عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,740
- مستوى التفاعل
- 2,758
- النقاط
- 113
قد يتوهم الإنسان أن بين ما يستعمله من الألفاظ ويجده في التراث مطابقة في المعنى حتى إذا فتش في المعجم وفحص تبين له أن المعنى غير المعنى؛ إذ قد يناله تخصيص بعد تعميم أو تعميم بعد تخصيص، أو اختلاف بيّن كأنه من قبيل المشترك اللفظي، ولعل من المفيد أن أعرض لبعض نصوص معجمية لنرى كيف تغير معناها على ألسنة الناس.
من ذلك ما جاء في معجم (جمهرة اللغة) لابن دريد "الطَّفَف: التقتير، طفَّف عَلَيْهِ تطفيفًا، إِذا قتّر عَلَيْهِ". وجاء في معجم (ديوان الأدب) للفارابي "ويُقالُ: هو الوَشيقةُ وشَيْءٌ طَفيفٌ". وأوجز لنا ابن فارس المعنى قال في (مقاييس اللغة) "الطَّاءُ وَالْفَاءُ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الشَّيْءِ. يُقَالُ: هَذَا شَيْءٌ طَفِيفٌ. وَيُقَالُ: إِنَاءٌ طَفَّانُ، أَيْ مَلْآنُ. وَالتَّطْفِيفُ: نَقْصُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَان". وأما في استعمال الناس اليوم فنجد معنى جديدًا هو الرغبة الطارئة في الشيء أو الشخص، فيقال "طفّ بالشيء، وهو طافّ به" إذا تعلق به فجأة، وفي هذا القول إشارة إلى أنّ هذا التعلق مؤقت قد يعقبه فتور وازورار، حتى إنهم ليعبرون عن مثل هذا الفعل بأنّه (طفّة). وقد أثبت هذا الاستعمال الشيخ محمد بن ناصر العبودي، جاء في (كلمات قضت) "والطَّفَّة في الشيء: الإقبال الشديد عليه الذي يعقبه تركه وإهماله. (طَفَّ) فلان بفلان: احتفى به وأكرمه إكرامًا زائدًا عن المعتاد. ولكن كان ذلك إلى أجل حيث أهمله ونسيه بعد ذلك".
ومن أمثلة هذا أيضًا ما جاء في (جمهرة اللغة) لابن دريد قال "طمَّ الْمَاءُ يطم طمًّا وطمومًا إِذا ارْتَفع. وكل شَيْء أفْرطَ فِي ارْتِفَاعٍ فقد طمَّ. وطمَّ الْفرسُ طَميمًا إِذا عدا عدوًا سهلًا. وطمَّ شعرَه طمًّا إِذا أَخذ مِنْهُ". وجاء في معجم (لسان العرب) لابن منظور "والطَّمُّ: طَمُّ الْبِئْرِ بِالتُّرَابِ، وَهُوَ الكَبْس وطَمَّ الشَّيْءَ بِالتُّرَابِ طَمًّا: كَبَسه. وطَمَّ البئرَ يَطِمُّها ويَطُمُّها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يَعْنِي كبَسَها. وطَمَّ رأْسَه يَطُمُّه طَمًّا: جَزَّه أَوْ غَضَّ مِنْهُ". والمقصود بكبس البئر ردمها، جاء في معجم (تاج العروس) للزبيدي " كَبَسَ البِئْرَ والنَّهْرَ يَكْبِسُهُمَا كَبْسًا: طَمَّهُما ورَدَمَهُمَا وطَوَاهُما بالتُّرابِ، وكذلِك الحُفْرَةَ". وأما الفعل (طمّ) في استعمال الناس فمختلف، فهو يعني (سقَفَ)، جاء في (كلمات قضت) "الطمام: الطين الذي يوضع على سقف المنزل، طمّ العامل الغرفة بمعنى سقَّفها ووضع الطين الذي ييبس فيصير سقفًا لها"، وليس يسهل ربط المعنيين في (الطمّ بمعنى الردم) و(الطمّ بمعنى السقف) من غير تكلف ملاحظة شبَه البيت من غير سقف بالبئر المفتوحة، وأنه بعد السقف والتغطية أشبه البئر المردومة والجامع أنّك لا ترى جوف البيت المسقوف ولا جوف البئر المردومة المكبوسة.
ومن ذلك استعمال الفعل (عاز)، نجد في معجم (المحكم) لابن سيده "عازَني الشَّيْء وأعْوَزَني: أعْجَزني على شدَّة حَاجَة وَالِاسْم العَوَزُ". فالفعل مرتبط بالعجز والإعجاز وهو مسند للشيء المعجِز، وأما في استعمال الناس اليوم فانتقل الإسناد إلى المفعول به في الأصل، وهو الشخص، على نحو من المطاوعة للفعل؛ إذ يقولون (اعتاز الإنسان الشيء) ،كأنّ التحول جاء من (عازني الشيءُ فاعتزتُ الشيءَ)؛ ولكن الفعل بالتحول اللفظي وهب معنى جديدًا بملابسته الحاجة فصار الفعل (اعتاز) بمعنى احتاج والعازة بمعنى الحاجة، ولا يخفى أن في الحاجة عجز سوغ استعمال العازة، وثمة فرق دقيق بين العوز والحاجة في الأصل؛ فالعوز هو العجز المصحوب بالحاجة لا الحاجة نفسها، ثمّ غاب هذا الفرق في استعمال المحدثين الذين سووا بين العوز والحاجة، فأنت تسمعهم يقولون: هذا ما له عازة، أي حاجة، وما يعتاز أي ما يحتاج.
