ـآلـرۉۉۉۉ ζ ـآلـڜـقـيـــۂ
Well-Known Member
- إنضم
- 27 أغسطس 2012
- المشاركات
- 2,816
- مستوى التفاعل
- 4
- النقاط
- 38
- العمر
- 26
سلسلة: درك البصيرة للنجاة من الفتن الخطيرة (11)
معترك الأفهام
بين الأنام وأشباه الأنعام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى، وعلى آله، وصحبه، ومن اهتدى .
أما بعد :
فإن الكلمة (أداة التخاطب)، وما من شكٍ فيه أنها تختلف ألفاظها في الموضوع المعين باعتبار لغة كل قوم، إلا أن معناها ومدلولها واحد، فاللفظ وسيلة والمعنى غاية .
ولهذا كان نظر العقلاء - عند الاشتباه - إلى المعاني، كما قال ابن القيم – رحمه الله - : "ففقيه النفس يقول: ما أردت ؟ ونصف الفقيه يقول: ما قلت ؟ " (إعلام الموقعين:3/54).
(والمعنى): هو جملة المعارف والعلوم المستقرة في قلب العبد – بداهةً أو اكتساباً .
(واللفظ): هو الصوت الحرفي المعبر عن (المعنى) بقصد التفهيم للمخاطب .
فيتلخص لنا من هذه المعطيات عدد من الأصول الرئيسية في حقيقة التخاطب بين العباد، فلا بد من:
غاية مطلوبة مقصودة، وهي: (المعنى) .
ووسيلة موصلة للمقصود، وهي: (اللفظ) .
وغرض صحيح للمتكلم، وهو: (تفهيم المخاطب) .
وهذه الأصول الرئيسية هي (شروط البيان التام):
1) العلم .
2) والفصاحة .
3) والنصح .
فكل من اجتمعت فيه هذه الأصول كان خطابه بياناً هادياً، فإن زاد اتصافه بها بأن كان : أعلم، وأفصح، وأنصح كان خطابه أبين وأهدى. وهي صفة الرسل – عليهم الصلاة والسلام – وصفة أتباعهم .
والخلل الناشئ في علوم الناس قائم على خلل في أحد هذه الأصول الثلاثة:
إما أنهم قبلوا خطاب من لا علم عنده - تقليداً أو تعصباً - .
وإما أنهم اشتبه عليهم خطابه: كإجماله في موضع البيان، أو تعميمه في موضع التخصيص، أو إطلاقه في موضع التقييد .
وإما أنهم لُبِّس عليهم الحق بالباطل، أو كُتم الحق عنهم – تضليلاً وتدليساً - .
ومرجع الخلل يعود إلى نقص في (العلم)، أو (القدرة)، أو (الإرادة):
فمن (نقص العلم): أن لا يكون عنده علم فيما يخاطب به الناس .
ومن (نقص القدرة) أن يكون عنده علم لكن لا يحسن التعبير عنه وبيانه لهم .
ومن (نقص الإرادة ): أن لا يقصد تفهيمهم وتبيين الحق لهم بكتمه، أو تحريفه .
ومن هذه المنطلقات يبدأ: تشخيص داء (معترك الأفهام)، وتمييز طلاب الحق من (أشباه الأنعام).
وليس المقصود معرفة الداء؛ لأنه أضحى واضحاً لكل ذي عينين، وأذنين . وإنما المقصود الأعظم معرفة الدواء النافع لهذا المرض العضال الذي بات (كليل مات صباحه) .
وخلاصة الشفاء تتمثل في إحكام مواضع الخلل في (البلاغ) – خطاباً، وفهماً - ليتجاوزها العبد، فلا يقبل من الخطابات إلا البلاغ المبين، وذلك بإحكام :
أصل العلم .
وآلة الفهم .
