الطائر الحر
Well-Known Member
كتّاب القرن الماضي أسهموا برفع المستوى الثقافي لسعاد حسني (يمين) و نادية لطفي (وسط) ومديحة يسري (مواقع التواصل)
تكشف زلات اللسان عن مستوى الثقافة والوعي لدى كثيرين، تماما مثلما كشفت بعض تصريحات الفنانات المصريات في مهرجان الجونة عن معلوماتهن العامة.
فالممثلة ليلى علوى تحدثت عن المجتمعات الذكورية واستدلت بأن أعداد النساء في مصر أكبر من الرجال، وهو ما يدحض في رأيها مسألة ذكورية المجتمع، إلى جانب صراع الإنسان مع الديناصورات وانتصاره عليها كما رأت الممثلة رانيا يوسف، واستدلت بذلك على قدرة الإنسان على مواجهة جائحة كورونا، وهذا في الحقيقة محض خيال لا يدل على أي خلفية ثقافية لديها.
ولا يمكن التحامل على الوسط الفني ووصمه بضحالة الثقافة، وبلا شك فإن هناك كثيرات لديهن قدر كبير من المعرفة، ولكن ربما تجبرنا العودة إلى نجمات القرن الماضي على المقارنة مع الفنانات الحاليات. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن وراء كل نجمة مثقفة معلما أسهم في وضعها على الطريق الصحيح للنضج الفكري، وهو ما انعكس لاحقا على مستواها الفني والشخصي.
مديحة يسري والأستاذ
أتيحت الفرصة للفنانة الراحلة مديحة يسري للاقتراب من الكاتب المصري الكبير عباس العقاد حين كانت في الـ18 من عمرها في حين أنه تجاوز50 عاما.
وتعلمت مديحة من أستاذها رغم صغر سنها، إذ كانت تشعر بأنها إلى جانب شخصية عظيمة، وبالفعل تبنّاها العقاد فكريا وثقافيا، وانبهرت بالمكتبة الكبيرة في منزله وبدأ شغفها في القراءة والمعرفة، ولكنها حين اتجهت إلى العمل في السينما قررت الابتعاد عن العقاد الذي رفض طموحها السينمائي تماما، وفقا لكتاب "أعلام الأدب العربي المعاصر" للكاتب محمد الهواري.
ثقافة مديحة يسري التي استمدتها في بداية حياتها بدت واضحة في اختياراتها السينمائية، فناصرت المرأة في أفلام مثل "بنات حواء"، و"الأفوكاتو مديحة"، واهتمت بتقديم الروايات مثل التعاون مع الأديب يوسف السباعي في "إني راحلة"، وقصة "كونت دي مونت كريستو" للكاتب ألكسندر دوماس في "أمير الانتقام".
شادية ونجيب محفوظ
اشتهرت الفنانة شادية في بداياتها بالأدوار خفيفة الظل التي تقدمها بجانب كونها مطربة في الأساس، وكانت تحاول الخروج من هذا الإطار مما أحدث طفرة في مشوارها السينمائي، لكن الكاتب والأديب نجيب محفوظ اعترف لاحقا -في لقاء إذاعي- أنه لم يكن يرى أن شادية تناسب عمق أعماله.
ولم يلبث أن تغير هذا الشعور حين قرأت سيناريو "اللص والكلاب"، وقدمت شخصية "نور"، فقال عنها وقتها إنها "ممثلة بارعة تستطيع أن تؤدي أي دور وأي شخصية وليست فقط الفتاة الدلوعة".
وبعد أن قدمت "حميدة" في "زقاق المدق" كشف محفوظ عن أن "شادية جعلتني أشاهد حميدة على الشاشة، فكنت أشعر بكل خلجة منها تمشي أمامي على الرغم من تخوفي الشديد من قدرتها على تجسيد الدور منذ ترشيحها له، لكني شعرت لأول مرة بأن الشخصية التي رسمتها على الورق أصبحت حقيقية من لحم ودم تتحرك أمامي".
