحات ، تلك التي ذوب حروفها العرب وغيرهم في تصوير محبوباتهم بذلك الكوكب الذي يحرس الأرض على مدى الأثير ، تخيل للحظة أنك تنقل له من أجل عيون الحب كل ما يبعث باسمه في أحضان المساء وتحت عباءات الليل ، وأن تقرأ خلسة تلك الرسائل وأنت في طريقك إليه وكل تلك التصويرات العذبة من مولودات الفراق والولع وكل الألفاظ الأخرى في معاجم العشاق ، قمر دهرنا هذا يختلف عن ذات القمر الذي عهده أجدادنا وسهروا يقرضون ويتداولون الشعر من أجل عينيه وتحت أجفانه ، أما نحن فقد دنسنا المسكين عندما وضعنا عليه أقدامنا وأعلامنا الأرضية الزائلة وشوهنا وجهه الذي كنا نتخيله من على بعد مثيراً وجميلاً ودافئاً عندما أزالوا عنه قناع المسافة والإستحالة ، فظهرت نتوءاته وحفره تلك التي ابتليت بالظلام السرمدي ، والأخرى التي تضيء لنا ليالينا ، ولم يكفنا ذلك فصنعنا له أقماراً اصطناعية تنكد عليه خلوته وتزاحمه في إنفراديته ، ولأنه طيب بالفطرة وكريم بالطبيعة الخلقية فإن كل ذلك لم يمنعه من أن يسدل على المعمورة أجفانه الضوئية وأن يستر كتف السهول العارية ، والبطاح المستلقية تحت أعين الغمام المتطاير بهدوء ، ولو علم شعراء العصور المتواترة والذين أفرغوا مخيلا تهم في وصف محبوباتهم بذلك النجم المتعلق والذي يتأرجح مرتين في اليوم ذهاباً وإياباً بما فعله خلفهم به لاهتزت قبورهم رعباً من برودة عواطف بشر دهرنا ، وتـنكرهم لمن استثمر حياته في الإخلاص لهم واستنفد كل سبل العطاء ليغرس في نفوسهم جمال الأشياء والذي يتعدى مجرد وجوديتها إلى كشف بواطنها .
وربما بسبب ما حدث للقمر ولأن نوره المجروح يـتـنفسه الناس في كل مساء برئاتهم وخلائجهم وقلوبهم فقد دهنها برغبتهم في تجريح بعضهم البعض وكفرهم بالحب وتغليف أحاسيسهم ومشاعرهم الطبيعية والعفوية بأكياس المخمل المادية والتي تلتحف جلدها المصالح المتباينة الأغراض ، وذلك تحت حجج عدة منها العادات والتقاليد وغير ذلك ، ويبدع البشريون في اختلاق ما يوجعهم وابتكار ما يرفع عنهم ما يميزهم عن غيرهم من المخلوقات وكأنهم في دهرنا هذا يكرهون الانفرادية ويترفعون عن كل ما في البشرية من سمو عن مختلف الكائنات والمخلوقات المعروفة والمدفونة في عالم الغيب .
لو كان ( آرمسترونج) يعلم بمحبة شعراء العرب للقمر لما دهن وجهه بأوساخ حذائه الفضائي أو كشف عن حيائه عندما أخذ عينات من خدوده وتربته ، أو صرخ مستهتراً بفعلته فخوراً بحجم خطوته الصغيرة على أحشاء رمز الحب وبين أوصال وجهة العشاق ومخبولين المشاعر ، ويظل القمر يراقبنا نحن البشر ونحن نتفنن في تخريب الأرض ورشها بمختلف أنواع التلوث ، وأسلحة الدمار الطبيعية والكيميائية وغيرها مما نوجع ونمسح به بعضنا البعض ، و ذلك تحت ظل الحضارة والمدنية والتطور والحرية وكل الشعارات الزائفة على جدران الماديات والسعادة المبرقعة بأوراق اللفائف الساحرة واللماعة والمبطنة بمبدأ البقاء للأصلح أو المعاملة بالمثل ، كل ذلك في حقب تاريخية مختلفة وكأن القمر هو التاريخي الوحيد الذي يعرف حقائق الأحداث ، وأصوليات الأيام وبواطن المتسببات ، والظالم والمظلوم في علوم السياسة والحروب والخلافات ومصادر وتبعات تقلبات المجتمعات وأفعال الآراء والفلسفات في الشعوب وآثار الحركات والانقلابات في الدول والبثور التي يتركها القادة والساسة المؤثرون على مناطقهم عندما يرحلون إلى الشاطئ الآخر من الوجود ، لو طبع القمر مذكراته المبدئية فقط لأغلقت شعوب الأرض حدودها عن حقائقها ومنعتها من التداول وصادرتها تحت شعار أنها خطر على قومياتها واستقرارها واتحادها الوطني وإرثها التاريخي ، لأن القمر سيكتب الحقائق ولا شيء يزعج الأنظمة مثل الحقيقة .