أما (أصل العلم) فهو: (الإيمان بالله ورسوله)، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:"قَاعِدَةٌ أَوَّلِيَّةٌ: أَنَّ أَصْلَ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ وَمَبْدَأَهُ وَدَلِيلَهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا : هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ " (مجموع الفتاوى:2/1).
فالإيمان بالله – تعالى – يتضمن معرفته ومحبته ومعرفة حقوقه والجزاء عليها . فالمؤمن بالله – تعالى – هو العالم بالله وبما يستحقه من الأسماء والصفات وما يجب له من الحقوق والواجبات فيحبه ويخافه ويرجوه، كما قال سبحانه - : { إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }.
فالإيمان بالله – تعالى – (يوجب النصح) فيدفع العبد عن نفسه موجبات فساد الإرادة من الكبر والحسد والبغي فتصلح عنده الإرادة فيكون صادقاً وناصحاً ومبيناً .
والإيمان بالرسول – صلى الله عليه وسلم – يتضمن: محبته وتصديقه وطاعته ومتابعته . فالمؤمن بالرسول على الكمال هو العالم بأمر الله، أي: بشرعه - أمراً ونهياً – والمتبع له .
والإيمان بالرسالة (يوجب العلم) الذي يدفع به العبد عن نفسه نقص المعرفة في إصابة الحق المستلزم للجهل، فاتباع الرسالة ينافي التقليد الأعمى، والتعصب للرجال .
وأما (آلة الفهم) فهي (اقتفاء آثار السلف) المشتملة على ركائز الرسوخ في العلم - معرفة مقاصد الشريعة، ومعرفة اللغة العربية - المباينة لطريقة أهل البدع الزائغين المتبعين للمتشابهات .
وهذا (يوجب القدرة) على فهم النص الشرعي والتعبير عنه ." وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَةِ عبدوس بْنِ مَالِكٍ : " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَتَرْكُ الْبِدَعِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " (مجموع الفتاوى:4/102).
فاتباع الصحابة يرفع الاشتباه عن الخطاب الشرعي لما كانوا عليه من علم بالمقاصد الرسالية، وعلم باللسان العربي . { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } (غافر:30-33). فاللهم هداك نسأل .
أعده
أبو زيد العتيبي
12/محرم/1434
بين الأنام وأشباه الأنعام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى، وعلى آله، وصحبه، ومن اهتدى .
أما بعد :
فإن الكلمة (أداة التخاطب)، وما من شكٍ فيه أنها تختلف ألفاظها في الموضوع المعين باعتبار لغة كل قوم، إلا أن معناها ومدلولها واحد، فاللفظ وسيلة والمعنى غاية .
ولهذا كان نظر العقلاء - عند الاشتباه - إلى المعاني، كما قال ابن القيم – رحمه الله - : "ففقيه النفس يقول: ما أردت ؟ ونصف الفقيه يقول: ما قلت ؟ " (إعلام الموقعين:3/54).
(والمعنى): هو جملة المعارف والعلوم المستقرة في قلب العبد – بداهةً أو اكتساباً .
(واللفظ): هو الصوت الحرفي المعبر عن (المعنى) بقصد التفهيم للمخاطب .
فيتلخص لنا من هذه المعطيات عدد من الأصول الرئيسية في حقيقة التخاطب بين العباد، فلا بد من:
غاية مطلوبة مقصودة، وهي: (المعنى) .
ووسيلة موصلة للمقصود، وهي: (اللفظ) .
وغرض صحيح للمتكلم، وهو: (تفهيم المخاطب) .
وهذه الأصول الرئيسية هي (شروط البيان التام):
1) العلم .
2) والفصاحة .
3) والنصح .
فكل من اجتمعت فيه هذه الأصول كان خطابه بياناً هادياً، فإن زاد اتصافه بها بأن كان : أعلم، وأفصح، وأنصح كان خطابه أبين وأهدى. وهي صفة الرسل – عليهم الصلاة والسلام – وصفة أتباعهم .
