عبدالله الجميلي
Well-Known Member
- إنضم
- 30 يونيو 2017
- المشاركات
- 1,613
- مستوى التفاعل
- 615
- النقاط
- 113
"من فرج عن مسلم كربة"
قصة قصيرة
في أحد أيام الشتاء الباردة في إحدى القرى العراقية النائية، كان هناك رجل طيب يدعى "فارس". كان فارس معروفًا في قريته بنبل أخلاقه وسعة صدره. كان فقيرًا، لا يملك من الدنيا سوى قوت يومه، لكن قلبه كان أغنى من كل كنوز الأرض. كانت أيامه تمر في العمل الجاد والعطاء، وكان يساعد الجميع دون تردد، حتى لو كان ذلك يعني تقليص حصته من الطعام والشراب.
في أحد الأيام، سمع فارس عن حادث وقع في الجبال المجاورة للقرية. كان هناك قافلة تجارية قد تعرضت لمشاكل بسبب العاصفة الشديدة، وتعرضت للسرقة من قبل قطاع الطرق، ونجا منها رجل واحد فقط اسمه "أحمد"، الذي كان في حالة يرثى لها بعد أن فقد كل ما كان معه، من مال وطعام، وكان في طريقه إلى القرية للبحث عن مأوى ومساعدة.
عندما وصل أحمد إلى القرية، كان مرهقًا، مغطى بالثلوج، وجسده يئن من التعب والجوع. سرعان ما لفت أنظار القرويين، الذين كانوا يراقبون الموقف في صمت، وكان كل واحد منهم يراقب الآخر ليتأكد إن كان سيبادر بمساعدته. لم يتردد فارس في لحظة من اللحظات، بل قام على الفور بحمل أحمد إلى منزله.
أدخل فارس أحمد إلى داره المتواضعة وأشعل المدفأة الصغيرة، ثم قدم له طعامًا دافئًا. وعندما استعاد أحمد بعضًا من قوته، بدأ يروي لفارس قصته. قال أحمد: "لقد كنت في قافلة تجارية، وفقدت كل شيء في حادث مؤلم. كانت عاصفة شديدة، ومعها جاء قطاع الطرق ليأخذوا كل ما لدينا، ولم يكن لدينا أمل في النجاة. ولكنني كنت محظوظًا بأنني تمكّنت من الفرار. الآن ليس لي مكان أذهب إليه."
أجاب فارس وهو يمسح يديه بالمنديل: "لا تقلق، أنت في منزلك الآن. وأنا سأساعدك بكل ما أستطيع. ما نملكه قليل، لكنني سأبذل كل جهدي لإعانتك."
بقي أحمد في منزل فارس لعدة أيام، وأثناء تلك الأيام، بدأ فارس يواسيه بالكلمات الطيبة، ويشجعه على ألا ييأس من رحمة الله. وكان يقدم له الطعام والشراب رغم أن وضعه المالي لم يكن جيدًا.
وفي اليوم الرابع، وصل إلى فارس خبر محزن؛ فقد أصيب في حادث في الأرض التي يزرعها، ولم يعد يستطيع العمل بسبب إصابته. كانت الأمور تزداد صعوبة، خاصة أن فارس كان هو الوحيد الذي يعتمد عليه في إعالة أسرته الصغيرة. ولكن بدلًا من أن ييأس، فكر في الحلول، وعلم أنه لا بد من مساعدة الآخرين في وقت المحنة.
عندما اكتشف أحمد أن فارس قد تعرض لحادثه، قرر أن يقدم له ما يستطيع. ذهب إلى السوق لشراء بعض الطعام والمال الذي كان قد جمعه، وعاد إلى منزل فارس في صباح اليوم التالي. وعندما وصل، قال له أحمد: "لقد كنت لي أخًا في وقت الحاجة، والآن حان وقت ردي الجميل. هذه الأموال والطعام هي هديتي لك، وأنا مستعد للعمل معك في الأرض إذا كنت بحاجة لذلك."