ولو أننا تخيلنا القمر جالساً مساء يحتسي القهوة على كرسيه الهزاز أمام منزله القمري المتوهج بقبل الشمس وأحضان الهدوء الفضائي الأثيري ، وهو يتذاكر مع أحد أصدقائه من كواكب المجرة المسالمين أحداث الأيام وأخبار الساعة لجلس المسكين يحسب لجليسه عدد التجاعيد التي سببها له البشر ، وأسماء الأشقياء ممن ابتدأوا الحروب وعدد الضحايا من أرواح وغير أرواح ، والحضارات التي توهجت على الأرض وانتشرت وحكمت وسادت ثم سقطت وإلتوت ووضعت تحت سجادة الدهر كغبار استكثر عامل تنظيف الأقدار حمله إلى مزبلة الزمن فأخفاه بدراية وحكمة تحت الفرش ، ولوضح وشرح بالأدلة الدامغة غباء وهمجية الآدميون وإصرارهم على عدم تعلمهم من أخطائهم واستمرارهم في تدمير أنفسهم بأيديهم ولو كان جليس القمر صديقاً صدوقاً لعاتبه على صبره على الأرضيين وبقاءه ملتزماً بهم ، ولدأب على تشجيعه على حمل حقائبه إلى مجرة أخرى ، حيث يقدره الوجود على عطائه ويمجده جيرانه على إخلاصه ......... ونظل نحن تحت أعين القمر نحرث الأرض ونبدع في تقطيع أحشائها ونسخر ملكاتنا الذهنية والإبداعية في تحرير أنفسنا من أجمل الأشياء فينا
وبصراحة مظلوم يا قمر
وربما بسبب ما حدث للقمر ولأن نوره المجروح يـتـنفسه الناس في كل مساء برئاتهم وخلائجهم وقلوبهم فقد دهنها برغبتهم في تجريح بعضهم البعض وكفرهم بالحب وتغليف أحاسيسهم ومشاعرهم الطبيعية والعفوية بأكياس المخمل المادية والتي تلتحف جلدها المصالح المتباينة الأغراض ، وذلك تحت حجج عدة منها العادات والتقاليد وغير ذلك ، ويبدع البشريون في اختلاق ما يوجعهم وابتكار ما يرفع عنهم ما يميزهم عن غيرهم من المخلوقات وكأنهم في دهرنا هذا يكرهون الانفرادية ويترفعون عن كل ما في البشرية من سمو عن مختلف الكائنات والمخلوقات المعروفة والمدفونة في عالم الغيب .
لو كان ( آرمسترونج) يعلم بمحبة شعراء العرب للقمر لما دهن وجهه بأوساخ حذائه الفضائي أو كشف عن حيائه عندما أخذ عينات من خدوده وتربته ، أو صرخ مستهتراً بفعلته فخوراً بحجم خطوته الصغيرة على أحشاء رمز الحب وبين أوصال وجهة العشاق ومخبولين المشاعر ، ويظل القمر يراقبنا نحن البشر ونحن نتفنن في تخريب الأرض ورشها بمختلف أنواع التلوث ، وأسلحة الدمار الطبيعية والكيميائية وغيرها مما نوجع ونمسح به بعضنا البعض ، و ذلك تحت ظل الحضارة والمدنية والتطور والحرية وكل الشعارات الزائفة على جدران الماديات والسعادة المبرقعة بأوراق اللفائف الساحرة واللماعة والمبطنة بمبدأ البقاء للأصلح أو المعاملة بالمثل ، كل ذلك في حقب تاريخية مختلفة وكأن القمر هو التاريخي الوحيد الذي يعرف حقائق الأحداث ، وأصوليات الأيام وبواطن المتسببات ، والظالم والمظلوم في علوم السياسة والحروب والخلافات ومصادر وتبعات تقلبات المجتمعات وأفعال الآراء والفلسفات في الشعوب وآثار الحركات والانقلابات في الدول والبثور التي يتركها القادة والساسة المؤثرون على مناطقهم عندما يرحلون إلى الشاطئ الآخر من الوجود ، لو طبع القمر مذكراته المبدئية فقط لأغلقت شعوب الأرض حدودها عن حقائقها ومنعتها من التداول وصادرتها تحت شعار أنها خطر على قومياتها واستقرارها واتحادها الوطني وإرثها التاريخي ، لأن القمر سيكتب الحقائق ولا شيء يزعج الأنظمة مثل الحقيقة .
ولو أننا تخيلنا القمر جالساً مساء يحتسي القهوة على كرسيه الهزاز أمام منزله القمري المتوهج بقبل الشمس وأحضان الهدوء الفضائي الأثيري ، وهو يتذاكر مع أحد أصدقائه من كواكب المجرة المسالمين أحداث الأيام وأخبار الساعة لجلس المسكين يحسب لجليسه عدد التجاعيد التي سببها له البشر ، وأسماء الأشقياء ممن ابتدأوا الحروب وعدد الضحايا من أرواح وغير أرواح ، والحضارات التي توهجت على الأرض وانتشرت وحكمت وسادت ثم سقطت وإلتوت ووضعت تحت سجادة الدهر كغبار استكثر عامل تنظيف الأقدار حمله إلى مزبلة الزمن فأخفاه بدراية وحكمة تحت الفرش ، ولوضح وشرح بالأدلة الدامغة غباء وهمجية الآدميون وإصرارهم على عدم تعلمهم من أخطائهم واستمرارهم في تدمير أنفسهم بأيديهم ولو كان جليس القمر صديقاً صدوقاً لعاتبه على صبره على الأرضيين وبقاءه ملتزماً بهم ، ولدأب على تشجيعه على حمل حقائبه إلى مجرة أخرى ، حيث يقدره الوجود على عطائه ويمجده جيرانه على إخلاصه ......... ونظل نحن تحت أعين القمر نحرث الأرض ونبدع في تقطيع أحشائها ونسخر ملكاتنا الذهنية والإبداعية في تحرير أنفسنا من أجمل الأشياء فينا
وبصراحة مظلوم يا قمر