ومن أمثلة ذلك الفعل (عبط) ومشتقاته، جاء في الصحاح "وعَبَطْتُ الناقةَ واعْتَبَطْتُها، إذا ذبحتها وليس بها علَّة فهي عَبيطَةٌ، ولحمها عَبيطٌ. وعَبَطَ فلان، إذا ألقى نفسَه في الحرب غير مُكْرهٍ. والعَبيطُ من الدم: الخالص الطرِيُّ. والعَبْطُ: الكذِبُ الصُراحُ من غير عُذْر. يقال اعْتَبَطَ فلانٌ عليَّ الكذب". وأمّا (العبط) في استعمال الناس اليوم في الجزيرة فيدل على العجن بالأصابع أو بالجمع لتليين ما يراد عجنه ليختلط ويتجانس محتواه، ومنه عبيط التمر أي المعبوط.
ومن أمثلة ذلك (العجّ) و(العجاج). فاستعمال الناس اليوم متعلق بالغبار وما تثيره الرياح من الرمال والأتربة، ولكنا نجد في المعاجم القديمة دلالة اللفظ على الصوت، جاء في معجم (العين) المنسوب للخليل بن أحمد "العَجُّ: رفع الصوت، يقال: عَجَّ يَعِجُّ عجًّا وعَجِيجًا"، ولكنا نجده يثبت المعنى المتصل في استعمال الناس "والعجاج: الغُبار، والتَّعجيجُ إثارةُ الريح الغبار، وفاعِلُه العَجَّاجُ والمِعْجَاجُ، تقول: عَجَّجَتْهُ الريحُ تَعْجِيجًا، وعَجَّجْتُ البيت دخانًا حتّى تَعَجَّجَ، أي امتلأ بالدخان". فالفعل له معنيان استمر أحدهما وتخلف الآخر وهذا تخيّر مستعملي اللغة فهم يحيون منها ما يستعملون ويميتون منها ما يهملون.
والأمثلة على ذلك كثيرة، ولذا نجد أنّ درس العلاقة بين التراث المحفوظ والاستعمال الملفوظ من مهمات أبناء العربية والباحثين، كما أنّ من مهماتهم ضمّ ما جدّ من استعمال ألفاظ وضعها الناس وضعًا وليس لها في المعاجم تقييد وهي جديرة بالتقييد والاستعمال.
من ذلك ما جاء في معجم (جمهرة اللغة) لابن دريد "الطَّفَف: التقتير، طفَّف عَلَيْهِ تطفيفًا، إِذا قتّر عَلَيْهِ". وجاء في معجم (ديوان الأدب) للفارابي "ويُقالُ: هو الوَشيقةُ وشَيْءٌ طَفيفٌ". وأوجز لنا ابن فارس المعنى قال في (مقاييس اللغة) "الطَّاءُ وَالْفَاءُ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الشَّيْءِ. يُقَالُ: هَذَا شَيْءٌ طَفِيفٌ. وَيُقَالُ: إِنَاءٌ طَفَّانُ، أَيْ مَلْآنُ. وَالتَّطْفِيفُ: نَقْصُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَان". وأما في استعمال الناس اليوم فنجد معنى جديدًا هو الرغبة الطارئة في الشيء أو الشخص، فيقال "طفّ بالشيء، وهو طافّ به" إذا تعلق به فجأة، وفي هذا القول إشارة إلى أنّ هذا التعلق مؤقت قد يعقبه فتور وازورار، حتى إنهم ليعبرون عن مثل هذا الفعل بأنّه (طفّة). وقد أثبت هذا الاستعمال الشيخ محمد بن ناصر العبودي، جاء في (كلمات قضت) "والطَّفَّة في الشيء: الإقبال الشديد عليه الذي يعقبه تركه وإهماله. (طَفَّ) فلان بفلان: احتفى به وأكرمه إكرامًا زائدًا عن المعتاد. ولكن كان ذلك إلى أجل حيث أهمله ونسيه بعد ذلك".