والخلل الناشئ في علوم الناس قائم على خلل في أحد هذه الأصول الثلاثة:
إما أنهم قبلوا خطاب من لا علم عنده - تقليداً أو تعصباً - .
وإما أنهم اشتبه عليهم خطابه: كإجماله في موضع البيان، أو تعميمه في موضع التخصيص، أو إطلاقه في موضع التقييد .
وإما أنهم لُبِّس عليهم الحق بالباطل، أو كُتم الحق عنهم – تضليلاً وتدليساً - .
ومرجع الخلل يعود إلى نقص في (العلم)، أو (القدرة)، أو (الإرادة):
فمن (نقص العلم): أن لا يكون عنده علم فيما يخاطب به الناس .
ومن (نقص القدرة) أن يكون عنده علم لكن لا يحسن التعبير عنه وبيانه لهم .
ومن (نقص الإرادة ): أن لا يقصد تفهيمهم وتبيين الحق لهم بكتمه، أو تحريفه .
ومن هذه المنطلقات يبدأ: تشخيص داء (معترك الأفهام)، وتمييز طلاب الحق من (أشباه الأنعام).
وليس المقصود معرفة الداء؛ لأنه أضحى واضحاً لكل ذي عينين، وأذنين . وإنما المقصود الأعظم معرفة الدواء النافع لهذا المرض العضال الذي بات (كليل مات صباحه) .
وخلاصة الشفاء تتمثل في إحكام مواضع الخلل في (البلاغ) – خطاباً، وفهماً - ليتجاوزها العبد، فلا يقبل من الخطابات إلا البلاغ المبين، وذلك بإحكام :
أصل العلم .
وآلة الفهم .
أما (أصل العلم) فهو: (الإيمان بالله ورسوله)، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:"قَاعِدَةٌ أَوَّلِيَّةٌ: أَنَّ أَصْلَ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ وَمَبْدَأَهُ وَدَلِيلَهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا : هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ " (مجموع الفتاوى:2/1).
فالإيمان بالله – تعالى – يتضمن معرفته ومحبته ومعرفة حقوقه والجزاء عليها . فالمؤمن بالله – تعالى – هو العالم بالله وبما يستحقه من الأسماء والصفات وما يجب له من الحقوق والواجبات فيحبه ويخافه ويرجوه، كما قال سبحانه - : { إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }.
فالإيمان بالله – تعالى – (يوجب النصح) فيدفع العبد عن نفسه موجبات فساد الإرادة من الكبر والحسد والبغي فتصلح عنده الإرادة فيكون صادقاً وناصحاً ومبيناً .
والإيمان بالرسول – صلى الله عليه وسلم – يتضمن: محبته وتصديقه وطاعته ومتابعته . فالمؤمن بالرسول على الكمال هو العالم بأمر الله، أي: بشرعه - أمراً ونهياً – والمتبع له .
والإيمان بالرسالة (يوجب العلم) الذي يدفع به العبد عن نفسه نقص المعرفة في إصابة الحق المستلزم للجهل، فاتباع الرسالة ينافي التقليد الأعمى، والتعصب للرجال .
وأما (آلة الفهم) فهي (اقتفاء آثار السلف) المشتملة على ركائز الرسوخ في العلم - معرفة مقاصد الشريعة، ومعرفة اللغة العربية - المباينة لطريقة أهل البدع الزائغين المتبعين للمتشابهات .
وهذا (يوجب القدرة) على فهم النص الشرعي والتعبير عنه ." وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَةِ عبدوس بْنِ مَالِكٍ : " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَتَرْكُ الْبِدَعِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " (مجموع الفتاوى:4/102).
فاتباع الصحابة يرفع الاشتباه عن الخطاب الشرعي لما كانوا عليه من علم بالمقاصد الرسالية، وعلم باللسان العربي . { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } (غافر:30-33). فاللهم هداك نسأل .
أعده
أبو زيد العتيبي
12/محرم/1434