فوجئ فارس بعرض أحمد، فقال له بدموع في عينيه: "لقد كنت في محنة، ولم تترك لي في وقت ضعفي. كيف لي أن أرد لك جميلك؟" فقال أحمد مبتسمًا: "أنا فقط أردت أن أساعدك كما ساعدتني، فإني أعلم أن من فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة."
مرت الأيام، وبدأ فارس وأحمد معًا في العمل على الأرض، وتعاونوا في الزراعة، فكانت النتيجة أفضل مما توقعوا. ومع مرور الوقت، بدأت أمور فارس تتحسن، وأصبح لديه ما يكفيه لإعالة أسرته وشراء بعض الأغراض الضرورية. أما أحمد، فقد نجح في العثور على عمل في المدينة المجاورة، وكان كلما عاد إلى القرية، يزور فارس ويساعده في أي شيء يحتاجه.
وبعد عدة سنوات، عاد أحمد إلى المدينة التي نشأ فيها فارس، وقال له: "لقد كنت لي مثل الأخ، ولا يمكنني أن أنسى ما فعلته من أجلي في وقت محنتي. اليوم، أستطيع أن أقول لك إن الله قد فرج عني كل هم، وأعاد إليّ أكثر مما كنت أتمنى، بفضل دعائك ومساعدتك. لكن الأهم من ذلك، أنك جعلتني أؤمن أن الفرج لا يأتي إلا عندما نساعد الآخرين في وقت الشدة."
ابتسم فارس وقال له: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن العمل، وقد كان ذلك جزاؤنا. فكلما أزلنا عن أخينا كربة، يفرج الله عنا كربًا أكبر في الدنيا والآخرة."
وهكذا، استمر فارس وأحمد في حياتهما، يعملان معًا ويتعاونان في السراء والضراء، ويعلمان أن من فرج عن مسلم كربة، فالله سيجازيه بفرجٍ لا يتوقعه.
بقلم محمد الخضيري الجميلي
قصة قصيرة
في أحد أيام الشتاء الباردة في إحدى القرى العراقية النائية، كان هناك رجل طيب يدعى "فارس". كان فارس معروفًا في قريته بنبل أخلاقه وسعة صدره. كان فقيرًا، لا يملك من الدنيا سوى قوت يومه، لكن قلبه كان أغنى من كل كنوز الأرض. كانت أيامه تمر في العمل الجاد والعطاء، وكان يساعد الجميع دون تردد، حتى لو كان ذلك يعني تقليص حصته من الطعام والشراب.
في أحد الأيام، سمع فارس عن حادث وقع في الجبال المجاورة للقرية. كان هناك قافلة تجارية قد تعرضت لمشاكل بسبب العاصفة الشديدة، وتعرضت للسرقة من قبل قطاع الطرق، ونجا منها رجل واحد فقط اسمه "أحمد"، الذي كان في حالة يرثى لها بعد أن فقد كل ما كان معه، من مال وطعام، وكان في طريقه إلى القرية للبحث عن مأوى ومساعدة.
عندما وصل أحمد إلى القرية، كان مرهقًا، مغطى بالثلوج، وجسده يئن من التعب والجوع. سرعان ما لفت أنظار القرويين، الذين كانوا يراقبون الموقف في صمت، وكان كل واحد منهم يراقب الآخر ليتأكد إن كان سيبادر بمساعدته. لم يتردد فارس في لحظة من اللحظات، بل قام على الفور بحمل أحمد إلى منزله.
