سما العراق
Well-Known Member
- إنضم
- 28 يونيو 2020
- المشاركات
- 13,633
- مستوى التفاعل
- 52
- النقاط
- 48
من الله نستمدّ المنعة والعزّة
ورد في دعاء كميل المروي عن أمير المؤمنين الإمام عليّ (ع): «وبعزّتِكَ التي لا يقومُ لها شيء».
العزيز: صفة من صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى. والعزّ في الأصل يفيد معاني: القوّة، والشدّة، والغلبة، والرفعة، والامتناع. ولذا قيل إنّ العزيز هو الممتنع الذي لا يغلبه شيء، وهو القوي الغالب كلّ شيء، وهو الذي ليس كمثله شيء.
والقيام: في الأصل يفيد الجلوس، كما يفيد معاني أُخرى، أبرزها، وهو المطلوب هنا، هو معنى الدوام والوقوف والثبات.
ولقد نسب القرآن الكريم، من جهة، العزّة كلّها إلى الله سبحانه وتعالى، قائلاً: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) (فاطر/ 10)، لأنّ (الْقُوَّةَ لِلهِ جَمِيعاً) (البقرة/ 165)، ولأنّه، تعالى، هو الممتنع حقّاً عن أن يُنال بالفكر والإرادة، وهو الغالب غير المغلوب. ومن جهةٍ أُخرى، ينسب القرآن الكريم العزّة إلى الله ورسوله والمؤمنين، قائلاً: (وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون/ 8). فقط عطف سبحانه وتعالى عزّة رسوله على عزّته، وعزّة المؤمنين على عزّة رسول الله (ص). وإذا كانت عزّة الله سبحانه وتعالى لا تُنال ولا يقوم لها شيء، فإنّ عزّة رسوله وعزّة المؤمنين لا يمكن أن ينال منها شيء أو يقوم لها شيء، لأنّها من عزّته سبحانه وتعالى.
وفي ذلك إشعار ضمني لنا بأنّ حركة الإيمان مهما اعترضها من مشاكل وعقبات ومنعطفات، ومهما تعرَّضت لصنوف البلايا والشدائد، ومهما تربَّصت بها دوائر القوى الغاشمة وظنّت أنّها منتصرة، غالبة، قاهرة، فإنّ النصر والغَلَبة لابدّ ستكون في النهاية للمؤمنين حقّاً.. فالمؤمنون الذين لحموا عزّتهم بعزّة الله سبحانه وتعالى، وعزّة رسوله التي هي عزّة رسالته (ص)، لا يمكن أن تعرف الكلل أو الوهن أو الاستسلام، مهما كان الواقع سيِّئاً وموحياً باليأس والإحباط. بل، على العكس من ذلك، فهم مع كلّ تجربة قاسية، ومع كلّ منعطف حاسم، يخرجون أكثر غنىً، وأشدّ بأساً، وأمضى عزيمة، وأرفع وَعياً وتبصّراً بما يجري حولهم.
فالمؤمنون حقّاً هم العلامات المضيئة في سماء الأُمّة المكفهرّة، وهم إشراقات الأمل تخرج من بين غياهب ظلمات اليأس والقنوط. إنّهم المستقبل بكلِّ ما تحمله كلمة مستقبل من معاني الوعد والأمل بالتغيير. لكن إذا كان من معاني العزّة، القوّة، والامتناع، والرفعة، والغَلَبة، والتفرّد، ألا يعني هذا أنّ العزّة لا تُولَد هكذا من لا شيء، ولا تأتي منّة من دون عمل وسَعي؟! فلكي يكون المرء عزيزاً، عليه أن يعمل لكي يكون قويّاً، منيعاً، ذا شأن رفيع ونموذج فريد لا يُحاكى.
وهذا يعني أنْ نلمَّ بكلِّ مستلزمات القوّة المادّية والمعنوية وعناصرها وأسبابها في داخل الأُمّة، حتى نستطيع، بالفعل، أن نكون أُمّة عزيزة «لا يقومُ لها شيء»، بل تقوم هي بالتصدّي لكلِّ شيء، مقدِّمة نفسها كنموذج حضاري وثقافي يشعّ على كلِّ أنحاء المعمورة.
هكذا يجب أن نستشعر معاني العزّة.. ونحن ندعو بدعاء كميل، أو بغيره من الأدعية، نتصوّر أنّنا مسؤولون عن أن نعيش العزّة في حياتنا، لا مجرّد عيش فكر ووجدان شعوري فحسب، وإنّما عيش عملي، إلى أنْ نجسِّد العزّة واقعاً ملموساً من خلال تهيئة أسبابها وعواملها.