ومن أمثلة هذا أيضًا ما جاء في (جمهرة اللغة) لابن دريد قال "طمَّ الْمَاءُ يطم طمًّا وطمومًا إِذا ارْتَفع. وكل شَيْء أفْرطَ فِي ارْتِفَاعٍ فقد طمَّ. وطمَّ الْفرسُ طَميمًا إِذا عدا عدوًا سهلًا. وطمَّ شعرَه طمًّا إِذا أَخذ مِنْهُ". وجاء في معجم (لسان العرب) لابن منظور "والطَّمُّ: طَمُّ الْبِئْرِ بِالتُّرَابِ، وَهُوَ الكَبْس وطَمَّ الشَّيْءَ بِالتُّرَابِ طَمًّا: كَبَسه. وطَمَّ البئرَ يَطِمُّها ويَطُمُّها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يَعْنِي كبَسَها. وطَمَّ رأْسَه يَطُمُّه طَمًّا: جَزَّه أَوْ غَضَّ مِنْهُ". والمقصود بكبس البئر ردمها، جاء في معجم (تاج العروس) للزبيدي " كَبَسَ البِئْرَ والنَّهْرَ يَكْبِسُهُمَا كَبْسًا: طَمَّهُما ورَدَمَهُمَا وطَوَاهُما بالتُّرابِ، وكذلِك الحُفْرَةَ". وأما الفعل (طمّ) في استعمال الناس فمختلف، فهو يعني (سقَفَ)، جاء في (كلمات قضت) "الطمام: الطين الذي يوضع على سقف المنزل، طمّ العامل الغرفة بمعنى سقَّفها ووضع الطين الذي ييبس فيصير سقفًا لها"، وليس يسهل ربط المعنيين في (الطمّ بمعنى الردم) و(الطمّ بمعنى السقف) من غير تكلف ملاحظة شبَه البيت من غير سقف بالبئر المفتوحة، وأنه بعد السقف والتغطية أشبه البئر المردومة والجامع أنّك لا ترى جوف البيت المسقوف ولا جوف البئر المردومة المكبوسة.
ومن ذلك استعمال الفعل (عاز)، نجد في معجم (المحكم) لابن سيده "عازَني الشَّيْء وأعْوَزَني: أعْجَزني على شدَّة حَاجَة وَالِاسْم العَوَزُ". فالفعل مرتبط بالعجز والإعجاز وهو مسند للشيء المعجِز، وأما في استعمال الناس اليوم فانتقل الإسناد إلى المفعول به في الأصل، وهو الشخص، على نحو من المطاوعة للفعل؛ إذ يقولون (اعتاز الإنسان الشيء) ،كأنّ التحول جاء من (عازني الشيءُ فاعتزتُ الشيءَ)؛ ولكن الفعل بالتحول اللفظي وهب معنى جديدًا بملابسته الحاجة فصار الفعل (اعتاز) بمعنى احتاج والعازة بمعنى الحاجة، ولا يخفى أن في الحاجة عجز سوغ استعمال العازة، وثمة فرق دقيق بين العوز والحاجة في الأصل؛ فالعوز هو العجز المصحوب بالحاجة لا الحاجة نفسها، ثمّ غاب هذا الفرق في استعمال المحدثين الذين سووا بين العوز والحاجة، فأنت تسمعهم يقولون: هذا ما له عازة، أي حاجة، وما يعتاز أي ما يحتاج.
ومن أمثلة ذلك الفعل (عبط) ومشتقاته، جاء في الصحاح "وعَبَطْتُ الناقةَ واعْتَبَطْتُها، إذا ذبحتها وليس بها علَّة فهي عَبيطَةٌ، ولحمها عَبيطٌ. وعَبَطَ فلان، إذا ألقى نفسَه في الحرب غير مُكْرهٍ. والعَبيطُ من الدم: الخالص الطرِيُّ. والعَبْطُ: الكذِبُ الصُراحُ من غير عُذْر. يقال اعْتَبَطَ فلانٌ عليَّ الكذب". وأمّا (العبط) في استعمال الناس اليوم في الجزيرة فيدل على العجن بالأصابع أو بالجمع لتليين ما يراد عجنه ليختلط ويتجانس محتواه، ومنه عبيط التمر أي المعبوط.
ومن أمثلة ذلك (العجّ) و(العجاج). فاستعمال الناس اليوم متعلق بالغبار وما تثيره الرياح من الرمال والأتربة، ولكنا نجد في المعاجم القديمة دلالة اللفظ على الصوت، جاء في معجم (العين) المنسوب للخليل بن أحمد "العَجُّ: رفع الصوت، يقال: عَجَّ يَعِجُّ عجًّا وعَجِيجًا"، ولكنا نجده يثبت المعنى المتصل في استعمال الناس "والعجاج: الغُبار، والتَّعجيجُ إثارةُ الريح الغبار، وفاعِلُه العَجَّاجُ والمِعْجَاجُ، تقول: عَجَّجَتْهُ الريحُ تَعْجِيجًا، وعَجَّجْتُ البيت دخانًا حتّى تَعَجَّجَ، أي امتلأ بالدخان". فالفعل له معنيان استمر أحدهما وتخلف الآخر وهذا تخيّر مستعملي اللغة فهم يحيون منها ما يستعملون ويميتون منها ما يهملون.
والأمثلة على ذلك كثيرة، ولذا نجد أنّ درس العلاقة بين التراث المحفوظ والاستعمال الملفوظ من مهمات أبناء العربية والباحثين، كما أنّ من مهماتهم ضمّ ما جدّ من استعمال ألفاظ وضعها الناس وضعًا وليس لها في المعاجم تقييد وهي جديرة بالتقييد والاستعمال.