أدخل فارس أحمد إلى داره المتواضعة وأشعل المدفأة الصغيرة، ثم قدم له طعامًا دافئًا. وعندما استعاد أحمد بعضًا من قوته، بدأ يروي لفارس قصته. قال أحمد: "لقد كنت في قافلة تجارية، وفقدت كل شيء في حادث مؤلم. كانت عاصفة شديدة، ومعها جاء قطاع الطرق ليأخذوا كل ما لدينا، ولم يكن لدينا أمل في النجاة. ولكنني كنت محظوظًا بأنني تمكّنت من الفرار. الآن ليس لي مكان أذهب إليه."
أجاب فارس وهو يمسح يديه بالمنديل: "لا تقلق، أنت في منزلك الآن. وأنا سأساعدك بكل ما أستطيع. ما نملكه قليل، لكنني سأبذل كل جهدي لإعانتك."
بقي أحمد في منزل فارس لعدة أيام، وأثناء تلك الأيام، بدأ فارس يواسيه بالكلمات الطيبة، ويشجعه على ألا ييأس من رحمة الله. وكان يقدم له الطعام والشراب رغم أن وضعه المالي لم يكن جيدًا.
وفي اليوم الرابع، وصل إلى فارس خبر محزن؛ فقد أصيب في حادث في الأرض التي يزرعها، ولم يعد يستطيع العمل بسبب إصابته. كانت الأمور تزداد صعوبة، خاصة أن فارس كان هو الوحيد الذي يعتمد عليه في إعالة أسرته الصغيرة. ولكن بدلًا من أن ييأس، فكر في الحلول، وعلم أنه لا بد من مساعدة الآخرين في وقت المحنة.
عندما اكتشف أحمد أن فارس قد تعرض لحادثه، قرر أن يقدم له ما يستطيع. ذهب إلى السوق لشراء بعض الطعام والمال الذي كان قد جمعه، وعاد إلى منزل فارس في صباح اليوم التالي. وعندما وصل، قال له أحمد: "لقد كنت لي أخًا في وقت الحاجة، والآن حان وقت ردي الجميل. هذه الأموال والطعام هي هديتي لك، وأنا مستعد للعمل معك في الأرض إذا كنت بحاجة لذلك."
فوجئ فارس بعرض أحمد، فقال له بدموع في عينيه: "لقد كنت في محنة، ولم تترك لي في وقت ضعفي. كيف لي أن أرد لك جميلك؟" فقال أحمد مبتسمًا: "أنا فقط أردت أن أساعدك كما ساعدتني، فإني أعلم أن من فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة."
مرت الأيام، وبدأ فارس وأحمد معًا في العمل على الأرض، وتعاونوا في الزراعة، فكانت النتيجة أفضل مما توقعوا. ومع مرور الوقت، بدأت أمور فارس تتحسن، وأصبح لديه ما يكفيه لإعالة أسرته وشراء بعض الأغراض الضرورية. أما أحمد، فقد نجح في العثور على عمل في المدينة المجاورة، وكان كلما عاد إلى القرية، يزور فارس ويساعده في أي شيء يحتاجه.
وبعد عدة سنوات، عاد أحمد إلى المدينة التي نشأ فيها فارس، وقال له: "لقد كنت لي مثل الأخ، ولا يمكنني أن أنسى ما فعلته من أجلي في وقت محنتي. اليوم، أستطيع أن أقول لك إن الله قد فرج عني كل هم، وأعاد إليّ أكثر مما كنت أتمنى، بفضل دعائك ومساعدتك. لكن الأهم من ذلك، أنك جعلتني أؤمن أن الفرج لا يأتي إلا عندما نساعد الآخرين في وقت الشدة."
ابتسم فارس وقال له: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن العمل، وقد كان ذلك جزاؤنا. فكلما أزلنا عن أخينا كربة، يفرج الله عنا كربًا أكبر في الدنيا والآخرة."
وهكذا، استمر فارس وأحمد في حياتهما، يعملان معًا ويتعاونان في السراء والضراء، ويعلمان أن من فرج عن مسلم كربة، فالله سيجازيه بفرجٍ لا يتوقعه.
بقلم محمد الخضيري الجميلي