من هنا، على مَن يقرأ دعاء كميل أن يعيش هذه الأجواء. فالإمام عليّ (ع) عندما كان يدعو بهذه الكلمات، كان يعيش أجواء العزّة الإلهيّة حتى الذوبان، وبات الدُّعاء عنده يمثِّل حالة وجدانية عميقة في نفسه. إذاً، يجب علينا، عندما نقرأ الدُّعاء، أن لا نستظهره استظهاراً كأيِّ شيء عابرٍ في حياتنا.. ليحُسَّ كلّ واحدٍ منّا بعظمةِ الله وسيطرتِه وجبروتِه دائماً، وليشعر بحقارة كلّ شيء أمامه سبحانه وتعالى، وهذا الأمر نحتاجه لكي لا نشعر بالهزيمة النفسية أمام أيّ قوّة غازية أو محتلة، صغيرة كانت أو كبيرة، هذا الشعور الذي يتولَّد لدينا بسبب من إخلادنا إلى الأرض وعدم تطلُّعنا إلى السماء.
يقول الله سبحانه وتعالى عن بعض الناس: (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ) (الأعراف/ 176)، أي أنّه لم يرتفع بنظره إلى السماء، بل بقي مستغرقاً في الأرض وما فيها وعليها. هذا الإنسان ابتلعته الأرض وشغلته عن كلِّ شيء ما عداها، فلم يعد ينظر إلى الأعلى، جاعلاً كلّ ضوء عينه ما تحت قدميه.. فالأرض باتت تمثِّل كلّ شيء بالنسبة إليه، والذي يكون سمة حياته الإخلاد إلى الأرض، فهو عرضة دائماً لليأس والإحباط والإذعان والإذلال.
لذا، علينا أن نظلّ ننظر إلى الله تعالى، أن تستشعر قلوبنا وعقولنا وإرادتنا رحمة الله وقدرته وقوّته وعظمته وجبروته، وبذلك نبقى مرتبطين بمصدر كلّ قوّة وعزّة ومنعة وعظمة، هذا الارتباط الذي يجعل القوّة والمنعة والعزّة دائمة التدفّق في شرايين وجودنا، فلا نشعر معها باليأس، وإنْ مسّنا طائف من التعب، سرعان ما ننشط لمجرّد ذكر الله تعالى واللجوء إليه.. فبقدر ما نقوِّي ارتباطنا بالله سبحانه وتعالى، نزداد قُرباً منه، وحبّاً له، ونتّصل أكثر فأكثر بمصدر طاقة وجودنا ومعاشنا العزيزين المنيعين.
ألم يقل الشاعر: على قَدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ؟! إنّ العزيز عزّة لا يمكن أن ينالها الذلّ، العظيم عظمة لا يمكن أن ينالها نقص، هو الله سبحانه وتعالى، لأنّه هو القوّة المطلقة.. عندما نعيش هذه الأجواء، علينا أن نعيشها في أنفُسنا، حتى نملأها بالله، فإذا امتلأت نفس الإنسان بالله، فلن يخاف شيئاً بعد ذلك.
من صفحة البلاغ
ورد في دعاء كميل المروي عن أمير المؤمنين الإمام عليّ (ع): «وبعزّتِكَ التي لا يقومُ لها شيء».
العزيز: صفة من صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى. والعزّ في الأصل يفيد معاني: القوّة، والشدّة، والغلبة، والرفعة، والامتناع. ولذا قيل إنّ العزيز هو الممتنع الذي لا يغلبه شيء، وهو القوي الغالب كلّ شيء، وهو الذي ليس كمثله شيء.
والقيام: في الأصل يفيد الجلوس، كما يفيد معاني أُخرى، أبرزها، وهو المطلوب هنا، هو معنى الدوام والوقوف والثبات.
ولقد نسب القرآن الكريم، من جهة، العزّة كلّها إلى الله سبحانه وتعالى، قائلاً: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) (فاطر/ 10)، لأنّ (الْقُوَّةَ لِلهِ جَمِيعاً) (البقرة/ 165)، ولأنّه، تعالى، هو الممتنع حقّاً عن أن يُنال بالفكر والإرادة، وهو الغالب غير المغلوب. ومن جهةٍ أُخرى، ينسب القرآن الكريم العزّة إلى الله ورسوله والمؤمنين، قائلاً: (وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون/ 8). فقط عطف سبحانه وتعالى عزّة رسوله على عزّته، وعزّة المؤمنين على عزّة رسول الله (ص). وإذا كانت عزّة الله سبحانه وتعالى لا تُنال ولا يقوم لها شيء، فإنّ عزّة رسوله وعزّة المؤمنين لا يمكن أن ينال منها شيء أو يقوم لها شيء، لأنّها من عزّته سبحانه وتعالى.
وفي ذلك إشعار ضمني لنا بأنّ حركة الإيمان مهما اعترضها من مشاكل وعقبات ومنعطفات، ومهما تعرَّضت لصنوف البلايا والشدائد، ومهما تربَّصت بها دوائر القوى الغاشمة وظنّت أنّها منتصرة، غالبة، قاهرة، فإنّ النصر والغَلَبة لابدّ ستكون في النهاية للمؤمنين حقّاً.. فالمؤمنون الذين لحموا عزّتهم بعزّة الله سبحانه وتعالى، وعزّة رسوله التي هي عزّة رسالته (ص)، لا يمكن أن تعرف الكلل أو الوهن أو الاستسلام، مهما كان الواقع سيِّئاً وموحياً باليأس والإحباط. بل، على العكس من ذلك، فهم مع كلّ تجربة قاسية، ومع كلّ منعطف حاسم، يخرجون أكثر غنىً، وأشدّ بأساً، وأمضى عزيمة، وأرفع وَعياً وتبصّراً بما يجري حولهم.