تعاون شادية ومحفوظ كان سببا رئيسا في الصداقة التي جمعت بينهما، مما حقق تحولا في الأعمال التي قدمتها شادية لاحقا مثل "ميرامار"، و"الطريق"، كما كتب لها خصيصا قصة فيلمها "ذي الوجهين".
"جاهين" الأب الروحي لسعاد حسني
لا يمكن تخيل أن سعاد حسني التي سجلت "وقف الشريط في وضع ثابت" من أشعار صلاح جاهين، ورباعياته الشهيرة، هي السندريلا نفسها التي قدمت أدوار الفتاة المدللة.
فسعاد حسني لم تحصل على قسط كاف من التعليم بسبب الظروف القاسية التي نشأت فيها مع أسرتها، ثم أتيحت لها فرصة تعلم القراءة والكتابة من أجل قراءة السيناريوهات.لكن الصداقة التي جمعت صلاح جاهين بمن عدّها ابنته الروحية صقلت موهبتها ومنحتها الثقافة اللازمة التي مكنتها من تقديم شخصيات مركبة في فيلمي "شفيقة ومتولي"، و"أميرة حبي أنا"، ومسلسل "هو وهي"، وهذه الأعمال حملت بصمة صلاح جاهين أو الأب الروحي لسعاد حسني.
وعلى الرغم من ظهورهما معا في السينما في فيلم "من غير ميعاد" عام 1962، لكن الصداقة القوية بدأت بينهما بعدها بـ10 سنوات، وبالتحديد حين كانت في موسكو وذهبت لزيارته في المستشفى مع المخرج يوسف شاهين، لتبدأ مرحلة جديدة من النضج والثقافة في حياة سعاد على المستوى المهني والشخصي، فكانت تجمعها جلسات ثقافية مع جاهين الذي لم يبخل عليها بثقافته الواسعة وعلمه، فأدرك بأنها مولعة بالمعرفة، وأثمرت تلك الصداقة عن العديد من الأعمال في مشوار السندريلا.
كلمة السر في حياة نجلاء فتحي
اشتهرت نجلاء فتحي في بداية مشوارها بتقديم شخصيات تحتاج إلى فتاة فائقة الجمال، فكانت تركز على ملامحها الأوروبية الفاتنة أكثر من اختيار الأعمال التي تقدمها، مثل "غرام تلميذة"، و"أوهام الحب"، و"حرامي الورقة"، و"المجانين الثلاثة".
لكن ارتباط نجلاء فتحي بالكاتب والإعلامي والناشط المصري البارز حمدي قنديل كان سببًا رئيسا بتغيير جذري في تفكيرها بالأعمال التي قدمتها عقب زواجهما عام 1992.
فكانت مرحلة النضج الفني التي قدمت فيها أعمالا مثل "الكراج"، و"ديسكو ديسكو"، و"كونشرتو في درب سعادة".
وبعدها قررت الابتعاد عن الساحة الفنية دون ضجيج، لتتفرغ لحياة هادئة مع زوجها.
مناضلات وصاحبات قضية
ماجدة الصباحي لم تقترب فقط من الوسط الثقافي في عصرها، بل شغفت بالقراءة والمعرفة، وحرصت على أن تنهي شهادة البكالوريا الفرنسية قبل أن تكون شركة إنتاج خاصة بها قدمت عن طريقها العديد من الأعمال التي اهتمت فيها بتسليط الضوء على قضايا المرأة والمجتمع في عصرها، وكان أبرز ما قدمته هو فيلم عن المناضلة الجزائرية "جميلة بو حيرد" الذي كان من بطولتها وإنتاجها.
كما كان لنادية لطفي بصمات واضحة بين بنات جيلها سواء بدعمها لأسر شهداء النكسة عام 1967، أو بتطوعها للعمل في فريق التمريض بالمستشفى العسكري بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فكانت تسعف الجرحى في مستشفى القصر العيني.