فالمؤمنون حقّاً هم العلامات المضيئة في سماء الأُمّة المكفهرّة، وهم إشراقات الأمل تخرج من بين غياهب ظلمات اليأس والقنوط. إنّهم المستقبل بكلِّ ما تحمله كلمة مستقبل من معاني الوعد والأمل بالتغيير. لكن إذا كان من معاني العزّة، القوّة، والامتناع، والرفعة، والغَلَبة، والتفرّد، ألا يعني هذا أنّ العزّة لا تُولَد هكذا من لا شيء، ولا تأتي منّة من دون عمل وسَعي؟! فلكي يكون المرء عزيزاً، عليه أن يعمل لكي يكون قويّاً، منيعاً، ذا شأن رفيع ونموذج فريد لا يُحاكى.
وهذا يعني أنْ نلمَّ بكلِّ مستلزمات القوّة المادّية والمعنوية وعناصرها وأسبابها في داخل الأُمّة، حتى نستطيع، بالفعل، أن نكون أُمّة عزيزة «لا يقومُ لها شيء»، بل تقوم هي بالتصدّي لكلِّ شيء، مقدِّمة نفسها كنموذج حضاري وثقافي يشعّ على كلِّ أنحاء المعمورة.
هكذا يجب أن نستشعر معاني العزّة.. ونحن ندعو بدعاء كميل، أو بغيره من الأدعية، نتصوّر أنّنا مسؤولون عن أن نعيش العزّة في حياتنا، لا مجرّد عيش فكر ووجدان شعوري فحسب، وإنّما عيش عملي، إلى أنْ نجسِّد العزّة واقعاً ملموساً من خلال تهيئة أسبابها وعواملها.
من هنا، على مَن يقرأ دعاء كميل أن يعيش هذه الأجواء. فالإمام عليّ (ع) عندما كان يدعو بهذه الكلمات، كان يعيش أجواء العزّة الإلهيّة حتى الذوبان، وبات الدُّعاء عنده يمثِّل حالة وجدانية عميقة في نفسه. إذاً، يجب علينا، عندما نقرأ الدُّعاء، أن لا نستظهره استظهاراً كأيِّ شيء عابرٍ في حياتنا.. ليحُسَّ كلّ واحدٍ منّا بعظمةِ الله وسيطرتِه وجبروتِه دائماً، وليشعر بحقارة كلّ شيء أمامه سبحانه وتعالى، وهذا الأمر نحتاجه لكي لا نشعر بالهزيمة النفسية أمام أيّ قوّة غازية أو محتلة، صغيرة كانت أو كبيرة، هذا الشعور الذي يتولَّد لدينا بسبب من إخلادنا إلى الأرض وعدم تطلُّعنا إلى السماء.
يقول الله سبحانه وتعالى عن بعض الناس: (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ) (الأعراف/ 176)، أي أنّه لم يرتفع بنظره إلى السماء، بل بقي مستغرقاً في الأرض وما فيها وعليها. هذا الإنسان ابتلعته الأرض وشغلته عن كلِّ شيء ما عداها، فلم يعد ينظر إلى الأعلى، جاعلاً كلّ ضوء عينه ما تحت قدميه.. فالأرض باتت تمثِّل كلّ شيء بالنسبة إليه، والذي يكون سمة حياته الإخلاد إلى الأرض، فهو عرضة دائماً لليأس والإحباط والإذعان والإذلال.
لذا، علينا أن نظلّ ننظر إلى الله تعالى، أن تستشعر قلوبنا وعقولنا وإرادتنا رحمة الله وقدرته وقوّته وعظمته وجبروته، وبذلك نبقى مرتبطين بمصدر كلّ قوّة وعزّة ومنعة وعظمة، هذا الارتباط الذي يجعل القوّة والمنعة والعزّة دائمة التدفّق في شرايين وجودنا، فلا نشعر معها باليأس، وإنْ مسّنا طائف من التعب، سرعان ما ننشط لمجرّد ذكر الله تعالى واللجوء إليه.. فبقدر ما نقوِّي ارتباطنا بالله سبحانه وتعالى، نزداد قُرباً منه، وحبّاً له، ونتّصل أكثر فأكثر بمصدر طاقة وجودنا ومعاشنا العزيزين المنيعين.
ألم يقل الشاعر: على قَدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ؟! إنّ العزيز عزّة لا يمكن أن ينالها الذلّ، العظيم عظمة لا يمكن أن ينالها نقص، هو الله سبحانه وتعالى، لأنّه هو القوّة المطلقة.. عندما نعيش هذه الأجواء، علينا أن نعيشها في أنفُسنا، حتى نملأها بالله، فإذا امتلأت نفس الإنسان بالله، فلن يخاف شيئاً بعد ذلك.
من صفحة البلاغ